أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - اصح يا نايم .....كفاية















المزيد.....

اصح يا نايم .....كفاية


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1145 - 2005 / 3 / 23 - 12:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
يبدو أن صرخة الشاعر اليازجي قبل نحو قرن :" هبوا واستفيقوا أيها العرب ...."إلخ لم تجد صدى لها حتى اليوم إلا على بعض الأوراق الصفراء ، ورغم كل النداءات التي تقدح وتذم النوم إلا أن العربان وأنظمتهم بشكل خاص مازالت تعتبره القطع الذهبي في فيزيولوجيا تكوينهم ، ويبدو أن عبارة ماكيافيللي :"إن أصعب الأشياء وأشقها هو قبول فكرة التغيير" تصورنا بأشعة إكس ، وتنفذ بصيرتها إلى جوهر تكويننا البائس.

كيف سيتم إبلاغنا بأن الحرب الباردة انتهت وأمست خرائب ينعق فيها البوم ؟ وأن أكبر دولة مخابرات في التاريخ ، أي الاتحاد السوفييتي السابق جداً ، لم يبق منها حتى الأطلال ، وأن مفارزه التي أقامها في أوروبا الشرقية وغيرها ، بات خبرُ كان أكثر حضوراً منها؟ حتى أن شبابنا الذين أصبحوا في الجامعات ، يتعاطون اليوم مع ذكراها كما يتعاطون مع ذكريات من التاريخ القديم؟
كيف يمكن أن يقتنع تلامذة عبد الحميد السراج الذين بزوا أستاذهم سيء الصيت، بأن حكم الأجهزة الأمنية لا يعود إلا بالويلات والفضائح على الحاكم والمحكوم ،لأنهما في النهاية في مركب واحد كما يقال ، وهل يغير في الأمر شيئاً ، أن يكون ثمة فارق زمني بين نهاية الجلاد ونهاية الضحية؟

كيف يمكن تهدئة الرؤوس الساخنة ، والمصالح الضيقة والآنية ، وإفهامها أن الأمم يقودها الاقتصاديون والساسة والعلماء ويبنيها المواطنون الأحرار ، وأنه لن يحميها غير هؤلاء أنفسهم ؟ وأن الأنظمة الاستثنائية التي صادرت السلطة السياسية والاقتصادية والثقافية بالقوة العسكرية والبوليسية ، غصبا واغتصابا هي ليست أكثر من فضيحة عابرة في صيرورة التاريخ الإنساني ، الذي عاجلاً أو آجلاً سينتقم لنفسه ويعيد قطاره إلى سكته وبغض النظر عن كيفية وأدوات هذه العودة.
كيف يمكن أن يخرج النائمون من السرنمة الأبدية ، والخناجر في قبضاتهم ؟

