أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - بعيدا عن تأسيسية الدستور ودستور التأسيسية ضرورة الإطاحة السلمية بحكم الإسلام السياسى فى سبيل تفادى حرب أهلية محتملة فى مصر















المزيد.....



بعيدا عن تأسيسية الدستور ودستور التأسيسية ضرورة الإطاحة السلمية بحكم الإسلام السياسى فى سبيل تفادى حرب أهلية محتملة فى مصر


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 3910 - 2012 / 11 / 13 - 05:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بعيدا عن تأسيسية الدستور ودستور التأسيسية
ضرورة الإطاحة السلمية بحكم الإسلام السياسى
فى سبيل تفادى حرب أهلية محتملة فى مصر
بقلم: خليل كلفت
1: تجرى على قدم وساق فى الجمعية التأسيسية للدستور، فى سباق محموم مع الزمن، عملية تهدف إلى استكمال طبْخ أو سلْق دستور للاستفتاء عليه وانتخاب الپرلمان على أساسه استباقا لقرارات قضائية محتملة بحلِّها وربما بقبول طعون تؤدى إلى حلّ مجلس الشورى، وحلّ جماعة الإخوان المسلمين، وحلّ الأحزاب المخالفة للدستور (الإعلان الدستورى التأسيسى) لقيامها على أساس الدين (المرجعية الإسلامية)، ولتأمين استمرار رئيس الجمهورية فى الحكم بعد إصدار دستور لم يتم انتخابه على أساسه. ورغم الرفض الواسع النطاق من جانب القوى السياسية والثورية لتشكيلها المخالف للدستور وللعديد من المقترحات المعلنة بمواد دستورية، تُواصل الأغلبية الإسلامية-السياسية الإخوانية السلفية المسيطرة على الجمعية (هذه الأغلبية التى تكوَّنت - بصورة تخالف المعايير الدستورية والقانونية بما يؤدِّى إلى بطلان الجمعية – حيث تضم مجموعة كبيرة من أعضاء من مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى القائم) عملها المحموم بكل العناد والتحدِّى والبلطجة وكأنها فوق الدستور والقانون. وقد ساعدتها عناصر سياسية ومجتمعية من موقع الأقلية داخل الجمعية بانضمامهم إلى جمعية غير دستورية وغير قانونية وخارجة حتى على دستور النظام الحالى ذاته وقانونه، رغم تذبذبات بين الانسحاب والعودة، ورغم فضح كثيرين من هذه الأقلية لتشكيل الجمعية وطريقة عملها والمقترحات التى تضغط الأغلبية المهيمنة عليها بقوة لفرضها، بدلا من المقاطعة الكاملة لهذه الجمعية الخارجة على القانون.
2: ولا شك بطبيعة الحال فى أن قوى سياسية متنوعة ومنها قوى ثورية وتقدمية ومدنية وعلمانية متذبذبة ومترددة تجعل من الدستور والاستفتاء عليه والانتخابات على أساسه بقرة مقدَّسة. وتتوهَّم هذه القوى المتنوعة أن الدستور الجديد يمكن أن يشكِّل خطوة كبرى إلى الأمام، وأنه ضرورى لبناء مؤسسات الدولة على أساسه، بل تبنَّت هذه القوى فى وقت من الأوقات شعار الدستور أولا، وتتوهَّم أن إصدار دستور جديد قبل الانتخابات الپرلمانية والرئاسية التى جرت منذ الثورة كان من شأنه أن يسير بالبلاد فى مسار إيجابى. وينطوى كل هذا على مغالطات فظة. فالدستور قبل أو بعد الانتخابات إنما تتحدَّد طبيعته بطبيعة القوى الاجتماعية-السياسية التى تسيطر على عملية إعداده. وربما كان سيأتى دستورٌ مبكرٌ فى الشهور الأولى بعد الثورة (أىْ فى زمن شهر العسل بين الإخوان المسلمين والمجلس الأعلى للقوات المسلحة) مثل (أو أسوأ من) الدستور الذى يعمل الإسلام السياسى على تمريره وفرضه الآن. وقد شهدت تلك الفترة إعداد التعديلات الدستورية وإجراء الاستفتاء عليها وإصدار الإعلان الدستورى التأسيسى الذى يمثل المصدر التشريعى الأساسى للانتخابات السابقة واللاحقة ولمجلس الشعب قبل حله ولمجلس الشورى إلى الآن وللجمعية التأسيسية ولرئيس الجمهورية ولسلطاته الفرعونية من الناحية الرسمية.
