أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت














المزيد.....

أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3752 - 2012 / 6 / 8 - 16:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كلما اقتربت ْ من القاهرة أشباح ُ ميليشيات الفاشية – وهي في الحقيقة على مرمى البصر - سأل المثقف المصري نفسه : إلى أين يا عم ؟ وسرعان ما يأتيه الجواب : إلى بيروت طبعا . أليست هي باريس العرب ؟ يقول هذا رغم إدراكه بأن ثمة أشباحا ً مماثلة موجودة هناك سيما بعد أن وصلت إليها قوافل الأزمة السورية ، بيد أنه سيجازف بالرحيل إليها مع ذلك ! لماذا ؟ ذلك ما تحاول الإجابة عنه نبضات الأحرف التالية بمقاربة من لغة " فوق سياسية " تعرفها بيروت من خلال أنهار كتاباتها العذبة .
كانت بيروت ولا تزال في مخيلة المثقف المصري والعربي مدينة " أسطورة " موقعها دائرة متماس محيطها مع خط طول القلب، ودائرة ثانية تقطع خط عرض العقل، إذ يمشي في طرقاتها وبين أهلها كثرٌ من أرباب الأوليمب جمعا ً أو فرادي.. فتارة يمرح في شوارعها وأزقتها "ديونيزوس" بخمره ومجونه وتحرره من ربقة الأوامر والنواهي، وتارة يصعد إلى شماريخ أرزها " أبوللو" إله الشمس والسماء والرزانة . وقد يتولي أمرها حيناً "هوبنوس" رب النوم فتنعس الجميلة علي كتفه هانئة قريرة ، تراودها أحلام الياسمين وأشواق الجلنار . لكنه في حين آخر ، فجأة ً قد يدفع بها- غادرا ً- إلى توأمه ثاناتوس رب الموت ليحصد أرواح بنيها حصدا ً.. عندئذ يتوقف القلب عن الخفقان أو يكاد ، وُتغم علي العقل رؤية ُ الغد العربي المنتظر ، بله رؤية الغد العالميّ المؤمل منه أن ُينهي تاريخ ما قبل البشرية هذا الذي نعيش فيه اليوم .
لكنْ – وحمدا ً للنبلاء الشعراء خالقي الأساطير الخلابة التي تنتصر للحياة علي الموت - سرعان ما يهبط إليها "أورفيوس" بقيثارته الساحرة ليعيدها من جحيم هاديس إلى عالم الضياء والأحياء بهيئة المعشوقة "أوريدي" ذات الجمال والجلال والكبر البهيج التي تذكر كل أرمل مثلي بزوجته الحبيبة الراحلة .
والعجيب حقاً أن بيروت هذه المتقلبة بين سواعد الأرباب ، كانت تصر ، في كل أحوالها، ألا تفلت من يدها كف "أثينا" ربة الحكمة .. ولهذا ظلت علي الدوام مصدرا ً مبدعاً للمنتج الثقافي باستمرارية تشبه استمرارية "كرونوس" إله الزمن في استحالته علي مفهومي ْ العدم والغياب .
يقول المثقف : لعلها تزوجت "نبتون" إله البحر،فاكتسبت من صفاته أن تتجلى جسداً لازورديّ اللون، زبدىّ الإهاب ، عميق السر في القرار ، يجمع بين الرقة والعنف ، وبين الحنكة والبراءة ، وبين الثواء والترحال ، خفاقة ً في كل الأحوال قلبا ً خضمّا ً طهورا ً لا يتلوث أبدا ً حتى وإن ُقذف بنفايات البشر ، أو ُألقيت في صدره الوسيع أدرانـُهم وسخائـُهم ودناياهم .
