أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شاكر الناصري - جرائم غسل العار: عار الدولة ،عار العرف العشائري














المزيد.....

جرائم غسل العار: عار الدولة ،عار العرف العشائري


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 12:22
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لا أحد يعلم مشاعر امرأة تقتل لسبب ما. لا أحد يعرف ما الذي تشعر به لحظة الانقضاض عليها و تقطيع أوصال جسدها او مواجهتها لمسدس بطلقات دامية ومرعبة . لا أحد يعلم مشاعر ( زهرة وسعاد وعروبة ونسرين ...الخ ) حين يتم اقتيادهن لمواجهة موتهن بقسوةٍ وبشاعةٍ وبغضبٍ رجولي طافح ، غضبٌ رجولي يشعر أن وجود هذه المرأة او تلك يشكلُ إنتهاكاً لهيبةِ رجولته وفحولته وسمعته ووجوده بين الناس وتحديا لناموس وعرف العشيرة. أصبحت المرأة وكرامتها ومكانتها تحدياً سافراً لعقليةِ القبيلةِ التي أقرتْ عُرفها المريع : غسل العار.

لم تحدد هذه الأعراف مساحات غسل العار او عارها ان صح التعبير، لم تحدد قياسات معينة ولا ضوابط معينة فجعلته يقوم على الشبهة والشك فأطلقت العنان لمخيال الفحولة والرجولة البغيض كي يعيد نسج الحكايات والحوادث أو يخترعها ، ولم لا مادامت هناك امرأة ستكون الضحية المناسبة، الضحية التي لا أحد سيدافع عنها مادامت ذريعة القاتل: غسل العار.....

في حزيران من العام الماضي كنت في مدينتي الناصرية في جنوب العراق. حدثني أحد الأصدقاء وبحرقةٍ وحسرةٍ كبيرة عن غسل العار الذي أعرفه وأعرف تبعاته والظلم والجريمة التي يمثلها. حدثني عن حوادث هذا العار : غسل العار الذي يحتفلون به بكلّ هيبة ورجولة تجد أن القتل وسيلة مناسبة لحفظ ماء الوجه أمام القبائل والناس والجيران. غسل العار يعني إعلاء قيم الرجولة وقوة العرف العشائري.

قال أن كلّ يوم يمر على هذه المدينة يشهد مقتل امرأة ما غسلاً للعار. يقتلونها بكلّ بشاعةٍ وأن معظم جرائم القتل تتم بناء على الشبهة أو بسبب وشاية من زوجٍ او مشاجرة بين العوائل، تقتلُ المرأة وترمى في الطريق أو تدفن فتنهش جسدها الحيوانات و الكلاب السائبة او يتم تقطيع جسدها حتى تسهل عملية التخلص منه ( في احدى الجرائم وجدت كف المرأة المقتولة في جيب أحد أخوتها، لقد قتلوها لأنها إختارت أن تعود الى زوجِها ، الذي أختلف معهم في أمر ما ) وأن كلّ هذه الجرائم تتم وسط صمت حكومي يجعلك تشعر بقوةِ التواطؤ بين السلطة والعشائر وأعرافها.

خلال الأيام الماضية صعقتنا وسائل الإعلام بخبرِ مقتل ثلاث نساء في الناصرية وأن الحكومة المحلية ترفض التعليق على هذه الجرائم خشية على مواقعها الإنتخابية لأن الحديث عن غسل العار يسبب إشكالات كثيرة بحسب أحد أعضاء الحكومة المحلية في الناصرية .

