|
دائرة كينونتنا
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3895 - 2012 / 10 / 29 - 18:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ الوعي الأول للبشر والإنسان يفكر داخل إطار وجوده فمحاولة الخروج عن الدائرة لم تكن قط ناجحة وبالكاد هذا التدبير يصل إلى حدود الممكن منا من إختار العقل كرهان أساسي ومنا من يتحرك في حدود العاطفة ثم اكتشفنا التناقضات التي تكتنف الوجود وعناصره وقد أفادتنا في ما نعنيه وما لا نعنيه لكننا لا ندرك من نكون ولا حتى لما نحاول أن نرى ما لا نستطيع رؤيته المستحيل خط أحمر نقف أمامه بكل ضعفنا وعجزنا وكان علينا أن نؤسس البدايات بالوهم ونحاول الوصول إلى نهاياتنا والتعاطي معها واحدا واحدا وبأقل الخسارات فألفنا روايات صدقناها ونحن نعرف أنها غير صحيحة أو بالأحرى غير مؤكدة . كان علينا أن نخلق لنا آلهتنا نستكين إليها وقت الشدة لأن إحساسنا الجماعي يحتاج لذلك الآلهة تمثل الأمل المرادف لجهلنا بسر الكينونة وفقدان الأمل معناه العجز عن فهم الوجود والعجز عن الإستمرار قي دائرة وجودنا المخيف والمرعب . بعد قطع الأشواط الممكنة توصلنا إلى توحيد آلهتنا وجعلناها تختزل في إله واحد فأعطيناه القدرة ليلهو بنا كيفما اتفق لنا . شريط الوجود تجرأ فلاسفتنا على تحليله فاختلفوا فيه بشكل مثير للشفقة وتحليلاتهم لم تحقق لنا اليقين أنبياؤنا كذلك لم يكن لهم الوقت الكافي لاطلاعنا على مغامراتهم فكل ما شعروا به أو أدركوه كان سرا إضطروا لإخفائه حتى لا ينكشف أمرهم مقابل أن نسلم بما جاؤوا به من حقائق وهمية دون مساءلة وما علينا سوى أن نسلم بما يحكوه لنا وننفذ وأصبح كل شيء مؤكدا بضرب من عمى الألوان. بانعدام القدرة على النهوض إختلطت علينا أمورنا بين معجزات لم يرها أحد وبين تجارب دقيقة ليومياتنا فبتنا في حيرة من أمرنا . المسافة الفاصلة بين ما صدقناه وبين ما لم نصدقه لم تكن كما لم تعد مستقرة بينما حياتنا نفسها تتطور وتتعير باستمرار مضطرد . لكن تفكيرنا في وجودنا ووجود الأشياء من حولنا لا يلبث إلا أن يكون كما هو . غير قادرين على الخروج من الدائرة كما اكتشافاتنا نفسها ثابتة داخل الدائرة ذاتها . نفكر في الموت كأمر واقع مزعج ومرعب ولا ندري الماهية من كونه حتمي وضروري وغير مستحب بينما هذا العدم أثبت جدواه باليقين المرسوم على أفق الوجود ككل . العناصر المرافقة لوجودنا بكائناتها المطابقة للإنسان فينا تحتاج إلى نفس نوعية الطاقة التي تعضدنا والكون الذي يجمعنا مع السديم ليس له اتجاه . بلا حدود وبلا صفة ثابتة قابلة كي ندرك ماهيتها وأنانية واحدة تجمع كل العناصر على طبق واحد غير مفهوم ولا هو محسوم لنوع ما . الخوف وحده يجعلنا نؤمن أو لا نؤمن بأن الله يوجد في الأعلى يراقبنا ونقنع أنفسنا بأنه سوف يرمم عظامنا في برهة زمنية بمكان ما وزمان ما لا يوجد إلا في المخيلة . سوف يفعل بنا ما يريده لنا إن كان خيرا أم شرا في حين الخير والشر نفسهما لا يمكن الفصل بينهما للتناقض نفسه الموجود فينا وفي الوجود ذاته . والمثير للإهتمام هو أن نظام الكون لا يشبه نظامنا اليومي القابل للجدل بل هو نظام لا يختل ولم يختل منذ العصور القديمة لغاية الآن يسير على اتجاهه المعين والمحدد سلفا تعاقب الليل والنهار وتعاقب الفصول بدقة متناهية مثل جاذبية الدائرة والطبيعة تسير على نمطها المستمر الأرض داخل دائرتها والتراب منه تنبت سبل حياتنا للكائنات الحية وكل يؤدي دوره بانضباط صارم الحيوانات تتغذى على بعضها البعض بدون أي معيار أخلاقي كالذي نستعمله مفياسا لتحركاتنا والحياة والموت بميزة واحدة وبفوائد متوازية لبعضها . بحار ومحيطات شاسعة لا يمكن وزنها بالمقاييس التي لدينا تسكنها عناصرها كائنات بأنواع مصنفة بأصل بيئتها لا تحصى ولا تعد ولها شكل حياتها الخاص . الكواكب في الأعلى بالملايين وما فوق تسير وتتحرك وتحيا وتموت في زمنها الذي لا يقاس بزمننا لكنها تحيا وتموت مثلنا . زوابع ورياح وزلازل وبراكن وغيوم وسحب مثقلة بالأمطار برق وصواعق كلها تصعب معالجتها من طرف الإنسان . كل هذه المتحركات قد نجد لها شرحا ليس دقيقا يناسب عقولنا لكن لا شيء مؤكد فالحقائق نفسها لا تلبث أن تتغير ولا أحد يدري كنه هذا الوجود المذهل الذي يحيرنا . أهو الله وحده من كان قادرا على خلق كل هذه المسرحية التي نأخذ دورنا فيها كسائر الكائنات ؟ أهو الله من جعلنا بهذا الإدراك نستغرب لهذا الغموض المرعب الذي يشمل الوجود قبل أن يشملنا ؟ أيكون الله يتسلى بنا أو تكون هناك آلهة وعالم من الآلهة يديرون هذه المسرحية لسبب ما أو لعلة في ضمائرهم ؟ وما هي علة أو أهمية ثنائية الثواب والعقاب بالنسبة لنا ولهم ؟ ما علة أو غاية هذه الأبدية وهذا الأزل في مجمل وجودنا ووجود الله من عدم وجوده ؟ الله وحده هو من يعرف ومن يحق له أن يريد أما نحن فلا حق لنا كيف نفكر في مسألة الوجود لأن عقليتنا غير مجهزة لفك شيفرة ما هو أعلى من وجودنا علينا أن نستسلم فقط ونعيش حياتنا إلى حين نولد ثم نعيش فنموت وإرادتنا لا تخرج عن دائرتنا المحددة سلفا لأن الدائرة وجدت قبل أن يستقيم وجود وجودنا .
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخيال
-
وضاعت الثورة ياحبيبتي- إلى مصر أم الدنيا -
-
الطغاة الجدد
-
المشهد والمشهد الآخر
-
المغادرة
-
الإحتضار العربي
-
العجوز والسيد الطاغية
-
صحافة مسح وتلميع الأحدية
-
بيت القصيد- مهداة إلى الشاعرين المغربيين / عبد الكريم الطبال
...
-
المرآة لا تشعر بالخوف مثلنا
-
EL CHARCO
-
إنتمائي الكوني
-
التفاحة فاسدة
-
جئتكم ياأبنائي بقصيدة لو تذوقتموها لنعدم أثري
-
همسات الأرواح
-
ذات يوم
-
في البحيرة
-
الحرية والكرامة لا تتعايشان مع العبودية والإستبداد
-
العنقود الذي لم ينضج بعد
-
ميلانكوليا المجرة
المزيد.....
-
فوق السلطة.. وزير فرنسي سابق: الإسلام الدين الأكثر اعتناقا و
...
-
كل ما تريد معرفته عن دورة العاب التضامن الاسلامي واماكن إقام
...
-
ترامب يشتم النائبة المسلمة إلهان عمر ويدعو لعزلها.. فما الأس
...
-
إنتخابات الكنيسة السويدية الأحد - ممارسة ديمقراطية في مؤسسة
...
-
عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي
...
-
عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي
...
-
نيويورك.. يهود يتظاهرون احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعات
...
-
يهود يتظاهرون في نيويورك احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعا
...
-
القمة العربية الإسلامية في الدوحة.. نجاح مرهون بمراجعة التحا
...
-
التعليم كجبهة في الحرب الناعمة: بين الاستخراب الغربي وبناء ا
...
المزيد.....
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
المزيد.....
|