أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الخيانة اخوانية















المزيد.....


الخيانة اخوانية


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3896 - 2012 / 10 / 30 - 08:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التقى رجل الدين الشيعي الفارسي جمال الدين الأفغاني عام 1885 مع مسؤولين من الاستخبارات البريطانية في لندن، من أجل إنشاء تحالف إسلامي ضد روسيا القيصرية، إذ كانت الدولتان البريطانية والروسية في صراع من أجل السيطرة على آسيا الوسطى، بحكم معاناة الدولة العثمانية من الانهيارات المستمرة، وفقدانها السيطرة على بعض الأقاليم التي كانت واقعة تحت حكمها....كان جمال الدين الأفغاني المرشح الأول للقيام بفكرة التحالف الإسلامي المزمع، ووفقاً لسجلات الأرشيف البريطانية تم توجيه الأفغاني للذهاب إلى مصر ليعمل مع الاستخبارات البريطانية، ومن بعده جاء محمد عبده، ثم محمد رشيد رضا، ثم آلت الزعامة الإخوانية إلى المصري حسن البنا، ومن بعده صهره سعيد رمضان، ونجح الأخير في تأسيس مكتب جماعة الإخوان في سويسرا....وتمكنت بريطانيا من السيطرة على مصر عام 1881، ثم ازدادت البراعة البريطانية باستخدامها لسياسة "فرقّ تسد"، وكذلك تجديد ما يسمى بالصحوة الإسلامية، خاصة بعد أن عرفت بريطانيا أن الشعوب العربية والإسلامية شعوب عاطفية بالدرجة الأولى.....استثمرت بريطانيا في تعزيز الأصولية الإسلامية خلال الأعوام من 1875 إلى 1925، وسخَّرت جمال الدين الأفغاني لصالحها، الذي بدوره عمل مع مساعدين بريطانيين لتأسيس حركة سلفية في مصر، ومنهم المستشرق البريطاني "اي جي براون"، وكذلك تلميذه محمد عبده....


ولم تكتفِ بريطانيا بنشر الأصولية في مصر فقط، بل استمرت في تمديدها نحو صحراء نجد وتعزيز الأصولية السلفية فيها، وحسب مذكرات الجاسوس البريطاني "همفر"، فإن الدعم البريطاني للأصولية السلفية يعود إلى بدايات دعوة محمد بن عبدالوهاب في القرن الثامن عشر في نجد، أي أن من تسبب أولاً في نشر الأصولية في العالم العربي والإسلامي هي بريطانياhttp://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=25880....جمال الدين الأفغاني استغل الدين من أجل تحقيق مآرب دنيوية، وكذلك تلميذه محمد عبده، وعمل الاثنان عميلين لدى البريطانيين، واستغل الأفغاني مظهره الديني لوضع خطة سيطرة سياسية، وكسب تعاطف الناس في تظاهره بمحاربة الإمبريالية الغربية، ومن جهة أخرى تم اعتباره في العالم الإسلامي الأب الروحي المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين....وما لا يعرفه الكثيرون أن الأفغاني نفسه كان من اتباع الحركة "الماسونية"، حيث وحسب الارشيفات البريطانية، كان يتردد على الجمعيات الماسونية الأنجلو مصرية والفرنكو مصرية....نشاط جمال الدين الأفغاني بدأ فعلياً عام 1869 عندما قام بجولة في العالم الإسلامي لمدة نحو ربع قرن من الزمان، حيث زار الهند، ثم إلى تركيا، ولكن تركيا ارتابت فيه وطردته من البلاد، ثم غادر القاهرة التي استقبلته بكل حفاوة، وقام رئيس الوزراء المصري رياض باشا بتوظيفه في الأزهر في منصب عالم فقيه....

