أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - رياض البكري شاعراً














المزيد.....

رياض البكري شاعراً


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3945 - 2012 / 12 / 18 - 22:18
المحور: الادب والفن
    


سمعت باسم رياض البكري للمرة الأولى من صديقي الكاتب كامل عبد الرحيم يوم نشر مقالتين عن الشاعر الراحل في موقع الحوار المتمدن عام 2010.. كانت المقالتان مكرستين للتعريف بشعر البكري وفيهما مقاطع مختارة من قصائد له. وعرفت أن مبدعها صاحب موهبة لافتة أُغتيلت قبل الأوان. وكان يمكن، لو وجدت في بيئة ملائمة، آمنة ومشجعة، أن تضيف شيئاً مهماً لإرثنا الأدبي العراقي. لكن ملابسات تاريخنا السياسي المخنوق بالقهر والظلم والاستبداد حالت دون ذلك. ويبدو أن هاجس النضال السياسي كان أكبر عند شاعرنا من هاجس الشعر، أو أن الهاجسين كانا ممتزجين بقوة في روح الشاعر وضميره، وأن عنفوان ممارسته السياسية أوقف في النهاية مغامرته الشعرية التي لابد من أنها كانت تبحث عن شروط حياة أخصب وألطف لتصل إلى مبتغاها.
وقبل أسابيع قليلة أهدى لي صديقي الأستاذ عقيل الخزاعي ( أبو ذر ) مشكوراً نسخة من كتاب ( ديوان الشاعر الشهيد رياض البكري/ تحقيق د. حسين الهنداوي ـ دار ئاراس ومؤسسة عراق للإبداع 2012 ) وقد كتب مقدمته الثانية، فيما كانت المقدمة الأولى بقلم شقيقة الشاعر نوال البكري، والثالثة بتوقيع كميل قيصر داغر. والمقدمتان الأولى والثانية تحكيان عن حياة الشاعر الشهيد وكفاحه السياسي ومعاناته بين السجون، ومن ثم إعدامه بعد اعتقاله في عام 1978. وكان عمره آنذاك ثمان وعشرين سنة. أما مقدمة داغر فقد تحدثت عن شعره أيضاً.
إنها، كما قلت، تجربة إبداعية غير مكتملة. وإن كانت تحمل بين أعطافها علامات نضج مبكر. ولا أظن أن في هذا الديوان قصائد الشاعر كلها. وأخشى أن منها ما ضاع، بسبب الحياة غير المستقرة للشاعر، وإلى الأبد. والقصائد في الغالب ذات نكهة سياسية لا تخطئ، مثقلة بالهمّ الوطني، ومنقوعة أحياناً بالإيديولوجيا، وفيها شيء من البلاغة المباشرة. حيث نتعرف على أساليب شعراء المقاومة الفلسطينية وغيرهم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته، والتي تأثر بها الشاعر، لاسيما أنه كان مقاتلاً في صفوف المنظمات الثورية الفلسطينية لسنوات. نقرأ، في سبيل المثال؛
"إنها تلد الآن من الجوع/ فلسطين أخرى/ غير تلك التي لوثتها مؤسسة الضالعين" ص57.
"فانصتي يا سحب الشرق/ إن طائر السماء البلشفي عاد.. فافتحي الأبواب../ افتحي الأبواب" ص69.
"مسح بقايا الزهر الليلي عن شفتيه/ وسار.. سار وحيداً في صحراء الدهشة/ مرّ على أكواخ جميع الفقراء العزّل/ واندس بباص الثورة" ص80.
غير أن المقدرة الشعرية لرياض البكري تتجلى بأوضح ما يكون في قصائده المفعمة بالوازع الذاتي، حيث تتدفق جمله الشعرية بسلاسة كما الماء النازل على منحدر معشب يتلامع تحت الشمس. فيغيب الانفعال المبالغ فيه والافتعال وروح الرومانس ويلبث فقط عفوية الشعر. وهو شعر يحفر في أرض نثرية مخصبة.. نقرأ في قصيدة ( انتظريني يا ليلى ): "رغم أني أفتقدك/ ولكن يغمرني الفرح الدافئ../ فأنا منذ ليال لم أنم/ ولم أتعرف على صوتي المختلج/ ولم أجد لجرحي نافذة/ وغادرت ذلك المتراس القديم/ الذي هو عبارة عن حزمة من النجوم/ تتركها عيناك وتذهب/ وأعتقد أني قد تحولت إلى شاعر/ بريء ومدهش/ أضرب مجذافي الصغير في الماء../ فتنتشر القصائد/ وتبتهج الطيور الأليفة هناك../ أما أنت فلا شأن لك بي الآن.. / وأنا في مملكتي../ مثل الناي الصحراوي المنفرد../ أتنقل بين النخل والبنفسج../ وأفتش عن ضالتي../ فربما تكون ليلى.." ص77.
إن بساطة صوره الشعرية، وما يقتنصه من صور يومية معيشة، وحين يواري حماسه الثوري قليلاً، تجعل القارئ في ألفة بالغة معها. هنا حتى القضية والوطن والفكرة توشح أفق الشعر بشعاع معانيها، وببلاغة أكثر حميمية وسطوعاً وعمقاً.
"أعطني أذناً بالسفر/ وعدني أن تسير في جنازتي/ مثل الطاووس/ لم يعد لي حب/ ولا أهداب أتعلق بها/ وحتى القصائد قد التحقت/ هي الأخرى بالغبار/ ولم يعد بيننا ما يجمعنا أو يفرِّقنا/ غير سحابة سوداء/ ولم يتبق في الصحن غير الملاعق/ وعلى الجدران/ آثار الشعارات الحمراء/ والبصاق/ وفوق الرصيف/ أعني فوق ذلك الشارع الموحش/ بقيت بعض قصاصات الصحف القديمة/ وآثار الأحذية/ فلا تبتئس إذا قلت لك/ والدموع يابسة في حنجرتي/ الوداع/ سأسافر إلى جوف التاريخ/ على صهوة شرارة/ وسأفكر فيك/ قبل أن أنتهي في آخر لحظة" ص161،160.
في هذه المقاطع الأخيرة يبدو الشاعر وكأنه يمتلك حدساً صافياً بشكل مصيره البطولي، التراجيدي، الفاجع.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسلمة السياسية في العراق
- الإحساس بالنهاية: بين الذاكرة والتوثيق
- العابر التخوم
- قراءة في حرب نهاية العالم
- شرق بعيد: الخريطة السرّية للواقع في السرد
- إلفريده يلينك والعاشقات
- ستة أيام لاختراع قرية
- غوايات الكتب
- قراءة في كتاب ( الذهاب إلى السينما )
- السيرة الروائية
- السرد والاعتراف والهوية
- فتنة الحكاية
- قراءة في؛ مدينة الصور
- قراءة في؛ تجليات السرد
- يسكنني هاجس دائم بأني روائي قبل أن أكون أي شيء آخر
- قراءة في رواية -شامان- لشاكر نوري
- هوبزباوم في -العولمة والديمقراطية والإرهاب-
- اليسار والديمقراطيون العلمانيون والامتحان الصعب
- غواية كتابة الرواية: سلطة المشهد المتخيل
- عصر مثير


المزيد.....




- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - رياض البكري شاعراً