3: وقد منحت القوى السياسية والثورية الدستور كل هذه الأهمية لأنها افترضت أن يكون زمن الثورة عاملا أساسيا فى صياغة دستور أفضل من دستور 1971 الدائم، جاهلة أو متجاهلة لحقيقة أن الثورة المضادة من العسكر والإسلام السياسى هى المهيمنة على سير عمل جمعية الدستور والانتخابات، فلا يجوز أن نتوقع أن يأتى دستورها صالحا كدستور جيد لمصر الشعب. وينطبق الشيء ذاته على ما يسمَّى ببناء مؤسسات الدولة. ذلك أنه تماما كما أن الدستور الممكن فى ظل سيطرة الثورة المضادة سيكون دستور الثورة المضادة فإن ما يجرى بناؤه إنما يتمثل فى بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة. ولهذا كانت مقاطعة مختلف الجوانب الدستورية والتشريعية والانتخابية والمؤسسية التى تشرف عليها الثورة المضادة الحاكمة تمثل الموقف الثورى البديل المتماسك بعيدا عن المشاركة على أساس الحصول على بعض المقاعد الپرلمانية أو القيام بنشاط دعائى حول الانتخابات وبحجة عدم ترك الساحة مفتوحة لاحتكار العسكر والإسلام السياسى. ولا تعنى المقاطعة أن نترك الثورة المضادة فى سلام وهدوء لتقوم بتمرير وفرض دستورها وإجراء استفتاءاتها وانتخاباتها الپرلمانية والرئاسية بل تعنى عرقلتها من خلال الفعل الثورى المتواصل فى الميدان لرفض وإفشال فرض الدستور الإسلامى الاستبدادى ومؤسسات دولة الثورة المضادة العسكرية والإسلامية والليبرالية التى تُكرِّس المسار التشريعى والقانونى لتصفية الثورة. ذلك أن العملية الدستورية والمؤسسية الجارية ليست فقط لبناء دولة الثورة المضادة بل هى أيضا لتدمير وتصفية مؤسسات وأدوات وروح الثورة الشعبية وديمقراطيتها الوليدة من أسفل.
4: فكيف يمكن قبول ذلك؟ وهل نعيش بدون دستور ومؤسسات دولة؟ هل نعيش فى غابة؟ والحقيقة أننا عشنا طوال عقود طويلة وإلى الآن فى غابة حقيقية؛ فى ظل دستور لا يستحق هذا الاسم وفى ظل مؤسسات استبدادية حيث لا وجود لأحزاب حقيقية ولا لپرلمان حقيقى، بل عشنا فى ظل الدولة الپوليسية والعسكرية والمخابراتية، فى ظل دول أجهزة ما يسمَّى بالدولة العميقة (وفقا لتعبير سياسى مستورد من تركيا) داخل الدولة. ولم يشفع أو ينفع دستورٌ ولم تشفع أو تنفع دولة أو مؤسساتها. ولكنْ مرة أخرى: هل نعيش دون دستور ودون مؤسسات دولة؟ ولكن كل مَنْ تحدثوا عن "الدستور أولا"، ويستعجلون إصدار دستور جديد، تجاهلوا ويتجاهلون أنه يوجد دستور بالفعل، هناك دستور معطَّل فى سياق التفافٍ من جانب العسكر على شعار دستور جديد ديمقراطى طالبت به الثورة، وهناك دستور يتمثل فى الإعلان الدستورى التأسيسى المستخرج بركاكة فظة من الدستور الدائم المعطَّل، وتجاهلوا ويتجاهلون أن الدستور المتوقع سيكون دون شك أسوأ من الدستور المعطل وأسوأ حتى من الإعلان الدستورى التأسيسى مادام يجرى طبخه بسرعة محمومة بمعرفة العسكر وجماعة الإخوان المسلمين على رأس الإسلام السياسى، على حين أن إعداد الدستور الذى يمكن أن يمثل مصلحة شعبية حقيقية يحتاج ليس فقط إلى وقت طويل بل فى المحلّ الأول إلى مزيد من تطور الديمقراطية الشعبية بما يتيح، إلى جانب الإطاحة بالحكم العسكرى الدينى الحالى، فرض إرادة الشعب وديمقراطيته الشعبية إلى أقصى حد ممكن على صياغة الدستور الجدير بوصف الجديد والذى يمكن أن يكون إطارا ملائما لتطور هذه الديمقراطية الشعبية من أسفل. والحقيقة أن المبالغة فى أهمية إصدار الدستور فى أسرع وقت ممكن لا مبرر لها فلن يكون لنا بهذه الطريقة دستور أفضل من دستور السادات بتعديلات مبارك ثم المجلس الأعلى. بل لدينا دستور ولدينا مؤسسات دولة ينبغى إحلالها من خلال حركة ديمقراطية حقا. ولا ترمى المحاولات المحمومة الحالية من جانب الإسلام السياسى إلا إلى الانتزاع الخاطف، من خلال غزوة أو حرب خاطفة، لدستور إخوانى سلفى ولمؤسسات تشريعية (پرلمانية)، و(تنفيذية) رئاسية، وقضائية خاضعة للسلطة التنفيذية، بدعاوى عريضة حول دستور ومؤسسات لإقامة دولة الثورة والديمقراطية والحرية والعدالة أو ماشئتَ أو شئتِ من تسميات وأوصاف. إن ما يجرى الآن هو العمل على توطيد وترسيخ نظام الإسلام السياسى تحت سيطرة قيادة القوات المسلحة "من داخل ثكناتها"، ولا مصلحة للشعب فى المساعدة بالمشاركة فى صُنْع قيوده وأغلاله الدستورية والمؤسسية بيديه.
