أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (18)















المزيد.....

المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (18)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3906 - 2012 / 11 / 9 - 10:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الديناميكية المتراكمة التي كشفت عن نفسها في أحداث الثورة العربية المستمرة تشير إلى طبيعة التراكم الذي يصنع قوة المستقبل، أي قوة التيار الاجتماعي العقلاني الحر. وهي ظاهرة كونية من حيث ديناميكيتها الداخلية، لكنها تتميز بخصوصية فريدة من نوعها في الأحداث والتاريخ العربي الآني والمستقبلي. ولعل من أهم مميزاتها:
1. أنها نتاج تطورها التلقائي، بوصفها حركة اجتماعية ثقافية سياسية قائمة بذاتها من حيث حوافزها الداخلية، أي أنها تجرى بموازاة ونفي تقاليد التحزب والأحزاب القديمة. فالأخيرة هي الوجه الآخر للسلطة التقليدية نفسها.
2. أنها نتاج مواجهة وتحد متراكمين من حيث مكوناتها العقلية والروحية على النظم التقليدية في العالم العربي. فجميع النظم السياسية في جميع الدول العربية تقليدية بدون استثناء. أن جميع الدول العربية ونظمها السياسية تعيش وتعمل بمعايير ما قبل الدولة الحديثة، أي أنها تعيش بمعايير الماضي. من هنا تراكم الشحنة الخفية والقوية ضدها على كافة المستويات.
3. أنها تكشف عن وحدة الرؤية الاجتماعية والسياسية والثقافية بأبعادها الوطنية والقومية. من هنا تناغمها في الزمان والمكان، والنظر والعمل، والشعار والغاية. الأمر الذي يشير إلى فاعلية تاريخ خفي موحد بين الدولة العربية (الجزئية) والعالم العربي (ككل).
4. أنها حركة المستقبل. وبالتالي تحتوي على احتمالات متنوعة، لكنها تبقى في نهاية المطاف جزء من المسار الواقعي والعقلاني للبدائل الكبرى في الدولة العربية والعالم العربي ككل.

