أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - إسرائيل جريمة العصر والفلسطيني التائه














المزيد.....

إسرائيل جريمة العصر والفلسطيني التائه


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3919 - 2012 / 11 / 22 - 13:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



انتهت حرب طروادة ، وعاد ملوك الإغريق إلى مدنهم عدا واحدا ً : عوليس البطل الأسطوري الذي خلده شاعر اليونان الأعظم هوميروس في ملحمته الأوديسا . عشرة أعوام في الشتات ، ذاق فيها – مختاراً - أصناف الوجيعة والشوق ، بينما الوطن والزوجة والابن والرفاق ينادونه أن أقبل وهو لا يستجيب .
فما هو مغزى تلك "التغريبة " المذهلة ؟ التحليل النفسي للأدب يقول إن عوليس كان يقاوم – في اللاوعي منه - رغبته في العودة ، ربما ليتجنب اختبار الفحولة والقدرة ، سيما وهو يعلم وصحبه إنهم استهلكوا طاقاتـِهم الحيوية في مشاغل حرب ( وتجارة أيضا ً) طالت سنينا ً .
تلك إذن حالة واضحة لما يسمى برهاب العودة للبيت Home phobia حيث يعاني المرء من ذعر مكبوت ناجم عن تصوره أنه سيعجز عن أداء مسئولياته تجاه أسرته وأهل بيته ؛ فيضع لنفسه وبنفسه العقبات والعراقيل لكي لا يرجع .
هدف الأسطورة إلقاء الضوء على بنية الإنسان ، شرحا ً لمكوناته وتفسيرا ً لمواقفه ، غير أن الأسطورة ذاتها تحتاج لمن يفسرها حتى لا يغم على أحد مغزاها . وهنا يأتي دور علم الأساطير Methodology وعلم النفس الاجتماعي ، بل والنقد الأدبي. فما علاقة هذا بالفلسطينيين ؟
الفلسطينيون هم " تائه " زماننا . ولذلك القول تفصيل بدايته قيام دولة إسرائيل جريمةُ العصر التي سرقت بلداً بأكمله ثم أفلتت من العقاب، لماذا أفلتت ؟ لأن الدولة الحديثة تنال شرعيتها من اعتراف هيئة الأمم المتحدة بها ، بغض النظر عما سبق قيام تلك الدولة من جرائم أوقعتها بحق الآخرين .. فانطبق هذا على إسرائيل التي ارتكب آباؤها المؤسسون أمثال بن جوريون وبيجن ودايان أبشع جرائم الذبح والسلب والتشريد بحق الفلسطينيين العزل. لكن من وجهة نظر الأمم المتحدة فإن محاسبة الدولة عن أفعالها تبدأ بعد قيامها وليس قبل !
وعليه فقد صدر قرار الأمم المتحدة رقم 181 لسنة 1948 بإنشاء دولة لليهود على 54% من أرض فلسطين ، وإنشاء دولة عربية على الـ 46% الباقية ، وهو ما رفضه الفلسطينيون والعرب فكانت الحرب لتنتهي باستحواز إسرائيل على 78% ! بعدها صدر القرار 194 لسنة 1948 ليحتفظ ( شكلاً ) للاجئين المطرودين والفارين بحقهم في العودة لديارهم أو تعويضهم عما فقدوه من ممتلكات .
ثم اندلعت حرب حزيران 1967 – عار العرب جميعاً - حيث احتلت إسرائيل ما تبقى من الأرض الفلسطينية وفوق " البيعة " سيناء المصرية والجولان السورية ، فانثنى " الفلسطينيون يطالبون بتطبيق القرار 181 (الذي سبق لهم ولأخوتهم العرب رفضه ! ومن ثم اعتبرته الأمم المتحدة كأن لم يكن ) بيد أن مؤتمر مدريد 1991 لم يعترف لهم بإقامة دولة إلا على الـ 22% الباقية المحتلة !
تلا ذلك توقيع اتفاقية أوسلو أيلول 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، بمقتضاها سُلمت إدارة الضفة الغربية وقطاع غزة المحتليْن لمنظمة التحرير مقابل أن تحذف من ميثاقها الدعوة لإزالة إسرائيل . وقد كان .
ومن جانبها قامت إسرائيل – وهي تتجرع السم – بإنشاء مطار فلسطيني في رام الله إضافة إلي إمداد المدن والقرى الفلسطينية بشبكات المياه والكهرباء والغاز، لا لوجه الإنسانية بالطبع، بل لتشهد العالم على حسن نواياها ، بينما طفقت تفتت وحدة الأراضي الفلسطينية بزرع مستوطنات لليهود داخلها، وتوقيع العقوبات الجماعية على المعترضين بتجريف أراضيهم ، وهدم بيوتهم وقلع أشجار الزيتون مصدر رزقهم الرئيسي.
ذلك ما جعل حماس ، التي فازت بانتخابات شكّلت بها حكومةً في ظل اتفاقية أوسلو ، تعود لترفض تلك الاتفاقية ، مؤكدة ضرورة "محو إسرائيل" من الوجود ، وبهذا عادت لتسبح في بحار الأيديولوجية الهادرة بمخايلات الخلافة الإسلامية الإمبراطورية ! معبرة بذلك عن خوفها " المكبوت " من الاستقرار السياسي داخل البيت الفلسطيني - ولو صغر- والذي صار معدا ً للسكن بموجبات الشرعية الدولية . وقد بلغ هذا الخوف مداه بقيام منظمة حماس في غزة بانقلاب حزيران 2007 ضدا ًعلى الرئاسة الفلسطينية المنتخبة ، وبذلك أعفى الحمساويون أنفسهم من مسئوليتهم عن الوصول بالقضية الفلسطينية إلى مشارف الحل النهائي عبر المفاوضات التي أمست الخيار الوحيد المتاح على موازين القوى ، ومن ثم بدأ الحصار اللعين ضد شعب غزة عقاباً لا يتوقف .
تلك كانت " التغريبة " السياسية لعوليس الفلسطيني ؛ التي انتهت إلى وضع غطرشتْ فيه الأيديولوجيا علي حماس أن تعي حقائق الموقف السياسي الدولي ، فبدلاً من النزول على ساحل المقاومة الشرعية كما في انتفاضة الحجارة 1987( التي أبهرت العالم) بجانب العمل على تلال وسهول الديموجرافيا الواقعية ، راحت تشجع " ملاحيها " أن يمارسوا عملياتهم "الاستشهادية" ضدا ً على اليهود "الأعداء التاريخيين للإسلام" دون تفرقة بين جيش الاحتلال والمدنيين ؛ وهو ما استهجنته الأسرة الدولية ، بل ووسمت بسببه حماسَ بميسم الإرهاب وكانت إسرائيل به أولى .
والنتيجة : استمرار الوجود العوليسي الحمساوي في بحار التيه ، فهل ظل يسبح فيها وحده ؟ بل انضمت إليه أخيراً شقيقته الكبرى "منظمة التحرير" بإعلان من رئيسها أبو مازن – ربما لمخاوف مماثلة - التخلي عن حق العودة ، ما أثلج صدر إسرائيل وأسعد عرّابها الأمريكي. ويا له من إعلان "عوليسيّ أبيمازنيّ" لا يعكر عليه احتجاجات متشنجة من أشاوس العرب وما أخبرهم وأجدرهم بالاحتجاجات والتشنجات!
وهكذا برهن واقعنا العربي المهين على أن عوليس الفلسطيني - باختلاف هوياته السياسية - لا يزال يخشى العودة إلى وطنه الذي يتآكل يوماً بعد يوم . والأسوأ أن هذا التائه الأسطوري قد صار ينصت لمن يوحى إليه بالترانسفير إلى وطن بديل تبعاً لنموذج "شعب بلا أرض ، وأرض بلا شعب " ! فمن يكون هذا الموحي؟
إنه – ولنتعرف عليه مجدداً - جريمةُ العصر: إسرائيل .. وأما الوطن البديل فاسمه سيناء !!



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار المصري صاعد ولكن بشروط
- هل يترك المثقفُ شعبه غافلاً ؟
- النمط الفرعوني وتدمير عقول المصريين
- المجتمع المصري ورُهاب الحداثة
- محاولة لتجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الخليفة القادر وتأسيسية الإرهاب الفكري
- الوعي في أقصى درجات الاحتمال
- هل يبقى الأخوان المسلمون أخوانا مسلمين ؟
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان
- تجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الجيش المصري ليس فيلقا ً إيرانيا ً أو كتيبة أمريكية
- مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة
- هل تطلب حماس سيناء كوطن بديل ؟
- أنور عبد الملك وتغيير العالم
- لماذا تجنبت ثورة يناير كلمة الاشتراكية ؟
- أيام البين السبعة
- أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت
- الجذور المعرفية للفكر الفاشي
- ديمقراطية بلا ديمقراطيين


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - إسرائيل جريمة العصر والفلسطيني التائه