أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الهجمات المرتدة التركية على سوريا فرصة لاتعوض















المزيد.....

الهجمات المرتدة التركية على سوريا فرصة لاتعوض


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 01:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد مرور عام ونصف على بدء الاضطرابات في سوريا، يشهد الفصل الأخير من الأحداث أعمالاً عدائية مسلحة بين سوريا وتركيا التي كانت ذات مرة دولة صديقة لنظام الأسد... ومنذ قرن من الزمن، كانت القوى الغربية هي التي فككت وقسّمت الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى... واليوم يمكن أن تتولى تركيا دور القيادة في ترسيم الحدود على خارطة الشرق الأدنى الناشئة....يشير وقوع سوريا في الفوضى إلى أن انشقاق وتقسيم البلد أصبح نتيجة محتملة جداً -على عكس وضع ليبيا في الوقت الراهن - إلا إذا سقط نظام الأسد.... وإذا استمر الصراع في سوريا من دون رادع وأدى إلى وقوع حرب طائفية شاملة بين العلويين والسنّة وقيام توترات عرقية عنيفة بين العرب والأكراد، فمن المتوقع أن يتحقق السيناريو الأقرب إلى النموذج العراقي، حيث نشأت مناطق خاضعة لسيطرة شبه مستقلة....

ومن المتوقع أن تبقى حلب ودمشق مرتبطتين مع أنهما قد تسيران في اتجاهين مختلفين بسبب الروابط التجارية المتعادلة..... وسينشأ أيضاً معقل درزي متوسط في الجنوب، وفي الوقت نفسه، سينسحب العلويون، أو على الأقل أولئك الذين نجوا من الكوارث المأساوية المؤسفة، إلى معقلهم التقليدي في محيط مرفأ اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط...لكنّ الأهم بالنسبة لتركيا هو مصير المعاقل الكردية في سوريا.... ويشكّل الأكراد بين 10 و20 في المائة من الشعب السوري، وهم يُعتبرون عامل ضغط يدفع باتجاه إنشاء منطقة كبرى يسيطر عليها الأكراد ويتمتعون فيها باستقلالية تامة في النهاية إلى جانب حلفائهم في العراق، وذلك نظراً إلى تمركز أكبر عدد من أكراد سوريا في شمال البلاد، على طول المناطق الحدودية التركية، مع امتداد نقاط التمركز شرقاً نحو العراق...وفضلاً عن ذلك، من المعروف أن أكراد تركيا وسوريا والعراق (على الأقل أولئك الذين يعيشون في شمال غرب العراق، على طول الحدود مع تركيا وسوريا) يتشاركون اللغة نفسها.... فهؤلاء الأكراد يتحدثون باللهجة الكرمانجية، بما يختلف عن لهجة الأكراد في إيران وفي شمال شرق العراق الذين يتحدثون باللهجة السورانية التي تختلف بشدة عن اللهجة الكرمانجية أكثر من اختلاف اللغة البرتغالية عن الإسبانية...ومن المتوقع أن يتطلع أكراد سوريا إلى تركيا بحثاً عن الدعم، ولا شك أنهم سيقدرون أهمية دور تركيا كقوة موازنة تتصدى للنزعة القومية العربية... فقد تعلّموا درساً سريعاً من أكراد العراق الذين لجأوا إلى تركيا للاحتماء من بغداد منذ عام 2010...

بسبب هذا الوضع، أصبحت تركيا أمام خيار حاسم... فطالما كانت ترفض فكرة نشوء دولة كردية مستقلة أو كيان كردي مشابه في أي مكان من المنطقة خشية أن تطالب الجماعات الكردية في تركيا بالأمر نفسه... لكن يمكن أن تتغير حساباتها من خلال احتمال غياب الاستقرار بصورة مزمنة في الدول العربية السنية المجاورة ونظراً إلى الحاجة إلى التصدي لمحور إيران الشيعي - الذي يمتد حالياً من بغداد عبر نظام الأسد وإلى «حزب الله» في لبنان.... وتمثل بلقنة سوريا فرصة بالنسبة لتركيا تحدث مرة واحدة في العمر...تتعدد الأسباب الفورية التي تبرر الدعم التركي للكيان الكردي المستقل في سوريا... ويمثل القصف على الحدود التركية السورية سبباً هاماً يمكن أن يجعل تركيا أفضل حالاً إذا نشأت مناطق عازلة مثل كردستان بدلاُ من التمسك بالحقائق الجغرافية المبهمة السائدة اليوم....

وبالإضافة إلى ذلك فمع انهيار سلطة الأسد بوتيرة متسارعة في شمال غرب سوريا، يبدو أن الرئيس السوري غير مهتم بمنع "حزب العمال الكردستاني" من استعمال الأراضي السورية - وهذا الحزب هو جماعة تقود الكفاح من أجل الاستقلال الكردي في تركيا وتنفذ العديد من الهجمات الانتحارية في البلاد.... لذا يجب أن تؤيد تركيا قيام حكومة جديدة مركزها حلب، شرط أن تسعى تلك الحكومة إلى إرساء الاستقرار والنظام على أراضيها وأن تتصرف بطريقة مسؤولة، كما تفعل "حكومة إقليم كردستان"، لكبح ميليشيات "حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق... وفي الواقع، تتلقى اليوم القوات الكردية - التي تدافع عن نفسها ضد سوريا - تدريبات من قوات البشمركة في كردستان العراق...وبغض النظر عن قدرة (أو استعداد) الأكراد السوريين على كبح جماح "حزب العمال الكردستاني"، تعلمت أبرز جهة سياسية كردية في سوريا ("حزب الوحدة الديمقراطي") من تتبع الأحداث في العراق المجاور بأن السنّة سيتوحدون على الأرجح في وجه الحكم الكردي الذاتي.... وهكذا، فمن المفارقات أنه في الوقت الذي يستمر فيه "حزب العمل الكردستاني" في محاربة تركيا، قد يقرر الفرع السوري التابع لذلك الحزب إقامة صداقات مع أنقرة....

وعلاوة على ذلك، وكما هو الحال في كردستان العراق، قد تكون شركات البنى التحتية التركية من أبرز المستفيدين من الاستثمار في المنطقة الكردية في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد وذلك بالحصول على عقود ضخمة كما فعلت في كردستان العراق بعد صدام.... وعملياً، كانت الشركات التركية هي التي بنت كردستان العراق، حيث قامت برصف طرقها وتصميم مطاراتها والتنقيب عن النفط في أراضيها وبناء مجتمعاتها في المناطق الحضرية - ناهيك عن كونها المنفذ الضروري لتصريف موارد كردستان العراق من الطاقة.... وبالمثل، فهي شريك تجاري أساسي لأي كيان محصور ينشأ في مرحلة ما بعد الأسد.... وستصب الميزة التنافسية التي تمتعت بها تركيا في العراق - باعتبارها اقتصاداً متطوراً في المنطقة المجاورة - في مصلحتها في سوريا أيضاً بعد سقوط الأسد...في ضوء كل هذه الأسباب المقنعة التي تبرر دعم كيان كردي مستقل في سوريا، قد تقتنع تركيا بأن تتراجع عن معارضتها القديمة لأي استقلال كردي في المنطقة... ولكن توجد عقبة رئيسة تقف أمام تركيا وتعيقها من الاستفادة من هذه التطورات وهي: سكانها الأكراد الذين ظلوا لأمد طويل يثيرون مسألة استقلالهم...

وبينما تقيم تركيا علاقات صداقة جيدة مع الأكراد السوريين والعراقيين، فإنه يتعين عليها إرضاء مواطنيها الأكراد الساخطين.... وقد أثارت القومية الكردية الناشئة في مختلف أنحاء المنطقة حماسة الأكراد الذين يقطنون تركيا... وقد شهدت تركيا ارتفاعاً في وتيرة هجمات "حزب العمال الكردستاني" في الآونة الأخيرة وقد ذهبت تلك الجماعة إلى حد إطلاق حملة جريئة - تم إحباطها - للاستيلاء على بلدات في جنوب شرق البلاد.... وعلى الصعيد السياسي، أدى فشل أنقرة في محاولتها إعطاء المزيد من الحقوق الثقافية للأكراد عام 2009 إلى حدوث زيادة في إحباطهم.... وسيتم التعبير عن مثل هذه المشاعر بصوت عال في الانتخابات المحلية للبلاد عام 2013، حيث من المرجح أن يستعيد "حزب السلام والديمقراطية" القومي الكردي السيطرة على المدن الرئيسية في جنوب شرق تركيا....وسيصعب على تركيا بناء صداقة قوية مع الأكراد السوريين والعراقيين إذا بقي أكراد تركيا معزولين عن أنقرة.... وفي الوقت الذي تسعى فيه أنقرة إلى فرض نفوذها في سوريا والعراق، يتعين عليها التصالح مع مجتمعها الكردي أولاً.... فإذا كان الاستقلال هو السبيل لحل القضية الكردية في العراق وسوريا، فإن منح المزيد من الديمقراطية للأكراد في تركيا يعتبر بمثابة خطوة إلى الأمام لحل المشكلة... ويسود جدل في تركيا حالياً حول مسألة صياغة أول دستور مدني في البلاد.... ويمنح ذلك تركيا فرصة مناسبة لوضع ميثاق ليبرالي حقيقي يعمل على توسيع حقوق الجميع بما فيهم الأكراد...قد أشار قوميون أكراد مؤخراً بأن الوضع الراهن يشكل لحظة فارقة في تاريخ الأكراد.... فقد يقلب الأكراد التحالفات التي سادت في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى رأساً على عقب، ولكنهم لا يستطيعون فعل ذلك من دون تركيا... إنها في الواقع لحظة تاريخية لأكراد تركيا والشرق الأوسط عموماً -- وذلك إذا لعبت أنقرة دوراً إيجابياً في الداخل...

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اروع حبيبة
- الانتهازيون الجدد : الاخوان والامريكان وأردوجان
- الاحتكار السياسى الاخوانى وازدواجية المعايير
- لن نذهب الى كانوسا الاخوانية
- لا تراجع ولا استسلام حتى يسقط خفافيش الظلام
- لابد للديمقراطية ان تنتصر فالتطور سنة الحياة
- باسم الخلافة يريدون خطف الدولة
- السقوف الايدلوجية الايرانية وثورات الربيع العربى
- لاتتركوا سيناء تذهب لجماعة ضالة لا تؤمن بمعنى كلمة وطن
- ماذا يجرى خلف الستار فى الحرب الخفية بين ايران واسرائيل؟
- تقرير استراتيجى عن الدور الامريكى بعد نجاح اوباما
- الشريعة هى «قميص عثمان» الذي يتم استخدامه لتبرير العنف الدين ...
- الشذوذ السياسى هو مشروع الصرف الصحى الاخوانى
- الفن والابداع فى زمن الاخوان
- شبكة التوريث والمصالح العائلية الاخوانية تحكم مصر
- واحد عضنا
- حروب المنطقة واضطراباتها وتغييراتها بدأت بميلاد قناة الجزيرة
- الجزيرة والرقص مع جماعة الخرفان المسلمين
- الخيانة اخوانية
- مصطلح التغيير هو (الأخونة) مخطئ من ظن يوما أن للاخوان دينا


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الهجمات المرتدة التركية على سوريا فرصة لاتعوض