أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد الديوان - غضب الاطفال















المزيد.....

غضب الاطفال


جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 15:46
المحور: الطب , والعلوم
    



الغضب هياج ينتج عن التهديد او الاحباط، وهو محاولة لحل نزاع وتجاوز احباط. ويختلف عن العنف حيث يتميز الاخير بالفاظ او افعال تهدف لجرح واذى او ازعاج الاخر ويلي الغضب. والغضب يحصل داخل او خارج النفس. وفي داخلها يتحول للكبت وانكار الغضب ومنع ظهور علاماته خارجيا بشكل ضوضاء او كلمات وتعابير في الوجه وحركات في الجسم.
انتشر غضب الاطفال مؤخرا، واصبح مشكلة تعاني منها العائلة العراقية. وناقشت الظاهرة قناة الفيحاء الغراء مؤخرا في برنامج صبحكم الله بالخير (24/1/2013). ورافق غضب الاطفال انتشار العوائل النووية (اب وام واطفال) في الدار، اي لكل عائلة سكن واحد، وانحسار العوائل الممتدة (الاجداد والابناء والاحفاد)، ويسكن في الدار عدد من العوائل. كما رافق غضب الاطقال انتشار دور الحضانات، وعمل المراة وغيرها، والتغيرات السياسية في العراق وما لحقها من تغيرات من ظروف اقتصادية واجتماعية اضافة الى انفتاح اعلامي واسع، والتغير في اساليب التربية والنقد المستمر للتربية القديمة التي تعتمد التعليم الشرطي اساسا لها.
تلعب تصرفات الوالدين السلبية دورا في حصول غضب الاطفال، ومن التصرفات السلبية النقد المستمر لتصرفات الطفل او الصبي، والتهديد المتكرر بالعقوبات مثل الضرب والحرمان من المصروف وسحب الموبايل والحرمان من الانترنيت والستالايت وغيرها)، والعنف معهم. كما ان غضب الوالدين المستمر لعدم رضاهم عن اداء الابناء بالمدرسة. وربما تكون المدرسة وما يتعلق بها من واجبات منزلية وتحقيق الدرجات الاعلى المحور الوحيد لاهتمام الوالدين. وتتعقد هذه المشكلة بعد تدهور التعليم وانتشار التدريس الخصوصي، وبروز ظاهرة المدارس الخصوصية، وفي فترة الدراسة المتوسطة تظهر مشكلة الاهتمام بالجنس الاخر وما يرافقها من ظواهر.
ومن العوامل التي يؤثر في ظهور غضب الطفل، الصعوبات التي يواجهها في تفهم بيئة العائلة، ومنها الاشكاليات الاقتصادية التي تواجهها العائلة، وازدحام المنزل (اكثر من عائلة في المنزل او عدد من الاخوة والاخوات)، وصعوبة وجود مكان خاص لانجاز الواجبات المنزلية. وينتشر غضب الاطفال في مناطق محددة اكثر من غيرها، ويعالج بالاهمال والقسوة والعنف، بل لا تكترث العوائل بهذه الظاهرة!. ويبقى الغضب جزءا من شخصيته حتى بعد النضج، فيكون سريع الغضب والانفعال، وتزداد احتمالات تحول الغضب الى العنف.
عانت الاف العوائل من التهجير داخل او خارج العراق، فتضاعفت مشاكلها الاقتصادية ويصعب على الاطفال تفهم وادراك ذلك. ويعني ذلك زيادة في انتشار ظاهرة غضب الاطفال.
ومن العوامل التي تساعد على انتشار غضب الاطفال الاصابة بالكرب التالي للرضح (اضطراب ما بعد الصدمة)، وتنتج عن التعرض للعنف مثل مشاهدة حوادث العنف (القتل والتهديد والخطف واطلاق النار وغيرها) او مشاهدة الجثث في الواقع او التلفزيون او الصحف، ومشاهدة الدم على الارض في الحياة او الشاشات، ومعرفة ناس قتلوا او خطفوا او تعوقوا وكذلك اعتقال قريب للطفل او تفتيش الدار او السيارة والاعتداء اللفظي وغيرها. كما ان بعض القذائف وقعت على مدارس الاطفال مخلفة العديد من القتلى والجرحى ومن تقطعت اطرافهم). واظهرت البحوث الميدانية تفاوتا في نسب انتشار الكرب التالي للرضح وبالتالي توقع انتشار متباين لغضب الاطفال بين منطقة واخرى.
اتهام الطفل بذنب لم يقترفه، عامل اخر يساعد على ظهور غضب الطفل. ولا زالت الكثير من العوائل توجه اتهامات لطفل محدد، لحركته الملفتة للنظر، ويتكرر ذلك في المدرسة. المعاملة الغير عادلة للطفل تثير غضبه، ومن امثلتها العقوبات الجماعية في المدرسة للصف، ويتكرر ذلك في البيت باشكال اخرى.
