أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - قراءة في رواية -شامان- لشاكر نوري














المزيد.....

قراءة في رواية -شامان- لشاكر نوري


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3643 - 2012 / 2 / 19 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


ينقلنا شاكر نوري في روايته ( شامان/ دار كتّاب ـ الإمارات ـ ط1/ 2011 ) إلى عالم رحب ومدهش هو عالم صيد الصقور، والصيد بوساطة الصقور، في الصحراء.. هنا تتعدى الصحراء بوصفها مكاناً يشهد كفاح الإنسان ضد تقلبات الطبيعة ومفاجآتها، وتعقيدات العلاقات البشرية بصورها المختلفة: الحب والصداقة والصراع حتى الموت، لتغدو فضاءً رمزياً يعكس شظايا من تراجيديا الوجود الإنساني، ووعوده.
تبدأ أحداث الرواية في باريس مع تعرّف الراوي على الأمير إيهاب، ذلك الشيخ السبعيني الذي فقد إمارته ( جانين ) قبل عقود طويلة، ومن ثم صقره ( شامان ) قبل سنوات، لكنه لم يستسلم وظل يحلم ويعمل من أجل استعادتهما معاً في مسعى جليل وبطولي ويائس، حتى يصبح فقدان الصقر كناية عن فقدان الإمارة ومعادلاً موضوعياً له في ضمير الأمير وتفكيره. "أدرك أن شامان على كفة ميزان وإمارة جانين على كفة أخرى". والعلاقة بين الأمير وصقره ذات طابع حميم تذكرنا بعلاقة بطل رواية ( وداعاً غولساري لجنكيز إيتماتوف ) مع حصانه. وعلاقة آخاب بالحوت الأبيض ( موبي ديك ) في رواية ملفيل. على الرغم من اختلاف جوهر ومعاني كل علاقة من هذه العلاقات.. ويشير الراوي في ( شامان ) إلى رواية ( موبي ديك ) مراراً فهو يحمل معه نسخة منها أينما حلّ وارتحل، ليعيد قراءتها مرات ومرات. حالماً بكتابة رواية:
"أجمع فيها شامان مع موبي ديك، الصحراء بالبحر، آخاب بالأمير إيهاب، إسماعيل بيوسف البازيار".
ينتمي شامان إلى فصيلة الطائر الحر النبيل.. فهو كائن استثنائي، لا يتحمل حالة الأسر، ولا يأكل إلا من صيده. "وحين يهرم يفقد القدرة على الصيد، حينها يصعد إلى أعلى الجبل ويرمي نفسه". فهو حر حتى في اختيار طريقة موته. ولا يمكن اصطياده مرة ثانية إذا ما انفلت من سلطة صاحبه، وهذا ما لم يجرؤ أحد أن يسرَّ به للأمير إيهاب من أصدقائه.. لقد تحول شامان في ذهن الأمير ووجدانه إلى أسطورة حية.
يتناوب على سرد الأحداث أكثر من راوٍ واحد، ففضلاً عن الراوي الرئيس الذي يأخذ موقع المروي له، أيضاً، فإن آخرين يتخذون دور الرواة، وهم الذين يعلموننا بقصة الصقر واختفائه والبحث عنه طوال سبع سنين. لاسيما الأمير نفسه، والصقّار يوسف البازيار الذي يُكلف بمهمة البحث عن الصقر الهارب مع فريق من الصقارين في مجاهل الصحراء. وهناك أيضاً شخصية المؤرخ ومحقق المخطوطات نورالدين ( صديق الأمير ) بعدِّه شاهداً على ما يجري ومدوِّناً لتفاصيله. ومع كل راوٍ من الرواة تحدث انتقالات في زمن القصة بين الماضي القريب والماضي البعيد، وما يحدث الآن، فيتغير تبعاً لذلك نسق السرد وشكله، وتتبلور بنية الرواية، والتي تكتسب مع تلكم الانتقالات والتغيرات بعدها الجمالي. وخلال ذلك يستخدم الروائي قاموساً واسعاً من المفردات الخاصة بعالم الصحراء وصيد الصقور، فيتعرف القارئ على أسرار ذلك العالم المثير، المملوء بالأسرار.
تعاني الشخصيات جميعاً من غربة مركبة.. غربة النفي عن المكان الأول، وغربة في الزمان حيث العالم الحديث الصاخب والمتغير غير العالم القديم، الأليف. وحيث يثقل كاهل كل منها إحساس ممض بالفقدان. ولذا فإن شامان يعني لكل منها أمراً مختلفاً. ولعل كل شخصية تعلم أن شامان قد ضاع وإلى الأبد، بيد أنها لا تستطيع إلا التورط في البحث عنه، وإن لم يكن موجوداً "فعليه أن يخلقه في ثنايا روحه ودروبها العميقة".
يموت يوسف البازيار في حمّى ملاحقة ذلك الطائر. ويكاد الراوي الرئيس، لولا خجله، أن يفصح للأمير إيهاب بأنهم يضيعون وقتهم في مطاردة وهم. لكن الراوي نفسه في الصفحة الأخيرة سيقول بوضوح وثقة:
"تيقنت أن شامان موجود في مكان ما، في هذا الكون العملاق، في هذا الأوقيانوس الروحي، الذي لا شواطئ له ولا حدود. شامان يعيش في أعماق كل واحد منا، أينما كان. أوَ لا يكفي ذلك دليلاً على وجوده". وإذا كان الأمير يضع بحثه عن شامان بموازاة بحثه عن إمارته الضائعة، فإن الراوي يبحث عنه، كما يخبرنا، في أعماق ذاته.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوبزباوم في -العولمة والديمقراطية والإرهاب-
- اليسار والديمقراطيون العلمانيون والامتحان الصعب
- غواية كتابة الرواية: سلطة المشهد المتخيل
- عصر مثير
- امرأة الكاتب
- رماد الذاكرة: شعرنة تاريخ الخوف
- ألوان السيدة المتغيرة
- حين تستلهم الرواية التاريخ: -قصة مايتا- ليوسا
- -الحلم العظيم- شهادة عن مرحلة الآمال والخيبات
- عن الكتّاب النجوم: بطاقة دخول إلى حفلة المشاهير
- السعدية/ جلولاء: مدينتان تتراميان حتى أعالي القلب
- النبطي قصة حب
- الرواية العربية ورهان التجديد
- مدار الجدي؛ نزوات حرّة في عالم مختل
- في رواية المحرقة: التاريخ يتلبس المخيلة
- المنفى ووطن الإبداع
- الفرانكفونية: منفى اللغة وصراع الثقافات
- سخط
- بإهمالنا القصة القصيرة نُحدث ثلمة مؤسية في جدار ثقافتنا
- -السرد والكتاب-: السيرة النظرية لمحمد خضير


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - قراءة في رواية -شامان- لشاكر نوري