-2-
العالم يتغير منذ وجوده ، ولكنه في السنوات الأخيرة ، عبر عن نفسه بطريقة عنيفة جداً بعد أن لعبت الفأرة في دماغه وانتقلت أجيالها إلى أبعد ما كان للخيال أن يتصور ، أعني فأرة الكومبيوتر التي راحت مشكورة تقرض جذور السدود "المأربية" للعقائد الشمولية والقلاع الغاشمة للأنظمة الاستبدادية ، وبنقرات هذا القارض المذهل في كونيته ودقته ، راحت تلك الإمبراطوريات ، التي ظنت نفسها خالدة ، تترنح كتعبير سياسي ومكافئ موضوعي وذاتي ، عكسته الحركة المعاصرة لتاريخ الإنسان المعاصر ، وبدون أسف لم يبق سوى قبضة من " الأبطال" تعاند سيل التغيير الجارف ، ولا ينقصنا سوى سيرفانتس معاصر ليسطر ملحمة عظيمة عن هؤلاء الدون كيخوتات الذين بات دون كيخوتة نفسه واقعياً جداً أمامه .
هذه القبضة الخطيرة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة في العالم كله ، لكنها كما يبدو مصرة على مسيرة جهنمية من النمط الشمشوني : علي وعلى أعدائي ، وبعضها يفكر [هل يفكر هؤلاء؟] على الجميع ومن بعدي فليكن الطوفان ، وعلى العموم ، بشكل أو بآخر مثلها الأعلى ومرشدها الوحيد ، نظام صدام حسين المخلوع والذي مازالت أموال"ه" تحرك بعض الموتورين والمرتزقة من إرهابيين عابرين للحدود ، أو فدائيين موعودين بحور عين في جنات الخلود ، أو مقاومين وطنيين عمت عيونهم وبصيرتهم ، عقائد سلفية حمراء أو خضراء أو زرقاء ، فقرروا تحرير العراق من العراقيين ، في محاولة يائسة ورعناء ، لعودة مستحيلة إلى سلطة كانت في مرحلة تم دفنها بكاملها ، وأي شر أهون من أن تعود ولن تعود.
كيف يمكن إقناع هؤلاء وأولئك بأن زمن الشعوذة الآخذة شكل المماطلة ولى؟ وأن زمن الإمساك بالعصا من منتصفها انقضى ؟ وأن لا رقص بعد اليوم إلا على إيقاع العالم الحديث ؟ وأن إيقاع الحديد والنار هم فيه الخاسرون؟ وأن اللعب على التوازنات العالمية والإقليمية وحتى الداخلية بات لغة منقرضة وعملة باطلة لا قيمة لها ومطرودة من التداول؟كيف يمكن إقناعهم باختصار : إن زمن اللهو بالسجون والتعذيب والشغب بالمفرقعات هنا وهناك، يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وأنه قد حل الزمن الذي يتم فيه وضع الأمور في نصابها ، بالقوة وبالساخن ، إذا لم تجدِ نفعاً أساليب الكلام والبارد؟

-3-
بعد انقضاء نحو ثلاثة قرون من زمن صاحب الكتاب العظيم " ثروة الأمم" يحتفل العالم المتحضر اليوم بآدم سميث ، كمفكر عبقري ، الذي أسس بين آخرين للنهضة العالمية الحديثة، ليس في شؤون الاقتصاد السياسي وحسب ، وإنما في بنية الدولة الحديثة ، التي مهمتها الإشراف الشفاف على حركة الاقتصاد الحر لحمايته ، ولتلبية حاجات بناته الفعليين من أصحاب رؤوس الأموال أولا والشغيلة ثانياً ، ولم يخطر في بال هذا العبقري أن يتحدث عن دور للمخابرات في ذلك ، فالسياسة كالاقتصاد علم يحتاج إلى خبراء واستراتيجيين ومفكرين، وبناء شاهق يحتاج إلى قاعدة مادية راسخة وواسعة مداميكها الحريات العامة وكل السلطات لا مهمة لها سوى حماية هذا البناء عموديا وأفقياً ، وليس من حاجة في هذا إلى جلادين وسجون وعسكر لا همّ لهم سوى سلطتهم المورد الوحيد لثرواتهم الفاحشة التي لم تصدر عن المنبع الأساسي لثروة الأمم أي العمل.

