أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر أحمد نصر - كيف أصبح شيخ الأدب في البلاد شيوعياً؟















المزيد.....

كيف أصبح شيخ الأدب في البلاد شيوعياً؟


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 1133 - 2005 / 3 / 10 - 10:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زمن الصدمات المؤلمة التي تتلقاها الشيوعية، وانكفاء الكثيرين عن حمل لوائها، في زمن هيمنة الاحتكارات الرأسمالية المتحالفة مع الصهيونية ، وتبجحها بالنصر ونهاية التاريخ .. يبرز الفكر الأصيل ليعلن أنّ كلّ نهاية هي بداية ..
شيخ جليل في الخامسة والثمانين من العمر ، عاش حياة غنية تذكرنا بحياة بابلو نيرودا التي لخصها بقوله الشهير : "أجل قد عشت" .. إنسان مؤمن متنور ، تربى في بيئة دينية متنورة ، أدى العمرة .. جال معظم دول العالم من أفريقيا إلى الباكستان فالصين وكوريا ، عرف الشهرة ، قلدته الفييتنام وبولونيا أرفع أوسمتها ، منحته الصين لقب أستاذ شرف في جامعاتها ، فُتحت أمامه أبواب الغنى .. إلاّ أنّه أبى أن يترك معسكر الفقراء والمظلومين ، فبقي نصيراً للمظلومين من كل صنف ولون .. وهاهو يؤكد وقفته الشجاعة بإصداره سفر هام ينقل فيه تجربته الغنية التي قادته إلى الشيوعية ، تحت عنوان ـ كيف أصبحت شيوعياً ـ ، علّ الأجيال الشابة تستفيد منها .. ويدافع في الوقت نفسه عن الفكر الاشتراكي والشيوعي في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها .. وكأنّه يؤكد قول لينين "الشيوعية ضمير العصر " .. إنّ تطور البشرية بعد الزلزال الذي أصاب المعسكر الاشتراكي والنكسات التي تعرض لها الفكر الاشتراكي في العالم ، وهيمنة اللاعقلانية الرأسمالية ، التي تدفع البشرية في مسيرة كارثية مضطربة غير متوازنة ومجهولة العواقب ، يبين البؤس والخسارة الفادحة التي لحقت بالإنسانية من محاولات تغييب الفكر الاشتراكي عن الساحة العالمية .. من هنا تأتي أهمية وضرورة إعادة الاعتبار إنسانياً لهذا الفكر ، وفي هذا السياق يأتي إصدار الشاعر والأديب عبد المعين الملوحي لكتابه ( كيف أصبحت شيوعياً ) ..
عبد المعين الملوحي غني عن التعريف ، تتحدث عنه أعماله المنشورة التي تفوق التسعين كتاباً ، في الفكر ، و الأدب الذاتي ، وتحقيق التراث ، وترجمة الأدب الشرقي والعالمي ، وأعماله الشعرية التي لم ينشر أغلبها والتي تقع في أربعة مجلدات في الشعر الوطني والاجتماعي والغزل والطبيعة والمواقف الأممية وقصائده المشهورة من عيون الشعر العالمي في الرثاء ..
أما كتابه ( كيف أصبحت شيوعياً ) ، الذي يمهد له بكلمات الشاعر (زونغ جين ينغ):
" عندما يجوع إنسان واحد تجوع الإنسانية كلها
عندما يفقد إنسان واحد حريته تكبل الأغلال الإنسانية كلها "
والذي صدر عن دار المدى بدمشق عام 2002 فإنّه يقع في 180 صفحة من القطع الكبير ويحوي 18 فصلاً ، يتحدث فيها عن الطريق التي قادته إلى الشيوعية ، والتي عبدتها حياة طفولته وتربيته وتجربته وأسفاره واطلاعاته النظرية وتطوره الفكري ..
ففي طفولته اختلطت في جسده ألبان ودماء نساء كثيرات ، فإذا هو أممي إلى حد ما في طفولته ، كما يقول ، وتعلم الأمانة ، وأن يثق بالإنسان وأن يحبه وأن يدافع عنه . " نعم إنّ النّاس ليسوا غيلاناً " ص13
أما تربيته فقد كانت تربية دينية متنورة ، كان والده إمام الجامع النوري الكبير في حمص ، ومن مظاهر تفكيره الواسع أنّه منع أولاده من الانتماء إلى الطرق الصوفية ، ولم يدخلهم الكتاتيب ، بل أدخلهم المدارس الرسمية ... كما كانت تربيته وطنية ، فتح عينيه على صورة ثوار عام 1925 الذين كان يراهم في بيتهم ينامون ويأكلون ويعيشون .. وتبقى صورة العلم العربي في صدر بهو بيتهم في زاوية من زوايا قلبه .. ص24
والمنهل الثاني الذي استقى منه أفكاره وعواطفه هو تجربته في حياته ، ولقد كانت تجربة مُرة أثارت غضبه على الإقطاعيين وكانت له معهم صدامات يستعرض أهمها في فصل ( تجربتي ) ص35-46
زادته أسفاره في العالم قناعة بالاشتراكية ، وكانت حياته في مصر خصبة من جميع النواحي الأدبية والإنسانية والثقافية والسياسية .. " لقد كانت دراستي للماركسية في سوريا دراسة نظرية بالدرجة الأولى ، وعملية بالدرجة الثانية ، وكانت حماستي للاشتراكية حماسة إنسانية عامة ... لكن الفوارق الطبقية ( في سورية ) رغم عنفها لم تصل إلى درجة ما شهدت في مصر من فقر وفوارق .
كان الفقر يفقأ عين من يرى ، وكانت الفوارق الطبقية تطعن قلب من يشعر ، وكانت صرخات المرض تصم آذان من يسمع .. وكان الجهل يكسف نور الشمس .." ص50 هذا ما ساهم في تعزيز نشاطه السياسي في مصر .. ولعل قصيدته في رثاء الرفيق المصري فتحي كامل محمود ـ وكان موته عام 1946 ، عندما فتح رئيس الوزراء إسماعيل صدقي جسر النيل وطلاب جامعة القاهرة في منتصفه يتظاهرون مطالبين بحرية مصر ، فغرق كثير منهم ـ التي قال فيها :
قبرت ولم نحفر لأعدائنا قبرا ومتَّ ولم نشعل لظى الثورة الكبرى
..
هو الثأر لا تعجل علينا بنيله فإنّ لنا من عهد " آدمهم " ثـــأرا
ويطلعنا على مشاهداته في مصر والباكستان والهند التي زادته قناعة بالاشتراكية ، كما نتعرف في هذا الفصل على اكتشافه لقصيدة الشاعر الباكستاني الكبير محمد إقبال ( لينين أمام الله ) ، والذي رأى فيه عدد كبير من المستشرقين شاعراً صوفياً فحسب ، فبين الملوحي أنّه كان شاعراً تقدمياً ، وقرأ في مؤتمر الكتاب الأسيويين والأفريقيين في لاهور تلك القصيدة التي جاء فيها :
(3) الله يأمر الملائكة
هلموا فأيقظوا في كوني الفقراء !
زعزعوا الأسوار والعقود في قصور الأغنياء !
أدفئوا دم العبيد بنار اليقين !
افعلوا ما يجعل العصفور يصارع الاشاهين !
سيأتي زمن سيادة الشعوب عما قريب . ص67
ثم يستعرض المناهل النظرية التي وجهته إلى اعتناق الشيوعية ، من كتاب " المادية الجدلية والمادية التاريخية " إلى ( رأس المال ) مختصراً ، وترجمته لكتاب لينين " حق الشعوب في تقرير مصيرها " ، وغيرها من المؤلفات الماركسية .. ويضيف إليها نداء فؤاد الشمالي الذي وجهه إلى العمال من قلعة القدموس ـ سوريا ـ في أول أيار 1927 .. ونتعرف على تطوره الفكري في الحرب العالمية الثانية وكيف أصبح شيوعياً ، وأنّه يستلهم شيوعيته من تاريخ التقاليد الثورية في العالم ، لا فلسفة ( ماركس ) وحدها ، مؤكداً بالبراهين أنّ الروح الإنسانية عريقة في شعبنا ..ص91-104
ويستعرض بعض مواقفه في الحزب الشيوعي السوري ، وأسباب تركه له عام 1945 ، مؤكداً أنّه بقي شيوعياً " ما تزال الدوائر المسؤولة في سوريا ومايزال الناس ينظرون إليّ على أني شيوعي عريق .. ذلك أني ما تركت في يوم من الأيام الموقف الإنساني التقدمي الصحيح والسليم من كل قضايا العروبة وقضايا نصرة المظلومين والشعوب " ص112
ويفرد فصلاً خاصاً إلى ثورة اللاشعور في أعماقه وعودة تربيته الدينية إلى الظهور عندما بلغ الأربعين من العمر .. ويدعو الشيوعيين إلى عدم محاربة الدين ، ويستشهد بقول كاسترو " يجب أن تتجنب ( الحركة الثورية ) بأي ثمن الحذلقة العقائدية التي تتعارض مع المشاعر الدينية للسكان ـ العمال والمزارعين والفئات الوسطى ـ لأنّ مثل تلك الحذلقة ستخدم فقط مصالح نظام الاستغلال .. " ( كاسترو والدين ص216 )
ونتعرف على بعض مواقفه من وحي مبادئه الحرة .. وحبّه لبلده الصغير حمص وكل الشعوب ..
ويقدم تصوره " ماذا نفعل ليكون لنا حزب شيوعي عربي " ، الذي يبنيه على ثلاثة أركان :
الركن الأول : استقلال الحزب في اتخاذ قراراته .
الركن الثاني : إنّ حرية الشعب والإنسان تتضمن فيما تتضمن حريتهما في اختيار عقيدتهما .
..
إصلاح الحزب يتطلب إجراء إصلاح سياسي عام ، وإلاّ ستبقى جميع الطروحات شعارات طوباوية .
الركن الثالث : وحدة الحزب .
ويشرح آرائه في هذه الأركان داعياً إلى إيجاد آلية سليمة لجذب الكوادر التي ابتعدت عن التنظيم الحزبي ، آلية لتوحيد الشيوعيين .. أساس هذه الآلية مشرع برنامج سياسي وتنظيمي يطرح للجميع ليتوحدوا حوله ، يعتمد مبدأ التحليل العلمي الجريء والسليم للواقع .. يترافق مع تشكيل لجنة تحضيرية تضم مختلف القوى داخل الأحزاب وخارجها ، تعد للدعوة لمجلس وطني موسع يقر أسس وبرنامج عمل الشيوعيين الموحدين ..
مؤكداً أنّه لا يريد أن يكون واعظاً ، " ولكنّها وصايا ( شيوعي مزمن ) يعزّ عليه تمزيق الجزب ويريد أن يطمئن إلى سلامته ووحدته " . ص178
ويختتم الكتاب بتحية إلى ثورة " أكتوبر العظمى ، يقول فيها :
يا ثورة " أكتوبر " العظمى أشرقت على الدنيا نجما
حررتِ الأرض ومن فيها من جور نظام يشقيهـا
حطمت قيــود الإنسان وأعدت صفاء الوجدان
سنعيدك أحلى بل أسمـى يا ثورة "أكتوبر" العظمى
مما لا شك فيه أنّ البعض سيختلف مع الملوحي في بعض آرائه وأفكاره الواردة في هذا الكتاب ، وهذا ما يزيد الفكر غنى ، ويؤكد ضرورة دراسة هذه الخزانة المعرفية الهامة حول تطور الحركة الشيوعية والفكر الشيوعي في سورية ، خاصة وأنّه يصدر عن شيخ الأدب في البلاد عبد المعين الملوحي ، الذي قال عنه المفكر المرحوم هادي العلوي عنه في مقدمة لكتاب أصدرته عنه عام 1996 م : " بدأ الملوحي يكتب في بواكير الأربعينات ، وخطوط كتابته يتكامل فيها تراثه الثقافي العربي ـ الإسلامي ، وثقافته الفرنسية ، وانتماؤه اليساري " . كما يصف فيها شيوعيته بأنّها " خليط من الصنف المترجم والوعي المشاعي المحلي . على أنّها في تلاقحها مع هذا الوعي قد توفرت على عناصر ثبات خلت منه شيوعية الأغيار المركوزة إلى الترجمة الخالصة ".
طرطوس 2002 شاهر أحمد نصر
[email protected]



