أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الأدوار المرسومة اجتماعيًا














المزيد.....

الأدوار المرسومة اجتماعيًا


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3915 - 2012 / 11 / 18 - 09:52
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


منذ سنوات نبهت ابني أن رحيل الخادمة المقيمة يعني أن عليه القيام ببعض الواجبات المنزلية. وجاءني رده المفاجئ في براءته ولكنني لست بخادم! فسألته: "ومن سيقوم بالمهام المنزلية إذن؟" فرد ببساطة: "أنتِ"، "إذن فأنا الخادمة في هذا المنزل"، رد سريعًا "نعم". ثم استطرد بعد اعتراض عنيف مني مشفوعًا بنظرة صارمة: "لقد شاهدت على التلفاز الأم تقوم بأعمال النظافة والطبخ وخلافه" .. هكذا إذن يتشبع الأبناء بالثقافة من مشارب شتى ليرسموا صورًا ذهنية عن الأدوار الاجتماعية لكل جنس، وما هو المقبول والملائم لكل منهما.
ثم لاحظت على مدار الشهور كيف يمتعض من القيام بأي عمل منزلي، ويقوم به عندما أجبره على ذلك - وأكون أكثر حزمًا من المعتاد معه - على نحو سيئ، بحيث يصبح من الأسهل عَليَّ القيام به بنفسي. وفي ذات الوقت يقوم بالكثير من المشتريات وبدون الكثير من الضغط من جانبي، فيشتري بعض البقالة أو الخبر أو غيرها بدون تلكع وبجودة مناسبة لسنه، فهو يحافظ على ما أعطيه من مال، ويعيد ما تبقى منه، ولكنه ما إن يدخل المنزل يتحول إلى شخص آخر ، فيضع ما اشتراه على أقرب طاولة، وبدون انتباه إلى محتويات ما يحمله من أكياس. وكأنه بذلك يفصل بين الخارج والداخل، فداخل المنزل تصبح محتويات الأكياس مسؤوليتي، بينما يحتفظ بها سليمة قبل أن تنتقل مسؤوليتها إلىَّ.
ولقد حيرتي مثل تلك التصرفات كثيرًا، فكيف يتحول هكذا على الخط الفاصل بين داخل المنزل وخارجه، وتحدثت كثيرًا مع صديقاتي اللواتي اشتكين من عدم مرونة الأبناء في القيام بالأعمال المنزلية، وكانت الأحاديث تنتهي عادة بغبطة من لديها بنت منا، حيث تساعدها وتوأزرها في القيام بالأعمال المنزلية الرتيبة والمتكررة. وعندما قرأت مقالا عن الأعمال المنزلية كتبتها الناشطة النسوية بات مانارد منذ أكثر من ثلاثين عاما تروي فيه عن تجربتها مع زوجها بدأت أعي ما أخبره وصديقاتي مع أبنائنا.
فالزوج لا يرفض بشكل مباشر المشاركة في الأعمال المنزلية، ولكنه يقوم بعدد من التكتيكات والمناورات التي تؤدي في النهاية إلى عدم القيام بالأعمال المنزلية. فيقول مثلا: لن ألتزم بمستوى النظافة التي تبتغينه، فمن غير العدل أن تطلبي مني ذلك. بما معناه: سوف أقوم بالأعمال على شكل رديء بحيث يتعين عليك إعادة ما قمت به. أو يقول: سأقوم بالأعمال المنزلية في الوقت الذي يروق ليِّ، بما يعني أنه سينظف المنزل كل ثلاثة أشهر، ويقوم بالغسيل مرة كل شهر. أو قد لا يفعل. مما يعني في نهاية المطاف أن عليكِ القيام بها بشكل أكثر دورية، وبهذا لا يقوم هو بأي شيء. أو يقترح استئجار خادمة للقيام ببعض الأعمال (ما يتعين عليه هو القيام به) ويبقى نصيبكِ لتكدحي كالعادة. أو قد يقول: إنني سأفعل ما يحلو ليِّ ، أي أنه سينتقي ما يقوم به من أعمال سهلة مثل إصلاح المواسير والنجارة. والسؤال هو: كم مرة في السنة سنحتاج إلى مثل تلك الأعمال في المنزل. أو قد يحذر: إنني لا أعرف ما يتوجب عليَّ فعله، ولذا فسوف أستفسر منكِ كثيرًا عن طريقة عمله، مما يعني أنكِ ستقفين إلى جواره كثيرًا وهو يقوم بتلك الأعمال، ولن يكون بمقدوركِ الاسترخاء أو القراءة في تلك الأثناء. وكل هذه تكتيكات تؤدي في نهاية المطاف إلى قيام المرأة بكل الأعمال المنزلية الرتيبة والمتكررة بدون أي مساعدة.
ويحضرني في هذا السياق وصف عالم الاجتماع الفرنسي بيار بوردوا كيف يقوم الرجل بذبح الذبيحة بشكل احتفالي يتخلله الكثير من الصخب، وقيامهم بهذه المهمة الجليلة لا يستغرق سوى دقائق معدودات، بينما تمضي النساء معظم النهار وهن يكدحن في المطبخ لإخراج وليمة للرجال الذين يمضون تلك الساعات في التدخين وتجاذب أطراف الحديث. وهكذا يقوم الرجال بالأعمال اليسيرة، ويتركون الأعمال المنزلية للنساء، ذلك كما قالت الناشطة لأن "الرجال يعرفون أنها أحقر الأعمال، ولذا فهم يأنفون من القيام بها."



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوباما والناخبات
- المرأة في السينما المصرية: حريم سلطان بورنجا العظمى
- الجسد في الثقافة البطريركية
- عن التحرش. على المزمار. في أمريكا!!!
- تعليم المقهورين من فريري إلى بوال
- برنامج جالز: تجربة من أفريقيا
- مجلة -مز- في الفصل الدراسي
- الرعاية المجتمعية للأمهات
- التغيرات الإيجابية في حياة اليافعات: تجربة من الهند
- الإعلانات والمعايير البطريركية المستحيلة
- النساء والنفايات
- المجتمع الذكوري: مارينا نموذجًا
- الحركة النسوية والدراسات النسوية
- إخضاع الجسد
- عقوبة التحرش بين القانون الفرنسي والمصري
- العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية
- تدنى المستوى التعليمي (فكرًا وممارسة) في مصر: نموذج من ورقة ...
- النخبة المصرية وحزمة البصل
- اغتصاب الثيب غير وارد!!
- بين الفرعون .. والإمام .. الرئيس منزوع الصلاحيات


المزيد.....




- من بين 3 قضايا.. توجيه تهمة الاغتصاب لوزير المعاقين الفرنسي ...
- القضاء الفرنسي يوجه تهمة الاغتصاب إلى وزير سابق من حزب ماكرو ...
- توجيه تهمة الاغتصاب إلى وزير فرنسي سابق
- “800 د.ج anem.dz“ الوكالة الوطنية للتشغيل تُعلن الشروط الجدي ...
- لو أطفالك زهقوا ؟! نزلي ترددات قنوات الاطفال الجديدة 2024 عل ...
- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تصدر قرارها بعد منع 3 تلميذا ...
- عدوى التهاب الكبد تشكل تهديدا عالميا للنساء في سن الإنجاب
- توقيف مدرّس بجريمة الاعتداء الجنسي على قاصر في لبنان
- -تحرش ومحاولات اغتصاب-.. هل انتشرت -فوبيا سيارات الأجرة- في  ...
- في العراق.. اغتصاب وقتل عابرة في السجن


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الأدوار المرسومة اجتماعيًا