أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - منير حداد - انصاف السوانح واشباه الفرص














المزيد.....

انصاف السوانح واشباه الفرص


منير حداد

الحوار المتمدن-العدد: 3948 - 2012 / 12 / 21 - 16:54
المحور: المجتمع المدني
    


انصاف السوانح واشباه الفرص
الموظبة بديلا عن الموهبة في صنع النجاح

القاضي منير حداد
ثمة من يتوفر على مجمل العناصر اللازمة للنجاح، ولا يجيد تركيبها، في صنع مشروع ناجح، بالمقابل، هنالك من يفتقر لاجزاء كثيرة، وبعضها مهم، لكنه ينجح. وعلى هذا النول، يمكن ان ننسج تصورات وافية، عن حالات مرصودة امامنا في واقع حياتنا واشتمالات معارفنا.
ومن هذه الاشتمالات اعطي مثلا، عن المختبر الطبي، الذي يمكنه ان يجمع اجزاء الجسد، ويركبها، ويبعث الدم، متدفقا منها، لكن لن يستطيع بعث الحياة، والادراك، والروح، مع نسغ الدم المتدفق في العروق.
اذن سر النجاح، جزء من بناء الشخصية، وامتداداتها في المحيط العملي وقدرتها على الانتشار في الاجواء شاغلة البيئة الأجرائية، لتحقيق الذات وبلورة المشروع الشخصي للنجاح، باسراره الشبيهة باسرار الروح التي ادخرها الله.. خص بها جلاله، حجبا عن عقل البشر.
والا لاصبحنا نرى ارواح الموتى واشباح الشياطين في الفضاءات من حولنا، اثيرا وضاءً!
اذن سر النجاح يقوم على خلطة نوعية، نلمس نتائجها المتحققة، من دون ان نشعر بكنه جوهرها الذي نصطلح عليه (موهبة ربانية) يمن بها الله على عباده.
ومن الامثلة الأخرى، المطرب الذي لا يتسع صوته لأوكتاف واحد (سِلًم) بالقياسات الموسيقية، والذي استطاع ان يشق طريقه الى العالمية، مخلفا حناجر هائلة وقدرات ادائية فائقة، يتوفر عليها مطربون، يواشكون ان يأفلوا محليا الان.
توظيف الموهبة، في صنع مشروع ابداعي او وظيفي او مهني او اجتماعي او سياسي، او من اي ميدان كان، بحاجة لذكاء قادر على احتواء المعوقات، واستثمار انصاف السوانح وأشباه الفرص!
بالمقابل، ثمة من يؤتى ملكا فيفرط به، عن جهل وغرور يبلغ حد التخابث ضد الذات، فوفرة المواهب والمستلزمات المؤهلة لبلوغ مستوى معينا، لن يحسن اداءه الا من يجيد تركيب تلك المواهب والمستلزمات.
من واقع تجربتي الشخصية، اجد الحياة بحرا محيطا، تتلاطم امواجه كالجبال العوالي.. حولنا.. يغرق في عبابها من لا يحسن العوم، وهذا وحده ليس كافيا؛ إذ علمتني الحياة، ان عَيشَ الكَفافِ خطرٌ كالسيرِ على حافة جرف ينهار الى ما وراء الدنيا.
البحر المتلاطم الامواج يصفو بصفاء الذات، ويعتكر بتذبذبها تيها في المواقف؛ فلكي يضمن الانسان نجاحه، عليه اقتفاء اثر الذات، لانها مركز الكون، مدعوما بالحكمة الانجلية التي خاطب بها الله عباده، على لسان عيسى بن مريم (ع) والتي تفيد: "ما جدوى ان يربح الانسان العالم، ويخسر نفسه".
لأن خسارة الذات لا ينفع معها كسب العالم، فما جدوى ان يعيش المرء وسط صخب مكبرات الصوت، من دون اذنين يسمع بهما، او يعيش تحت اضواء مبهرة، وهو اعمى لايفيد من الاضواء.. سواء عليه أكان المكان منارا ام منطفئ النور.
ذلك هو جزء من اسرار الخلطة السحرية التي لا يمكن ان يحيط بها كليا، الا "من اوتي حظا عظيما".
والحظ مفردة واسعة حد تباين طرفها الاول عن طرفها الثاني، من دون انفصال في امتدادهما متصلين.
شعبيا، يتداول الناس كلمة (حظ) على انها كرامة الهية من عند الرب، وقانونيا، هي المستحقات الواجبة، لا فائض فيها، كأن يؤتى المرء حظه من الدنيا، بمعنى العيش، والعيش حق بديهي للانسان اي مساس به، يعرضه للفناء ويعرض الآخر لاثم القتل وديته في الدنيا المتكاملة مع عقاب الله في الآخرة.
وبهذا فان الانسياق مع تداعيات كلمة (حظ) يقصي طرفها الثاني.. المصب، امدا بعيدا، عن طرفها الاول، المنطلق الذي ينبع منه المعنى. بالنتيجة الموهبة وحدها غير كافية لتحقيق النجاح، انما يجب ان تتضافر معها عوامل المواظبة وحسن التدفق، حضورا فاعلا في الوجود، من خلال تسريب الطاقة في موضعها السديد كي لا تتبدد، وتمظهرها وفق سياقات محسوبة بدقة، اما حسن النية فلا يصنع حضارة، والتحرك بالتفاطين غير المخطط لها مسبقا، لا يقيم مكانة لموهوب في عالم مكتظ بالالتفافات، والفرص فيه تستحدث من العدم.
لذا كثيرا ما يرتكن فائق الموهبة الى اعتماد التفوق، حتى تذبل شجرة العطاء.. عانسا، وينمي شِبهُ الموهوبِ، الشِبهةَ ويحيلُها الى تجربة رصينة، تعبر فوق الموهبة، من خلال بناء جسر منهجي ينقل الانسان من موضع يحتاج فيه مستلزمات غير متوفرة لديه، الى موضع يغنيه عن تلك المستلزمات الشاغرة، ويمكنه، من تحقيق النتائج التي يتفوق بها على من اثقلته ثقته بتفوقه عن بناء جسر يؤسس عليه منهجا ينقله الى منطقة استثمار الموهبة.
سر النجاح كامن في عمق الذات.. بموهبة ومن دون موهبة على حد سواء، فهي النفس التي ترتقي بصاحبها سموا في المواظبة، او تطيح به من اعلى المراقي الى ادنى تنازلات الكسل.
لذا كثيرا ما يقيم اشخاص فائقو النجاح، بانهم موظبون وليسو موهوبين ذوي قدرات خارقة.



