أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي بندق - الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)














المزيد.....

الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3822 - 2012 / 8 / 17 - 14:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




في الأسبوع الماضي حاولت أن أبين أن كتل البناء الأساسية لكل مادة وأيضاً لكل القوى الفيزيائية في الكون موجودةٌ في مستوى تحت الكم حيث تختفي السببية. ولأن هذه الكتل البنائية تشبه أربطة مطاطية متناهية الصغر أشبه بالأوتار؛ فهي التي تصنع الكواركات فالنيوترونات فالإلكترونات فالذرات فالخلايا وهكذا.. وكل نوع من المادة يُنتج بواسطة تلك الأوتار حسب تذبذبها ومحددات سلوكها، وهو ما يؤدي إلى نشوء القوى المختلفة الحاكمة للكون، وبهذا النشوء – وليس قبله - تظهر السببية وتبدأ عملها .
الوجود بأكمله إذن عبارة عن عزفٍ موسيقىّ.. عزفٌ يحدث عبر أحد عشر بُعداً وربما أكثر، فالوجود كيان مركّب، الزمان فيه أشبه بزمن المسرحية .. واقعيٌّ بالنسبة لشخوصها متخيل عند المتفرجين . لذا فوجودنا على الأرض يجعلنا في آنٍ واحد أحياء وموتى ، فنحن نيام في الليل والنهار، نعيش داخل حلم [ داخله أحلام ] ولكنه حلم يشير إلى حقيقةِ أننا خالدون بمقدار ما نمارس النضال لأجل الأنفع والأرقى والأجمل.
ولأن مقالي الذي فتح باب الحوار حول هذه القضية والمعنون " تجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة " قد نشرته مواقع عديدة منها موقع "هدهد" وموقع "الحوار المتمدن" نقلا ًعن جريدة نهضة مصر ، فلقد كتب المفكر العربي" طه بن شيخة " نقدا مطولا ً لمضامينه بعنوان " لا بديل عن تبني النظام المعرفي العلمي الحديث " ملخصه أن الفكر الديني هو مجرد حدس شعوري يمضي على نحو لولبي نحو التعمق والاشتداد والتجذر في مسببات اللذة ، لأنه لا يعرف امتدادا غيره، بينما التعقل يميل لرسم العالم في شكل هندسي، يتجه نحو استيعابه نسقيا غير مبال بمطالب الشعور ورغباته . فالشعور يميل لامتلاك العالم حدسيا وشعوريا، بينما العقل يميل لتفسيره وفق مبادئ وقوانين. الشعور يتجه لامتلاك المواقف العقلية حال تشكلها ونضجها في مقولات لاهوتية بينما هو لا يمتد ولا يشتد إلا حين تكون المواقف العقلية موضع ارتياب. الفكر الديني يميل للتفسيرات الذاتية التي تعطيه امتدادا تخدم عملية امتداده واشتداده لكنه يرفض متابعة القضايا العقلية التي تنتهي بنتيجة لا تخدمه. بينما يشم في لمح البصر الأفكار التي تخدم انتشاره .
ثم ينهي الناقد مقاله موجها لي نصيحة ( أنا أعمل بها فعلا ً) قائلا : يا أخي لا جدوى من محاولة الحلم بزمن تطبق فيه المقولات اللاهوتية بمعزل عن مجالها التداولي.
فما من شك في أنني أوافق د. طه بن شيخة على نقده للفكر الديني بما هو عليه الآن، وأوافقه على أنه لا بديل عن تبني النظام المعرفي العلمي الحديث وهذا بالضبط ما أحاوله لأجل تجديد كل فكر بما فيها الديني ضمن ألوان الممارسات الإنسانية المختلفة، انطلاقا ً من جهود المفكرين المجددين سواء كانوا "إمبريقيين" يؤسسون المعرفة على التجربة الحسية ، أم كانوا "صوفيين" معارفهم تجليات للروح .
