أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - على شكشك - ضمير غائب














المزيد.....

ضمير غائب


على شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 3911 - 2012 / 11 / 14 - 03:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ضمير غائب

علي شكشك

في عملية قسرية كان أن استُحدثت دولة إسرائيل، عملية قسرية قيصرية بالمعنى العسفي المدجج بكل مستلزمات العنف، العنف المادّي والعنف النظري الذي استوجب الترويج لنظريات وأفكار وبثها في أثير العالم، ولقد شكّل المشروع الصهيوني أغرب وأعقد مشروع شهدته البشرية، من حيث التحضير والتجهيز والتخطيط المركّب المتشعب، كان لابدّ من حروب عالمية ومئات الملايين من الضحايا، وكان لابدّ من تبني دولٍ شرسةٍ كبرى لذلك المشروع، تلك الدول التي انتصرت في الحرب وفرضت هيمنتها الكاملة على العالم، وعلى المنطقة التي يُراد زراعة الكيان اليهودي فيها، كان المشروع قد اكتمل منذ انتصار تلك الدول وفرض هيمنتها تلك، فهذه الدول تمتلك كلَّ ما يلزم للقتل والاستئصال للشعب الفلسطيني كما تمتلك كل ما يلزم لاستجلاب غزاة جدد وتمكينهم وإحلالهم في الجغرافيا الجديدة،

هل كان ممكناً أن يتمكن اليهود من صنع كيانهم بغير ذلك السناريو، وأيُّ جهدٍ جوهريٍّ يمكن أن يُسجَّل لهم؟، أما والأمر كذلك فلماذا كان على تلك الدول العظمى المقتدرة أن تبذل كلَّ الجهد وتمارس كلَّ التحايل وتلجأ لكلّ الحيل من أجل تمكين اليهود من الهجرة والعمل على الالتفاف على الإرادات العربية، لقد كانت الدوائر الاستعمارية تدير مسرحاً معقداً من أجل نهاية مكتوبة سلفاً في المسرحية، مضمرة أو منصوصاً عليها بطريقة مبلورة في نص بلفور، كان كل همِّ المسرحية ولبّ عقدتها وجوهر حبكتها هو أن يكون الإخراج طبيعياً وأن تتم عملية الالتفاف على الضمير بأقلِّ قدرٍ من الفجاجة،

كان على الإخراج المسرحي أن يتلمس دهاليز الضمير الإنسامي الكوني، والضمير مسألةٌ أوّلية مكنونة فطرية، ويلجأ المعتدون لتدويره وتبريره والالتفاف عليه، وهذا هو ربما ما يُسمّى بالتسويل، إذ يتم الاستغاثة بحيثيات ونظريات وأوهام والترويج لها "علميّاً" وأكاديمياً وسياساً وإعلامياً لتصبحَ "حقائق" ترتدّ في دورة الوعي ليتلقاها المعتدون فيستجيبون لها، هكذا سوّلت لهم أنفسُهم أفعالَهم، كان لابدَّ أن تكون فلسطين أرضاً بلا شعب، وكان لابدَّ من دعوى "أرض الميعاد"، وكان لابدّ من كلِّ المقولات والفرضيات التي هيّأت لفكرة هذا الكيان، ومازالت،

مازالت المقولات تتجدد، فالكيان هو الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وهو الأمر الذي يبرر "شرعيتها"، وهو الكيان المتقدم تكنولوجياً، وهم الخارجون من المحرقة التي لا يجوز التشكيك في مقدسها، هذا في الوقت الذي يتم فيه وضع ستائر كثيفة وموجات من الغبار على أصل القضية ويتم حقن الوعي بشتى أنواع المخدرات ابتداءً من حقنة الأونروا إلى شتى "الوعود" والأوهام، ويتم ترحيل عناوين الحق الأول إلى زوايا مظلمة من الوعي ويتم تحميله سماتٍ شيطانية ونعوتاً إرهابية، ويتم حجب الإجحاف والظلم والمعاناة التي يُسامها الشعب الفلسطيني بأيدي القوى التي امتلكت زمام الهيمنة في العالم، مدفوعين في ذلك بنفس الآلية الداخلية التي تمارس ببداهةٍ توغلها في دهاليز مراوغة الضمير، دون أن ننسى أن الشيطان وهو يرفض الأمر الإلهي بالسجود لآدم وضع حيثيته "خلقتني من نارٍ وخلقته من طين"،

ودون أن نغفل أن هذا النظام الكوني يدعم في حقيقة الأمر ذاته، إذ ليس الكيان الصهيوني إلا خلاصة جيناته ووريثه ورايته، وهو الشاهد الكامل على حسن سبر الاستعمار القديم وصواب سلوكه، وهو التجسيد الكامل لما تحاول الدول التي انتصرت في الحرب أن تفعله في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة حين فشلت في الاحتلال المباشر، وهو الصورة التي يستشرفها لنفسه ويقيم الدولة الصهيونية هنا بالنيابة، وهو لذات السبب يحرص على تكريسها والدفاع عنها وردفها وتجميلها،
ومن هنا فإن إعلان كلِّ اسم فلسطين على كلِّ خارطة فلسطين هو الترجمة البديهية للضمير، ففي ضمير العالم ليس هناك إلا فلسطين، وأيُّ اسمٍ آخر في سياقها لا يمكن أن يكون إلا في حالة ضميرٍ غائب، ضميرٍ غائبٍ يحرض اللصوص والظلاميون والطغاة والبغاة والغزاة على استمرار حالة غيابه، وهؤلاء جميعاً وبمصطلح علم النحو ليس لهم أيُّ تقدير.



#على_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم شهداء
- حقبة جديدة - صوت القدس والأسرى من الجزائر
- أول نوفمبر رصيد إنساني
- فلسطين قابِلةُ العالم الجديد
- أبجدية جديدة
- تحررت الجزائر، فهل تحرر الغزاة؟
- سطرٌ في كتاب التاريخ
- المبتدأ والخبر
- جرح التاريخ
- في المصالحة
- المصالحة في مفردات العالم السيمفوني وتحقق الإنسان
- جسر العودة
- فى الأسر
- مزاج
- السؤال
- تفكيك الأسر
- أسيرها
- جدل
- أن نشاء
- حجر الزاوية


المزيد.....




- استمع لنصائح خبير أرصاد جوية حول ما يجب عليك فعله إذا تعرضت ...
- ساويرس و-برج ترامب-.. تدوينة ساخرة تثير تفاعلا لرجل الأعمال ...
- المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: أكثر من 70 شخصا قتلوا في الس ...
- حرب غزة في يومها الـ239: قصف مستمر على القطاع وبايدن يؤكد أن ...
- -لا نستوعب ما نراه-.. كيف وجد فلسطينيون جباليا بعد انسحاب ال ...
- سلسلة غارات جوية روسية توقع قتلى وجرحى في خاركيف شرق أوكراني ...
- انطلاق المرحلة السابعة والأخيرة من انتخابات الهند.. هل ينجح ...
- تقرير يكشف سبب إقالة السفير البريطاني لدى المكسيك (فيديو)
- سرقة سيف -تمثال ميدان التحرير- حقيقة صورة تعود لـ 12 عاما.. ...
- خبير مصري: إعلان بايدن لغم سياسي في وجه إسرائيل ويصعب نجاحه ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - على شكشك - ضمير غائب