|
غزة تتمدد في فراغات رام الله
جهاد الرنتيسي
الحوار المتمدن-العدد: 3917 - 2012 / 11 / 20 - 10:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فاقم التصعيد الاسرائيلي في قطاع غزة ، حالة الارتباك التي تمر بها رام الله ، مع انسداد افقها السياسي ، و تراجع حضور القضية الفلسطينية ، على ايقاع التسونامي العربي . في اليومين اللذين سبقا تكثيف الغارات الجوية الاسرائيلية على القطاع ، كانت العاصمة السياسية للسلطة الفلسطينية ، تتهيأ لاطلاق ما وصفته بقطار "مليونية " الاستقلال . والخطاب السياسي الذي استخدمه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب وهو يعلن عن اطلاق الـ " مليونية " الخجولة تحت يافطة اسبوع الشباب الفلسطيني كشفت عن بعض حالة الارتباك . فقد حدد الهدف من التظاهرة بتوجيه رسائل الى العواصم العربية والاسلامية المقصرة في التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية ، والرئيس الامريكي اوباما في ولايته الثانية ، وصانع القرار الاسرائيلي المصر على الاستمرار في احتلاله للضفة الغربية . حديث الرجوب خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في فندق الموفنبيك برام الله ، ولم يخل من اتهامات لحركة حماس بالتقصير في مواجهة الاحتلال ، حاول ايجاد قواسم مشتركة بين غياب اندفاع الشارع الفلسطيني لمغامرة جديدة غير محسوبة العواقب والحاجة الى تحريك حالة الجمود التي تهدد بمتغيرات دراماتيكية في حال استمرار الجمود الذي يستفيد منه الجانب الاسرائيلي بفرض وقائع جديدة على الارض . والتوليفة التي توصل اليها القيادي الفلسطيني تتمثل في القيام بتظاهرات سلمية بعيدا عن نقاط الاحتكاك مع قوات الاحتلال للايحاء لمراكز القرار الاسرائيلي بان خيارات الصراع مفتوحة ما لم يتم تقديم تنازلات للجانب الفلسطيني . عضو مركزية فتح ، الذي يمثل مركز قوة في السلطة واجهزتها الامنية ، ويتهيأ من خلال امتداداته الاعلامية لدور سياسي اكبر ، رأى في فعاليات اسبوع الشباب ، الذي اطلقت صافرته في رام الله ، وامتد الى عدد من مدن الضفة الغربية ، النصف المملوء من الكأس ، داعيا لتجاهل النصف الفارغ ، الامر الذي وجدت فيه الباحثة في مركز دراسات الاهرام عبير ياسين مجافاة للمنطق ، ودعت في مداخلة لم تخل من الاستغراب الى الكف عن تجاهل الانصاف الفارغة من الكؤوس . دعوة الرجوب الى تجاهل النصف الفارغ من الكأس ، لم تكن المأخذ الوحيد على خطابه السياسي ، فقد توقفت بعض الوفود ، التي جاءت من خارج الاراضي الفلسطينية ، امام عتبه على التقصير العربي ، لا سيما وان في مثل هذا العتب ما يظهر تجاهلا للواقع ، حيث تنشغل العواصم العربية في معالجة ازماتها البنيوية ، التي وصلت الى حد انفجار اوضاع بعضها ، واقتراب بعضها ـ بما فيها السلطة الفلسطينية التي تظاهر مواطنوها مؤخرا لتحسين اوضاعهم المعيشية ـ من اوضاع مشابهة ، تهدد بمزيد من تراجع الاهتمامات الاقليمية والدولية بقضية الشعب الفلسطيني . حسابات حقل المليونية في ذهن القيادي الفلسطيني ، لم تتطابق مع حسابات البيدر ، فلم يتجاوز عدد المتظاهرين السلميين ، والمتضامنين الاجانب ، في مدن الضفة الغربية عدة الاف ، استنفرت في تحشيدها وزارات السلطة الفلسطينية ، وهيئات تابعة لها . الا ان وكيل وزارة الاعلام في السلطة الفلسطينية د . محمود خليفة كان يصر خلال حديثه مع الاعلاميين على تحقيق الفعالية لاغراضها ووصول رسائل الرجوب الى الجهات المستهدفة بها . قلة اعداد المشاركين ، لم تكن المؤشر الوحيد ، على افتقار عاصمة السلطة الفلسطينية ، لقدرة توفير خيارات جديدة ، فلم ينه الزمن الممتد منذ توقيع اعلان مبادئ اوسلو حتى استعدادات القيادة الفلسطينية للتوجه الى الامم المتحدة ، حالة اللبس في مهمة قوات الامن الفلسطينية . ففي مدينة طولكرم مثلا ، اضطر قائد الامن الوطني للنزول الى خطوط التماس ، قرب الجدار العازل ، لمنع طلاب المدارس ، الذين خرجوا في الفعاليات ، التي دعا اليها الرجوب ، من القاء الحجارة على دوريات الاحتلال . حين قال له احد الفتية " انتم لا تعتقلوننا لاننا مازلنا صغارا.. وستعتقلوننا عندما نكبر.. ومن الافضل ان تعتقلوننا الان " استشاط غضبا وتدخل المتضامنون لتخليص الفتي من بين يديه . خلال حديثه مع