أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (4)















المزيد.....

الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (4)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3871 - 2012 / 10 / 5 - 14:43
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (4)

الأحزاب الشيوعية من أيتام خروشتشوف التي لم تتفكك بعد، والتي ساهمت فعلياً بانهيار الاتحاد السوفياتي ومشروع لينين الاشتراكي، انقلبت إلى أحزاب بورجوازية اصلاحية تخون صراحة قضية الشيوعية ودون أن يندى لها جبين حتى أنه لم يعد بين اهتماماتها نداء ماركس لوحدة عمال العالم والثورة الاشتراكية. موقفهم هذا يأتي إنسجاماً مع خيانتهم واصطفافهم وراء خروشتشوف، لكنه بذات الوقت دلالة أكيدة على أن الممر إلى المستقبل محكم الإغلاق، ولولا ذلك لاضطروا للاعتراف بخيانتهم كيلا تفوتهم أكاليل الغار عند انتصار الثورة الاشتراكية العالمية التي هي على الأبواب كما يتخيلها شيوعيو الهوى المتعجلون. نحن لا نخاطب هؤلاء الخونة بعد أن غسلنا أيدينا منهم، بل نتوجه بخطابنا إلى شيوعيي الهوى المتعجلون إلى الثورة الاشتراكية نحذرهم من الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل كيلا يصطدموا به فيشج رؤوسهم الحامية وتبرد فلا يعودوا اشتراكيين وتكون نهايتهم كنهاية أيتام خروشتشوف المؤسفة. ثمة اختلاف نوعي بين شيوعيي الهوى وأيتام خروشتشوف، فشيوعيو الهوى يصرون على تمسكهم بالماركسية وفق قراءة خاصة بهم بينما طلّق أيتام خروشتشوف الماركسية طلاقاً بائناً وأعلن بعضهم بكل صفاقة، كقيادة الحزب الشيوعي السوداني، تخليهم عن الماركسية كمرشد لهم بحجة أن هناك أصحاب مدارس اشتراكية آخرين يمكن الاسترشاد بهم من غير ماركس من مثل برودوين ولاسال وأوين وغيرهم. شيوعيو الهوى متعجلون دائما لشدة هواهم للاشتراكية فيقرؤون ماركس مستعجلين مما أفقدهم الواقعية الماركسية فانقلبوا إلى طوباويين وأشبه بالمغامرين.

لنا هنا أن نسأل شيوعيي الهوى المتعجلين إلى الثورة الاشتراكية فيما إذا كان ماركس مخطئاً عندما أهاب بعمال العالم أن يتحدوا للقيام بالثورة الاشتراكية العالمية قبل أكثر من قرن ونصف. لماذا تنقضي مائة وأربعة وستون عاماً على ذلك النداء الشهير دون أن يقوم عمال العالم بالثورة الاشتراكية الموعودة ؟ هل للمتعجلين إلى الثورة أن بفسروا كل هذا التأخير !؟ وهل علينا أن نتخلى عن العمل الشيوعي بعد كل هذا التأخير مثلما تخلى أيتام خروشتشوف ؟ لو كنا من شيوعيي الهوى المتعجلين لكان تخلينا أمراً منطقياً. ليس لشيوعيي الهوى أي حجة في اتهامنا باستهوال العدو أو الإغلاق المحكم للممر إلى المستقبل وإشاعة الإحباط بين الشيوعيين طالما أنهم يبدون عجزاً فاضحاً في تفسير تأخر الثورة الاشتراكية التي نادى إليها ماركس لأكثر من قرن ونصف القرن. شيوعيو الهوى يستعجلون الثورة لأنهم يقرؤون ماركس بعجلة فلا يعرفون حتى الشيوعية بجوهرها الحقيقي.

نعود مرة أخرى لنقف على ماهية الشيوعية التي اكتشفها ماركس في بطن النظام الرأسمالي. لقد رأى ماركس أن القيمة المضافة في الإنتاج الرأسمالي تزيد عن القيمة الكلية للأجور بمقدار فائض القيمة. لذلك يترتب على المجتمع أن يدفع القيمة التبادلية لكل الانتاج مجموع كامل الأجور مضافاً إليها شيئاً من مخزون ثروة المجتمع وانحداراَ في صحة العمال وفعاليتهم. تكرار هذه العملية دون توقف ينتهي إلى مراكمة الأموال في خزائن الرأسمالي مقابل إفقار المجتمع حتى لا يعود قادراً على الاستمرار. تتراكم البضائع في السوق المحلية والشعب لا يعود قادراً على شرائها. إذّاك تحدث أزمة النظام الرأسمالي وتصبح قاتلة للنظام عندما تكون عميقة. هنا تحديداً تكون الثورة الاشتراكية الشيوعية بقيادة البروليتاريا مستوجبة، وبغير ذلك لا ثورة ولا يحزنون.

هل حال الدول الرأسمالية الكلاسيكية اليوم هو هكذا ؟ هل أسواقها زاخرة بالبضائع الوطنية والشعب غير قادر على شرائها كحال الأزمة الرأسمالية التي تحدث عنها كارل ماركس وقال أنها ستتسبب بانهيار النظام الرأسمالي بثورة اشتراكية تقوم بها البروليتاريا ؟ الحال في سائر الدول الرأسمالية سابقاً هو العكس تماماً. البضائع الوطنية لا تلبي إلا جزءاً يسيراً من حاجات الشعب وقدرته الشرائية المستعارة مما يضطر الدولة إلى استيراد الباقي من الدول الأجنبية الأمر الذي انتهى إلى مديونية فلكية تنوء بها موازنات هذه الدول. فالولايات المتحدة التي كانت حتى الستينيات حصن الرأسمالية الحصين تستورد اليوم من الصين الشعبية ما قيمته 400 مليار دولاراً سنوياً ولا تصدر إليها أكثر من 200 مليار ويبقى 200 مليار أخرى عجزاً في ميزان المدفوعات الأميركي. الحقيقة التي تصفع القائلين بالأزمة الرأسمالية عن أزمة الرهن العقاري في أميركا في خريف 2008 على وجوههم هي أن القوة الشرائية المتعاظمة جراء رهن العقارات هي التي تسببت بإفلاس عشرات البنوك الكبيرة حيث أنفقت أكداس الأموال في صناديق هذه البنوك وكانت تشتري كل البضائع الوطنية وضعفها من البضائع المستوردة. عن أي أزمة رأسمالية يتحدث هؤلاء المضلَلون والمضلِلون بذات الوقت !؟
المبدأ الأساس للرأسمالية هو الإتجار بقوى العمل البشرية من خلال تحويلها إلى ثروة، إلى سلع ذات قيمة تبادلية في السوق. فكيف يمكن أن تكون دولة رأسمالية وهي تستدين لتلبية احتياجات شعبها وتصل ديونها لى أكثر من 150% من مجمل إنتاجها السنوي وتنتهي عاجزة عن خدمة ديونها !؟ 80% من قوى العمل في الولايات المتحدة لا تتحول إلى ثروة حيث تعمل في إنتاج الخدمات التي لا تضيف نقيراً إلى الثروة. عشرات الألوف من موظفي البنوك في الولايات المتحدة لا ينتجون سنتيماً واحداً إذ أن مئات المليارات التي تجنيها البنوك من المقترضين ويغطي جزء منها أجور الموظفين لديها إنما هي من إنتاج العمال العاملين لدى المقترضين. مثل هؤلاء هم ملايين العاملين في الجيش وفي الشرطة وكذلك العاملون في الخدمات الصحية والتعليمية. هؤلاء وأمثالهم يعملون في خدمة الانتاج المادي ولا ينتجونه. أثناء إزدهار النظام الرأسمالي كما في النصف الأول من القرن العشرين كان الرأسماليون لا يسمحون بإنتاج الخدمات إلا على مقدار خدمة إنتاجهم المادي البضاعي وهو ما يسمح بتسهيل دورة الانناج الرأسمالي ليس أكثر فينقلب إذّاك إلى معوّق لدورة الإنتاج فالسلعة كلما حملت في جوفها خدمات أكثر كلما أعرض عن شرائها المتسوقون. في عشرينات القرن الماضي لم يكن أكثر من 20% من قوى العمل الأميركية تعمل في إنتاج الخدمات و 80% تعمل في الإنتاج البضاعي وكان الأميركيون لا يجدون خدمات صحية وتعليمية عامة. في العقود الثلاثة الأخيرة انعكست النسبة تماماً حيث 20% تعمل في الإنتاج البضاعي كي تقيم أود 80% تعمل في الخدمات التي هي إنتاج فردي لارأسمالي ولا تنتج ثروة وما يقيم الأود. المجتمعات الرأسمالية سابقاً هي اليوم مجتمعات مريضة ومشوهة هيكلياً تتناول حقناً من الديون كي تبقى على حالها، لكن ذلك لن يستمر طويلاً بالطبع فسرعان ما تصل الأمور إلى نهاياتها المحتومة.

العلوم الماركسية تعلمنا أن الثورة هي فعل ذاتي آلي يحتمه تنامي قوى الإنتاج لدرجة لا تعود عندها تتحملها علاقات الإنتاج. إذاك فقط تقوم قوى الإنتاج بثورة تحطم علاقات الانتاج القائمة لتحل محلها علاقات إنتاج جديدة تسمح لها باستئناف نموّها من جديد. في حياة ماركس وإنجلز كانت قوى الإنتاج تتنامى بسرعة في غرب أوروبا الذي كان إذاك مركز النظام العالمي الرأسمالي. ولذلك توقع ماركس وإنجلز أن تقوم الثورة الاشتراكية في غرب أوروبا وخاصة في ألمانيا أو إنجلترا ومنها تتمدد لتسود العالم كله. فهل الحال هو اليوم كما كان قبل قرن أو قرن ونصف القرن ؟ لا يمكن أن يكون الأمر كذلك. لقد قامت خلال هذه الفترة الطويلة حروب عالمية كبرى غيرت وجه العالم وعملت على انهيار كل الامبراطوريات الاستعمارية القديمة وقامت ثورات عالمية كبرى مثل ثورة أكتوبر الاشتراكية 1917 التي أمسكت بزمام العالم خلال قرن طويل وما زالت آثارها باقية في الأرض. كما قامت ثورة التحرر الوطني 1946 – 1972 التي قطعت نهائياً كل الروابط التي تربط البلدان المحيطية بالمراكز الرأسمالية. فكان انهيار آخر الامبراطوريات الرأسمالية، الولايات المتحدة، أمراً طبيعياً بعد أن استنفذت كامل قواها في مقاومة الشيوعية وفي الحرب الفيتنامية في نهاية الأمر.
فما هي علاقات الإنتاج القائمة اليوم والتي تحكم الثورة وطبيعتها كما ترسم المادية الديالكتيكية، وتدل على كيفية التعامل مع الممر المحكم الإنسداد إلى المستقبل؟ هل التناقض رأسماليون/بروليتاريا الذي اعتمده ماركس لقيام الثورة الاشتراكية ما زال هو التناقض الرئيس الذي يلعب اليوم على المسرح الدولي ؟ في خمسينيات القرن الماضي كانت البروليتاريا بقيادة البلشفي الأعظم يوسف ستالين قد بنت أقوى دولة عرفها التاريخ الأمر الذي مكّن الشعوب في البلدان المستعمرة أن تنهض في ثورة تحرر وطني عالمية لتنجز استقلالها قبل العام 1972 فلا تعود مكباً لفائض الانتاج في مراكز الرأسمالية. لا يخالجني أدنى شك في أنه لو لم ينجح الإنقلاب الرجعي الذي قامت به حثالات البورجوازية الوضيعة بقيادة نيكيتا خروشتشوف في قيادة الحزب بدءاً بتسميم ستالين في مارس 1953 ثم بعد ستة أشهر إلغاء برنامج المؤتمر العام للحزب لكانت البشرية تعبر اليوم عتبة الشيوعية .

