أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حدوي - لمن نكتب؟














المزيد.....

لمن نكتب؟


محمد حدوي

الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 22:34
المحور: الادب والفن
    


قال لي محدثي ذات يوم:كثيرا ما كانت تعجبني كتابات الكتاب الإشتراكيين الذين يوجهون خطابهم الى العمال والفلاحين بعبارات بسيطة يفهمها العالم والعامل وكل انسان على قدر يسير من التعليم والمعرفة.ربما هذا هو سبب حبي لهذا النوع من الكتابات الأدبية او الفلسفية.لكن بالمقابل يؤسفنني أن بعض الكتاب الآخرون النخبويون الذين يوجهون كلماتهم وكتاباتهم لفئة معينة ( تفهمهم ) ليبقى البقية يبحثون عن من يفهمهم..
واسترسل محدثي في كلامه موجها خطابه الى الكتاب قائلا:
أخي الكاتب، أختي الكاتبة كلمونا بالكلام الشعبي السلس .. كلموا الناس بما يفهمونه ليعقلونه .. وليس بما تفهمونه أنتم والذي عقلتموه أنتم.
قلت لمحدثي كلامك يا صاحبي جميل ووجيه، لكن الاترى ان النقاش عندما يكون مع جاهل ينحدر مستوى الحوار إلى مستويات أدنى ،لأن الجاهل بطبعه كما يقول البعض لا يستطيع الرقي إلى رواق الحكمة و المفاهيم العميقة فيضطر العالم إلى النزول إلى مستواه وتختلط الأمور...فالمشكل هنا أن هذا الهبوط اللغوي والمفاهمي التي يوظفه العالم حين يحاور الجاهل يراه البعض في اغلب الأحيان بمثابة كارثة...لأنها تعطل مسار التفكير و تطوره...إذ على الجاهل أن يرتقي و ليس على العالم أن ينحط .ومن أجل هذا تم إنشاء المدارس والإمتحانات الإشهادية والمراحل الدراسية لفرز الأخيارفي مختلف التخصصات وإقصاء من لايستطيع ان يساير رقي الأفكار والمفاهيم ..العالم معقد ياسيدي ،ومستوى اللغة والمفاهيم التي يتطلبها فهم هذا العالم لاتخلو من التعقيدات، وعلى الجاهل ان يرتقي بلغته وأفكاره، وان يستنفرجميع طاقات حواسه وخياله ليفهم العالم إذا أراد ان ينسلخ قليلا من عالم الحيوان ويلج عالم الثقافة والإنسان.فالإنسان حيوان عاقل ، وحين لايستخدم عقله تسقط عنه صفة عاقل وتبقى له صفة حيوان غريزي بليد.والجاهل إذا لم يرتق بأفكاره ومفاهيمه، فكيف سيحاوره العالم؟.
عادة ،أثناء النقاش مع جاهل قلما يجني الحوار ثمارا تذكر،وعادة ما يتطلب الوضع من العالم ان ينزل الى مستوى الجاهل الذي يجهل بأنه جاهل. وفي هذا النزول خطر على الفكر والمفاهيم وعلى العالم ذاته ،لأنه سيسقط في ذلك الموقف الذي نصح زعيم النازية هتلربعدم السقوط فيه حين قال:"لاتناقش الغبي فإن الناس الذين يستمعون قد يخطأون ولايستطعيون التمييز بينكما" . وعلى مثل هذا الموقف أيضاسبق للإمام الشافعي ان قال :"ما جادلني عاقل إلا غلبته وما جادلني جاهل إلا غلبني".فالعالم يناقش بالحجة والحوار الرصين والهادىء وبصوت منخفض، بينما الجاهل يناقش ويحاور بشكل عاطفي وبدون حجة وهو يلوح بقبضته ويرتفع صوته ويظهر الزبد على شدقيه انفعالا وهو مستعد للعراك كالحيوان الوحشي..
بالنسبة لي، كلام محدثي كما رأيناكان صائبا ومحقا من إحدى الوجوه خاصةحين طلب تبسيط تعقيدات العالم بلغة تجعل من الجاهل يفهم ليترقى وضعه قليلا في العالم إن استطاعنا الى ذلك سبيلا.لكن المشكلة التي تواجهنا هنا هي،من هو هذا العالم النابغة الذي سيكون في مستوى تبسيط ما لايبسط من تعقيدات العالم حتى تكون في مستوى فهم الجاهل،والكل يعلم ان حتى الطبيعة شديدة البخل لتجود علينا بعالم عبقري يستطيع ان يلخص للناس مشاكل العالم وتعقيداته مثلا في جملة بسيطة أو معادلة رياضية واحدة لتكون في متناول الجميع.وهنا أستحضر كلام العبقري انشتاين حين قال: «إذا لم تستطع شرح فكرتك لطفل عمره 6 أعوام فأنت نفسك لم تفهمها بعد! » ،وما ينطبق هنا على الطفل ينطبق ايضا على الجاهل.وقياسا على هذا نرى ،أن العالم الذي لايستطيع ان يشرح فكرته للجاهل هو عالم لم يفهم فكرته بعد.
امام هذه المعادلة الصعبة،وأمام غياب هذا العالم الذي يستطيع تبسيط تعقيدات العالم ليفهمها الطفل والشخص الجاهل ،لم يتبق لنا إلا أن نقر بحل ان يترقى الجاهل بنفسه للخروج من الجزئي وظلمات حفرة الجهل التي يعيش فيها ليرى العالم الفسيح بكل تعقيداته، وهذا لايتأتى له إلا إذا وجد من يأخد بيده لمحاربة الأمية والجهل حتى يبصر النور والطريق. وهذا ما فعلته الدول المتقدمة حين حاربت الأمية والجهل وصرفت اموالا باهضة من أجل ذلك، ونجحت في برامج بناء الإنسان بشكل كبير.أما إذا نزل العالم الى مستوى قعر حفرة الجاهل وغلبه لجهله معنى الحوار وفائدته المرجوة في عالم كثر جهاله وقل فيه العلماء،وذلك يعني سيطرة الجهل على العقل و الظلمات على النور،مثلما حدث في مجتمعاتنا المتخلفة التي صار فيها العلماء غرباء عن أوطانهم ومجتمعاتهم، وصار للجهال صولة وجولة في كل أركان الحياة وصرنا أمة ضحكت من جهلها الامم .



#محمد_حدوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لامخرج الا العلم والمعرفة
- الاحتجاجات ردا على الفيلم المسيء للرسول
- لماذا طال أمد حل الأزمة السورية؟
- شروط الفتيات التعجيزية في الزواج
- في العلاقات الجنسية الشبابية، الأنثى دائما هي الخاسرة
- حكايتان متشابهتان:الأولى ببادية﴿ ج ﴾بالمغرب وأ ...
- الصرع:كيف نتعامل مع شخص أصيب بنوبته؟
- الرغبات الهوجاء ومشكل تنظيمها
- الخطأ والعيب فينا!
- كرة القدم والإثارة الجنسية عند الرجال
- منطقة النيف: الهجرة العائدة من الخارج وازمة التكيف الإجتماعي ...
- تموت الأشجار وتبقى الذكريات ﴿كلام يشبه الشعر﴾
- احذروا مصابيح -فلوريسانت- اللولبية القاتلة
- مساعدات إنسانية مشبوهة!!؟؟؟
- لماذا نكتب؟
- ماذا يجري الآن في سوريا؟
- في انتظار رجال الدين والفقهاء الأجلاء؟
- هل المرأة فعلا ناقصة عقل ؟
- للأسف، الفساد العقاري كشر عن أنيابه وترك المحتاجين بلا سكن!؟
- أسعار السمك تلتهب في بلد البحارالعريضة


المزيد.....




- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حدوي - لمن نكتب؟