-4-
القضايا الأساسية المطروحة منذ زمن بعيد مازال يتهرب منها ذوو العقول البوليسية حتى اليوم ،أعني قضايا شعوبهم التي تتلخص بالتنمية والحرية والحداثة ، وهي كلها مترابطة كخيوط النسيج في ثوب واحد ، حيث بات التاريخ يطرحها بوضوح تام ، على المستوى الخارجي بعد أن طرحها ولعقود متواصلة على المستوى الداخلي ، ولم يعد ممكناً بتاتا التهرب منها ، فقد هرب صدام حسين طويلاً بحروب طويلة الأمد ، استغرقت زمن اغتصابه العراق ، ولكنه سقط في النهاية ولم ولن تسقط تلك القضايا ، بل هاهي مطروحة بأشكال أكثر إلحاحاً، وستبقى حتى يتم حلها رغم تكلفتها الجديدة الباهظة ، وقد جمدتها البيروقراطية الإسلامية الإيرانية في بلادها تحت شعارات وشعائر باتت كذبة مفضوحة، وتهربت منها ، بالحروب تارة وبمطاردة "الشيطان الأكبر أميركا" أو "شياطين صغار" كالروائي المبدع سلمان رشدي طوراً ، وأخيراً وأرجو أن يكون آخراً ، بالشغب النووي ، ولكنها ومهما ابتكرت من ألاعيب وأفانين لن تتمكن من حذفها من جدول أعمال الشعب الإيراني ، لأنها جواز سفره لدخول العالم المعاصر ، وهكذا ستبقى مطروحة ، وسيبقى المواطن الإيراني مصراً على انتزاع حقوقه في حياة كريمة وفق مقاييس عصر يعيش فيه ، بينما سلطت"ه" تحجبه عنه بالقوة.
وسوريا النابضة في شرايين أوقاتنا ، همنا الأكبر ، أرض ذكرياتنا وسماء أحلامنا ، لديها ، بل لدينا فيها ، كما لها علينا استحقاقات كالبيت وأهله ، وهي أيضاً استحقاقات قديمة ، وراهنة ، داخلية وسورية صرفاً ، لأنها حريتنا وخبزنا ومستقبل أولادنا ، ولا يغير من هذه الحقيقة أي عامل خارجي ، مهما كانت أهدافه ونواياه ودوافعه ، ومهما كانت ذرائع النظام الحاكم أو قراءته وتبريراته ، فالحقيقة أنه كان ومازال يحاول التهرب من هذه الاستحقاقات ، ولكنه لا يقوم في الواقع وللأسف إلا بمضيعة مملة للجهد والوقت ، وكأنه يتعمد أن يضيف على التكلفة الأصلية رسوماً جديدة وكارثية ، نخشاها جميعاً ونأباها جميعاً لأنها أساساً لن تسدد إلا من عرقنا ودمنا وكرامتنا .

لأن سوريا هي نحن الذين لا نملك إلا العرق والدم والكرامة ، ورغم الاستباحة السفيهة والدائمة لثروتنا الوحيدة هذه فهي لا ولن تنضب ، وهذه السوريا لم و لن ترى نفسها إلا في نفسها ، في مواطنين أحرار، عاجلاً أو آجلاً سيعرفونها كما ستعرفهم ، بقوانين حديثة ترعاها وتترعرع في كنفها دولة عصرية ، قوامها الحقوق والواجبات التي تتطور وتنمو كعقد اجتماعي بين دولة تحترم مواطنها وتحبه ، ويحترمها ويحبها ، في هذا الإطار من العمل والحرية والحياة الكريمة ، يغدو للوطن معنى ،وإلا فلا.

-5-
إن من الحكمة والواقعية ، إذا أرادت الدولة السورية أن تكون سورية حقاً ، عليها أن تدع الآخرين من لبنانيين وعراقيين وفلسطينيين وغيرهم ، لشؤونهم وأن تلتفت لشؤوننا ، فلدينا ورشة هائلة ، ولن نعفى منها بسلوك مشهور ينسبه الإنسان للطائر الصحراوي الذي لا يطير.



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعبة الغامضة
- أهرامات الحماقة
- نقي العظام
- ليت رذائلنا كرذائلهم وفضائلنا كفضائلهم
- كهدوء يتفجر بياضاً له قرون
- وماذا بعد الانسحاب أيها الأحباب؟
- كرة الثلج أم كرة المجتمع المتمدن يا سيدة بثينة ؟
- الفضل لله طبعاً ...لكن
- عقلاء يحترسون ....غوغائيون يجزمون
- البلاد الحقيقية
- الخوف الدائم من الكلمة المبدعة في بلدان الاستبداد
- إلى أين تمضي بنا القافلة السورية؟
- ثلج الصمت
- إذا لم تستح فاكتب ما شئت...يا ضاري يا أعظمي لا فرق
- العنف ، الإرهاب ، ثقافة الموت
- (مؤامرة ..شيزوفرينيا ..لا قراءة (الحارث الضاري عفواً الأعظمي ...
- كنت أحرق أمامي
- بين الحماس والتهور بين النور والظلام / مثال الحارث الأعظمي
- بحبك أحببت
- وحدة مقسومة بخيط


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - اصح يا نايم .....كفاية