الاقتصاد العالمي فيما قبل النصف الثاتي من القرن العشرين كان وحدة واحدة تقوم على تناقض متزامن يشكل المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي أحد النقيضين والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة النقيض الآخر. وكان ستالين يرى أن التناقض بين المعسكرين يمكن أن ينتهي بانتصار الاشتراكية دون حروب ونزاعات مسلحة .. " إذا ما أخذت الشعوب قضية السلام بأيديها وذادت عنه حتى النهاية ". أما الولايات المتحدة فقد سلكت طريق التآمر بتدبير ثورات مضادة تهدم الأبنية الاشتراكية القائمة لأجل العودة إلى النظام الرأسمالي كما حاولت ذلك في المجر . السياسات المعتمدة من قبل النقيضين لم تصل إلى نهاياتها الرسومة فكان أن انتهت إلى إغلاق الممر إلى المستقبل بإحكام وهو ما يواجهه عالم اليوم. فَسُد النقيضان وتفسخا في مكانيهما فانعدمت الحياة في وحدة التناقض وأخذت البشرية تواجه ممراً إلى المستقبل محكم الإغلاق، لا بل أخذت تحيا في عالم يتحلل على الدوام ولا يمكن إنقاذه، تتواهى علاقات الإنتاج فيه حتى لا تعود قادرة على حفظ تماسك وحدته فينتهي إلى الحطام.
ما يثير الاستهجان حقاً هنا هو أن شيوعيي الهوى المتعجلون إلى الاشتراكية يوافقون على أن المعسكر الاشتراكي قد انهار تماماً لكنهم لا يوافقون على أن المعسكر الرأسمالي قد انهار أيضاً بل إن انهياره كان قد اكتمل قبل أن يكتمل انهيار المعسكر الاشتراكي. هل هم غفل لهذه الدرجة ؟ نعم هم كذلك. عليهم أن يتبينوا النقد الماركسي للإقتصاد الرأسمالي قبل الإعتماد على أحكام فانتازية. من هم أكثر غفلاً من شيوعيي الهوى هم أولئك الذين يقولون أن انهيار المعسكر الاشتراكي كان بسبب فساد النظرية الماركسية !! هؤلاء الأميون المغفلون يقولون مثل هذه الأقوال الغبية لأنهم لم يقرأوا ماركس على الاطلاق. فماركس لم يكتب شيئاً عن عبور الاشتراكية سوى أن هذا العبور لا يتم إلا بقيادة دولة دكتلتورية البروليتاريا وهي الدولة التي ألغاها خروشتشوف رسمياً في مؤتمر الحزب الحادي والعشرون الاستثنائي في العام 1959 الأمر الذي يؤكد صحة نظرية ماركس في هذا المنحى على الأقل. باقي ما تبقى لا علاقة لماركس به. ولا يخجل بعض الأدعياء في أن يعبّروا عن رغباتهم الدفينة على الملأ فيزعمون أن المعسكر الرأسممالي بقيادة الولايات المتحدة قد ألحق هزيمة ساحقة بالمعسكر الاشتراكي وبالاتحاد السوفياتي. هؤلاء الأدعياء يقرؤون في تاريخ العرب والمسلمين حيث كتبه المؤرخون كما رغب العرب والمسلمون أن يكون وليس كما كان فعلاً. واقع التاريخ هو العكس تاماً عمّا يدعي هؤلاء الأدعياء. المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي هو الذي حطم المعسكر الرأسمالي وليس العكس. حركة التحرر الوطني التي استظلت بالمظلة السوفياتية هي التي حررت الدول المحيطية لمراكز الرأسمالية، والرأسمالية كما هو معروف لا تحيا بدون محيطات ولذلك تحللت وانهارت في سبعينيات القرن الماضي قبل عقدين من انهيار الإتحاد السوفياتي وتم نعي النظام الرأسمالي في إعلان رامبوييه نوفمبر 1975.

