أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الغني سلامه - أطفال طالبان














المزيد.....

أطفال طالبان


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 12:12
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


بثت قناة العربية فيلما وثائقيا حمل عنوان "أطفال طالبان"، يتحدث الفيلم عن كيفية تجنيد "تنظيم طالبان" للأطفال في وادي سوات، في منطقة القبائل على الحدود بين باكستان وأفغانستان. ويُظهر الفيلم كيف تبدأ الجماعة بتجنيد الأطفال مبكرا وهم في سن الخامسة والسادسة، من خلال دعوتهم للمسجد أولاً، وتحفيظهم آيات من القرآن الكريم، وتلقينهم دروسا دينية منتظمة إلى أن يبلغوا العاشرة؛ لتبدأ بعدها المرحلة الثانية، وهي تهيئتهم لتقبّل فكرة العمليات الانتحارية، من خلال تشريبهم مبادئ الجماعة وأيديولوجيتها المتشددة، ثم تدريبهم فعليا على الأعمال القتالية، إلى أن يتم إرسال من يقع عليه الاختيار إلى أحد الأهداف ليفجّر نفسه هناك.

ومنطقة وادي سوات التي تسيطر عليها "طالبان" تعتبر من بين أكثر المناطق في العالم بؤسا وفقرا، وأقلها أمنا. ومؤخراً وقّعت الحكومة الباكستانية (برئاسة زرداي) اتفاقا مع "طالبان" على تسليمهم المنطقة ليحكموها بشريعتهم وحسب قوانينهم، تحت شعار تطبيق الشريعة الإسلامية، مقابل وقف الحرب بين الطرفين. أي يمكننا القول أن الحكومة الباكستانية باعت الوادي وسكانه لتخلّص نفسها من هذا الصراع الدامي. ومع هذا، لم يؤدي تطبيق الشريعة من قبل الحكومة ولا من قبل الطالبان نفسها إلى وقف نزيف الموت في الإقليم المضطرب. بل على العكس؛ فبسبب الأسلوب الأمني الذي تعامل فيه الجيش الباكستاني مع "المتمردين" والذي اتسم بالبطش والقسوة، لدرجة دك قرى بأكملها وتشريد سكانها، فقد أدى هذا الأسلوب "البدائي" إلى زرع الكراهية والحقد في نفوس السكان، وبشكل خاص الأطفال والمراهقين، حيث وجد الكثير منهم أنفسهم بلا مستقبل وبلا بيت وبلا أهل؛ فكانوا صيدا سهلا لجماعة الطالبان.

ولم يكتفِ "المجاهدون" بمشاهد التخلف والظلم الذي يلف البلاد، ولا بصور الجوع والحرمان الذي أنهك العباد، وأفواج النازحين المشردين الهائمين على وجوههم، الهاربين من جحيم المعارك إلى مخيمات تنعدم فيها شروط الحياة، وليس فيها نظام ولا قانون .. فبدأوا بخطف الأطفال من أُسَرهم، مستغلين فقرهم المدقع وخوف أهاليهم من معارضتهم لهم؛ إذْ لم تجد تلك الأُسر المغلوب على أمرها أمامها خيارا لتجنب العواقب سوى تسليمهم أبناءهم لمعسكرات طالبان، مقابل إطعامهم هم وأسرهم. بعض الأُسَر – كما أشار الفيلم - تتلقى مخصصا شهريا كثمن لابنهم المخطوف رغما عنهم.

وفي الفيلم، يظهر طفلان يلعبان معاً بمرح، وقد بديا صديقين حميمين؛ فتسأل الصحافية الطفل الأول: ماذا ستصبح عندما تكبر وتصبح رجلا ؟ فأجاب على الفور: سأصبح مقاتلا مع الطالبان. ثم تسأل الطفل الثاني نفس السؤال، فيجيب بنفس التلقائية: سأصبح ضابطا في الجيش الباكستاني. فتعود بالسؤال للطفل الأول: ماذا عساك فاعلا إذا قابلت صديقك في الميدان ؟ أجاب بكل ثقة: سأقتله، خاصة إذا ارتكب أي خطأ. ثم توجهت بنفس السؤال للثاني، فأجاب بثقة شبيهة: سأقتله، لأنه متمرد على الجيش.

وفي هذا المشهد السريالي نجد أن طفلين صديقين يحلمان بقتل بعضهما البعض عندما يكبران !! يحلمان بالقتل، ويؤجلان موتهما إلى حين ميسرة .. ولا يريان من صور المستقبل إلا صورة الحرب والقتل !! كيف يمكن أن يحدث مثل هذا ؟!

الإجابة على هذا الموت المؤجل، تبدأ باكرا .. في سن الخامسة، عندما يخطف "الطالبان" طفلا من حضن أمه التي ثكلتها ورملتها وأقعدتها الحرب .. يحفّظونه القرآن الكريم، وهو طبعا لن يفهم منه شيئا - فهو لا يعرف العربية – ولكنه يردده وهو يترنح ويهز رأسه للأمام والخلف، شاعراً أن ما يسمعه هو كلام مقدس، وبالتالي كل ما له علاقة به، وبمن يلقنه إياه سيصبح مقدسا، ويصبح للشيخ الطالباني في هذه الحالة سطوة الساحر على قلب الطفل، وتصبح أوامر قادة الطالبان بمثابة الأوامر الإلهية.

يحفّظونهم القرآن بعد أن يجردوه من كل آيات الرحمة، وينزعون عنه سمات الجمال الروحية.

ثم يقولون له: عليك بمجاهدة الكفار وأعداء الله .. والكفار هم كل من لا يدين لهم بالطاعة والولاء.

ثم يقولون له: هذه الدنيا فانية ولا تستحق أن تُعاش .. زعاماتهم فقط من يستحق العيش.

ثم يقولون له: الموت نعمة، لأنك بمجرد أن تستشهد ستجد نفسك في الجنة... أما هم فيريدون جنة الأرض العاجلة.

سيحدثونه عن الحور العين .. أما هم فلا يتأخرون عن اغتصاب الفتيات النازحات، ثم رجمهن .

سيحدثونه عن الفضيلة .. ثم يتجهون لحصاد مزارع الأفيون.

وبعد غسل الدماغ هذا، لن يجد الفتى صعوبة في ارتداء الحزام الناسف، ونسف حياته وحياة آخرين معه.

في باكستان وحدها يوجد 18 مليون طفل، (عدى عن أفغانستان التي تعيش ظروفا اسوأ)، وإذا ما وسعت "طالبان" دوائر حربها، وأحرزت مزيدا من المكاسب، وبسطت نفوذها هناك، سيكون لديها مخزون من القنابل البشرية ما يكفي لإعادة مدن العالم وحواضره إلى زمن اكتشاف الزراعة.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قفزة فيليكس، والمفتول الفلسطيني وتحطيم الأرقام القياسية
- هل هؤلاء بشر !؟
- من بغداد إلى غزة .. حرب على الثقافة
- في ذكرى اتفاقية أوسلو - هل هنالك إمكانية لإلغائها ؟!
- 13 دقيقة هزت العالم الإسلامي .. هل يستحق الفلم كل هذه الضجة ...
- عن الربيع الفلسطيني - محاولة لفهم ما يجري الآن في فلسطين
- راشيل كوري تفضح الاحتلال مرتين
- هل حقا هبط الإنسان سطح القمر ؟! مع وفاة أرمسترونغ
- جرائم اللاشرف
- العالم بعيون سيدة منقَّبة
- لقاء صريح مع د. سلام فياض
- أين عقولكم يا مسلمين ؟!
- بقايا
- كيزي .. ستظلين معي أمام عيني
- عازف الكمان
- إنتحار ثلاثون عبدا
- مذابح بورما .. مرة أخرى
- مذابح بورما .. هل هي حقيقية ؟!
- هل الديمقراطية هي الحل ؟
- أنا أعرف من قتل ياسر عرفات


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الغني سلامه - أطفال طالبان