أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الشهرستاني ومنهج تأسيس أهمية العلم الفلسفي (2-2)














المزيد.....

الشهرستاني ومنهج تأسيس أهمية العلم الفلسفي (2-2)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3924 - 2012 / 11 / 27 - 11:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غيرا إن الشهرستاني اختط في تصنيفه المنهجي أسلوبا جديدا استند في جوهره إلى المزاوجة بين التقاليد الإغريقية والإسلامية من خلال التركيز على أولوية العلم الفلسفي. وهذا ما يمكن ملاحظته على مثال مواقفه النقدية من المصادر. وبغض النظر عن مدى اقترابه أو ابتعاده عن الحقيقة فإنه أصاب من حيث المبدأ. بمعنى أنه لم يأخذ التراث السابق على علاته. وفي نفس الوقت وظف معطيات العلم الإغريقي والإسلامي ضمن منهجيته الموضوعية النقدية، كما هو جلي في تصنيفه للفرق وتحليل آراءها والمقارنة بينها. حيث انطلق في استعراض آراء الفلاسفة استنادا إلى كتبهم والى ما كتب عنهم، آخذا الترتيب الزمني الذي وجده عنهم. ذلك يعني انه يقبل بالتصنيف التاريخي كما هو دون أية إضافة جوهرية. لكنه حالما يتكلم عن الأساطين السبعة الأوائل، نراه يعقب قائلا: "ونحن تتبعناها، وتعقبناها نقدا". وهي نزعة نقدية نراها تظهر بين الحين والآخر بصورتها المباشرة من خلال تدقيقه الدائم لصحة الآراء ونسبتها إلى الفلاسفة وكذلك في إشاراته النقدية وشكوكه الصريحة.
فقد تعامل الشهرستاني بحذر من المواد المجموعة عن آراء الفلاسفة وكيفية عرضها. ومن المحتمل، أنه كان يدقق بين المصادر المباشرة للفلاسفة التي كانت بين يديه وبين ما تحويه الكتب المؤرخة الجامعة لأقوال الفلاسفة وحكمهم. ونرى ذلك حتى في العبارة، التي سعى لتدقيقها وتحقيقها لغويا وفلسفيا ومفهوميا. فعندما يتناول آراء سقراط، نرى الصيغ التي يضعها تختلف من حيث الدقة الفلسفية والفصاحة عما هو موجود في النص العربي من الكتاب المنسوب إلى فلوطرخس. إذ يورد آراء سقراط بالصيغة التالية: "إن مبادئ أصول الأشياء ثلاثة وهي العلة الفاعلة والعنصر والصورة. والله هو الفاعل". بينما في كتاب الآراء الطبيعية بعبارة: "إن المبادئ ثلاثة وهي الله والعنصر والصورة. والله هو العقل". وهو تدقيق وتحقيق يعكس اجتهاد الشهرستاني الشخصي لإبراز ما يراه صحيحا في تقاليد الدوكسوغرافيا الإغريقية. فعندما يتكلم على سبيل المثال، عن آراء أفلاطون حول "البخت" فإنه يستند إلى أرسطو، الذي نقل عنه قوله، بأنه "أثبت البخت أيضا مبدأ سادسا، هو نطق عقلي، وناموس لطبيعة الكل". في حين ينسب كتاب الآراء الطبيعية هذه الفكرة (أو الصياغة) إلى هيراقليطس، حيث نقرأ عبارة: "هيراقليطس يقول بأن جوهر البخت هو النطق العقلي الذي ينفذ في جوهر الكل". وما يورده "فلوطرخس" من أراء خروسيبوس عن البخت، ينسبها الشهرستاني إلى آراء جرجيس.
إن هذه الاختلافات بين استعراضه وبين ما هو وارد في (الآراء الطبيعية) يعكس أيضا موقفه النقدي من آراء الفلاسفة وصياغاتها في الكتاب المذكور. لهذا نراه يشير في معرض تحليله للكيفية التي نقل فيه فلوطرخس آراء هيراقليطس، من أن الأول نقل عن الثاني زعمه "أن الأشياء إنما انتظمت بالبخت، والبخت هو نطق عقلي ينفذ في الجوهر الكلي". ويصل أحيانا هذا التدقيق إلى مستوى التحليل اللغوي والفكري والمقارن. ففي المستوى التحليلي نرى أيضا أمانة الشهرستاني العلمية في تجنب الحكم القاطع في حالة غياب المعرفة اليقينية كما هو الحال في استعراضه آراء أرسطو. فهو يشير إلى أنه وجد إلى جانب ما استعرضه من أفكار أرسطو "الحقيقية" بعض الكلمات والفصول المنسوبة له "فنقلها على الوجه الذي وجدت، وإن كان في بعضها ما يدل على أن رأيه على خلاف ما نقله ثاميسطيوس واعتمده ابن سينا"، بالأخص في قضايا حدوث العالم ومفهوم "لم يزل" وإمكانية اندثار العالم وتحديد العناصر الأربعة، ومخالفته لآراء أفلاطون بصدد قضايا النفس وغيرها. وهو موقف يحتوي على حدس علمي بصدد الخلاف القائم في الموقف من تراث المشائية الارسطية وشراحه. كما نراه يعلق على الفكرة المنسوبة إلى سقراط التي قالها لبقراط، قائلا "وهذا بكلام القدماء أشبه". بعبارة أخرى إن الشهرستاني لا يقف عند حدود الشك المعرفي والنقل الموضوعي لما وجده في كتابات المؤرخين للفلسفة وشراحها، بل ويقارن بعضها بالبعض على أساس "تاريخية" الأفكار وصياغتها اللغوية ومضمونها المفهومي. وليس عبارة "بكلام القدماء أشبه" سوى دليل على إدراكه نماذج الصيغة الفلسفية وموضوعاتها القديمة السابقة للفلسفة الأرسطية.
إن تدقيق الشهرستاني النقدي للمصادر يتضمن من حيث منهجه قيمة علمية، تتجلى ملامحها أيضا في المقارنات الحاذقة لآراء الفلاسفة. فعندما يتكلم عن آراء أرسطو في شروح ثاميسطيوس عن قضية كون "واجب الوجود واحد" واستنتاجه القائل بأن "محرك العالم واحد، لأن العالم واحد" نراه يشير إلى أن هذا من "نقل ثاميسطيوس"، لان هناك من الارسطيين من ذهب إلى أن "المبدأ الأول واحد من حيث انه واجب الوجود لذاته". ومن الممكن الاستشهاد هنا بأحد النماذج التحليلية المقارنة التي تتصف بحياد موضوعي تام كما هو الحال في استعرضه للخلاف بين شروح ثاميسطيوس وابن سينا للأفكار الأرسطية. فقد رد ثاميسطيوس على منتقدي الفكرة الأرسطية القائلة، بأن كون الأول يعقل أبدا ذاته تؤدي إلى إصابته بالتعب والكلل، قائلا "إنما لا يتعب لأنه يعقل ذاته، وكما لا يتعب من أن يحب ذاته، فإنه لا يتعب من أن يعقل ذاته". في حين رد ابن سينا على هذه الانتقادات قائلا: "ليس العلة أنه لذاته يعقل أو لذاته يحب، بل لأنه ليس مضادا لشيء في الجوهر العاقل. فإن التعب هو أذى يعرض بسبب خروج عن الطبيعة، وإنما يكون ذلك إذا كانت الحركات التي تؤدي مضادة لمطلوب الطبيعة". من هنا يتضح، بأن إيراد الشهرستاني لشرح ابن سينا بالضد من شرح ثاميسطيوس لم يكن مجرد مقارنة عابرة أو لمحة ذكية، بقدر ما كان يعبر عن رؤيته لاتجاهين متباينين في فهم واستيعاب الفلسفة الأرسطية، وتأييدا ضمنيا لابن سينا. وهو تأييد نابع من ميل الشهرستاني وابن سينا قبله إلى اعتبار الفلسفة علما حسب التقاليد الأرسطية.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشهرستاني ومنهج تأسيس أهمية العلم الفلسفي (1-2)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي- (20) (المقال الأخير)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي- (19)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (18)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (17)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي(16)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (15)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي(14)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (13)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (12)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (11)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (10)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (9)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي(8)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (7)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (6)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (5)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (4)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (3)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (2)


المزيد.....




- البرتغال تخطط لطرد نحو 18 ألف مهاجر غير شرعي من البلاد
- -التحالف الدولي- يجري تدريبات ومناورات في محيط أكبر قواعده ب ...
- استطلاع: ثلثا الألمان يعتبرون حزب -البديل من أجل ألمانيا- مت ...
- الاحتلال يعتدي على فلسطينيات بأريحا والمستوطنون يصعّدون عدوا ...
- قطر ترفض تصريحات -تحريضية- لمكتب نتنياهو حول دورها في الوساط ...
- موقع عبري يكذّب رواية مكتب نتنياهو بخصوص إلغاء الزيارة إلى أ ...
- فرقة -زيفربلات- الأوكرانية تغادر إلى سويسرا لتمثيل بلادها في ...
- -كيماوي وتشوه أجنة-.. اتهام فلسطيني لإسرائيل بتكرار ممارسات ...
- قطر ترد بقوة على نتنياهو بعد هجومه العنيف والمفاجىء على حكوم ...
- موسكو تؤكد.. زيلينسكي إرهابي دولي


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الشهرستاني ومنهج تأسيس أهمية العلم الفلسفي (2-2)