الحكومة المحلية تمارس الصمت لأنه يصب في صالح تحالفاتها العشائرية وخشيتها من خسارة هذه الأصوات أن هي أعلنتْ عن موقفٍ ما يرفضُ أو يعارضُ أو يشجبُ على أقل تقدير هذه الجرائم البشعة. أن صمت الحكومة المحلية يعكس نظرتها وبالتالي النظرة الدونية للأحزاب والقوى التي تتشكل منها، للمرأة وحقوقها وحرياتها وكرامتها ومكانتها في المجتمع، إنها تتماهى مع ما يقره العرف العشائري و لا تحيد عنه قيد أنملة:

أمام هذه الجرائم البشعة وأمام الإحتفاء بالقاتلِ وجريمته، فيصور على انه " أخو أخيته " اخيته التي قتلها حتى يتحول الى بطل وفق عرف العشيرة ، ينبغي علينا أن نٌعيّد طرح السؤال مجدداً، لماذا يتم قتل النساء بهذه البشاعةِ وهذه المجانية وكأنها كائنٌ زائدٌ عن الحاجةِ أو لوثة يجب التخلص منها ؟

في الدول التي لا توجد فيها قوانين تضمن للمرأة حقوقها وكرامتها وتدافع عنها إزاء الإنتهاكات والجرائم التي تكون ضحيتها فأن جرائم غسل العار ستتخذ مديات أوسع وستكون جميع النساء ضحية مباشرة لهذه الجريمة. ما يحدث في العراق أن السلطات الحاكمة فسحت المجال واسعاً امام الأعراف العشائرية لتكون سلطة موازية لسلطة القانون ، إن لم تتجاوزه في أحيان كثيرة. سلطة تفرض أحكامها اللا أنسانية ليس ضد المرأة وإيغالها المريع في فرض حكم غسل العار فقط ، بل وفي القضايا الأخرى التي يتم حلها بطرق عشائرية.

لن نعيد ما قيل سابقاً ، من أن تحرر المجتمع مرهون بتحرر المرأة ولكننا سنقول: أن الجرائم التي تتعرض لها النساء في الناصرية بشكل خاص والعراق عموماً بذريعة غسل العار ، تشكل إنتهاكاً صارخاً لكل القيم الإنسانية والأخلاقية والحضارية التي طالما تمسكت بها جهات عدة وهي تروج أو تصدر مشروع العراق الجديد. فكل امرأة تقتل ستكون وصمة عار في جبين المجتمع وقيمه وأعرافه المتخلفة ، وأن حكاية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي طالما صدعوا رؤوسنا بها ، باتت حكاية تنز دماً وحكاية لا تهدف الا لتبرير بشاعات القتل والعبث بالأرواح . إننا ازاء موت مجاني يفرضُ بقوةٍ العرف العشائري وبقوة صمت الدولة وتواطؤها ازاء ما يتعرض له عدد كبير من مواطنيها من قتل وتقطيع أوصال. فيما القاتل يكرم وسط ابتهاج واهازيج.



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام المحاصصة الطائفي سبب كل مصائبنا في العراق، لنحاكمه الآن
- دعونا نلعب كرة قدم
- الفلم الدنماركي ( المطاردة) : الإنسان طريدة الأعراف وخيال ال ...
- مركز المالكي – اقليم البارزاني
- المثقف، رجل الدين وأستقلال مؤسسات الدولة
- التموينية والجوع
- مدن الأعرجي المقدسة وحملة اللاءات الاربعة في مدينة الكاظمية ...
- العنفُ والإنتهاكات في مدارس العراق : خطرٌ يتفاقم
- مقتدى الصدر يتهم أمريكا بالتدخل في العراق !!!!!!
- منجزات وزارة الكهرباء :البوم لصورالوزير
- التعليم في العراق : نظام متردي وأبنية آيلة للسقوط
- صدق أو لاتصدق : جمود العملية السياسية في العراق !!!!
- السلطة : رموزها ونُصبها
- مناقصة مجلس النواب وشذاذ الدملوجي
- صحف ومجلات مجلس النواب العراقي : الفضائح تتواصل
- عن المثقف والسلطة والمصالحة الوطنية
- الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية
- مهرجانات وزارة الثقافة : محاولات لتلميع الخراب
- الفلم الدنماركي الثأر - HÆVNEN - :هل يمكن أن نعيش دون ...
- سيرة حرب.......2 ، قسوة تل الخراء


المزيد.....




- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شاكر الناصري - جرائم غسل العار: عار الدولة ،عار العرف العشائري