أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد حميد الموسوي - سلطات الاستبداد















المزيد.....

سلطات الاستبداد


السيد حميد الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 3875 - 2012 / 10 / 9 - 20:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المواطنة: هذه المفردة التي صارت أكثر تداولاً في الآونة الأخيرة. وصار الاحتكام الى معاييرها شعارجميع الحركات والتجمعات السياسية. يبدو إنها أخذت توظف حسب روى وايديولوجيات كل فريق على هوى تصوراته، ووفق مقتضيات برنامجه السياسي، وخططه المستقبلية وكون الاحتكام الى الموازين الإعتبارية: من إخلاص، ونزاهة، وكفاءة. والتي ترتبط إرتباطاً مباشراً، وتنشد إنشداداً وثيقاً بروح الانتساب لهذه البقعة الخالدة، تحظى بمباركة الشرائع السماوية، ومصادقة وتأييد الأعراف والقوانين الوضعية المحلية والعالمية على حد سواء، كونها معايير حضاريةً أثبتت جدواها وتجلت نتائجها في التقدم المذهل والازدهار الاقتصادي، والاستقرار الأمني والنضوج السياسي الذي حققته الشعوب التي تبنت هذه المعايير وتمسكت بها منهجاً ووسيلة.
وحتى تؤتي الدعوات الي تتبنى هذه الأساليب في عملية التغيير وبناء العراق الجديد.. ثمارها، يجب أن تبتعد عن الأهواء والمصالح الشخصية الضيقة، وتتجنب الصراعات الفئوية المقيتة، وأن لا تتحول الى مجرد شعارات عريضة، وعناوين دعائية وقتية للطعن بهذا الطرف والاساءة الى ذلك. وكم هو مشين إستغلال القيم الإنسانية ومبادئ الخير والجمال في تغييب الوعي العام، وتطويعها لصالح الأغراض والمزايدات المفضوحة.
إن تعاقب الحكومات الشوفينية والسلطات التعسفية التي حكمت العراق بالظلم والاستعباد منذ بداية الحكم الوطني أضعف روح المواطنة لدى مكونات الشعب العراقي، حيث مارست تلك السلطات سياسة التكتل الطائفي وتغييب الهوية الوطنية بإشاعة أساليب القمع والاقصاء والتخوين. وظل المواطن العراقي عبر مراحل التاريخ وعلى الأقل منذ تأسيس العراق الحديث.. ظل يتطلع الى قيام دولة حديثة متوازنة ترأسها حكومات منتخبة تمثل أطياف العراق التي رسمت خارطته. لكن مصالح الدول الكبرى وسياساتها الملتوية وقفت حائلاً دون ذلك، فمقتضيات أهدافها الاستعمارية التي نحت منحىً خبيثاً تبنى إسلوباً جديداً من الاستعمار المبطن تمثل بايجاد بؤر للتوتر في المناطق التي ينهون فيها إستعمارهم المعلن بعد أن يحكموا قبضتهم عليها من خلال حكومات دكتاتورية تدين لهم بالولاء وتنفذ مشاريعهم الاستعمارية. وهذا ما حصل فعلاً منذ دخول القوات البريطانية الى العراق سنة 1917 وبداية الحكم الملكي، ثم حكومات الانقلابات العسكرية، وآخرها تسلط حزب البعث الشوفيني الذي جعل المواطنة مرهونة بالولاء للحزب، والولاء للحزب مرتبطاً بالطاعة العمياء للقائد الضرورة وهذه الطاعة يجب أن تثبت عملياً باستباحة كل شيء. وانتهاك كل مقدس وارتكاب كل جرم. واهانة كل رمز. وخلاف ذلك فالكل متهم، والكل مخون.
والكل مهدد بالنفي واسقاط الجنسية، فيما إذا فلت من الاعدام بقدرة قادر!. وسلوك هذا دأبه، وعصابة هذه أساليبها من الطبيعي أن تدفع المواطن -شاء أم أبى- الى الاصطفاف مع قومه، ومع مذهبه عله يحمي نفسه من سلطة تنظر اليه كعبد آبق، أو كافر مشرك. وعندها ينتفي أي دور للمواطنة الحقة.
على أننا لا نريد تبرير بعض السلوكيات، ولا نجد في الانتساب الى العرق أو الطائفة خياراً وحيداً، وملجأً آمناً، بقدر ما نحذر من تكرار تجربة السلطة المقبورة التي أسست لهذا الاتجاه المنحرف، وسنته منهجاً سيئاً، وطريقاً أخرق لتشتيت وحدة شعب متعدد الطوائف والأعراق والأديان.
لا ندري كيف صار التنوع العرقي والمذهبي الذي صبغ المجتمع العراقي بطيفه الجميل، وطبعه بصفات محببة لأزمته منذ تأسيسه، ومازته عن كثير من شعوب المحيط الإقليمي والعربي، حتى غدا سمة للتآلف والتعايش بود، لا ندري كيف تحول الى معادلة ظالمة تمثلت بهيمنة واستبداد حزب واحد تمحور خبثاً حول عشيرة واحدة؟. ثم عائلة واحدة، فرضت على العراقيين حتميةً معاصرة، وحكمتهم بالحديد والنار وأدخلتهم في آتون سياستها الخرقاء مرغمين طيلة أربعة عقود سود من التعسف والتنكيل والقتل والتشريد، واسقاط الهوية. لتقتل بذلك روح المواطنة وتذوب مشاعر الانتماء لوطن كبير وكأنها تقول للعراقي باستفزاز صريح: هذا هو الوطن الذي لا تمتلك فيه شبراً، فيه تهان وتقتل، وتنفى، وينتهك عرضك ومقدساتك وتمحى من هويتك.