دعنا على سبيل المثال لا الحصر نستدعي تلميذ سيجمند فرويد الأشهر وصاحب مدرسة علم النفس التحليلي كارل يونج الذي تجاوز مفهوم فرويد عن الليبيدو ( اللذة الجنسية ) بإدخاله مفهوم اللاوعي الجمعي في مجاليْ المعرفة والدين ليبرهن على أن " الأنا " ليست هي التي تفسر الأحلام بل الأحلام هي التي تفسر "الأنا " ولأن الأحلام تقع في منطقة اللاوعي التي هي لا مشاحة متصلة بمناطق اللاوعي عند الغير، فيستنتج من ذلك أن ثمة ما يمكن تسميته باللاوعي الكلي أو الجمعي، وهو كيان سابق على وجود الفرد وتال لوجوده بعد تحلل البدن . وبجانب هذا فإن يونج يصّرُ على أن " الأنا" تبقى موجودة إذ لا يمكن اختزالها أو ردها إلى ما هو أقل منها . موجودة أين ؟ لا يجيب يونج ولكن المفكر الفرنسي تيار دي شاردان – متخطيا ً الماركسية التي تحصر وجود المرء في الأعمال التي يخلفها في هذا العالم بعد موته – يجيب بدلا من يونج قائلا : إنها موجودة في كيان مركّب لا يضيع فيه مثقال ذرة ، الزمان فيه أشبه بزمن المسرحية .. واقعيٌّ بالنسبة لشخوصها متخيل عند المتفرجين ( وهو ما أشرنا إليه في مطلع هذا المقال ) وإلا فما قيمة أعمال الإنسان إذا لم تنشئ له مركزا ً مطلق الأصالة يعكس الكون بأسره وينعكس هو عليه بنحو متفرد لا يحاكى ؟
ربما نضيف نحن لما قاله تيار دي شاردان قولنا إن الماركسية – على فائدتها القصوى لمن يبتغون تغيير العالم بالممارسة Praxis – فأنها لا ُتشبع الروح ، لأن الأنا وهي تجلٍ من تجليات الذات العليا، إن هي أقرت بفنائها بات سيان عندها أن تترك أو لا تترك شيئاً في عالم مصيره الفناء مثلها ، ولو أن " الأنا " قبلت بهذا المنطق الماركسي لباخ حماسها وقل إبداعها ربما إلى درجة الصفر .
والحق أنه بجانب العلم الحديث فإن تنامي الحركات الاجتماعية الكبرى ومن بينها منتوجات فكر ما بعد الماركسية – خاصة لوي آلتوسير - إضافة إلى نظم الاتصال المتطورة وتضاعف سكان الأرض ؛ قد أوضح بجلاء أن البشر يملأهم اليوم الشعورُ بالحاجة إلى نظام كوكبي موحد لعل منظمة "الأمم المتحدة" الحالية جنين له، الأمر الذي يؤسس لمنظومة حياتية جديدة تعمل داخل وحدة عضوية تثرى بكل منجزات التاريخ من علوم وفنون ونظم سياسية واجتماعية وأديان وفنون بل وأساطير ، فجميعها وجوه مختلفة لحقيقة واحدة قد لا يدركها الفرد ، وإنما تسعى الموجودات كادحة ً إلى إدراكها في ختام الرحلة . وها هو المتصوف الأكبر محيي الدين بن عربي يستشرف هذا الأفق المعرفي اللامحدود ببيتين من الشعر النبوءة :
منازلُ الكون في الوجودِ / منازل ٌ كلها رموز ُ / منازل ٌ للعقول فيها / دلائلٌ كلها تجوز ُ .




#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان
- تجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الجيش المصري ليس فيلقا ً إيرانيا ً أو كتيبة أمريكية
- مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة
- هل تطلب حماس سيناء كوطن بديل ؟
- أنور عبد الملك وتغيير العالم
- لماذا تجنبت ثورة يناير كلمة الاشتراكية ؟
- أيام البين السبعة
- أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت
- الجذور المعرفية للفكر الفاشي
- ديمقراطية بلا ديمقراطيين
- إلى متى نتقبل ثقافة الأساطير ؟
- مصطلح الثورة مغترب في اللغة العربية
- المتحذلقون ونظرية المؤامرة التاريخية
- احذروا النموذج الباكستاني في مصر
- ازالة اسرائيل على الفيس بوك
- رسيالة من البرزخ
- قصيدة : المنام
- مجتمع الاستعراض في عالم رأسمالية ما بعد الحداثة
- من يكتب تاريخ مصر في قادم الأيام


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي بندق - الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)