أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صالح حمّاية - مستقبلنا في خمس دقائق .















المزيد.....

مستقبلنا في خمس دقائق .


صالح حمّاية

الحوار المتمدن-العدد: 3922 - 2012 / 11 / 25 - 07:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المسلمات الشائعة لدينا و المنتشرة القول أن التنبؤ بالمستقبل أمر غير ممكن لأنه كما نرى لا يمكن التنبؤ بنتائج أشياء لا نحيط بها علما .. عموما يمكن القول أن هذا القول صحيح في جانب ما ، فمحاول التنبؤ بمستقبل فرد أو شعب واعي في تصرفاته وخلاق في خيارته المستقبلية غير وارد أو ممكن ، ففي هذه الحالة سيكون من الصعب توقع خيارات هذا الفرد أو الشعب مادام لا يضع حدودا لخياراته ، لكن و بالنسبة لفرد أو شعب متعود على النمطية في خياراته و متعود على الإصرار على السير في الطريق الواحد الأوحد الذي لا خروج عنه .. فالمستقبل في الواقع مكشوف ومعروف ، ومن السهولة بمكان التنبؤ به ، وهذا ليس من باب الشعوذة أو التنجيم بل من باب المنطق المحض ، فالإنسان أو الشعب الذي لا يتعلم من دروس التاريخ ، من البديهي أنه سيعاود تكرار نفس التاريخ الذي عاشه ، وعليه فمستقبل هذا الإنسان أو الشعب في حال تنبئنا به لن يكون في أفضل الأحوال إلا تكررا لمآسي أخرى عاشها سابقا بطريقة أو بأخرى .

وعليه كمحاولة للتنبؤ بمستقبل شعوبنا بعد الربيع العربي ، فيمكن القول أن هذه الشعوب لن تعيد إلا تكرار نفس خياراتها الكارثية الماضية ، وهذا لأنها وكما يبدو جليا من الخيارات ، أنها قررت العودة للسير في نفس الطريق الذي أودى بها لهذه الهاوية التي تحاول الخروج منها ، وعليه فمستقبلها الذي تذهب في اتجاهه ، لن يكون سوى ماضيها مكرر بأساليب أخرى ربما أقسى و أبشع .

بالنسبة لمستقل الربيع العربي يمكن القول أنه لكل من له إطلاع ولو بسيط على تاريخ الفترة القومية ، فهو من المفروض أنه يعرف سلفا ما سيحدث ، فما يحصل حاليا من صعود للإسلاميين و تغولهم على رقاب المواطنين ، هو التكرار الأخر لصعود القوميين سابقا ، و عليه فمن أجل الاطلاع على المستقبل بتفاصيله لمن يريد يبقى فقط أن نغير مصطلح العروبة بمصطلح الإسلام ، و التفاصيل ستأتيننا تباعا ، فالمؤكد أن الأهوال التي عاشتها الشعوب مع هذا المشروع ستعاد جميعها بنكهة جديدة هي النكهة الإسلامية ...

لكن مع هذا يجب التنويه لبعض الفوارق بين المشروعين للأمانة و المصداقية ، فالقومية تبقى على علتها ارحم في النهاية مليون مرة من المشروع الإسلامي المبارك و هذا للاختلافات النوعية في طبيعة كل مشروع رغم توازيهما في كونهما شموليين .

الاختلاف الأول أن القومية العربية ورغم أنها أساءت لأعراق غير العربية كالأكراد و الأمازيغ و القبط و ضيقت على ثقافاتهم ولغاتهم ، فإنها تبقى على الأقل قد ساعدت على خلق جو من التناغم الودي بين الطوائف الدينية في بلداننا ، فالعروبة في الوقع قد منحت لغير المسلمين الفرصة للتلاحم مع إخوانهم في العروبة .. وعليه كان أن رأينا ذلك التعايش السلمي الذي طبع العلاقة بين المسيحيين و المسلمين في تلك الفترة ، في المقابل فالمتوقع أن المشروع الإسلامي المبارك الذي سيفرض نفسه علينا أنه سيدمر هذا الباقي الضئيل الذي حفظته القومية ، وهو ما يعني أننا سنعاني مستقبلا من توترات طائفيه لها بداية وليس لها نهاية ، (بداية كما نرى من حرق الكنائس في مصر ..و اللانهاية كما حصل في السودان )، الأمر ألأخر ، أو بالأحرى المشكلة الأخرى أننا سنبقى نعاني من مشكلة التوتر العرقي ، فالمشروع الإسلامي في الواقع يضيف لكونه شمولية دينية (المشروع الإسلامي ) شمولية عرقية أيضا ، فهو يفرض مع القيم الدينية قيم عرقية ممثلة في ثقافة البدو العرب على النمط الحجازي كنمط على المواطن ، وهو ما يعني كارثة مضاعفة .

