|
الخدمة العسكرية ومشروع -السلخ القومي-
عصام مخول
الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 12:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
- نحن مواطنون في اسرائيل ليس لاننا هاجرنا اليها، نحن مواطنون فيها لان اسرائيل قامت في وطننا. وحقوقنا المشروعة نابعة بشكل بنيوي عن هذه المواطنة وليست منة من أحد فاطمئنوا ايها الشباب ولا تفتحوا الباب امام اي كان ليساومكم على حقكم في المساواة الكاملة، وعلى مواطنتكم المشروعة وغير المشروطة
ليس من قبيل الصدف أن تشتد في هذه الظروف بالذات الحملة السلطوية المشبوهة لتشويه الوعي الوطني والانساني للجيل الطالع من الشباب العربي. والمشهد البائس الذي شهدناه مؤخرا في عملية الالتفاف المشبوهة على مجموعة من الشباب العربي أبناء الطوائف المسيحية في الناصرة، ومحاولة المؤسسة الامنية الاسرائيلية، اختراق وعيهم الوطني والانساني، والعمل على تجذير وعي طائفي بغيض بدلا عنه، يهدف الى سلخهم عن شعبهم وهمومه، من خلال تحييدهم على أساس طائفي، والانفراد بهم والعودة الى سياسة "فرق تسد" الاستعمارية الكلاسيكية. إن محاولة تهريب عملية "السلخ القومي" هذه على ساحة الاقلية القومية العربية في اسرائيل، وعلى أساس الدمج بين الانخراط في الجهاز الامني من جهة والطابع الديني والطائفي لهذا الانخراط من الجهة الاخرى، هي لعبة خطيرة، أخطر بكثير من الصراع المحلي مع سياسات ابتزازية عنصرية تقوم بها المؤسسة الحاكمة في اسرائيل. ان هذه العملية تأخذ مجراها في سياق إقليمي خطير، وهي محاولة مسمومة لاستنساخ عمليات التفكيك القومي والاثني والديني والمذهبي، التي تجري على قدم وساق في ظل ما أطلق عليه "الربيع العربي". وتستغل المؤسسة الامنية الاسرائيلية أجواء التوتير الاصولي في دول المنطقة، وحرف الانتفاضات الشعبية عن مساراتها، ومناخات تأجيج العدوان الارهابي على سوريا، وتفكيك الاوطان والشعوب، من اجل ان تلقي شباكها بهدف تفكيك الاقلية القومية العربية في اسرائيل على أساس طائفي، وتفكيك وحدتها الكفاحية التي كانت الضمانة الاساسية عبر العقود لصون الجماهير العربية وصمودها وانتزاع حقوقها وبقائها في وطنها. ان هناك في المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة من يتوهم ان الساعة مواتية لاستيراد الخطاب المذهبي والطائفي المدمر والزج به على ساحة الاقلية القومية العربية في اسرائيل التي استعصت تاريخيا على سياسات التفكيك والتمزيق و"فرق تسد " التي دارت من حولها وانشغلت في بناء أطر وحدتها الكفاحية الوطنية والديمقراطية. ومن هذا لمنطلق، فإننا لا نستطيع التقليل من خطورة "إجتماع السلخ القومي " الذي جرى مؤخرا في قاعة بلدية نتسيرت عليت، تحت رعاية رئيس البلدية غابسو المنتمي الى حزب "يسرائيل بيتينو" الفاشي بقيادة ليبرمان، ان هذا الاجتماع يشكل تحديا استفزازيا خطيرا، يعيدنا الى الوراء أربعين عاما على الاقل، ولا يترك خيارا أمام الجماهير العربية الموحدة غير دحره، وتسخيفه والانتصار عليه. ولا زلنا نذكر كيف شهدت مدينة الناصرة في العام 1974 جولة شبيهة من محاولات اصطياد ابناء الشبيبة العربية، حين جرى تجميع طلاب المدارس الثانوية في المدينة في احدى قاعات السينما، ليستمعوا الى رئيس الحكومة آنذاك يتسحاق رابين، وبدلا من الاعتراف بوجود أقلية قومية عربية في اسرائيل لها الحق بالمساواة في الحقوق القومية والمدنية، فقد أصر رابين على التعامل مع الجماهير العربية على أنها (أبناء ميعوطيم) – مجموعة من الأقليات الدينية والطائفية والحمائلية والحاراتية المتنافرة والمتناقضة، لا خيار أمامها الا الاستقواء بسلطة الاضطهاد القومي والاحتماء بأجهزة أمنها بعضها من بعضها الآخر. وجاء رد أبناء الشبيبة في مدارس الناصرة حينها سريعا، حين دوت القاعة في وجه رئيس الحكومة بأغنية "هزي يا نواعم "، استخفافا بعقلية التنكر للاقلية القومية العربية وحقوقها، فطغت أصواتهم الغضة على رسالة المؤسسة الحاكمة، وهزمت أغنيتهم الساذجة، بؤس رسالة رئيس الحكومة وتفرق الاجتماع . لقد كانت "هزي يا نواعم" هذه في أواسط السبعينات علامة نضوج، وردا شبابيا على التحدي السلطوي، مقدمة لتعزيز صياغة الوعي، وصقل الدور الوطني لابناء الشبيبة العربية، الذين تحولوا الى لبنة أساسية في بناء الوحدة الكفاحية للاقلية القومية العربية التي صنعت يوم الارض