5: وبدلا من التركيز على الاستقلال الواسع النطاق عن النظام الحالى والحكم الحالى، على استقلال الأحزاب والنقابات والروابط والاتحادات والحركات والقضاء والصحافة وغيرها من خلال الفعل الثورى والديمقراطى وحتى الليبرالى يجرى التركيز على الإصلاح ليس فقط من خلال المشاركة بل حتى من خلال أشكال من التحالفات والائتلافات الانتخابية مع الإسلام السياسى من جانب القوى السياسية وحتى الثورية، إنْ جاز القول، كما رأينا فى الانتخابات الپرلمانية والرئاسية المنصرمة. غير أن السؤال يبقى معلَّقا: هل نعيش بدون دستور ومؤسسات دولة؟ ولكننا مرة أخرى كنا وما نزال نعيش فى ظل دساتير ومؤسسات؛ فلماذا لا نريد تجديدها بهذه الطريقة وبهذه السرعة؟ وتتمثل الإجابة البديهية فى أن لدينا بالفعل دستورا ودولة فهل من العقل أن نستميت فى سبيل الحصول على دستور أسوأ وعلى مؤسسات دولة "أنْيَل"؟ ما المصلحة فى هذا الآن؟ ما مصلحتنا فى إصدار دستور إخوانى سلفى يحكمنا وفى انتخاب مجلس شعب إخوانى سلفى يشرِّع لنا قوانين جديدة تقوم على شريعة دين الدولة بدلا من السلطة التشريعية التى يتمتع أو يشقى بها الآن الرئيس الإخوانى "المنتخب" الحالى الذى سوف يبقى معنا حتى بعد الدستور الجديد والپرلمان الجديد، أىْ حتى بعد "التمكين" المنشود إخوانيًّا؟
6: ولكنْ ألن تؤدى مقاطعتنا للمسار الذى تعمل الثورة المضادة العسكرية-الإسلامية على فرضه على الشعب إلى مساعدة مسار "تمكين" الاستقرار الاستبدادى الاستغلالى الرجعى الجديد؟ غير أن مقاطعتنا ليست مقاطعة اللامبالاة والتجاهل إزاء إصدار الدستور الإسلامى وبناء مؤسسات الدولة على أساسه بل هى مقاطعة تسمح لنا بالتركيز على الفعل الثورى الذى يسمح لنا جانب مهمّ من جوانبه المتعددة بالاستماتة فى عرقلة هذه العملية الدستورية السلطوية الفوقية الجارية بكل الوسائل الثورية السلمية وهى مقاومة أثبتت إلى الآن، رغم كل شيء، أنها فعالة للغاية. ولا تقوم بهذه المقاومة قوى الثورة وحدها بل تعمل لصالحها التناقضات والصراعات التى لا يمكن إنكارها بين النظام الحالى والقوى السياسية التقليدية بكل تعقيدات تلاوين أحزابها وتياراتها وحركاتها وفصائلها.
7: فهل يعنى كل هذا باختصار تسليمنا باستمرار حُكْم الإعلان الدستورى التأسيسى والرئيس محمد مرسى زمنا أطول قد يسمح للنظام الحالى بصقل وترسيخ أسسه وآلياته ودستوره ومؤسساته؟ ذلك أن عدم إصدار دستور يعنى استمرار "الدستور" الحالى والرئيس الحالى الذى يملك سلطة التشريع أيضا كما يعنى غياب الپرلمان (غياب مجلس الشعب بالذات) وكذلك استمرار التناطح المتصاعد الذى ينطوى على أخطار مفزعة بين مختلف القوى الاجتماعية والسياسية. على أن مشاركتنا فى هذا المسار المضلل لن تنقذ من هذه الأوضاع والأخطار. وإنما يتمثل الشيء الوحيد الجدير بالنضال فى سبيله فى دستور مختلف تماما عن هذا الذى يقوم ترزية الدساتير والقوانين بتفصيله، ومن المستحيل أن يكون الدستور المنشود محصلة للجهود التآمرية الشريرة الحالية. ويقتضى الواجب الثورى مجابهة الحكم الحالى والعمل على إسقاطه وتطوير مؤسسات الديمقراطية الشعبية من أسفل إلى مستوًى يجعل بمستطاعها فرض الإرادة السياسية والاجتماعية الشعبية على الدستور القادم والمؤسسات القادمة.
8: ولكن كيف ولماذا تورطت قوى الثورة فى الانزلاق والانسياق والانجراف وراء سرابات إصدار دستور جديد وبناء مؤسسات جديدة للدولة والتركيز على هذه السرابات الخادعة؟ وتكمن الإجابة فى تصور قوى الثورة عن طبيعتها ومهامها بوجه عام وعن معنى الديمقراطية بوجه خاص. فقد تصور الثوار أنه يوجد شيء اسمه الديمقراطية كبنيان فى صميم الدولة واندفعوا فى اتجاه التحقيق والتحقيق العاجل لهذا البنيان الديمقراطى للدولة. ولم يدركوا أن هذا من رابع المستحيلات؛ لماذا؟ لأن الدولة إنما هى نقيض الديمقراطية، ولأن الديمقراطية إنما هى نقيض الدولة.
