أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - ممدوح رزق - الثورة والخيال المابعد حداثي














المزيد.....

الثورة والخيال المابعد حداثي


ممدوح رزق

الحوار المتمدن-العدد: 3335 - 2011 / 4 / 13 - 22:22
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


" أما كيف لـ ( رورتي ) ولـ ( ليوتار ) تفسير تجمع شعوب أوروبا الشرقية لإسقاط حكامها فهو متروك لتخمينات أي إنسان " ...

بهذه الجملة المتحدية اختتم المناضل الاشتراكي ( أليكس كالينيكوس ) مقاله ( ما بعد الحداثة ) الذي ترجمه ( بشير السباعي ) منذ أكثر من عشرين سنة .. كان من الواضح أن هذه الكلمات جاءت ردا على أفكارهما عن " تغيير العالم " والتي ناقشها ( كالينيكوس ) في المقال .. ( جان ليوتار ) وهو المفكر الذي يعتبر رائدا لحركة ما بعد الحداثة في فرنسا حينما أعلن عن إفلاس جميع ( المرويات الكبرى ) أكد على أنه لم يعد بوسعنا الإيمان بأية نظرية شاملة تسمح لنا بتفسير العالم وتغييره في آن واحد .. أيضا ( ريتشارد رورتي ) الفيلسوف الأمريكي تحدث عن أنه يتوجب علينا الكف عن الانشغال بمعرفة العالم وتغييره والتركيز بدلا من ذلك على تنمية علاقات شخصية ؛ فمن الوجوه المحورية لما بعد الحداثة إنكار أن من المرغوب فيه أو حتى من الممكن بعد الانخراط بشكل جماعي في تغيير العالم .. كان ثمة ارتباط إذن بين ( الثورة ) ، و( تغيير العالم ) ، وكان هناك من يؤمن بجدوى هذا الارتباط في مقابل من كان يعتبره مجرد ( كيتش ) حداثي .

في 2011 لا تختلف صورة العالم العربي من الخارج كثيرا عن فيلم سينمائي يخرج فيه الموتى الأحياء من قبورهم تباعا للانتقام من قتلتهم .. لكنه ليس فيلما مرعبا .. إنه مزيج من الرومانسية الجارفة والكارتون المبهر .. مدن مسحورة تتخلص فجأة من لعنتها ، وتستيقظ من نوم طويل كما يحدث في الحكايات الخيالية دون انقلاب عسكري أو تعاويذ سياسية ودينية .. هل هناك في هذه المعجزات المتعاقبة ما يمثل تحديا لما بعد الحداثة ؟ .

ربما تعني الثورة ـ من ضمن ما تعني ـ أن هناك اتفاقا وفهما مشتركا لحقيقة ما .. حقيقة ترعى دوافع وكيفية حدوث الثورة ، وبالضرورة حقيقة الواقع الجديد الذي تسعى لتشييده بعد انتهاءها .. هذه الحقيقة تحتاج لعقل كلي يمثل اندماجا لعقول كثيرة يجمعها يقين واحد وهدف واحد أيضا .. نجاح الثورة في تحقيق هذا الهدف سيبدو فورا أنه انتصار للحقيقة وللعقل وهما ـ طبقا لما بعد الحداثة ـ ليسا غير وهمين .. هل علينا أن نتذكر " فوكو " حينما قال أن إرادة المعرفة هي مجرد شكل واحد من أشكال إرادة السلطة ؟ ، وأيضا حينما اعتبر أن الذات الإنسانية الفردية كتلة من الدوافع والرغبات التي تصوغها علاقات السلطة السائدة داخل المجتمع ؟ .

الثورات العربية ، والمصرية كنموذج تعيد إلينا الجدل المتوفر بقوة في السؤال القديم : هل كانت ما بعد الحداثة استمرارا معدّلا أو محوّرا للحداثة أم قطيعة معها ؟ .. لكنها لن تكتفي بذلك فحسب بل ربما بشكل أقوى ستدعم امتدادات هذا السؤال بتساؤلات أخرى : هذا التنافر أو التعارض الذي يبدو واضحا عند الكثيرين بين فلسفة ما بعد الحداثة وفكرة قيام ثورة شعبية هل يرجع إلى رفض ما بعد الحداثة لوجود الثورة من أساسها أم رفض الإيمان بأنها فعل تغيير للعالم ؟ .. هل استخدام الفيس بوك وتويتر والموبايل وهي أدوات ما بعد حداثية بامتياز تحمل كافة إمكانيات خلخلة المركز وتفكيك البنية ؛ هل استخدامها كأسلحة رئيسية في الثورات دليل على عدم صمود التشاؤم الشهير لما بعد الحداثة في مواجهة خلود التفاؤل الحداثي الذي صاحب مشروع التنوير والذي عمل عليه ( هيجل ) و( ماركس ) وارتبط بتفسير مسار التطور التاريخي ؟ .. هل ما بعد الحداثة تحريض على عدم الحركة المؤطرة باليقين وبحيازة عناصر الفهم والثقة في المصير ، أم تحريض على تأمل الشروط المتعالية والصراعات الملغزة المختبئة وراء الحركة واقتفاء أثر كل محاولة لتأصيل غايات ميتافيزيقية وكشف أمراض علاقات التواصل التي تسعى لتشكيل قواعد للأمان في حماية سلطة ما ؟ .

قد يكون ما أخذته ما بعد الحداثة على عاتقها في هذا الصدد أن تستحضر المتمنع في الثورة بآلية متجردة من الرونق المألوف .. من عوامل الرضى الذهني المعنية بالحفاظ على وحدة القطيع ونظامه لحظة الرغبة في الوصول إلى ما يُعجز عن الاهتداء إليه .. هي تنقب عن سبل منزوعة اللذة لتوفير شعور أكثر إخلاصا بما هو محصن ، ولا يمكن التعبير عنه في الثورة بعيدا عن التناغم الشكلي المبتذل الكامن في طرق مهادنة غيابه الحداثية عبر النشوة والمواساة .

* * *
جزء من كتاب 25 يناير ... التاريخ ـ الثورة ـ التأويل
يصدر قريبا



#ممدوح_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة السُلطة
- المزاولة
- سلطة الصحفي الأدبي من الورق إلى الانترنت
- ” لون الماء ” : ضرورة تشريح الماضي
- الرواية تفكك العالم
- معارض متنقلة
- ترتيبات الوداع
- لست نيكول كيدمان ولكنه أجمل من توم كروز
- جماليات الفضيحة
- بالمليمتر يا حبيبي بالمليمتر
- أسئلة القهر عند ( الغريب ) رامي يحيى
- أن ترى الفراغ
- القسوة
- أورهان باموق في ألوانه الأخرى
- مكان الروح
- أورهان والي : لا مكان للغة بيننا
- أنا لا أتهكم
- لا يزال حيا
- فيران الانفتاح تسطو على وطن ما بعد العبور
- كلمة أخيرة عن سرقة مقالي بجريدة القاهرة


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - ممدوح رزق - الثورة والخيال المابعد حداثي