ظل الأفغاني يعمل في مصر لمدة ثماني سنوات، ولم يكن المصريون يعلمون أنه مجند من قبل البريطانيين منذ أن زار الهند والتي كانت حينها من المستعمرات البريطانية، ثم رتبت له زيارة إلى لندن لمتابعة بقية مخططاتها ضد العالم الإسلامي، ثم غادر إلى فرنسا وعاش فيها لنحو ثلاثة سنوات، ثم إلى روسيا لمدة اربعة سنوات، ثم إلى ألمانيا، وأخيراً موطنه الأصلي إيران....واحتفت ايران بعودة ابنها البار، وتم تعيينه وزيراً للحربية، ثم رئيساً للوزراء، وذلك شكل دليلاً قاطعاً على فارسيته، وأنه لقب نفسه بالأفغاني تقية بينما هو فارسياً اباً عن جد...ولكن الأفغاني قابل المناصب الرفيعة في بلاده بتأليب الناس ضد الحاكم، ونجح اتباعه في اغتيال الشاه عام 1896، أي قبل عام واحد فقط من وفاة الأفغاني عام 1897 في تركيا، وتخلى البريطانيون عنه قبل وفاته....فكر الأفغاني قبيل وفاته بخليفته من بعده، ووجد ضالته في المصري محمد عبده الذي تعلم منه الكثير ليكمل المسيرة الإخوانية من بعده، وكان عبده شريك الأفغاني خلال الأعوام من 1871 حتى 1879 في حركة "مصر الفتاة"، وبالتدريج استطاع محمد عبده الحصول على مناصب تعليمية عدة في مصر، مع استمرار ولائه للبريطانيين....

كان محمد عبده يعارض فكرة المقاومة العسكرية ضد المحتل البريطاني، مما وضعه في مواجهة القوميين العرب بزعامة أحمد عرابي الذين يؤيدون المقاومة العسكرية، فطردوا الأفغاني إلى باريس وعبده إلى قريته في مصر، ولكنهما قاما قبل طردهما بتنظيم فرقة شبه عسكرية منبثقة من الجماعة الماسونية، لينصب بعدها الأفغاني عبده خليفة له في مصر....بمجرد مغادرة الأفغاني إلى باريس، قام عبده باللحاق به وتعاهدا على الاستمرار في بث أفكارهما الأصولية بقصد التوسع في السلطة، وفي عام 1884 اصدرا العدد الأول من مجلة "العروة الوثقى" التي كان لها تأثير واسع على اتباعهما، الذين كانوا يدعمون المجلة، هذا بالإضافة إلى الدعم الأوروبي من دول مثل بريطانيا وفرنسا، والإسلامي من دول مثل الهند ومصر وسوريا...وفي عام 1888 عاد محمد عبده للعمل لصالح البريطانيين في مصر، وفي عام 1899 أي بعد وفاة الأفغاني بعامين، تم تعيين عبده مفتياً للديار المصرية، وقد اعطاه هذا المنصب نفوذاً أكبر على مستوى الدولة المصرية....كانت أفكار جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ستندثر بوفاتهما، ولكن شخصاً ثالثاً حال دون ذلك هو الصحافي محمد رشيد رضا، صاحب جريدة "المنارة"، حيث قام بجمعها من جديد وأعاد احياءها بزخم أكبر، مستفيداً من الدعم الغربي اللامحدود للأصولية الإسلامية....

مع بدايات الدعم البريطاني للإخوان المسلمين الذي سعت به بريطانيا إلى خطب ود المسلمين في مختلف بلدان العالم التي خضعت لاستعمارها....وبعد الحرب العالمية الأولى أصبحت الحاجة ملحة لكميات ضخمة من النفط، فتوجهت الأنظار البريطانية مباشرة إلى السعودية والعراق وإيران، وكان لا بد من بسط هيمنة تقليدية دينية لضمان مصالحها....بادرت بريطانيا بدعم دعوة محمد بن عبدالوهاب، ويسجل الجاسوس البريطاني "همفر" في مذكراته تفاصيل ذلك الدعم، وتمكنت الحملات الوهابية العسكرية من بسط سيطرتها على مساحات هائلة في الجزيرة العربية بمباركة بريطانية....واستمرت بريطانيا في تقديم المساعدات المالية للسعودية منذ عام 1865، لتتعمق الروابط بينهما عام 1899....وشهدت تلك السنة ضم بريطانيا للكويت بوصفها محمية، كما شهدت سقوط مدينة لنجة الإماراتية في يد الفرس وطرد حاكمها الإماراتي محمد بن خليفة القاسمي بتواطؤ من حيث قام الأسطول البريطاني الذي منع جميع سفن إمارات الساحل من نجدة لنجة، حتى لو تطلب الأمر إغراقها...