9: وقد عاشت البشرية (قبل وأثناء ومنذ الديمقراطية الأثينية إلى الآن) فى كل مكان، وبالأخص فى مراكز حضارتها، تاريخيْن متناقضيْن للديمقراطية: التاريخ الأسطورى ("الوهمى المضلل") الذى أطلق على دول بعينها وبالأخص فى الغرب اسم الديمقراطية، ويعلم الجميع أن ما يسمى بالديمقراطية البرچوازية ليست سوى شكل من أشكال ديكتاتورية رأس المال. أما التاريخ الفعلى الحقيقى للديمقراطية فقد تمثل دائما فى نضالات وحركات ومؤسسات وأدوات كفاح الشعوب فيما يسمَّى بالديمقراطية من أسفل. ونجد فى كل بلد من البلدان المسماة بالديمقراطية ازدواجا بين واقعيْن اجتماعييْن متناقضيْن ومتصارعيْن: الديكتاتورية الرأسمالية لرأس المال ودولته من أعلى، والديمقراطية الشعبية من أسفل. ويتواصل، أمس واليوم، هذا الازدواج المنطوى على مستويات من الصراع تشهد الصعود الهبوط والركود والتفجُّر.
10: وهذان المساران المتوازيان الماثلان فى كل مجتمع طبقى لا تنطبق عليهما القاعدة الهندسية المتمثلة فى أن الخطين المتوازييْن لا يلتقيان فالخطوط الهندسية المتوازية يمكن أن تواصل مسيرتها الأبدية إلى ما لانهاية لأنه لا يجمع بينها شيء مشترك، أما المساران المتوازيان لطبقتيْن متصارعتيْن على المصالح فإن الشيء المشترك بينهما هو الاشتباك العدائى فى علاقات إنتاج استغلالية وبالتالى استبدادية وبالتالى فإنهما يلتقيان التقاء الصراع المتواصل اليومى والتاريخى، التاكتيكى والإستراتيچى. وفى سياق الثورة تعرف الثورة المضادة مسارها جيدا بفضل احتكارها للمعرفة بمختلف جوانبها وبفضل ثروتها التى تدافع عنها وتعمل على توسيعها وتُنفق منها على قمع الثورة بهدف تصفيتها. أما الثورة العفوية التلقائية الجنينية الوعى والمعرفة فإنها يمكن أن تضلّ الطريق وأن تتخبط فى متاهات وأن تغوص فى نفق مظلم وذلك بفضل افتقارها إلى المعرفة وحرمانها من الوعى والتنظيم. ولهذا تسير الثورة المضادة (ومن المنطقى أن تسير) فى مسار بناء مؤسسات دولتها وديكتاتوريتها على أساس دستورها، فيما تسير الثورة (ومن المنطقى أن تسير) فى مسار الديمقراطية الشعبية. وحتى عندما تنتهى الثورة كثورة يبقى هذان الواقعان المتوازيان اللذان يعمل كل منهما على توطيد أُسُسه فى سياق من الكر والفر، والدفاع والهجوم.
11: ومن الخير أن تعى ثورتنا حقائق الثورات والثورات المضادة وأن تسترشد بدروسها. إن ما يطور الثورة بديمقراطيتها الشعبية ويوسع ويرسِّخ مكاسبها ومنجزاتها لا يتمثل فى مشاركة الثورة المضادة فى إنجاز دستورها ومؤسسات دولتها بل يتمثل فى تطوير مستويات معيشتها ونوعية حياتها وأدوات نضالها فيما يُعرف بالديمقراطية الشعبية. والاشتباك قائم بين هذين المسارين المستقليْن المتوازييْن ولكنْ المتقاطعيْن عند ألف نقطة ونقطة. ذلك أن الثورة والثورة المضادة تعملان كل واحدة منهما من ناحيتها على توطيد نفسها وإضعاف وإفشال خصمها (أىْ عدوها الطبقى).
12: وإذا كان هذا يتفق مع طبيعة الأشياء فإن الثورة مادامت تقوم بتطوير نضالاتها ومكاسبها لن يضيرها أن يستمر لمزيد من الوقت إعلان دستورى تأسيسى استبدادى ولن ينفعها إصدار دستور إسلامى إخوانى سلفى، ولن تتحرر منهما لصالح دستور ديمقراطى حقا إلا عندما يكون بمستطاع الديمقراطية الشعبية أن تمثل "رقما صعبا"، كما يقال، فى صياغة الدستور المنشود. ونعود إلى سؤال السبب فى تورط قوى الثورة فى مسار الإلحاح على إصدار الدستور وإنهاء الحكم العسكرى وبناء مؤسسات الدولة. وكل هذا مطلوب ومنشود بطبيعة الحال أما ما يثير الدهشة فإنه تجنيد الثورة لطاقات كبرى ليس لتطوير الثورة وترسيخ الديمقراطية من أسفل بل للتغيير السريع لبنيان الدولة وفقا لرؤية مضللة فحواها إنهاء الحكم العسكرى حتى إنْ تمثَّل البديل فى الحكم الإخوانى السلفى، وإجراء انتخابات مجلسىْ الشعب والشورى، والانتخابات الرئاسية فى سبيل تسليم السلطة مهما كان البديل. أضفْ إلى ذلك أن هذه الرؤية الثوروية لم تدرك أن الإطاحة بالحكم العسكرى مهمة كبرى وأن التسليم الشكلى للسلطة لرئيس منتخب ليس من شأنه إنهاء السيطرة الفعلية لقيادة الجيش على السلطة من وراء الكواليس ومن داخل الثكنات! وبنفس المنطق يخشى الكثيرون أن تقع مصر فى وضع الفراغ الدستورى فى حالة العجز عن إصدار الدستور والاستفتاء عليه وإقراره وإجراء الانتخابات الپرلمانية على أساسه فى التوقيت الذى قرَّره الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى. والحقيقة أن فزاعة الفراغ الدستورى لا ينبغى أن تُفزعنا فقد اعتدنا على دساتير ووعود وعهود وساعات صفرية تلاعب ويتلاعب بها حكامنا ويجدون مخارج آمنة يتعللون بها بعيدا عن احترام موعد أو مراعاة الوفاء بوعد.
13: والحقيقة أن بنيان الدولة غير قابل لأن يكون ديمقراطيا فى صميم تكوينها والمطلوب محاصرة استبدادها واستغلالها بالديمقراطية الشعبية. والحقيقة أن ثورتنا بدأت بتحقيق خطوة جبارة حيث أطاحت فى خطوة واحدة كبرى بحكم الطاغية حسنى مبارك، الأمر الذى جعل قوى الثورة تتصور أنه لا يوجد سقف لمطالبها وأهدافها وأحلامها بحكم طبيعة الثورة ذاتها، وكأننا قمنا بثورة شيوعية ماركسية وكأن هذه الأخيرة ممكنة محليا مهما كانت طبيعة العصر مواتية أو غير مواتية على المستوى العالمى فمن البديهى أن الثورة الشيوعية الماركسية أممية بطبيعتها؛ وكان من المنطقى أن يقترن هذا بالمبالغة المنفلتة الساخنة الرأس فى مغزى حركة "احتلُّوا وول إستريت".
14: ويعتقد كثيرون أن ثورة 25 يناير 2012 قضت نهائيا أو ستقضى نهائيا على حكم العسكر الذى استمر فى مصر قرابة ستين سنة منذ انقلاب 23 يوليو 1952 العسكرى. وكنا قبل ذلك فى الحقيقة تحت الحكم العسكرى البريطانى مع الملوك التابعين للاستعمار، ونحن الآن تحت حكم العسكر المحليِّين التابعين (من داخل ثكنات الجيش) مع تحالف الحكم الإسلامى الإخوانى السلفى التابع. ولا يمكن القضاء، مهما كانت التضحيات، على الحكم العسكرى قبل إعداد البديل المتمثل فى رأسمالية تابعة تحكم بوسائل ليبرالية مع رسوخ أقدام الديمقراطية الشعبية الوليدة من أسفل.
15: والدرس البالغ الأهمية هو تركيز الفعل الثورى الجبار على توطيد الديمقراطية الشعبية من ناحية والعمل من ناحية أخرى على الإطاحة بحكم العسكر والإخوان المسلمين والسلفيِّين، وإفشال مخططات إصدار الدستور الإسلامى الاستبدادى وكذلك العملية الجارية لبناء مؤسسات دولة الثورة المضادة؛ بعيدا تماما عن المشاركة فى هذه العملية المشئومة. وبعبارة أخرى فإن الدرس المستخلص من التاريخ والنظرية ومن تجربتنا الخاصة منذ قرابة عاميْن يتمثل فى مقاومة دستور الثورة المضادة من خارج جمعيته وإفشال بناء مؤسسات الثورة المضادة من خارج استفتاءاته وانتخاباته ومختلف تدابيره وإجراءاته. ويعنى هذا: المقاومة والإفشال والإطاحة بالمقاطعة وليس بالمشاركة، بالفعل الثورى وليس بالانتهازية والذيلية إزاء الإسلام السياسى البارز فى واجهة النظام. ومن الواجب أن تنتبه القوى السياسية والثورية إلى أن ميولها نحو التوافقية والمهادنة وكل هذه السخافات هى التى تُضعف موقفها وفاعليتها فيما تقوم بتقوية وفرعنة الإخوان المسلمين والسلفيِّين الذين يمثلون واجهة الحكم العسكرى. والتصعيد فى العمل والخطاب هو الوحيد الكفيل بتقوية هذه القوى السياسية بدلا من المهادنة التى أدت حتى بثوريِّين وتقدُّميِّين كثيرين إلى التحالف الذيلى مع الحملة الانتخابية للإخوان المسلمين والحملة الانتخابية الإخوانية المنشقة بزعامة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح. وفى حالة استمرار الخطاب السياسى الفاتر والمواقف التوافقية والذيلية من جانب القوى السياسية إزاء الإسلام السياسى فإن هزيمتها ستكون مضمونة من جديد.
16: على أن هناك ما يخيف حقا فى التطورات السياسية الجارية فى مصر فى الوقت الحالى. هناك استقطاب حاد بين قوى الإسلام السياسى (رغم تناقضاتها الداخلية) والقوى السياسية المتنوعة المناوئة لهذا الإسلام السياسى والتى تعبر عن مجموعة واسعة متناقضة المصالح بدورها من الطبقات الاجتماعية. وفى هذا السياق يسلك الإخوان المسلمون سلوكَ مُحْدَثى النعمة فيعملون على سرعة الاستيلاء على كل شيء تمهيدا "للتمكين" ويعتمدون خطابا مليئا بالتحدى والازدراء والصلف والمشى فى الأرض مرحا مع أنهم لن يخرقوا الأرض ولن يبلغوا الجبال طولا. ولهذا دخلت جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها وحزب حريتها وعدالتها ورئيس جمهوريتها فى صراع عدائى متعدد الأطراف بصورة شاملة. خصومة حادة مع الثقافة والصحافة والإعلام، مع القضاء بمختلف مستوياته بما فى ذلك المحكمة الدستورية العليا والنائب العام، مع الأزهر، مع أغلب المسحيِّين"، مع المدنيين والعلمانيِّين واليساريِّين، مع المهنيِّين من معلمين وأطباء وغيرهم متجاهلين مطالبهم، ومع أقوى قوة وهى تلك التى تتمثل فى الطبقة العاملة والجماهير الشعبية والفقيرة متجاهلين مطالبها العادلة، مع شن حملة افتراء وتشويه واسعة ضد الجميع. ولا يسلك مثل هذا السلوك سوى قوة سياسية مستعدة للذهاب إلى الحرب بصورة لاواعية وهم لا يشعرون. وهناك السلفيون الذين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء فى علاقاتهم بغير حلفائهم الإخوان المسلمين. وتمارس هذه السلفية المتعددة الفصائل والأطياف غزوات المليونيات للترويع، وتعلن رموزٌ من رموزها نواياها بوضوح مفزع. فإذا لم يأت الدستور منسجما مع مطالبهم المتعلقة بمكانة الشريعة الإسلامية فإنهم مستعدون، كما يعلنون، للقتال والتضحية بأرواحهم، ويتخذون موقفا عدائيا تكفيريا إزاء القوى المدنية والعلمانية وحتى إزاء الآثار الفرعونية التى يعلنون نوايا هدمها بصراحة صاعقة، ويتخذون موقفا عدائيا وعدوانيا وهجوميا إزاء المسيحيِّين ويرتكبون جرائم ضد الأقباط وغيرهم من المسيحيِّن، وحتى ضد أقليات دينية صغيرة مثل المصريِّين الشيعة أو ميكروسكوپية مثل المصريِّين البهائيِّين. ويتوالى اكتشاف مخازن أسلحة متطورة بالمقارنة عن أسلحة فترات الإرهاب السابقة، وبدأت معركة صوملة سيناء عندما وصل تهميشها وإفقارها وما يلازمهما عند درجة بعينها من نشاط الجمعات الجهادية، وتتواتر تقارير عن نشاط واسع لتنظيم القاعدة فى سيناء وباقى مصر.
17: وهكذا تتجمع فوق أرض مصر غيوم قاتمة، وتوشك قوى ظلامية غاشمة أن تنزلق بالبلاد إلى مالا يُحْمَد عقباه. فكيف نتفادى أخشى ما نخشاه، أىْ الانزلاق إلى حرب أهلية طاحنة لا تُبقى ولا تذر؟ والحقيقة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية واجه الثورة بالالتفاف حول شعار إسقاط النظام بالإطاحة فى انقلاب عسكرى بالرئيس حسنى مبارك، فاستطاع بذلك فى تفادى الانزلاق إلى حرب أهلية مثل ليبيا أمس وسوريا إلى اليوم. وبهذا سارت مصر فى طريق التصفية التدريجية (رغم المذابح البشعة المتعددة) بعيدا عن طريق الحرب الأهلية. ولا شك فى أن الجنون المتوقع فى مواجهة ثورة من جانب رئيس الجمهورية فى سياق ما يسمَّى بحكم الشخص يمكن أن يورط النظام والشعب فى حرب أهلية جنونية مجنونة ما لم يكن وضعه داخل النظام ضعيفا ومزعزعا نتيجة لبعض العوامل وهذا ما يمكن أن يؤدى إلى عجزه عن تسخير مقدرات وأجهزة النظام لحماية نظامه ويؤدى بالتالى إلى تخلُّص مؤسسات النظام منه لإنقاذ النظام. ولم يكن وضع مبارك داخل عصابته قويا مثل وضع الأسد داخل عصابته أو القذافى داخل عصابته. ولهذا كان هذان الأخيران قادريْن على شن الحرب الأهلية حتى النهاية التى حدثت فى ليبيا وتوشك على الحدوث فى سوريا، على حين أن محاولة مبارك لشن الحرب على الشعب باستخدام قوات وأجهزة وزارة الداخلية انتهت بهزيمة تلك الوزارة، واستطاع الجيش بفضل اهتزاز وضع مبارك أن يقوم بانقلابه متفاديا بذلك الحرب الأهلية ومدشِّنا طريق التصفية التدريجية. وعندما يعجز جنون الحاكم الطاغية عن مواصلة السيطرة على قوى وأجهزة نظامه فإن الطريق يصير مفتوحا إلى التخلص منه. والحقيقة أن خيار تفادى الحرب هو الخيار المنطقى من جانب نظام ما لم يسيطر تماما الجنون الأنانى للحاكم المطلق. فلماذا لا يفكِّر جيش عاقل فى شن حرب خاطفة حاسمة بأقوى أسلحته لاستعادة النظام؟ والإجابة: لأن خيار الحرب جنون، فهى لا تكون خاطفة (إلا إذا انتصر الشعب على الجيش بسرعة كما كان الأمر فى إيران)، ولا تكون لصالح الجيش، بل لا مناص من أن تؤدى حرب أهلية بين نظام وشعب إلى تدمير البلاد ومعها الطبقة الحاكمة ودولتها وسلطتها ونظامها لصالح تكوين طبقة رأسمالية جديدة تماما.