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سحر السحر
- إنهم يخافون المصطلحات، إنّهم يخافون المستقبل
- رفيق بهاء الدين الحريري، يا من سرت على درب المسيح، سلام عليك
- نهاية الصهيونية
- تحية وتهنئة إلى الشعب العراقي
- رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية خطوة إلى الأمام ونظرة ف ...
- أحلام التغيير بعقلية وأدوات قديمة ـ قراءة نقدية في مشروع برن ...
- لأسباب مبدئية
- عشر وصايا إلى فقراء سوريا
- الحوار المتمدن عنوان المستقبل الحضاري
- وديعة رابين والتزام بيريز ونتنياهو وباراك بها في مذكرات بيل ...
- القفزة النوعية في أدب أمريكا اللاتينية جديرة بالتمعن
- قراءة نقدية في الوثيقة التأسيسية الثالثة للجان إحياء المجتمع ...
- هل من مُنقذ لكتاب شيخ الأدب في سوريا -عبد المعين الملوحي في ...
- لماذا البعثيون كما الشيوعيين لا يقبلون النصح؟
- أخطار قمع المعارضة، وأثر ذلك في انهيار الدول
- ثورة أكتوبر قيامة المظلومين
- ألم يحن الوقت لتوحيد أحزاب الجبهة في حزب أو تآلف سياسي واحد، ...
- في السياسات الناجحة، والسياسات الخاطئة
- إلى متى يمكن السباحة في نفس التيار؟


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر أحمد نصر - كيف أصبح شيخ الأدب في البلاد شيوعياً؟