في بدايات القرن العشرين استعان الملك عبدالعزيز بن سعود بمجموعات بدوية مسلحة أطلقت على نفسها اسم "إخوان من أطاع الله" في المعارك التي خاضها من أجل استعادة ملك نجد، وعرف جيشه فيما بعد بجيش "الإخوان" اختصاراً.... وفي عام 1912 وصل عدد المقاتلين من الإخوان إلى نحو 11 ألف مقاتل....وشهد عام 1915 توقيع أول اتفاقية تعاون رسمية بين بريطانيا والسعودية، وذلك عن طريق ضابط بريطاني حمل اسماً مستعاراً هو "وليم شكسبير"، لكنه قُتل في إحدى معارك ابن سعود مع آل رشيد، وإثر مقتل شكسبير ارسلت بريطانيا عميلاً آخر عام 1916، تحول إلى الإسلام واطلق على نفسه اسم عبدالله، واصبح يُعرف باسم "عبدالله فيلبي"....وكانت بريطانيا تلعب لعبة ماكرة؛ إذ أنشأت مكتبين لها لإدارة الشؤون العربية، فكان مكتبها في الهند يعمل على دعم ابن سعود، بينما عمل مكتبها في القاهرة على دعم الشريف حسين أمير مكة....ومع انهيار الدولة العثمانية اعتقدت بريطانيا أنه من الممكن للشريف حسين أن يكون البديل للخلافة العثمانية ويوحد المسلمين تحت رايته، لكنه لم يكن يمتلك القوة العسكرية التي يمتلكها ابن سعود، ورغم قلة إمكانياته قاد تمرداً ضد تركيا بدعم بريطاني، وكان العميل البريطاني المبعوث للشريف يُطلق عليه لقب "لورنس العرب"، وقاد العديد من المعارك العربية ضد الأتراك...

بريطانيا وعدت الشريف حسين بإعطائه حكم سوريا والأردن والعراق ولبنان والحجاز، وكذلك وعدت الصهاينة بإعطائهم الحكم على فلسطين، وحافظت على وعدها لليهود بينما أخلفته مع الشريف...كما راهنت بريطانيا على الشريف في تحقيق انتصارات عسكرية ولكن ابن سعود تفوق عليه، وبدا الأمر وكأنه لعبة بريطانية بحتة يديرها ضابطان بريطانيان هما عبدالله فيلبي لصالح ابن سعود ولورنس العرب لصالح الشريف حسين...في عام 1924 قام الزعيم الجديد لتركيا مصطفى كمال أتاتورك بإلغاء الخلافة العثمانية، فحاول الشريف حسين الاستفادة من الانسحاب التركي لتنصيب نفسه خليفةً للمسلمين....لم يكن الشريف حسين ليستفيد من إعلان خلافته شيئاً دون اعتراف بريطاني، لكن بريطانيا فضلت التخلي عن الشريف على اعتبار أن ابن سعود أقوى منه واستطاع بسط سيطرته على مجمل الجزيرة العربية، وطرد الهاشميين من مكة....اعترفت بريطانيا عام 1927 باستقلالية المملكة العربية السعودية، وبعد سيطرة ابن سعود على الأماكن المقدسة أرسلت الهند ـ باعتبار أنها دولة تضم عدداً كبيراً من السكان المسلمين ـ وفداً رفيعاً لمقابلة الملك عبدالعزيز في جدة، وطالبت الهند ابن سعود بتسليم الأماكن المقدسة إلى لجنة تتكون من جميع الدول الإسلامية لإدارتها ولكن ابن سعود رفض هذا الطلب، وأقام في العام نفسه مؤتمراً دولياً في مكة لجميع الحكام المسلمين، ليطلعهم على الوضع الجديد في الحجاز....

شكل "إخوان من أطاع الله" لاحقاً تهديداً حقيقياً لابن سعود، خاصة بعد الانتهاء من السيطرة على الحجاز، وانكشاف امر علاقته ببريطانيا، فدخل ابن سعود معهم في مواجهات عسكرية، كانت آخرها في معركة "السبلة"، التي تمكن فيها من القضاء على قوة الإخوان عام 1929....أرادت بريطانيا محاربة القوى الوطنية التحررية في الدول العربية المستعمرة، فوجدت في الأصولية الإسلامية ضالتها واستخدمت جماعة الإخوان في ذلك....وفي تلك الفترة قام حسن البنا بتأسيس حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 بدعم بريطاني مباشر، إذ قامت شركة قناة السويس البريطانية بتمويل البنا وجماعته، في خطة وضعتها الاستخبارات البريطانية لتعزيز الأصولية الإسلامية، كما استخدم الملك فاروق الإخوان في محاربة خصومه من الشيوعيين والوطنيين المصريين...وبفعل السخاء البريطاني في تعزيز الأصولية إزداد عدد أفراد الإخوان ليصل إلى إلى الآلاف في مصر، كما لاقت صدى في القدس ودمشق وعمّان، ولم تكن الاستخبارات البريطانية وحدها من تعاونت مع جماعات الإخوانيات، بل سعت إلى ذلك أيضاً الاستخبارات الروسية والألمانية والأميركية....