النمو العاطفي السيء للطفل يرتبط مع تعثر الوالدين في التعامل مع الحياة. ولذلك تظهر مستويات عالية من الغضب تظهر لدى الاطفال من عوائل ذات نسب متصاعدة من المشاكل العائلية. ويرتبط الغضب الغير طبيعي للاطفال (غضب لمحفز لا يسبب الغضب عادة) انعكاس للعنف الشفوي للابوين. والاخير يتصف بالنبرة التهكمية والمنافسة بشكل صراخ مع اتهام احدهم للاخر. واطفال العوائل التي تعاني من نسب مرتفعة من الغضب يظهرون غضبا غير طبيعي.
ويغضب الطفل مرات عند حصول ازعاج بسيط، وتلك القشة التي تقصم ظهر البعير، بعد ان تراكم الاحباط والاذى وعدم العدالة وغيرها من اشكاليات تدفع للغضب. ومن علامات غضب الطفل الهياج والصراخ من الالم والخوف من المفاجاة، وكذلك اذى النفس (يرمي نفسه على الارض على سبيل المثال) والتهديد بها والضرب. وقد يتحول الغضب الى عنف مع اخوانه او اصدقاؤه في الشارع او المدرسة.
ومعالجة المشكلة قبل الازمة اي حصول الغضب وتكراره مهم لسلوك الطفل مستقبلا. وتهدف التغيرات في السلوك الى جعل الافعال شكل اخر عند الغضب او الخوف او الازعاج، وكذلك تشجيع التفكير في الافعال وعواقبها بدل الاعتماد على ردود الفعل العاطفية وفقا لمقولات مثل "علي وعلى اعدائي".
غضب الطفل رد فعل طبيعي يبرز عند شعوره بالعجز عن تفهم الوضع والصعوبات بشكل كامل، وبعبارة اخرى غضب الطفل تعبير عن الاحباط. وتشجيع الطفل ليوضح صعوباته ومشاعره تجاه الاحداث في المنزل او المدرسة، يقلل من غضبه وانفجاره. والاطفال هم مقياس للمناخ العاطفي حولهم (باروميتر للعواطف). واذا خيم التوتر على العائلة عانى منه الاطفال، واذا تمتع الابوين بحياة هادئة وبعيدة عن التوترات والشدة (تعاملوا بشكل عقلاني مع التوتر) فرح الاطفال. والطريقة التي يعالج بها الاباء والامهات مشاعرهم الغاضبة تؤثر على الاطفال وتعاملهم مع الحياة واشكالياتها والتوترات فيها. ومثال ذلك سماع الطفل لوالده يعنف اشخاصا اخرين سيكررها الطفل مع اخوته واصدقائه.
تقبل مشاعر الاطفال وعكسها باتجاه اخر من اساسيات معالجة نوبات غضبهم. وكلما تفهم الاباء والامهات الطفل كلما قلت حاجته لاقناعهم بمتطلباته عبر الغضب. وتقليل نوبات غضب الاطفال والحد منها مهم للحد من العنف في المجتمع. وافهام الصبي ان الغضب مسالة طبيعية لكن العنف غير مقبول ابدا، جزءا من حل المشكلة.
في برنامج التلفزيون (قناة الفيحاء) المشار اليه، اشتكى احدهم من تصرفات ابنه (2.5 سنة) حيث يبصق على اجداده!. وهذه حالة لا علاقة لها بغضب الطفل اطلاقا ولا العنف، وانما تصرف غير لائق تعلمه الطفل من مزاح العائلة! ويجب منع الطفل من ذلك وان اضطر والده لمعاقبته. وبذلك يتجنب الطفل اشكاليات الحياة عند تجاوزه مرحلة الطفولة. وهناك من كانت مشكلته (49 سنة) نوبات الغضب الكثيرة، رغم سلوكه الحسن والمقبول وعلاقته الواسعة، واضاف بان غضبه رد فعل للمعاملة السيئة وعدم العدالة وغيرها. ان اهمال معالجة غضب الطفل سيجعل من سرعة الغضب صفة ملازمة للشخص، اضافة الى احتمالات العنف مع الغضب.
انتشر العنف في العراق بعد 2003، واخذ اشكال شتى (قتل وتهجير وخطف وسرقة وتفجير واطلاق قذائف وتحول البشر فيها الى قنابل متحركة وغيرها)، ومنفذيها معظمهم في عقدهم الثاني او الثالث من العمر كما ظهرت في المجاميع التي اعترفت على شاشات التفزيون وقتها. انهم ولادات نهايات السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وشهدوا الحرب العراقية الايرانية (وصول اعداد من الشهداء وانتشار لافتات سود تشير الى قتلى الحرب، وكذلك الماتم وسقوط الصواريخ بعيدة المدى وصور من المعركة تظهر اشلاء وجثث محروقة وغيرها)، وحرب تحرير الكويت (تحطم البنية التحتية وصعوبات في الكهرباء والماء والبنزين وتعطل المدارس وغيرها، وظهور الاعدامات في الشارع وقطع الالسن وما رافق ذلك من تفتيش الدور وصراخ البعث بالناس حول القائد والامة والنصر الكاذب). وتلك اوضاع يصعب على العوائل التعامل الحسن مع مشاعر اطفالهم. ما اردت ان اقول ان الاصابات بالكرب التالي للرضح انتشرت بشكل واسع ويعني ذلك انتشار نوبات غضب الاطفال وصعوبة التعامل معها، وتكررت عبر تلك السنوات فاصبح من السهل عليهم التعامل مع العنف.



