فاطمة الشيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 22:38
المحور:
الادب والفن
إلى شهداء الربيع العربي
لا ليل أطول من الغياب
ولا حلم أوجع من الموت
هكذا لازلنا نردد ونحن في القبور
وزّعنا جهاتنا على عقارب الوقت واكتفينا بابتسامة
مددنا أيدينا خارج الأكفان
كنا نطلب في البدء عدلا
ثم صرنا نطلب الرحمة
أعيننا المفتوحة على اتساع اللهفة
تنتظر من يغمضها
تنتظر يد الوطن الذي تشتاق له حرا نبيلا
كي تموت في سلام
دماؤنا التي لم يكترث لها أحد
لا تزال حارة كأحلامنا تماما
التي تقاسمها الأحياء
وأوسعوها لعنات وشتاتا
حناجرنا التي صرخنا بها للحرية أصبحت مزامير للشيطان
أعيننا التي وسعنا بها الطرق
خانتها المسافات التي اتسعت بلا رؤية
ولا غراب يواري سوءة الموتى
ولا حكمة للبوم تشفع للطريق
2.
غدرنا الضوء والظلام معا
غدرتنا المسميات
غدرنا الرفاق
لم تعد لنا هالة القداسة التي كنا نحلم بها
والجنة رهن القيامة
صرنا جثثا لا تعد
مشينا خلف مصارع الوقت
وخلف حسابات الزمن
في الليل نرقب النهارات كي تضيء
لنبتسم قليلا
وفي النهار نكتب منشورات محمومة عن الخيانات والموت
كي نجنب غيرنا بعضه
نمشي بين البشر بأعيننا المفتوحة
وأجسادنا الناقصة
لنمسح على رأس طفل يخاتله الموت
أو رفيق محبط من الهزائم المتتالية
نسترضي التاريخ الذي قطّب جبينه
ليغير النهايات الكالحة
ولا جدوى
3.
العبث يتناسل في أروقة الخراب
نتشظى ونحن نلمح تلك البسمات الماكرة لكائنات الغاب
الثعالب والذئاب والعقارب الماكرة
نهز كتف الوعي لتنتبه شعوبنا النائمة قليلا
نغني للحرية المرتعبة والمغتسلة بالدم لتهدأ
ونصرخ بلا صوت في وجه تجار الخراب
تجار الدم
والجثث المتساقطة كالمطر
وفي وجه المتحدثين باسم الرب والدين والأوطان
تتناسل الخيبات على مرمى النظر
واللعبة تمتد
كل فريق بما لديهم فرحون
والدم الزكي يصلي
يسيل فوق جرائد الوطن
يخرج من ألسنة مذيعي النشرة الجوية
ومن خوذات رجال الأمن
ومن أحذية الجند
ومن تحت أظافر المساء
ومن أقلام الكتاب
ومن أحلام السفهاء
ومن خراطيم الماء في الحدائق العامة
ومن لحاء الأشجار
وتشرق به حناجر العصافير إذ تنوى الغناء
3.
دم .. دم
يسيل .. يعربد
لم تبق في الوجوه قطرة دم
أو قطرة ماء
ديناصورات تنهض من غفوتها الكبرى
يأجوج ومأجوج يبدآن العد
والموتى يرتعشون
يصرخون كي تنتبه الغفلة
القصائد محنطة
واللغات فاجرة
والأحزان تواري الجسد المهدور
والدموع إهانة قصوى للوجوه اليابسة بلا ماء
الأكاذيب تتمادى في القذف بين فريقين بلا حرّاس
كل يرى نفسه صوت الرب ووجه الوطن المغدور
الزواحف تجلس قرب نوافير الدم
تشرب بلا ظمأ فالدم وفير
وحيوانات تركض في الأزقة والطرقات
بأظافرها تنبش القبور وتأكل الموتى
كي لا يرووا الحكايات الصادقة
كي يلّووا عنق التاريخ المصاب بالزهايمر
المسافات تستطيل
بين الحلم والكارثة
والتاريخ يتراجع لزاوية ما كي يبري أقلامه
والموتى يبكون بلا دمع
بعيون مفتوحة
وفقط ينتظرون يد الوطن كي تغمض أعينهم !
#فاطمة_الشيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