أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - بائعة الورد














المزيد.....

بائعة الورد


زهير دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 3954 - 2012 / 12 / 27 - 16:24
المحور: الادب والفن
    



كانون الثاني يهرول نحو التلال والاوداء ، ويركض مشمّرًا عن ساقيْه ، يسابق الريح النائحة فوق أشجار الزيزفون ، والعابقة بشميم عبهرة شبه عارية ، ويتوق الى الوصول الى الكون قبل أن يعزف اخوه النغم الأخير !! سباق الزمن مع ذاته ، هذه الذات المتضوّعة شممًا وزنبقًا منتوفًا ونرجسات نعسى مغمضة المُقل . وينهمر المطر شقّيًا ، يغسل خدود الشوارع ووجنات الحارات المتكئة على كتف الأيام ، وتنبري العاصفة ترقص عارية ، وحيدة فوق أجساد الحياة ، تعانق أشلاء النُسيمات الولهى، في حين تروح الجمرات تنكمش في أحضان ذواتها في الموقد الفَخّاري تُقبّل حبات الكستناء بشفاه مُلتهبة ، عنودة، حالمة ، ينفّرها اللظى بين حين وآخر ، فتهب تارة تصرخ وطورًا تزغرد وأخرى تقفز فوق حِضن صبية مِِِغناج استوطن الشموخ في محياها ، وقبع الغَنَج الشارد في حناياها ، فتصرخ ذات الشال الليلكي وينحسر فستانها المذعور عن ركبة خجولة ، فتروح تلملم ذاتها ، والحياء يُلوّن خديها بلون الجوري الذي يملأ دكانها والسّوسن الغافي في زوايا الحانوت ...

ورحْتُ أنا الآتي من بعيد وبدون جواز سفر أقف على الباب تحت الرفرف الراجف ، اراقب المشهد الساحر الأخّاذ ، وقد نسيت لماذا قُدتُ قدمي في مثل هذا الوقت المتأخر الى حانوت الورد ، نسيت أنني جئت اطلب اضمامة من ورد شتائي أزفّها ريّا الى تلك التي غنيتها شعرًا وكتبتها غزلاً وبعضاً من خواطر .
إني على موعد مع كانون الثاني وحبات المطر وحواء الجديدة المنتظرة هناك ... المنتظرة الشاعر يغزل لها في العام الجديد ومن أريج الأرض قمرًا وإكليل غار يُتوّج به عنقها الحالمة . أنّى لها ان تغادر ، أنّى لها ان تفكر الا به وبعودته العجولة ، فاليوم وقبل عشرين كانون فرحت الأرض بها !! أتراه يتأخر ؟! أترى ذاك الذي قال لها دوما :" ضعي رأسك الصغير فوق قلبي ونامي الى الابد – أتراه لا يعود ؟!!" .
المطر الشقي يأبى الا ان ينهمر فوق رأسي ورفرف دكانها ، والريح الحافية ما زالت توقع سيمفونية جديدة ، وذات الشال الليلكي تدعوني بإيماءة من رأسها الصغير ان ادخل ... ادخل يا رعاك الله ...
وادخل فقد بلل المطر ثيابي وبعثرت الركبة الأحلى بقايا وجداني ، وأسرع الى الداخل ، إلى الموقد والجمرات وكتاب ملقى هناك ، قرأت عنوانه بعد جهد " أنّا كرنينا " .. وأصمت انا الذي ملأ الآفاق شدوًا وتغريدًا ، وأروح أسوح في محراب زنّرته الأنوثة الغائرة وسيّجته الازهار الهائمة .
وأنسى ذاتي في غمرة الأحداث ... واستفيق على الدقات ألاثنتي عشرة الفضيّة الوثّابة ، تعلن للملأ قدوم عام جديد .. وحبّ جديد ، فلا حاجة بعد لاضمامة ورد ، ولا حاجة لجواز سفر ، فلينهمر المطر ما شاء ، ولتعصف العاصفة كيفما حلا لها ، فأنا مطمئن عند الموقد وذات الشال ، ولتنتظر تلك القطة الشقراء الى ما شاء الله ، فالكلّ قد اضحى مغايرًا !!!



#زهير_دعيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجد لله في العلا...
- فرعونكم أنا
- مصر كبيرة عليك يا مرسي
- كرمالو اهجر بلاد ( ترنيمة)
- السّلاح يقضُّ مضجعنا
- حانَ الوقت لنُعيِّد معًا
- الرّاتب العنيد
- أيام - المرحبا- تركض نحونا
- أترانا ضعفاء ؟!
- مواويل مسيحيّة
- نسمات لاذعة
- لو صرخَت الحجارة !
- أغلى عقد بجيدي ( ترنيمة)
- سوريّا جرح نازف
- ازرع صلاة...(ترنيمة)
- وجدانيات هامسة
- الزهرة الباكية - انشودة للأطفال
- الجار ولو جار - قصّة للأطفال
- بين الرّياضتينِ
- خمرة الأقلام


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير دعيم - بائعة الورد