الاختلاف الثاني بين المشروع الإسلامي و القومية العربية أن القومية العربية ومع أنها كانت قمعية و ديكتاتورية في كل ما يتعلق بالحريات العامة كتأسيس الأحزاب و النقابات وحرية الرأي ..الخ ، إلا أنها ظلت على الأقل منفتحة على الحريات الخاصة بحيث أتيح للمواطنين وفي ظل الإرهاب السياسي أن يمارسوا حريتهم في المسائل الشخصية ، في المقابل فالمتوقع وبشواهد عديد سابقة أن الأسلمة ستقضي مستقبلا على الحريتين العامة والخاصة ، فلا حريات عامة (فما الحكم إلا لله) ، ولا حريات خاصة ( كل شيء حرام كما هو معروف في التنظيرات الإسلامية ) ، وعليه فالمستقبل يبشر بمجتمع شمولي إرهابي قمعي لا مكان فيه ربما حتى للأنفاس فالإسلاميون يتدخلون حتى طريقة دخول الحمام ، ولكم أن تتخيلوا الباقي .

الاختلاف الثالث أن القومية ومع أنها كانت حادة في تغولها على كل نقد فني أو دبي من الناحية السياسية ، إلا أنها كانت مسالمة في تعاملها مع باقي الفنون الأخرى ، وعليه كان يمكن أن يشهد المواطنون في هذه الدول بعض الأعمال الفنية و الأدبية رغم قسوة القمع الذي يعيشون فيه ، في المقابل فالأسلمة وكما هو معروف معادية للفنون و الآداب ولكل ما هو جميل فهي تعتبرها جريمة ، ومن يطلع عليها مجرم مدان قد يلقى حدفه ، وعليه فالمتوقع مستقبلا أن لا نرى تشريدا للفنانين المشاغبين سياسيا فقط ، بل تشريدا للفن بعمومه ، وهو ما يعني الجهل و الغباء المطبق و الأزلي على ضحايا أيدلوجيا الربع الخالي حتما ، فلا فنون و لا آداب و لا جماليات .

وحدها المسارح و العروض التي ستبقى هي عروض نصب المشانق و مسارح رجم الزناة و المفسدين وحفلات جلد المبدعين .

الاختلاف الأخر و ليس الأخير ... أن القومية العربية على علاتها قد حافظت على بعض التمدن و التحضر في المجتمع ، فقد دعمت في الواقع طبقة وسطى لا بأس بها تتذوق الفن و الأدب بحيث كان لها طابعها المدني الحضاري ، وهي الطبقة التي حافظة على استمرار الحياة المدنية و العصرية في هذه الدول ، في المقابل فالمستقبل مع الإسلاميين يبشر باندثار الحضارة على ارض الحضارات نهائيا ، حيث ستغزو الهمجية و العنف و اللاأدمية على هذه البقاع من جديد كما فعلت ذات يوما ، وسنعود لعصور محاكم التفتيش و مطاردة المفكرين و المبدعين ، عدى طبعا العودة لشرائع الإرهاب و الجنون حيث تقطيع الأوصال و التعذيب و سفك الدماء .

عموما يمكن القول أن هذا هو مستقبلنا لمن يريد الاطلاع عليه، مستقبلنا على الأقل ما دمنا قد اخترنا السير في نفس الطريق التي عانينا منها المآسي والويلات في الماضي .



#صالح_حمّاية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في معنى - لكل زمان ومكان - .
- أيها الورد
- - أمان الله خان- ذكريات أفغانية .
- كي لا تأذينا طيبتنا .
- سيناريو 52 .
- مراح الجزائري أم الوهابي .
- حول الصعود الإسلامي .
- كيف نقيّم التجربة العلمانية .
- عن العدالة في الحكم الإسلامي .
- كذب الإسلاميون ولو صدقوا .
- الإستبداد المنتخب .
- مغلوب لا يقلد الغالب .


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صالح حمّاية - مستقبلنا في خمس دقائق .