الخالد في 30 آذار 1976. إن مشاركة عدد من رجال الدين في الاجتماع المشبوه الذي عقدته المؤسسة الامنية الاسرائيلية مؤخرا، مع مجموعة من الشباب العربي المسيحي في الناصرة، تحتاج الى تقديم تفسير واضح، وإلى الاعلان عن انسحاب واضح من هذه اللطخة، حتى لا تحوم الشبهات حول ضلوعهم في مشروع خطير للترويج للخدمة العسكرية في الجيش الاسرائيلي مع كل ما يعنيه ذلك لأقلية قومية تناضل لبناء وحدة الصف الكفاحية في مواجهة تدهور فاشي خطير، من أجل حقوقها القومية واليومية ومن أجل السلام العادل، وفي سبيل تحرر شعبها من نير الاحتلال وبناء استقلاله الوطني. إن الانسحاب من أي دور كان في مشروع الترويج للخدمة العسكرية، مهما كانت مسمياته، لا زال ممكنا، ونحن واثقون ان العديد من الشباب ورجال الدين المشاركين قد غرر بهم، وان العديد منهم قد استوعبوا لاحقا خطورة هذا المشروع وهم مدعوون الى العودة الى الصف الكفاحي الوطني. ان تلكؤ أي من المشاركين في التراجع النهائي عن أي دور في هذا المشروع التآمري يضعهم في خانة الترويج لسياسة يسرائيل بيتينو ومقولات أفيغدور ليبرمان الفاشية التي خاض معركته الانتخابية الماضية على أساسها :"لا مواطنة بلا ولاء ". لقد رفضنا على طول الطريق عقلية لوم الضحية. رفضنا محاولة المؤسسة الحاكمة في اسرائيل أن تدحرج المسؤولية عن سياسة الاضطهاد القومي والتمييز العنصري التي تمارسها تاريخيا، على الجماهير العربية ضحية هذه السياسة. إن هذه المشاريع تهدف الى إقناع الجماهير العربية بأن التمييز العنصري اللاحق بها، ليس نابعا عن السياسات العنصرية التي تمارسها المؤسسة الحاكمة في اسرائيل، بل نابع عن تصرفها هي وعن تقصير المواطنين العرب ونكوصهم عن القيام بواجباتهم. إن هذه المؤسسة تحاول ان تغسل أيديها الملوثة وسياساتها العنصرية بإلقاء اللائمة على شبابنا لتبرير التمييز وتبرير سياساتها. رفضنا اشتراط حصولنا على حقوقنا المشروعة بالخدمة المدنية، ونرفض بشكل أقوى اشتراطها بالخدمة العسكرية. إن مواطنتنا ليست نابعة عن رضا الحكومة علينا، ولا عن رضا المهاجر ليبرمان. فمواطنتنا مشتقة من كوننا أهل هذا الوطن الذي لا وطن لنا سواه. نحن مواطنون في اسرائيل ليس لاننا هاجرنا اليها، نحن مواطنون فيها لان اسرائيل قامت في وطننا. وحقوقنا المشروعة نابعة بشكل بنيوي عن هذه المواطنة وليست منة من أحد فاطمئنوا ايها الشباب ولا تفتحوا الباب امام اي كان ليساومكم على حقكم في المساواة الكاملة، وعلى مواطنتكم المشروعة وغير المشروطة.
#عصام_مخول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليست إسرائيل هي الضحية.. وليست الحل !
-
النووي الاسرائيلي ليس ضمانة للسلام بل العقبة الاساسية أمامه
-
وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل..
-
-القاعدة -... والشذوذ عن القاعدة!
-
المضيق والضائقة! بين مضيق هرمز وضائقة السياسة الامريكية
-
خطر الفاشية.. والأزمة الرأسمالية
-
قرار التقسيم- والخيارات الصعبة
-
سوريا - المطروح للحسم ومرغريت اللندنية!
-
الهستيريا النووية والمؤامرة الامبريالية في المنطقة
-
ما يحدث في سوريا... و-الاهداف الاستراتيجية الكبرى-
-
تصدير الثورة المضادة- عنوان المرحلة! (2)
-
تفكيك اللغز حول الموقف من سوريا!
-
ما بعد مجلس الأمن !
-
بين الانتماء إلى المعركة الاجتماعية وأدلجة ضيق الأفق !
-
توفيق طوبي إسم لطريق مشرّف وعنوان لمرحلة
-
ليس بالعدوان الامبريالي وإنما بمقاومته يتحرر الشعب الليبي!
-
من النظام النووي القديم إلى نظام عالمي جديد مناهض للنووي
-
حين يصبح اللا حل هو الحل !
-
الان جاء دورعادل مناع : التسطيح الاكاديمي والافتراء الفظ على
...
-
لمن هذه الحرب في القوقاز؟؟
المزيد.....
-
مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب
...
-
نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
-
سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
-
الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق
...
-
المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
-
استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
-
المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و
...
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي
...
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|