ويعد فكر الإخوان المسلمين امتداداً لفكر جمال الدين الأفغاني المطالب برابطة الجامعة الإسلامية، ثم من بعده محمد عبده، واخيراً محمد رشيد رضا، ويعود الفضل للأخير في تعزيز تلك الأفكار في مجلة "المنارة" ومهاجمة الوطنيين المصريين، واصفاً إياهم بالكفار الملحدين كما تفعل جماعة الاخوان الآن مع القوى الثورية ....وكان الثلاثة يشكلون بالنسبة إلى حسن البنا الثالوث الفكري الذي نهل منه الأصولية، كما تأثر البنا كثيراً بمجلة "المنارة" وبأفكار رشيد رضا، وبمجرد أن اعلن عن جماعته قامت بريطانيا ببناء مسجد له في الإسماعيلية ليكون مقراً رئيساً لحركته الإخوانية....في عام 1932 انتقل حسن البنا إلى القاهرة، ونقل مقره إلى هناك، وعلى مدى 20 عاماً كان ينفذ أجنداته السياسية، تحت غطاء إسلامي، واستطاع اختراق مؤسسات عدة بزرع خلايا فيها مثل القصر الملكي والضباط المحافظين في الجيش وحزب الوفد (العدو اللدود للإخوان)....أما الخطوة الكبرى، فكانت في عام 1936 بتشكيله فرقاً شبه عسكرية، تمت تسميتها بالجوالة أولاً ثم بالكتائب، وكان لها شأن عظيم، لدرجة أن الملك فاروق نفسه كان يستعين بها لحمايته، بل إنه أوكلهم بالترتيبات الأمنية المتعلقة بحفل تنصيبه عام 1937...وفي خضم الحرب العالمية الثانية قامت جماعة الإخوان بتأسيس جهاز للاستخبارات خاص بها عام 1942، وقد ارتكب هذا الجهاز العديد من الجرائم مثل تنفيذ الاغتيالات وحرق ونهب ممتلكات اليهود المصريين، وكأنهم يقدمون هدية لإسرائيل بهروب يهود مصر إلى إسرائيل بحثاً عن الأمان، كما لم يسلم الشيوعيون من هجمات الإخوان، وتمكنوا من اختراق الحركة الشيوعية عام 1944....استطاع حسن البنا تعزيز نفوذه على نطاق واسع داخل مصر وخارجها، وكان يتمتع بعلاقة جيدة مع بعض الحكام العرب وقادة الجيش في مصر، وكان الملك وبريطانيا يباركون أعمال البنا نظراً لموافقتها لمصالحهم ...

الى ان تسلم الإخواني أنور السادات زمام السلطة في مصر، فسمح فوراً بعودة الإخوان المنفيين في الخارج إلى مصر، وبدأت مصر تتغير صورتها بظهور النزعة الإسلامية وبروز اليمين الإسلامي المتطرف بتشجيع أميركي، خاصة وأن مصر عبدالناصر لم تكن على وفاق مع الولايات المتحدة، وكي يكسب السادات ودها سمح للإخوان بممارسة نشاطهم، ليفتح على نفسه باب جهنم!!...كما عزل السادات الناصريين في حكومته، ثم طرد الخبراء والفنيين الروس، الذين كان يقدر عددهم بـ20 ألفاً، وكانت مصر قد استعانت بهم خلال حرب الاستنزاف مع إسرائيل...الكثيرون داخل مصر وخارجها لم يتوقعوا أن يستمر السادات في الحكم أكثر من بضعة شهور في ظل وجود الناصريين في الحكومة، فقد كان يُنظر إليه دائماً على أنه الرجل الثاني في السلطة، ولكن السادات خالف التوقعات بعد أن انضم إلى الولايات المتحدة وقطع علاقاته مع الاتحاد السوفييتي...ولكي يعزز السادات سلطته واجه أعداءه بمطرقة الإخوان وبمساعدات مالية سخية من السعودية، وسمح لهم بالتغلغل في القطاعين التعليمي والإعلامي، بالإضافة إلى ازدهار تجارتهم في المجال المصرفي وارتباط بعض البنوك بهم، وبهذا أصبحت مصر القاعدة الكبرى لعمليات الإخوان على مستوى العالم....كانت هزيمة 1967 إحدى أهم الذرائع التي استخدمها الإخوان أمام الشعب المصري، فصوروا له أن بعد عبدالناصر عن الإسلام هو سبب الهزيمة، وكأن عبدالناصر لم يكن مسلماً! ثم شنوا هجومهم على اليساريين والشيوعيين، أما المفكرون العلمانيون فكانوا أمام خيارين: السكوت أو الاغتيال!!!..