#منير_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسين الاسدي.. يتورط بجنون وصف لا مسؤول
- نصيحة للمالكي غض الطرف جريمة ترقى الى الارتكاب
- القضاء المصري يهزم الفرعون الجديد
- الملكية لذة العافية
- النجيفي يدخل العراق الى العالم من بوابة غزة
- الهي لم تركتني
- إن تمسكتم به لن تضلوا عمار الحكيم.. قبس نور إئنسوه
- الثورات تاكل ابناءها ترفعوا عن الصغائر تدوم النِعَم
- شمالي القلب ومركزه.. جناحا اليوتوبيا العراقية
- الكويت.. ريح وريحان وطيب مقام
- لا دموع اذرفها وراء الجفاة
- دية الملك البريء فيصل الثاني شهيد العسكرية الهوجاء
- ايقظ عمار الحكيم احلامنا فليقتديه الآخرون
- جوقة اثنية للتفاؤل
- العالم اجمل من دون طغاة
- يختلفان بقدر محبتهما للعراق تبادل التصريحات المتشنجة صعود نح ...
- البرنامج القرآني الكريم للسلطة
- الرب وانبياؤه براء من الظالمين
- النظام الرئاسي بديلا عن البرلمان
- بينما نحن نتخلى عنهم الامم تقدس ابطالها


المزيد.....




- اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال ...
- برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ...
- الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا ...
- الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ ...
- شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي ...
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - منير حداد - انصاف السوانح واشباه الفرص