أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - حرب منتهية














المزيد.....

حرب منتهية


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 15:00
المحور: الادب والفن
    


لم يكن لديهم مكان آخر .. صارت الكنبة الخشبية وعدا إذن بتحقيق الحد الأدنى من الأحلامهم التي تثقلهم الليلة .. الإضاءة الخافتة سمحت لهم بالحصول على مكسب ملائم من الظلام فضلا عن ابتعاد الجالس الوحيد في الحديقة لمسافة مريحة .. الرجل العجوز لا يتذكر إذا ما كان قد أخبر الشاب الذي يجلس بينه وبين المومس بأنه لم ينجح أبدا في الحصول على مكان مناسب للنوم معها أم لا .. الشاب يتذكر جيدا أن العجوز أخبره بذلك .. بتلقائية دالة على التعوّد وضعت المومس فخذها الأيمن على فخذها الأيسر .. كان ذلك يعني أنه على يد الشاب التي تستعد لتحسس مؤخرتها أن تطمئن؛ فالغريب الذي يجلس بعيدا لو التفت ناحيتهم لن يتمكن في هذه الوضعية من رؤية اليد التي أمسكت بمؤخرتها فعلا الآن ...
العجوز يراقب يد الشاب فوق مؤخرة المومس وفي عينيه نظرة تشبه ( أنا ياما دعكتها قبلك يابن الوسخة ) .. لم يظهر الشاب انتباهه لتلك النظرة كما نجح في قطع الطريق على الشخرة الخافتة التي تحررت بدايتها من داخله دون أن يلحظها العجوز .. المومس تفكر في أن هناك خمسة وعشرين جنيها مضمونة وعدها العجوز أن يعطيها لها قبل رجوعها البيت ...
العجوز يحاول إبعاد عينيه عن يد الشاب وإبداء عدم الاهتمام ولكنه لم يقدر فظل يتخيل إحساس تلك اليد بالاستدراة الغنية بإحكام وبالدفء الكريم لطراوتها رغم أن يده تذوقت حنان نفس المؤخرة كثيرا من قبل ويعرف جيدا أنها متاحة له في أي وقت .. لم يكن يريد الشاب أن يخسره بل على العكس زاد تمسكه بصداقة العجوز خاصة أن المتعة الآن لم تعد قاصرة على اكتشاف يده لمؤخرة المومس فحسب .. المومس تنظر في عيني الشاب أملا في استنتاج صحيح للمبلغ الذي سيعطيه لها بعد أن تنتهي يده من عملها، لكنها قررت أنه أيا يكن الرقم سيكون في النهاية إضافة للخمسة وعشرين جنيه التي لم تتوقع زيادة عنها في هذا المشوار ...
ابتسم العجوز بارتباك حينما اكتشف أنه لا يرغب في تحسس مؤخرة المومس بقدر رغبته في الحصول على يد الشاب التي تمنى الآن لو استعارها منه ليمسك بها هذه المؤخرة ثم يعيدها إليه ..صارت المتعة هزلية أيضا وأصبح جسد الشاب معبرا عن هذا التمازج السحري؛ فبينما كان عضوه منتصبا بدت ملامحه كأنه يسترجع في صمت كافة النكات التي عرفها طوال حياته .. المومس تسأل نفسها هل عليها إظهار إحساس واضح بالإثارة أم أن الشاب لا ينتظر تلك الهدية منها .
شعر العجوز باضطراب في دقات قلبه مصحوبا بدوار خفيف حينما أصبح فجأة غير قادر على تذكر أين هو ولا ما الذي جاء به إلى هذه الحديقة، ولم يعد يعرف من ذلك المنهمك في أخذ مقاسات طيظ المرأة المبتسمة بجانبه .. فكر الشاب في أنه ليست هناك لحظة يمكن للواحد فيها أن يشعر بانتمائه للعالم تفوق تلك التي يعيشها الآن؛ حينما ترغب في وقت واحد أن تضاجع من تحت وتضحك من فوق .. المومس لا تدري ما الذي جعلها تسترجع الآن ما كتبه أحد أصدقائها على الفيس بوك بأن الشراميط هم الدليل الأقوى على الفشل التاريخي للبرجوازية المصرية في تقديم تبرير اجتماعي مقنع للرأسمالية .
بصر العجوز لم يعد تركيزه على يد الشاب ولا مؤخرة المومس وإنما أخذت عيناه تتنقلان بين وجهيهما بخوف كأنه تحت تأثير اختطاف غامض أخذه من القطار حيث كان عائدا من الجامعة إلى قريته، ويحكي لصديقه عن البنت الريفية التي يحبها من بعيد لبعيد؛ فأخرج صديقه خطابا وأعطاه له ليكتشف أنه جواب عاطفي من هذه البنت لصديقه تعبر فيه عن امتنانها ليديه التي اعتصرتا مؤخرتها داخل أحد الغيطان ليلا .. كان الشاب يلتفت أحيانا إلى العجوز ليتأمل نظرته التائهة المكسورة بهياج حاقد ومكتوم فتزيد قوة رغبته في الضحك خاصة وهو يفكر في أن العجوز هو الذي عرّفه على المومس وهو الذي أصر على جلوسه بينهما بل وهو الذي قال له بصراحة عالية الصوت ( إلزق فيها ) .. تنظر المومس حولها ثم ترفع بصرها إلى السماء وتبتسم متذكرة الـ ( أحاااا ) الغليظة التي كتبتها تعليقا على مقولة صديقها على الفيس بوك معتبرة ـ بقدر كبير من السعادة ـ أن وجودها في الحديقة الآن خطوة في طريق التحرر التام للشرمطة المصرية التي بدأ نضالها منذ زمن لا تعرف بدايته لكنه اقترب من الوصول لانتصاره الخاص ...
حينما استرد العجوز وجوده داخل اللحظة وعلاقته بتفاصيلها انشغل دون صوت وبمزيج من الندم والتوسل في إخبار الإله الذي يعبده بأن الموت الذي أصبح قريبا منه أكثر من أي وقت مضى هو الذي جعل من حرصه على التعارف بين الشاب والمومس واجبا وضرورة حتمية .. تخيل الشاب طفلة صغيرة ـ قد تكون طفلته ـ تجلس في مكان كهذا بعد سنوات طويلة ملتصقة بشاب لا يزال طفلا الآن، لكن هذا التخيل لم يمثّل تهديدا لمتعته لأنها كانت محصنة باستعادة تلقائية لحلمه القديم بأن يقدم يوما ما عرض ستاند أب كوميدي ويفتتحه بجملة ( لماذا لا يضع باولو كويلو شمعة في فتحة شرجه ويسير أمامنا حتى لا يجد أي منا حجة للهروب من الاستنارة ) .. المومس لا تعرف هل تشعر بالإثارة حقا أم لا، لكنها على أي حال تثق بأن الشرمطة ستنتهي ـ كعنف أخلاقي ـ مع اختفاء الحياة التي تتحول فيها الشرموطة ـ كما خلقت جميع النساء أصلا ـ إلى امرأة فحسب وهذا سبب تفاؤلها بحكم الإسلاميين .
نهض ثلاثتهم ومشوا باتجاه الخروج من الحديقة؛ العجوز يفكر في موعده القادم مع دكتور أمراض الذكورة .. الشاب يشعر بالاعتزاز لقدرته على السخرية من يقينه بأنه سيجد مكانا ينام فيه مع المومس .. المومس تخبر نفسها بفرح بأن يوما آخر قد مر دون أن يعرف أحد من زبائنها أنها عذراء .
مروا على الغريب الوحيد الذي كان جالسا بعيدا عنهم لمسافة مريحة .. لم ينتبهوا أنه ميت .



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يكتب ويقرأ أنسي الحاج ؟
- باب المشرحة
- اللعب بالفقاعات
- قراءة المذكرات
- قتل فرويد
- سلطة الجسد في ( مثلث العشق ) ل شريف صالح
- المتسول
- السينما المصرية القديمة : أحلام سكان المريخ بالأبيض والأسود
- إعادة التدوير
- القرية وأسئلة الحنين في رواية - وغابت الشمس - ل - السعيد نجم ...
- تفاصيل الموت
- غريزة الكتابة
- الثورة والخيال المابعد حداثي
- أسئلة السُلطة
- المزاولة
- سلطة الصحفي الأدبي من الورق إلى الانترنت
- ” لون الماء ” : ضرورة تشريح الماضي
- الرواية تفكك العالم
- معارض متنقلة
- ترتيبات الوداع


المزيد.....




- شوي تشينغ قوه بسام: الأدب العربي في الصين كسر الصور النمطية ...
- تكريم الأديبة سناء الشّعلان في عجلون، وافتتاحها لمعرض تشكيلي ...
- ميريل ستريب تعود بجزءٍ ثانٍ من فيلم -Devil Wears Prada-
- ستيفن سبيلبرغ الطفل الذي رفض أن ينكسر وصنع أحلام العالم بالس ...
- أشباح الرقابة في سوريا.. شهادات عن مقص أدمى الثقافة وهجّر ال ...
- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ممدوح رزق - حرب منتهية