السعودية كانت قناة الاتصال ما بين مصر وأميركا، مع العلم أن الولايات المتحدة لم يكن لديها سفارة في مصر بعد حرب 67، وعن طريق هذا التواصل تأملت الولايات المتحدة خيراً في السادات ووعدته بإعادة الأراضي التي خسرتها من إسرائيل، شريطة تنفيذ الاملاءات الأميركية بالوساطة السعودية، وإحدى تلك الأجندات اعتقال المسؤولين المصريين المحسوبين على عبدالناصر بحجة توجهاتهم الاشتراكية التي تعارض الدين الإسلامي، اتبعها بطرد العسكريين الروس من مصر، ثم سمح للإخوان بتشكيل اجهزتهم السرية، تماماً كما كانت الحال في فترة الأربعينات، وازداد نشاط الإخوان في استقطاب الشباب وتنظيم المعسكرات الرياضية والترفيهية ومعسكرات أخرى صيفية برعاية حكومية لتغذية عقول الأطفال بالأصولية الإسلامية...لم يكن الانتصار في حرب رمضان 1973 سوى كذبة صدقها العرب ويوهمون أنفسهم بهاhttp://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=27106، فتلك الحرب في الأصل كانت عبارة عن مسرحية تم التخطيط لها مسبقاً لتمهيد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، حيث تم الاتفاق على أن تكون محدودة الأيام، فهي حرب وهمية تقف خلفها دوافع سياسية، وكذلك لإيهام المصريين بأن عبدالناصر كان يفتقد الإيمان عكس السادات المسلم المؤمن الذي تعمد شن الحرب في شهر رمضان المبارك ثم انتصر، لكن الحقيقة هي أن إسرائيل لم تُهزم بدليل أن الجيش المصري تكبد خسائر فادحة، ولكن يُحسب للجيش المصري نجاحه في عبور قناة السويس....لقد كانت الاستخبارات السعودية والأميركية على علم مسبق بخطة الحرب، وسمحت الولايات المتحدة للسادات بأن يستعرض قوته قليلاً على حساب إسرائيل لتنفيذ أجندات ما بعد الحرب، حيث كانت الولايات المتحدة مصرة إصراراً عنيداً على تخليص جميع الدول العربية من الأفكار الشيوعية...

ومع أن ضرب إسرائيل يشكل تنازلاً هائلاً للولايات المتحدة إلا أنها وافقت على عبور الجيش المصري ليسجل انتصاراً على إسرائيل باسم الإسلام وليتوهم العرب أنهم عادوا من جديد إلى انتصاراتهم الإسلامية التاريخية، وبذلك استطاعت الولايات المتحدة تبديل الشعارات الاشتراكية في الوطن العربي إلى شعارات إسلامية، أي تحرير العرب عموماً من أي رابط اشتراكي، أما بخصوص سلاح النفط الذي استخدمه العرب فيعد تنازلاً آخر قدمته الولايات المتحدة لإتمام المسرحية بنجاح لتغذية الإسلام السياسي الذي تجاوز حد التخمة في مصرhttp://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action&Preview=No&ArticleID=18842....نجح السادات في استخدام الإسلاميين ضد خصومه، ولكن الإسلاميين انقلبوا عليه بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكانوا تظاهروا في بداية الأمر بأنهم خاضعون له ولكنهم كانوا يخادعونه، إذ شكلوا مجموعات سرية تُعد للحرب ضده، نجحت في تضليل الاستخبارات المصرية، فأقامت معظم تجمعاتها في الصحراء، وكانت زيارة السادات إلى القدس عام 1977 بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير....