من بيروت زوجةِ ِ البحر الأبيض المتوسط تلقي المثقفون العرب هداياهم من أعمال ابن خلدون، وابن رشد، والقاضي عبد الجبار، والجاحظ، وعبد القاهر ،وأبي بكر الرازى ، وابن سينا ، وابن النفيس وغيرهم من "حداثيِّ التراث" جنبا إلى جنب رواد الحداثة المعاصرة : محمد أركون، وادوار سعيد، و محمد عابد الجابري، وعبد الله العروي ، وناصيف نصار، وأدونيس، وجابر عصفور، وصلاح فضل .. وغيرهم ، فضلا عن شعراء المقاومة درويش العظيم، وسميح، وفدوي ودنقل... والروائيين ذوي الخصوصية المبهرة : عبد الرحمن منيف، وغادة السمان، وجمال الغيطاني، وصنع الله إبراهيم، وإبراهيم الكوني، وحيدر حيدر، وإبراهيم أصلان،.. إلى آخر قائمة المبدعين العرب الذين أذاعت بيروت صيتهم في العالم بأسره .. وقد بقي على هؤلاء جميعا ً أن يردوا الجميل بمثله بأن يقفوا بجانبها بينا هي تصارع كسف الظلمة الفاشية المتربصة ، لا بطلب الحوار مع عناصرها (فالفاشستي يفضل علي مبادلات الألسن والآذان طعنَ الأعين بمغراز الإسكافي) وإنما بفضح هذه العناصر، وكشف أغراضها الشريرة أمام الجماهير، وتفكيك أيديولوجياتها القائمة علي الأنانية المطلقة ورفض الآخر رفضا ً ابتدائيا ً غير قابل للشك أو المراجعة .
ومع ذلك وبفرض أن دعا داع للحوار بين مثقفين يتبنون الديمقراطية نهجا ً وفلسفة ً ، وبين نظائر لهم يؤمنون بالفاشية سبيلا ً لتقدم الأمة ، فإن مشكلة ً تقنية ً فور الطلب سوف تنشب ، مؤداها أن " فاشييـ.. نا" العرب ليسوا على المستوى المعرفي الرفيع الذي تمتع به الفلاسفة الذين مهدوا بكتاباتهم لأدبيات هذا المذهب : فيشتة ، وشلنج، ثم أوجست كونت وماكس فيبر علي التوالي، إلي مارتن هيدجر أستاذ سارتر نفسه ! فكيف يمكن للمرء أن يحاور من لا يعرف أصول مذهبه باستثناء مطاع صفدي الذي احترف النقيضين : الترويج للفاشية العملية تنظيرا وتبريرا لنظام صدام حسين! والنقد العنيف للمذاهب الشمولية ( ما لم تكن بعثية عربية قومية إسلامية ...الخ ) فهل يمكن لأجل خاطر هذا المثقف التقليدي- بتعريف جرامشى - فتح ُ دكان ٍ للحوار ليدخل إلينا منه قبضايات الفكر المسلح ، وصبيانهم صحفيو الغوغاء، ومرتزقة الثقافة ؟ أقول متذكرا ً ما قاله أبو العلاء : تلوا باطلا ً وجلوا صارما ً / وقالوا صدقنا .. فقلنا نـعم . فدعنا إذن من حوار الفاشست ولنركز على جماهيرهم المخدوعة فيهم ، ولنتذكر أننا في بيروت القادرة على تحجيم القوة الغاشمة في نهاية المطاف بفضل مساحة لا يزال العقل فيها يعمل وينتج بين الجماهير .. فمن أجل هذه المساحة الثقافية الباهرة والتي لا تزال حرة نابضة بالحياة في بيروت – رغم أنوف أشباح الفاشية – يجد المثقف المصري نفسه يفكر في الرحيل إليها لو حان وقت أشباحه القاهرية .




#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور المعرفية للفكر الفاشي
- ديمقراطية بلا ديمقراطيين
- إلى متى نتقبل ثقافة الأساطير ؟
- مصطلح الثورة مغترب في اللغة العربية
- المتحذلقون ونظرية المؤامرة التاريخية
- احذروا النموذج الباكستاني في مصر
- ازالة اسرائيل على الفيس بوك
- رسيالة من البرزخ
- قصيدة : المنام
- مجتمع الاستعراض في عالم رأسمالية ما بعد الحداثة
- من يكتب تاريخ مصر في قادم الأيام
- موضع السر
- قطرة في المنام الوجيع
- مقدمة مقترحة للجنة صياغة تاريخ مصر الحديث
- الديمقراطية المصرية حمار بوريدان
- الانقلابات العسكرية بين الجنرالات الترك ونظائرهم المصريين
- الشيخ والدكتور ورأس ماركس
- الديمقراطية تتحقق بالإرادة الشعبية بينما الشعبوية تخنقها في ...
- دين النبوة ودين الدولة
- المصريون الجدد يطاردون وحوش الفاشية


المزيد.....




- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...
- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت