المغرب العربي والخليج

حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 17:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الشمال الإفريقي,متشبت بالرغبة الملحة لأجل الوحدة,وهي أقرب من الوحدة العربية,بفعل عوامل متعددة,جغرافية وتاريخية,ورغم العوائق,والصراعات الخفية,تدرك دول المغرب العربي,حاجتها لبعضها,واستحالة استمرار عزلتها,في سياق ظهور تكتلات اقتصادية عالمية وجهوية في كل القارات,بل إن الكثير من الدول الإفريقية,بدأت تتقارب سياسيا,لأجل بناء شكل من أشكال التعاون الإقتصادي والتجاري,وقد أدرك المغرب العربي,حاجته الملحة للتعاون مع دول جنوب الصحراء,بدل خوض صراعات على أرضها,بدأت هي نفسها تستاء منها,وتبعث برسائل إلى هذه الدول,تحثها فيها على إيقاف الصراعات الخفية,والزعماتية,فلم تعد دول إفريقيا جنوب الصحراء,تقبل بالتبعية والوصاية,لأن هناك لاعبين جدد,دخلوا القارة السمراء,وأخذوا يعدون العدة لخلق شراكات جديدة مع هذه الدول,كالصين وإيران ودول أمريكا اللاتينية,واشتدت التجاذبات,بحيث حضرت الولايات المتحدة الأمركية,بل حتى إسرائيل,جددت شبكاتها القديمة,لتستفيد مما سيظهر مستقبلا من رهانات,اقتصادية وسياسية.
ترى ما هي رهانات دول الخليج العربي على دول المغرب العربي؟
هل تستطيع دول المغرب العربي خسران بعضها لأجل الإنخراط مع دول الخليج في شراكات؟
1رهانات الخليج العربي
تدرك هذه الدول أهمية الموقع الجغرافي,وتسعى لاستثماره اقتصاديا,أي القرب من أروبا,كما أن هناك مزايا اليد العاملة,التي تفضل في هذه الدول الهجرة إلى أروبا,ولا تسافر للخليج إلا نسبة قليلة جدا,والرأسمال الخليجي,يسعى لتنويع استثماراته أيضا,كاستراتيجية ربحية,خصوصا بعد الأزمة التي عاشتها الدول الأروبيةووالتي تعاملت بحسم وصرامة اقتصادية,مع رؤو الأموال الخليجية,بحيث لم تتقبل,سحب مالية الخليج عندما خسرت البنوك,وتأزمت الأوضاع الإجتماعية,بحيث كانت أروبا تلعب بأوراق سياسية مع الرأسمال الخليجي,خصوصا للشخصيات السياسية,التي تفضل سرية في تعاملاتها المالية,فكان عليها حفاظا على ذلك عدم سحب أموالها,بل مضاعفة استثماراتها حماية لسوق المعاملات التجارية والبنكية الأروبية,بل حتى الأمريكية ,التي حاولت الإستفادة من ماليات دول الخليج العربي,ولو من خلال تنشيط سوق الأسلحة التي اقتنتها تقريبا كل دول الخليج,وعملت على صيانة المصان منها في خزائنها.
2توجسات المغرب العربي
سياسيا,تدرك هذه خطورة الإنفتاح على دول الخليج العربي,التي كانت ولازالت مصدر انتشار الفكر السلفي,التقليدي منه وحتى الجهادي,والذي دفعت ثمن انتشاره وتقويته العديد من دول المغرب العربي,في مواجهات مسلحة,تحولت إلى حروب أهلية,عصفت باقتصاديات دول بأكملها,مثل الجزائر وإلى حد ما مصر نفسها,وقد امتدت تداعيات الفكر السلفي إلى تونس,والمغرب نفسه لم يكن بعيدا عن هذه المواجهات,ولا يمكن لدول المغرب العربي,غض الطرف عن الحركات الدينية,التي تمد خيوطها الثقافية التقليدية,وصارت لها أذرع اقتصادية,مثل البنوك الإسلامية وغيرها من التجارات الصغير والمتوسطة,هذه التخوفات لا تمنع من استقبال الرأسمال الخليجي,ولكن بحذر,قد لا يرضي الفاعلين الإقتصاديين الخليجيين,إلا إن أرادت بعض دول المغرب العربي المزايدة على بعضها,والتضحية بأمنها,الديني والثقافي,والذي قد يتحول إلى مشاكل اجتماعية تنضاف لما تعانيه أصلا من اختلالات اقتصادية,ولذلك فإن خيارات المغرب العربي,حول الوحدة,مفروضة في سياق تاريخي واقتصادي,ولا يمكن لاستثمارات دول الخليج ان تكون بديلا له,على المدى البعيد.
3مالية الخليج والتنمية
هناك رأسمال تنموي,صناعي,وحتى عندما يكون تجاريا,فإنه يخلق صلات بالصناعة ويدعمها,ويحفزها ليزداد اتساعا,مثلا فالتجارة تفرض,لتصير دولية أسطولا قويا,تمتد به لكل بقاع العالم,وتتفاعل مكونات المجتمع على خلق الصناعة ودعمها لتحريك العجلة التجارية,كما أن هذه الصناعات لا يمكن أن تستمر بدون دعم البنيات العلمية,والبحث العلمي,لفتح آفاق أمام التطور العام والتنمية الإقتصادية والإجتماعية,التي تعتبر دعامة أساسية لتقوية الدولة,الحامية للدينامية الإقتصادية والمراقبة لها,حتى تؤدي التعارضات بين الفاعلين,إلى المس بالتنافسية الوطنية,والرأسمال الوطني,الذي يحتاج لحماية وتطوير,بعيدا عن التنمية الشكلية التي تختزل في عدد اليد العاملة المؤهلة تقنيا,والتي تظل معلقة برأسمال غير مضمونة ديناميته وقدرته على التنافسية الدولية وربما حتى الجهوية التي تعرف على مستوى القارات والتكتلات الإقتصادية.
حميد المصباحي كاتب روائي

#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل