أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - عازف الكمان














المزيد.....

عازف الكمان


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3797 - 2012 / 7 / 23 - 18:53
المحور: حقوق الانسان
    


الكثير منا يتذكر قصة "كونتاكنتي" بطل مسلسل الجذور الذي عُرض في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، ولكن القليل من يعرف قصة "فيدلر" عازف الكمان وصديق "كونتا"؛ سأحكيها لكم باختصار:

كان البيض يصدقون روايات تجار العبيد، أنهم اصطادوا عبيدهم من على رؤوس الأشجار، وهم يتنازعون مع القردة على ثمار الموز .. أما "فيدلر" فكان مهووسا بإثبات إنسانيته، تعلم عزف الكمان بمفرده، حتى صار عزفه شجيا ورائعا على نحو لا يصدق، لم يكن يعمل في الحقول كباقي العبيد؛ لأن سيده أراد استثمار موهبته؛ فصار يصطحبه إلى الحفلات، ويمنحه مقابل كل حفلة دولارا واحدا.

كانت طبول إفريقيا يرن صداها في جوفه، ومن بين أصابعه تقطر الموسيقى، كانت ألحانه نزفا موجعا من الحنين، أما هو فكان يخبئ سره الكبير، حتى فاض به ذات مساء، فأسر لصاحبه قائلا: اسمع يا "كونتا" لقد احتفظت بهذا السر عمرا بأكمله، ولم يعد بمقدوري أن أحتفظ به دقيقة واحدة إضافية، سأحكيه لك على أن تعدني أن لا تبوح به حتى ينقضي نهار الغد.

حملق "كونتا" به، لكن "فيدلر" لم ينتظر؛ فقد كان مذهولا من شدة الإثارة، ويكاد أن يقفز من شدة الفرح، وقال: لقد نجحت أخيرا، غدا صباحا سأرمي في وجه "وولر" سبعمائة دولار دفعة واحدة، أنا متأكد أنه سيرضى بهذا المبلغ الكبير، وسيمنحني حريتي .. نعم سأشتري مستقبلي بهذا المبلغ الذي ادخرته على مدار ثلاثة وثلاثون عاما .. الله ما أجمل الحرية .. سأسبق الريح نحو الشمال، يقولون أنه هناك بإمكان السود أن يعيشوا حياة طبيعية، سأواصل العزف على الكمان، وسأبدأ في العزف على القيثارة، سأشتري كتبا وأزهار، سأرتدي ملابس نظيفة، سيكون لي بيت صغير، تحفه أشجار السرو، وربما أربي كلبا ... أتعلم يا كونتا كم مرة راودني هذا الحلم ؟؟ كم مرة عددت المبلغ ؟؟ لقد تطلب الأمر مني العزف أكثر من تسعمائة حفلة، وتوفير كل بنس .. ألن تقول لي مبروك ؟!

كان "كونتا" مصعوقا لدرجة تمنعه من الكلام، وسرعان ما ذرف دمعة ساخنة، وقال بصوت متحشرج: يبدو الأمر رائعا لدرجة خرافية، وحضن "فيدلر" الذي خرج مسرعا يتراقص ملوّحا بيده ويبتعد شيئا فشيئا حتى ذاب في العتمة ..

في الصباح كان "كونتا" متشوقا لوداع صديقه أكثر من أي شيء آخر، انتظر حتى استوت الشمس في كبد السماء، فاستبد به القلق، بحث عنه في أرجاء المزرعة ولم يجده، سار نحو السياج، رأى تحت الشجرة بالقرب من جدول الماء حذاء صديقه، أسرع قليلا والتف من الجهة الأخرى، كانت نظرة واحدة في عيني "فيدلر" هي كل ما يحتاج لمعرفة ما حدث، لقد خبا بريقهما وراح النور من وجهه، لم يقل شيئا في البداية، إذْ كانت الدموع تنهمر بغزارة على وجنتيه، ثم قال بصوت منكسر: لقد أخبرته عن الموضوع، لكنه أجاب إذا كنت تريد شراء حريتك فإن السبعمائة دولار هي مجرد دفعة أولى، حيث ارتفعت أسعار العبيد مؤخرا، وبإمكاني أن أبيعك لقاء ألفين وخمسمائة دولار، وقال إنه علي أن أتفهم موقفه، وأمرني وأنا خارج أن أطلب من زوجتي أن تعد له القهوة.

ثم صاح بغضب "ابن الزانية" وألقى بالكمان في الجدول، أراد كونتا أن يلتقط الكمان قبل أن يغرق، لكنه لمح أنه قد تعرض لضربات عنيفة كسرت أجزاء منه على نحو يتعذر إصلاحه.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتحار ثلاثون عبدا
- مذابح بورما .. مرة أخرى
- مذابح بورما .. هل هي حقيقية ؟!
- هل الديمقراطية هي الحل ؟
- أنا أعرف من قتل ياسر عرفات
- الأبارتهايد بين إسرائيل وجنوب إفريقيا 2-2
- الأبارتهايد بين إسرائيل وجنوب إفريقيا 1-2
- إسرائيل على الجبهة الإفريقية 2 - 2 دراسة في العلاقات الإسرائ ...
- إسرائيل على الجبهة الإفريقية - دراسة في العلاقات الإسرائيلية ...
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية - الملخص والخاتمة
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية 3-3
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية 2-3
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية 1-2
- الفيزون في جامعة النجاح
- سبعة أشكال في حُبِّ وكُرْه الجَمال
- أثر الربيع العربي على المرأة العربية
- عيد الأم في الربيع العربي
- الإيمو .. الضحية والجلاد
- المتضامنون الأجانب والقرضاوي وزيارة القدس
- الموقف الملتبس من الثورة السورية


المزيد.....




- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - عازف الكمان