إن الإدراك الفلسفي العقلاني لطبيعة الثورة العربية ومجرياتها الحالية، ممكن فقط ضمن سياق ما ادعوه بفكرة الاحتمال العقلاني. إذ تحتوي من بين الأفكار جميعا على قيمة منهجية (نظرية وعملية) لفهم نوعية الانتقال من الزمن إلى التاريخ بالنسبة للعالم العربي. وتحتوي هذه بدورها على عناصر عديدة. ومن الممكن الاكتفاء هنا فقط بفكرة الاجتهاد الحر بمعايير العقل، والعمل بمعايير المستقبل، أي الفكرة المحكومة بالواقع التاريخي. والمقصود بالواقع التاريخي هنا هو المرحلة الثقافية الكبرى التي تمر بها الأمة أو الأمم. ففي حالة الموقف من العالم الإسلامي بشكل عام، فانه يمر بحالة ما ادعوه بالمركزية الإسلامية الحديثة. وهي جزء من استعادة تقاليد أو روح المركزية الثقافية الكونية. من هنا تداخل المكونات السياسية والثقافية والقومية فيها بقدر واحد. وحالما يجري نقل هذه المركزية واحتمالاتها إلى المستوى القومي، فأنها تتخذ هيئات متنوعة ومتباينة بالارتباط مع مستوى التطور الثقافي. والإشكالية الكبرى هنا هي إشكالية تأسيس وعي الذات القومي والثقافي، بوصفها حركة تلقائية متراكمة في منظومة مرجعيات متسامية. الأمر الذي يتطلب معرفة موقع النفس في سلم أو درجات التطور التاريخي الثقافي (والتي تطرقت إليها في حلقات سابقة).
وضمن هذا السياق أيضا، يمكن القول، بان ما جرى ويجري في تونس ومصر والأردن واليمن وليبيا والبحرين وسوريا ومملكة آل سعود وغيرها من حلقات السلسلة العربية الآخذة في الانفراط، ليس إلا الوجه الآخر أو الصيغة الأخرى لإعادة لضم هذه الحلقات بخيوط الحركات الاجتماعية الجديدة. وبالتالي، فإنها تشير إلى ظاهرة واقعية ومستقبلية بقدر واحد. وفيها يمكن أن نرى ونتأمل نفي الصيغة الخربة لإرساء أسس البدائل للدولة التقليدية بمختلف أشكالها وأصنافها، بوصفها نماذج للدولة الفاشلة، أو الدولة الرخوية. وبهذا المعنى يمكن النظر إلى ما يجرى في العالم العربي على انه "ثأر" من النفس أولا وقبل كل شيء. لكنه ثأر عقلاني واجتماعي يأخذ على عاتقه مهمة فتح طريق المستقبل الحر بدون وصاية ورعاية أيا كان مصدرها. وليس هناك من طريق لها في العالم المعاصر غير بناء الدولة الشرعية والنظام السياسي المدني الديمقراطي والثقافة العلمية الحديثة.
فإذا كان الاحتلال الأمريكي للعراق، على سبيل المثال، دليلا أولا وقبل كل شيء على انحلال الدولة العراقية التقليدية، فان الدولة الشرعية والمجتمع المدني الحر، والثقافة العلمية المتقدة هي القوة الرادعة لكل تدخل أجنبي غريب أيا كان شكله ومستواه ومحتواه وغايته. فالتدخل الأجنبي هو أولا وقبل كل شيء دليل على انهيار الدولة الخاضعة للتدخل، وبقاء تقاليد الغلبة والهيمنة والاستحواذ على النطاق العالمي. وما جرى في العراق وتطبيقه النسبي والجزئي في ليبيا بغطاء آخر، ومحاولة تكراره في سوريا يكشف عن أن العولمة لا يمكنها أن تكون أسلوبا للحلول العقلانية ما لم يجر الاشتراك فيها بقوة تناسب قوى المشتركين الأساسيين فيها. بمعنى أنها ما زالت (وستبقى لفترة يصعب تحديدها الآن) ميدانا لصراع المصالح. وبالتالي، فان كل الشعارات البراقة عن الديمقراطية والتطور والتقدم وما شابه ذلك تبقى مجرد شعارات ظاهرية لا تؤدي محاولات "زرعها" إلا على إنتاج ثمار مرة. وذلك لأنها أولا وقبل كل شيء مشاريع خارجية، أي أنها ليست تلقائية، وليست اجتماعية، وبالتالي ليست مستقبلية. وليس مصادفة أن نرى ملامح الفشل السريع للمشروع الأمريكي في العراق وتعرضه للهزيمة المادية والمعنوية. وهذا بدوره ليس إلا الخاتمة الطبيعية لكل مشروع خارجي. كل ذلك يبرهن على جملة حقائق كبرى لعل أكثرها أهمية ضمن هذا السياق هو ما يلي:
• أن نجاح أي مشروع كبير هو أولا وقبل كل شيء نتاج لتراكم الرؤية الواقعية عن طبيعة وحجم الإشكاليات التي تواجهها الأمة والدولة.
• أن أجمل وأفضل المشاريع الأجنبية تبقى غريبة من حيث المقدمات والنتائج. وذلك لان المشاريع الأجنبية لا يمكنها التوفيق بين رؤيتها الخاصة ورؤية الآخرين، وبالأخص في ظل اختلافات جوهرية في التاريخ الثقافي والسياسي والتطور العام.
• المشاريع الأجنبية إما أملاءات وهو الأتعس، وإما سياسة المصالح الضيقة وهي الأكثر تخريبا.
• أن المشاريع الأجنبية هي مؤشر على خراب ذاتي، ودليل على اختلال في توازن القوى. وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها.
• أن البدائل المستقبلية الكبرى ينبغي استمدادها من المستقبل الذاتي.
إن حقيقة المستقبل بالنسبة للعالم العربي مقرون بالإجماع المتنامي في كل مكونات ومنظومات وجوده على فكرة الاحتمال في البدائل، بمعنى الانهماك في التخطيط المتنوع والمختلف لهوية المستقبل. وليس هذا بدوره سوى الاجتهاد والجهاد الدائم من اجل تحقيق إستراتيجية بناء الهوية الوطنية والقومية، والدولة الوطنية والقومية، والثقافة الوطنية والقومية. وهو مشروع لا يمكن تحقيقه بين ليلة وضحاها. لاسيما وأنه ليس جزء من تصورات الأحزاب وأيديولوجياتها، بل هو المكون التاريخي لتطور المجتمع والبنية الاقتصادية ونظام الدولة السياسي والثقافة العامة والخاصة. وبالتالي، فهو المشروع الأكبر للعملية التاريخية المعقدة التي يتوقف مسارها وسرعتها على طبيعة التحولات السياسية والاجتماعية وقواها المحركة والفاعلة.
ويفترض هذا بدوره بلورة رؤية واقعية وعقلانية عن ماهية البديل الوطني والقومي، الذي ينبغي أن يأخذ بنظر الاعتبار نتائج مراحل السقوط (كل بلد على حدة) من اجل تذليلها الفعلي. بمعنى دراسة وتحديد الموقف من
• الدولة عبر تأسيس وتحقيق فكرة الدولة الشرعية
• النظام السياسي عبر تأسيس وتحقيق فكرة النظام الديمقراطي الاجتماعي
• الاقتصاد عبر تأسيس وتجسيد فكرة الاقتصاد الديناميكي والاجتماعي
• المجتمع عبر تأسيس وتحقيق فكرة المجتمع المدني
• توسيع وتحقيق القيم الأخلاقية الكبرى المتعلقة بمنظومة الحرية والعدالة والمساواة،
• التربية والتعليم عبر إرساءها على أسس علمية وعملية حديثة
• الثقافة المؤسسة على قيم العقلانية والنزعة الإنسانية
• إرساء أسس جديدة للخطاب الاجتماعي والوطني والقومي والإنساني. وتوظيف ذلك في شعارات تستجيب للواقع وما تريده الأغلبية مما يسهم في توسيع مدى الأبعاد المشار إليها أعلاه. إضافة إلى تركيزها على القيم والمفاهيم والقضايا الجامعة والملامسة لإحساسه اليومي والمستجيبة لوعيه الثقافي والتاريخي. وأن يكون الخطاب والشعار محمولا بفكرة الحرية والمستقبل. وأخيرا، الخروج التام من تقاليد وبقايا النزعة الأيديولوجية الصرف وهالة الماضي وتمجيد الموتى. (يتبع...).

***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (17)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي(16)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (15)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي(14)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (13)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (12)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (11)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (10)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (9)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي(8)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (7)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (6)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (5)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (4)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (3)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (2)
- المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (1)
- أعلام المسلمين في روسيا (3)
- أعلام المسلمين في روسيا (2)
- أعلام المسلمين في روسيا


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (18)