18: وبفضل استيعاب سريع لهذا الدرس من تاريخ الثورات بفضل دهاء من قادة جيشنا، أو من حلفائهم الأمريكيِّين، كان خيار الانقلاب على مبارك بعد تورطه الفعلى الجنونى فى طريق الحرب الأهلية هو الخيار الأمثل للنظام ولكنْ أيضا للشعب والثورة اللذين لا يمكن أن تكون لهما مصلحة فى الحرب الأهلية وأهوالها وفظائعها ولا يمكن أن تجلب لهما حربٌ كهذه ميزة من أىّ نوع كالوصول إلى السلطة مثلا. وهناك مَنْ يشكر للرئيس المخلوع استقالته بدلا من الحرب الأهلية ضد شعبه؛ وهذا تجاهُل لحقيقة أن مبارك كان قد بدأ الحرب باستخدام وزارة الداخلية التى هزمتها وكسرتها الثورة الشعبية السلمية كما أن إيقاف جنونه كان نتيجةً لدخول الجيش على الخط بتصوُّر مختلف تماما فارضا عليه الاستقالة. وهناك من يشكر للجيش تفاديه للحرب الأهلية غير أن هذا الموقف من جانب قيادة الجيش لم يكن بدافع حبها للشعب بقدر ما كان لإدراكها بدهاء محلى أو مستورد أن الحرب الأهلية خطيرة على النظام قبل أن تكون خطيرة على الشعب والثورة، مع احتمالات انقسامات وانشقاقات فى الجيش فى حالة استمرار الحرب الأهلية. ورغم المذابح والجرائم المروعة التى ارتكبها المجلس الأعلى للقوات المسلحة مدعوما بالموقف الداعم من جانب الإسلام السياسى، استطاع هذا المجلس مواصلة تفادى الحرب الأهلية، غير أنه قام، بفضل جهله وسوء أدائه، وبتحالفه مع الإسلام السياسى مسترشدا بالرؤية الأمريكية، بخلق البيئة الملائمة تماما للانزلاق على أيدى الإخوان المسلمين والسلفيِّين والجهاديٍّين والقاعدة إلى حرب أهلية صارت محتملة ما لم تنجح المقاومة السلمية للثورة، ولكل القوى السياسية التى تُدرك الوجود الفعلى لخطر الحرب الأهلية، فى الإطاحة بأقصى سرعة ممكنة بالحكم الإخوانى السلفى. ومن الجلىّ من ناحية أن السلفيِّين والجهاديِّين والقاعديِّين لا يدركون أن نار الحرب الأهلية سوف تحرقهم أيضا فيمن تحرق، ولا يشعرون باىّ مسئولية إزاء سلامة الشعب أو الوطن، وردُّهم على كل سؤال هو شرع الله، ولهذا فإن جماعاتهم وأحزابهم تنطوى على خطر الخراب العاجل، ولا يبدو أن الإخوان المسلمين يستطيعون أو يريدون السيطرة على تأمين تفادى الحرب الأهلية تأمينا لنظامهم.
19: ومن الضرورى أن تبتعد القوى السياسية والتقدمية واليسارية والديمقراطية والمدنية والعلمانية وقوى الثورة الشعبية عن التركيز على أكذوبة الدستور ومؤسسات الدولة، وأن تركز على العكس على سرعة إفشال العملية الدستورية الانتخابية برمتها، وعلى الإطاحة بالرئيس غير الشرعى، وبمجلس الشورى، وبالأحزاب الإسلامية غير المشروعة وفقا لدستورهم، وبالطبع بالجمعية التأسيسية للدستور، وبالطبع بجماعة الإخوان المسلمين وبالجماعات الإسلامية الأخرى. ومن الجلىّ أن جريمة العسكر فى هذا الشأن تتمثل فى أن تحالفهم مع الإخوان المسلمين والسلفيِّين قد جعل التخلص من قوى الإسلام السياسى صعبا للغاية. وكان إيقافهم بعيدا عن الحكم وبناء مؤسسات الثورة المضادة ممكنا بعد الثورة لولا رؤية العسكر والأمريكان التى اعتبرت التحالف معهم ضد الثورة ضرورة لا فكاك من مقتضياتها مهما كان الثمن. والحقيقة أن ثورة التطلعات والتوقعات التى فُتحت أمام الإخوان المسلمين والإسلام السياسى من خلال تحوُّلهم ليس فقط إلى أحزاب مشروعة بل إلى السيطرة الپرلمانية الساحقة وإلى الصعود إلى رئاسة الجمهورية بسلطات فرعونية من الناحية الرسمية (وإنْ كان كل هذا تحت السيطرة الفعلية لقيادة الجيش) تجعل إيقاظهم من واقع وحلم اليقظة أمرا ينطوى على الانفجار. وكيف نتصور غير هذا؟ كيف نتصور أن من الممكن أن تتخلَّى جماعة الإخوان المسلمين بسهولة عن سلطة الدولة التى استولت عليها للمرة الأولى بعد أكثر من ثمانية عقود
20: والحقيقة أن مصر الآن أشبه بقطار فقد سائقُهُ السيطرة على قيادته بكل ما ينطوى عليه ذلك من أخطار وأهوال، وفى غياب قوى تقدمية كبيرة ومنظمة وواعية صار من الضرورى تطوير الثورة وقواها بسرعة بعيدا عن المؤامرة الدستورية (وبالطبع مع مقاومتها باستماتة) وعقد تحالفات على أساس تفادى الحرب الأهلية من خلال الإطاحة بالنظام العسكرى الإسلامى الحالى بين القوى السياسية الثورية والتقدمية والعمالية والمهنية والقضائية وأنواع يسارية أو تقدمية من الليبرالية، هذه القوى التى يمكن أن تشارك بقوة فى تحقيق مهمة تفادى الحرب الأهلية عن طريق الإطاحة السلمية بحكم الإخوان المسلمين والإسلام السياسى.