يتميز الإخوان بالمكر والخيانة فهم الخوان وليسوا الاخوان ، فهم لم يكتفوا بالسياسة، بل كانوا تجاراً بارعين، ففكرة البنوك الإسلامية هي فكرة ابتدعوها واوهموا الناس أنه لا يجوز من ناحية شرعية التعامل مع غيرها...وكان الإخوان يعتمدون على الموارد المالية التي تأتيهم من اعضائهم الأثرياء ومن السعودية، ثم ابتدعوا البنوك الإسلامية لتعزيز المزيد من الموارد المالية، وكان من أشهر قيادييهم الذين أداروا مجالس إدارات تلك البنوك يوسف القرضاوي وعبداللطيف الشريف ويوسف ندى وعمر عبدالرحمن...وعمر عبدالرحمن هو نفسه المستشار الديني لجماعة الجهاد الإسلامي الذين قاموا باغتيال السادات، وهو نفسه من تعاون مع الاستخبارات الأميركية لإرسال الشباب إلى أفغانستان للجهاد، ثم اكرمته الولايات المتحدة واستضافته على أرضها ولكنها قبضت عليه بدعوى قيامه بأعمال إرهابية عام 1993، بينما الولايات المتحدة هي نفسها أكبر داعم للإرهاب الدولي... يُعرف عن بنوك الإخوان، على مستوى العالم عموماً، بممارسة النصب والاحتيال، تتظاهر بالتقوى بينما تدعم الإرهاب وتتاجر بالأسلحة والمخدرات بأموال المودعينhttp://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=20527....وانهارت بعض بنوك الإخوان في الثمانينات مثل بنك فيصل الإسلامي وبنك الاعتماد والتجارة الدولي، وكانت الولايات المتحدة نفسها تودع الأموال في البنك الأخير لتمويل الحرب في أفغانستان، وقد يقول قائل إن بنك الاعتماد لم يكن إسلامياً!!! هذا صحيح من ناحية اسمية فقط، حيث كان نظامه ذا طابع إسلامي، وكانت له ودائع مسجلة باسم بنك فيصل الإسلامي....

وهذا البنك "فيصل" كان الممول الرئيس للأعمال الإرهابية في مصر التي كان آخرها اغتيال السادات، وبعد حادثة الاغتيال تم عزل القرضاوي والشريف وندى من مجلس إدارته، ولكن هذا الإجراء كان متأخراً بحكم أن السادات قد تم قتله بأيدي جماعته الإخوانية، ثم ازداد الوضع سوءاً في عموم شمال أفريقيا بسبب الأيدلوجيات المتشددة، وساهمت السعودية بسبب ثروتها النفطية والأرباح الهائلة التي حصلت عليها بسبب ارتفاع اسعار النفط في دعم ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي، أي اقحام الدين في شؤون التجارة والاقتصادhttp://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=20527...البنوك الإسلامية كانت تفتقر الخبرة المصرفية الدولية، وعليه تم الاستعانة بسيتي بنك لوضع نظام مصرفي لا يهتم كثيراً بالفوئد، أي أن من ارشد المسلمين للنظام المصرفي الإسلامي ليسوا من المسلمين! ولم تكتفِ البنوك الإسلامية بأفرعها في البلدان العربية والإسلامية بل افتتحت أفرعاً لها على مستوى العالم، ونمت بشكل يفوق الخيال لدرجة جعلت حتى البنوك الغربية المقيمة في البلدان الإسلامية تتحول إلى النظام الإسلامي لكسب أكبر عدد من المودعين المخدوعين....

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصطلح التغيير هو (الأخونة) مخطئ من ظن يوما أن للاخوان دينا
- أنت متحرش ... اذا أنت حيوان
- هل تنتبه القوى السياسية المصرية لما يجري على حدودنا؟
- الدستور باطل وغير شرعي ومصيره الحتمي السقوط
- 17سبب تجعلنى ارفض الدستور الجديد
- مرسى والاخوان اوجعتهم الحقيقة
- يسألونك عن الثورة( قل : الوطن او الموت)
- الافعى الاخوانية تسعى لكى تنهار الدولة مدنيا وتقوى اخوانيا
- روسيا وسوريا خير مثال على ان الطبيعة هى التى تحكم
- ثقافة طبق الفول وحمير الاخوان
- مريم المقدسة
- صرخة فى وجه الحسبة
- ائتلاف شباب الثورة ورقة التوت الاخيرة التى فضحت الجميع
- لا حذاء للديمقراطية يامرشد الاخوان
- عفوا نحن فى زمن جاهلية الاخوان
- الماسة والاحجار
- ما المانع اذا ايها القدر!!!!!
- يامرسى اللى اختشوا ماتوا
- ما احوج اقباط مصر لمناضل يخلصهم من ظلم الاضطهاد!!!
- هل يستطيع الشعب السعودى الثورة على هذا النظام الموالى لاسرائ ...


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الخيانة اخوانية