|
الإكتساح الكبير هو بداية للأفول
محمد السلايلي
الحوار المتمدن-العدد: 3874 - 2012 / 10 / 8 - 16:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفوز الساحق الذي حققه حزب العدالة و التنمية في الانتخابات الجزئية التي جرت مؤخرا بطنجة و مراكش، أصاب العديد من الدكاكين الانتخابية بحالة من الدعر الشديد وبث فيها الهلع من امكانية مسحها بالكامل خلال الانتخابات المحلية و الجهوية المقبلة خلال سنة 2013. لتبدأ من المقربين المتحالفين مع البيجيدي في الحكومة التي شكلها لفرملة سير الحراك الشعبي الذي تقوده حركة 20 فبراير، وبالتحديد لحزب وزير الداخلية امحمد العنصر، الذي ناله و ووزرائه وابل من الانتقاد من طرف أعيان الحركة الشعبية الذين ينتعشون على الانتخابات و يتغذون منها. تقول الأخبار أن اجتماع مراكش بين العنصر و منتخبي الحركة الشعبية كان أشبه ب"منذبة" حيث تم توجيه اللوم للعنصرالذي قبل المشاركة في حكومة بنكيران. و تعد الحركة الشعبية الاخت الشقيقة لجزب العدالة والتنميةالذي تشكل منالحركة الشعبية الدستورية سابقا التي انشقت عن حركة أحرصان سنة 1967 تحت قيادة عبد الكريم الخطيب، أمينها العام الحالي عبد الاله بنكيران رئيس الحكومة. شعبوية أمازيغية تلتقي مع شعبوية اسلامية لخدمة النظام السياسي المسيطر. ورغم أن الكثير يتحفظ على ادراج العدالة و التنمية ضمن الاحزاب الادارية، فان الدولة كشفت بما لا يدع للشك، عن علاقتها العميقة بهذا المكون السياسي المغروس في أوساط اجتماعية متناقضة تحت يافطة الدين، لمواجهة عواقب الثورات الشعبية التي أطاحت برأس العديد من الانظمة الشمولية بالمنطقة. من هذه الزاوية أعيان حزب العنصر متخوفون من مستقبلهم الانتخابي. وبالمغرب، فان من يذهب لصندوق الاقتراع يفعل ذلك نتيجة لاطماع و طموحات شخصية لا علاقة لها في الغالب ببرامج الاحزاب و توجهاتها السياسية. حيث ان جزءا مهما من الطبقة الوسطى أصبحت منسجمة مع شعبوية رئيس الحكومة" الاسلامية " الذي يقول الشيء و يفعل نقيضه دون حرج؟ الحزب الثاني المشارك في الحكومة، ولم يخف بدوره مخاوفه من المسح الانتخابي، حزب التقدم و الاشتراكية، أي الحزب الشيوعي المغربي سابقا. هذا الحزب منذ بداية التسعينات، فتح أبوابه للأعيان و سماسرة الانتخابات للولوج للمؤسسات المنتخبة. ومشاركته في الحكومة " الاسلامية" أفقدته صداقته التقليدية بالحزب الشيوعي الفرنسي، الذي قطع علاقته به مؤخرا بسبب تحالفه مع الاسلاميين. والسيد محمد نبيل بنعبدالله الامين العام الجديد للتقدم و الاشتراكية أمام منتخبي حزبه هو الاخر، لم يخف هواجسه من عدم التمكن من الحفاظ على مقاعده في المجالس الجماعية و الجهوية وهيئات المأجورين و المهنية. ويبقى حزب الاستقلال المشارك القوي في الحكومة، القلق الفعلي الذي يتهدد بنكيران. فانتخاب حميد شباط على رأس حزب البورجوازية التقليدية، هو بمثابة عصا بيد أطراف من الدولة لضبط النوايا غير المعلنة لحزب المصباح الاسلامي. والتلويح بتعديل حكومي بين الفينة و الاخرى، يدل على أزمة العمل الحكومي ووضعية اللا-استقرار السياسي التي تشهدها البلاد منذ السنة الفارطة. ورقة شباط جاءت مشابهة لورقة بنكيران التي أخرجها القصر في الوقت المناسب لامتصاص غضب الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد و الاستبداد. فبعد الانتقادات التي وجهها الشارع الاحتجاجي لآل الفاسي و الفضائح التي تلاحق قيادات هذا الحزب و وزرائه، جيء بحميد شباط لترميم صفوف الاستقلال و تحويل الانظار عن رموز الحزب و اطره المورطة في ملفات فساد كبرى. من خارج الحكومة، و بعد التدحرج الانتخابي لحزب عبد الرحيم بوعبيد، بسبب انغماسه في اللعبة المخزنية وفقدانه لمحيطه الطبيعي، يعد حزب صديق الملك، الاصالة و المعاصرة، الغريم السياسي لحزب العدالة و التنمية، المنافس الفعلي للاسلامين على لعب دور الكومبارس الحكومي. فيما يشبه الهذيان السياسي، فجر الياس العمري، وهو قيادي بحزب الاصالة مثير للجدل و اللغط الاعلامي، غضبه على وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية المحسوبة على القصر. متهما غياها بلعب دور في فوز الاسلاميين في الانتخابات الجزئية بطنجة من خلال استغلال الأئمة والمساجد.؟ وتساءل العمري الذي جاء لحزب صديق الملك علي الهمة مع كوكبة من "اليساريين" الانتهازيين، : "هل وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية تقوم بالفعل بتدبير الشأن الديني و الدفاع عن امارة المؤمنين أم أنها باتت تعتبر جزءا من مخطط يستهدف المغرب؟" في إشارة للدور المتزايد للاسلام الوهابي في المغرب ؟؟ ويتقن " المتياسرون" لعبة النقد الديني للتقرب من القصر و التموقع ضمن الخريطة السياسية التي يحبك خيوطها باحكام. ولم يقف العمري عند هذا الحد من الانتقاد، في أشغال المجلس الوطني للاصالة و المعاصرة الأخير الذي هيمنت عليه هزيمتهم الانتخابية بطنجة و مراكش، فطال غضبه لما أسماه استغلال بنكيران رئيس الحكومة و أمين عام العدالة و التنمية، لعلاقته بالملك في حملة حزبه الانتخابية للتأثير على ميولات الناخبين. انتخابات 2013 ستكون محتدمة الصراع بين مكونات الدولة نفسها لأول مرة في تاريخ المغرب السياسي الحديث. فبعد الخطأ الكبير الذي حدث سنة 1998 حين تم إضفاء الشرعية على أحزاب الدولة من طرف أحزاب من الكثلة الديمقراطية المشكلة لحكومة " التناوب التوافقي"، اصبح لهذه الاحزاب نفوذ و ّ شعبية انتهازية" معززة بلوجيستيك الادارة. أدت في مرحلة اولى الى تقزيم دور الاحزاب النابعة من المجتمع و تجويفها، و في مرحلة ثانية، نعيش الان بوادر تشكلها، فرض نموج الحزب الواحد من طرف الدولة بصيغة المتعدد : علماني، اسلامي .. الصراع الانتخابي المقبل هو صراع من داخل دار المخزن. و الاحزاب التي لازلت لم تندرج فيه، لم يعد أمامها الا خيارين لا ثالث لهما : اما مقاطعة اللعبة السياسية برمتها و الالتحاق ب 20 فبراير للنزول الى الشارع من أجل وضع حد لهذه المهزلة، أو الاندراج في اللعبة المخزنية لمساندة جناح ضد أخر . في هذا الوضع، توجد الأحزاب الأصيلة و الحركات السياسية المعارضة، أمام اختبار عملي.؟ فمن الأخطاء القاتلة ، الاستمرار في التعاطي مع الوضع السياسي بالمغرب بنفس العقلية السابقة عن الربيع العربي والحراك الشبابي الداخلي. و من سمات العقلية السابقة، التقيد بالرأي الأخر و البحث عن أشكال معينة للتوافق أو المساومة، مما يفرغ المبادرات النضالية من محتواها ويحولها لهياكل جوفاء لا قيمة لها؟ لقد استمرت حركة 20 فبراير رغم مختلف أشكال القمع المادي والمعنوي لتقسيمها وجرها لخدمة أهداف ليست من صلب تأسيسها، ورغم المحاكمات الجائرة التي طالت شبابها الحركي. وستستمر هذه الحركة الشبابية ومعها الشارع المغربي، رغم تصاعد وثكاتف هذه الاشكال وتنوع مصادرها. المغرب مقبل على انتخابات محلية و جهوية لكن في سياق تنامي الاحتجاجات الاجتماعية و السياسية بسبب وضعية الانسداد التي تعرفها البلاد، واحتراق ورقة بنكيران بعد أقل من عام على استخدامها، مؤشر قوي على عودة 20 فبراير، النسخة المحلية للربيع العربي، الى الميادين المغربية.
#محمد_السلايلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- البارطاج- في وجه الجشع الرأسمالي
-
التابث و المتحول في السياسية المغربية
-
رمضان سياسي بامتياز
-
في زمن النت : هل انتهى دور الأحزاب ؟
-
الخوف لا يجنب الخطر !!
-
دعوهم يحكمون دعوهم يمرون!!
-
يوم كامل بدار الضريبة !
-
الإسلام ضد العلمانية : صراع بالوكالة !!
-
في عيدها الأممي : الشغيلة المغربية بين مطرقة الباطرونا وسندا
...
-
أنقذهم يا عمر سليمان !
-
أطلقوا سراح الحاقد ؟
-
المرأة القروية ونخبوية العمل النسائي بالمغرب
-
للربيع العربي أيضا أبناء -لقيطين-؟
-
ملاحظات منهجية حول استعمال كلمتي النخبة والشعب
-
اليسار المغربي والحراك الشعبي الراهن
-
الانتخابات بمغرب الاستثناءات
-
على هامش تدشين - تي جي في - المغرب : توسيع مجلس الخليج والقض
...
-
- الطبقة الوسطى- المغربية والوضوح المطلوب
-
السكتة القلبية
-
اليسار المغربي ودور القوى الحاملة للفكر الديني في الحراك الش
...
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|