21: ويقتضى نجاح هذه المعركة السياسية السلمية الالتزام المطلق من جانب كل القوى المشاركة فيها بطابعها السياسى السلمى على طول الخط. ذلك أن من المنطقى تماما أن يبتعد كل مَنْ يريد تفادى الحرب الأهلية عن الانزلاق إلى أىّ ميول إلى العنف يساعد على صبّ الزيت على النار وإشعال حريق مدمر للجميع. وقد يتصور أحدٌ أن من الذكاء والدهاء والسلوك السياسى المتزن أن تختار القوى الثورية موقف تفادى الحرب عن طريق ترك الإخوان والسلفيِّين يفعلون ما يشاءون بدلا من الصدام معهم بما يؤدى بالضرورة إلى العنف المتبادل القابل للتحوُّل شيئا فشيئا إلى حرب أهلية. والحقيقة أن ما هو غير منطقى فى هذا المنطق يتمثل فى أنه أقصر طريق إلى إقامة الدولة الدينية الإسلامية وتمكين ديكتاتوريتها البشعة ككل حكم دينى، إسلامى أو غير إسلامى طوال التاريخ، وإلى تكاثُر الاتجاهات الجهادية الأكثر تطرفا فى هذه البيئة الحاضنة المواتية، ... هذه الاتجاهات التى يمكن أن تنزلق بالبلاد فى اتجاه حرب أهلية جرى توهُّم تفاديها بالتراجع أمام قوى الإسلام السياسى، مع أن من شأن السلوك السياسى العنيف لهذه الاتجاهات الجهادية المتطرفة، كما نرى كل يوم، ينطوى فى حد ذاته على خطر فرض حالة من الإرهاب الواسع النطاق بدعوى تطبيق الشريعة الإسلامية ومن السهل أن تنزلق هذه الحالة إلى حرب أهلية فى سياق دولة تغوص أقدامها فى صَوْملة شاملة ليس للمناطق الحدودية وحدها كما يحدث الآن فى سيناء بل حتى لعُمْق العاصمة.
12 نوڤمبر 2012



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف كتب دوستويڤسكى رواية الجريمة والعقاب؟ -إعادة قراءة ...
- مارسيل پروست (مقالان: مقال: أناتولى لوناتشارسكى، ومقال: أندر ...
- مصر وبلاد النوبة تأليف: والتر إمرى، ترجمة: تحفة حندوسة مقدمة ...
- مصير العالم الثالث تحليل ونتائج وتوقعات توما كوترو و ميشيل إ ...
- الأساطير والميثولوچيات السياسية(1) راؤول چيرارديه عرض: خليل ...
- تفسير الرئيس المصرى الدكتور محمد مرسى لآية الله والعلماء
- زيارة جديدة إلى -مزرعة الحيوانات- رواية -مزرعة الحيوانات- چو ...
- عوالم عديدة مفقودة
- الشرف والغضب لا يكفيان [مراجعة لكتاب: نعوم تشومسكى:-الحيلولة ...
- الكتب معرفة ومتعة - الجزء الأول
- حول الأسلوب فى السينما - أندريه بازان
- جنوب أفريقيا عصر مابعد سياسة الفصل العنصرى (الأپارتهيد)
- إلا الرسول الكريم
- هل انتصرت الثورة المضادة فى مصر؟
- حروب القرن الحادي والعشرين مخاوف وأخطار جديدة
- بورخيس - كاتب على الحافة
- عالم جديد - الجزء الرابع - فيديريكو مايور
- عالم جديد - الجزء الثالث- فيديريكو مايور
- عالم جديد - الجزء الثاني - فيديريكو مايور
- عالم جديد - الجزء الأول - فيديريكو مايور


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - بعيدا عن تأسيسية الدستور ودستور التأسيسية ضرورة الإطاحة السلمية بحكم الإسلام السياسى فى سبيل تفادى حرب أهلية محتملة فى مصر