المتضامنين ، بعدما تعرف على هوياتهم ، القى القائد وهو في رتبة عميد ، اللوم على الذين لقنوا الفتى مثل هذا الكلام في اشارة واضحة لحركة حماس، وكأن ممارسات الاحتلال في طولكرم لا تكفي لاستفزاز الجيل الجديد من اطفال الحجارة الذين فتحوا بصدورهم العارية ابواب الوطن امام ثوار " بساط الريح ". ومع سرد العميد لقصة فراره من البيت ليلتحق بالفدائيين حين كان شابا ، تماهت مهمته بين الالتزام بامن اسرائيل بناء على ما تنص عليه الاتفاقات وتؤكده مراكز القرار في السلطة ، والحفاظ على حياة الفلسطينيين . سؤال جدوى التوجه الى الامم المتحدة للحصول على صفة دولة غير عضو في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها القضية احتفظ بحضوره القوي في الخطاب السياسي الفلسطيني عشية العدوان على غزة ولم يتراجع هذا الحضور رغم وحشية القصف الاسرائيلي والمعادلات الجديدة التي قد يفرزها القصف والقصف المضاد . ففي اجاباته على اسئلة حول تحرك الرئيس محمود عباس يؤكد امين عام جبهة التحرير الفلسطينية واصل ابو يوسف الذي لا يتوقف مندوبو الفضائيات عن طرق باب مكتبه على ضرورة احداث اختراقات لتحريك المياه الراكدة على امل ايجاد ارضيات سياسية جديدة . المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية تكشف جوانب اخرى من التيه الفلسطيني بطبعته الجديدة . يقول محمود درويش في مقطع احدى قصائده " نفعل ما يفعل السجناء وما يفعل العاطلون من العمل نربي الامل " الا ان اليأس يبدو الاكثر حضورا على مقاعد المقهى في مخيم الامعري حيث يتسلى الجالسون بمقارنات بين زمان ما قبل اتفاق اوسلو حين كان العمل متاحا لهم خلف الخط الاخضر وزمن ما بعده ، واستذكار ما كانت عليه الحال قبل الانتفاضة الثانية التي ضيقت نتائجها على معيشتهم . لكن مقاهي الانترنت التي يرتادها الشباب في المدن الفلسطينية لتداول رسائل الفيسبوك تظهر قدرات اكبر في التعبير عن بؤس الاوضاع المعيشية والنقمة على ادارة السلطة للاوضاع الاقتصادية . وفي مقر اتحاد الكتاب برام الله ينشغل الشاعر مراد السوداني بالتنظير لمخاطر التطبيع ، وللعلاقة بين الثقافي والسياسي ، وتقصير الثاني بالاول ، والفساد الذي يلحق بالاول جراء تغول الثاني ، في السلطة التي تحمل امراض النظام السياسي العربي المنتفضة عواصمه على التشوهات التي لحقت بروحها . غداة اغتيال قيادي حماس احمد الجعبري تمدد حضور غزة في تيه رام الله ، حيث ترددت بين النشطاء معلومات عن تحرك كوادر فتح بحثا عن سبل مؤازرة ما كان يطلق عليه قبل الانقسام الجناح الاخر للوطن ، وتحول ركن في دوار المنارة الى ما يشبه الهايدبارك . وكان لافتا للنظر ان الهتافات التي كانت تنطلق من ذلك الركن تفوق في حدتها ما يمكن ان تطلقه قوى الاسلام السياسي في القطاع خلال تشييع شهداء القصف الاسرائيلي . فقد تفاوتت خلال المسيرة التي تخللت الاعتصام وبعد مغادرة ممثلي الفصائل بين الاشادة بكتائب القسام والدعوة الى الثار للجعبري والتحريض على قتل جنود الاحتلال عند الحواجز وانهاء الانقسام ووقف التنسيق الامني مع الجانب الاسرائيلي . تذمر الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة من ثنائية فتح وحماس وانزعاج قطاعات واسعة من ضعف اليسار لم يعودا عنصر التاثير الوحيد في رسم ملامح المشهد الفلسطيني المقبل فهناك ترقب لتغييرات واسعة يفرزها عض الاصابع بين حماس واسرائيل .
#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدور والدور المفترض للمعارضة الايرانية
-
طبعة شيعية للاسلام السياسي العربي
-
العصب العاري في سيرة الغبرا
-
بروفا اخيرة لحراس الهواء
-
الموت عطشا
-
بداية البدايات ... ام الحكايات
-
عدمية المقاطعة والاقصاء
-
رواية الحزن العراقي والانسان الباحث عن انسانيته
-
حراك الهوية الاردنية
-
ايران والاخوان المسلمين .... سقوط فرضية التقارب
-
العراق القضية
-
أولويات اليسار تتصدر الأجندة الأردنية
-
مدرسة الولي الفقيه
-
محمد علي شمس الدين .. حيرة القصيدة في زمن التسونامي العربي
-
يفعلها المالكي ....
-
استشعار اردني للخطر الاسرائيلي
-
لعبة المفروض والمرفوض
-
المالكي وخطابه المترنح
-
اسفار الرضوخ والمغامرة
-
توحش الملالي
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|