#جواد_الديوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغنية خي خي وذكريات خاصة
- العراق بحاجة لتحالف القوى الديمقراطية
- ترقية علمية 1 - 2
- نحو تحالف للقوى الديمقراطية في العراق مرة اخرى
- احتفالية اليوم العالمي للفتاة في بغداد
- حلم تحالف القوى الديمقراطية في العراق
- نحو تحالف ديمقراطي في العراق
- الجلبي يكرم الاول في الرياضيات جامعة بغداد
- الازمة السياسية في العراق
- مجموعة العمل الوبائي للسيطرة على الادمان واساءة استخدام المو ...
- بين نائبة ونائب
- الادمان والاعتماد على الادوية واساءة استخدام المواد
- لم يؤثر التعليم في سلوكنا
- ملاحظات حول مشروع النظام الداخلي للتيار الديمقراطي
- ملاحظات حول الصحة العقلية
- العقابيل النفسية للتعرض للحروب والارهاب
- البحث العلمي في التعليم العالي الطبي
- مرة اخرى ذكريات خاصة بمناسبة 8 شباط الاسود
- قراءة في رواية عابر سرير
- الاوضاع الصحية في العراق 1945 – 1958 في اطروحة دكتوراة


المزيد.....




- استطلاع: الأهل يعانون من الإرهاق الشديد والعزلة والوحدة.. ما ...
- الصين تتهم الولايات المتحدة بتشديد العقوبات وفرض حصار تكنولو ...
- Vivo تطلق ساعة مميزة يمكنها الاتصال بالشبكات الخلوية
- فوائد تناول الأسماك الزيتية للصحة
- رائدا فضاء روسيان ينفذان مهمة خارج محطة الفضاء الدولية
- يا لولو يا لولو في نونو .. تردد قناة وناسة كيدز Wanasah 2024 ...
- كرواتيا تستقبل أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية بالمياه ...
- لولو صارت شرطية.. تردد قناة وناسه بيبي الجديدة 2024 على جميع ...
- الشاي السيرلانكي مقابل التكنولوجيا الايرانية
- هل تنتقل المواجهات النووية إلى الفضاء؟.. وما خطورة نظام النب ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد الديوان - غضب الاطفال