وبعد أن تسد بوجهه جميع الأبواب لا يجد مناصاً من اللجوء الى الاصطفاف مع قوميته وطائفته والالتفاف حول مذهبه والتمسك برموزه. كعملية تعويض قسرية، وحماية للنفس من الضياع، واثباتاً لوجود، لتصبح المواطنة أمراً منسياً أو مثالية زائدة على أحسن التقديرات. وبذلك تكون نظرية المؤامرة قد حققت أهدافها، ونالت الدوائر الامبريالية مبتغاها على يد موظفيها الذين زرعتهم في قلب الحدث بدقة متناهية.
أن سقوط الصنم، وزوال سلطة الرعب والخوف وشروق شمس الحرية مبشرة بعهد جديد من التسامح ولم الشمل ورأب الصدع بقيام نظام ديمقراطي تعددي، ونشوء دولة القانون العادل والحق الذي ينظر الى العراقيين جميعاً بعين واحدة كونهم الغاية والوسيلة واعتبارهم لبناة بناء هذا الوطن الشامخ وشركاء متحابين فيه بعيداً عن كل أشكال التسلط والتعسف تأسيساً لعراق جديد. كان المفروض بجميع العراقيين أن يستقبلوا هذا التغيير بروح جديدة، وروى معاصرة متحررة من عقدة التسلط والمكابرة خاصة وهم يرون رأي العين، ويشهدون بالمحسوس والملموس ما آلت اليه سياسات القمع والقهر والتسلط وما جرته على البلاد والعباد من حروب وخراب ودمار، وكيف تهاوت كهياكل كارتونية، وتكشف للقاصي والداني زيف غطرستها وعجرفتها، تهاوت ذليلة تتبعها اللعنات بعد أن تخلت عنها الجماهير التي قاست تبعات ظلمها وجورها، فكان في سقوطها أبلغ الدروس والعبر لكل الطواغيت، فهل من معتبر؟!.
ومع اعتقادنا الراسخ بحرية رأي الآخرين، وايماننا المطلق بأن لكل رؤاه وطريقته وقراره في تحديد مديات وقراءة المشهد، وأن من حق الجميع رسم الصورة المستقبلية لعراق ما بعد التغيير، شريطة أن لا تكون تلك الروئ والاجتهادات والتصورات غير منتجة، أو تتحول الى أدوات تعطيل لمسيرة الشعب، وعرقلة تحقيق حلمه الذي ضحى من اجله بآلاف الشهداء وأنهار الدماء في سبيل بناء دولة الحرية والعدالة في ظل نظام ديمقراطي تعددي.
إن الطريق الى المشاركة في العملية السياسية، واضح وسالك وجلي. كما أن برنامجها صريح ومحدد المعالم، ويأتي في مقدمة هذه المعالم احترام الارادة الوطنية التي صوتت على الدستور واختارت الانتخابات إسلوباً لبناء دولة القانون. واعتماد مبدأ الشراكة والتوافق والتعددية في إدارة الدولة. واشراك جميع مكونات الشعب العراقي وقومياته في القرار السياسي. والعمل المخلص الجاد على بناء الاستقرار السياسي والامني. والذي سيؤدي بدوره الى إقامة دولة العدل التي تعيد لكل ذي حقٍ حقه، وتتعامل مع العراقيين كل العراقيين وفق معايير المواطنة الحقة، بعيداً عن كل أشكال الاصطفاف العرقي، والطائفي والمذهبي.
وعند ذلك يرى العراقي نفسه ملزماً بالعودة الى جذوره الضاربة في عمق تربة آبائه وأجداده، المرتوية بماء دجلته وفراته.. الى أصالته التي باعدت بينه وبينها سلطات الجور والتعسف.. الى عراقيته التي غيبتها الشوفينية والعنصرية والتطرف مع احتفاظه بانتسابه المشرف لأمته التي أنجبته، ويتمسك بدينه وشريعته وطقوس تعبده. وتضامنه مع حركته وحزبه وتجمعه ما دامت كل تلك التسميات تنظوي تحت خيمة العراق الفارهة.
وعند ذلك فقط تسارع المواطنة مرفرفة بجناحيها الغضرين لتستقر وسط أعماق المشاعر، وتغفو في شغاف القلوب.



#السيد_حميد_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تفعلوا قوانين حماية الفقراء ؟.
- صناع الحياة .. مضوا
- وقود الزمن الرديئ
- لحس الكوع
- ديمقراطيتكم في خطر
- ارثنا المضاع
- عاشر النياسين
- العراقيون جديرون بقيادة العالم العربي
- العراق بين علل الداخل وطعنات الخارج
- طائفية وشوفينية المعارضة السورية
- رواد الثورات ومختلسو ثمارها
- من اعطى لأميركا حق الوصاية على العرب ؟!.
- تسمع منظمات حقوق الانسان


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد حميد الموسوي - سلطات الاستبداد