في أكتوبر 1917 انتفض الشيوعيون البلاشفة لتصحيح مسار الثورة البورجوازية التي عزلت القيصر في فبراير 1917 وتنفيذ برنامجها الذي قامت على أساسه لكن حكومتها تنكّرت له. في مارس 1918 وبحجة اعتراضها على معاهدة الصلح الجائرة مع الألمان، أعلنت البورجوازية الحرب على البلاشفة. بعد عام كامل من الحرب الأهلية استطاع البلاشفة أن يسحقوا كل الخلايا الحيّة للبورجوازية فكان بذلك أن سُدّت الطريق نهائياً للتطور الرأسمالي في روسيا مما دفع بلينين أن يعلن في مارس 1919 قيام الثورة الاشتراكية العالمية. أمّل لينين أن يقدح الثورة الاشتراكية في روسيا فتلتهب في أوروبا وخاصة في ألمانيا مثلما كان قد توقع ماركس في العام 1882. وفعلاً اشتعلت الثورة الاشتراكية في ألمانيا وفي المجر وفي جمهوريات البلطيق غير أن القوى الرجعية والفاشية، وقد امتلكت فائضاً من القوة، تمكنت من إخماد تلك الثورات خاصة وأن قادة السبارتاكيين، روزا لكسمبورغ وكارل ليبكنخت، كان ما زال لديهم بعض أوهام الديموقراطية البورجوازية. في العام 1921 وقد فشلت الثورة الاشتراكية في ألمانيا مرة أخرى، جرّآء خيانات الاشتراكيين الكاوتسكيين، وعى لينين أن المهام التي أُلقيت على كاهل البلاشفة كانت أثقل مما يستطيعون حمله. لذلك اقترح الخطة الاقتصادية الجديد (NEP) التي سمحت بالانتاج البورجوازي الصغير والتي وصفها لينين نفسه بالخطوة إلى الخلف اللاإشتراكية. في رسائله الأخيرة قبل رحيله أبدى لينين قلقاً عميقاً على مصائر الثورة الاشتراكية وحذّر من العبث في التحالف البلشفي بين العمال والفلاحين باعتباره الضمانة الأولى لتقدم الثورة وهو التحالف الذي عارضه تروتسكي على الدوام. ورث ستالين عن لينين القلق على مصائر الثورة بل زاد فيه وهو ما دفعه إلى تطهير الحزب من العناصر المشكوك بولائها للثورة توطئة لمواجهة العدوان النازي المتوقع في الثلاثينيات. في العام 1950 أجرى الحزب مناقشة موسعة بين قياداته حول تقدم العبور الاشتراكي للمجتمع وكان أن عبر ستالين عن قلق عميق على مصائر الثورة بفعل أفكار متطرفة لدى بعض القيادات الحزبية من مثل إلغاء كل أثر لقانون القيمة الرأسمالية في الاقتصاد السوفياتي وإلغاء طبقة الفلاحين دفعة واحدة بمرسوم رسمي. في المؤتمر العام التاسع عشر في نوفمبر 1952 وهو أول مؤتمر يعقده الحزب منذ العام 1938 شنّ ستالين هجوماً كاسحاً على قيادة الحزب في المكتب السياسي وطعن في أهلية أعضائها كأمناء على تقدم الثورة. إعادة انتخاب نفس الأعضاء لنفس المناصب من قبل الهيئة العامة للحزب بعد كل ذلك الهجوم الكاسح جاء عملاً صادماً لستالين دون شك مما دفعه إلى الإقتراح بتوسيع المكتب السياسي ليتشكل من 24 عضواً بدل 12 ، وقبل الاقتراح وتم انتخاب اثني عشر عضواً إضافياً، وإلى مطالبة المؤتمر بقوة بقبول استقالته من منصب الأمين العام للحزب ورئاسة مجلس الوزراء التي رفضها المؤتمر بالاجماع. في العام 1952 كان الاتحاد السوفياتي قد ابهر العالم بنجاحه في إعادة إعمار كل ما هدمته الحرب وحل مختلف القضايا الاجتماعية التي أعقبت فقدان الشعوب السوفياتية ل 27 مليون إنسان قضوا جرّآء العدوان ىالنازي. وفي ذات المؤتمر أعلن ستالين وسط تصفيق عاصف من آلاف المندوبين امتلاك الاتحاد السوفياتي للقنبلة الذرية وهي القنبلة التي استخدمتها الولايات المتحدة لترويع القيادة السوفياتية. كان الاتحاد السوفياتي في مطالع الخمسينيات حصن السلم والاشتراكية وأقوى دولة في العالم. كانت شعوب أوروبا الغربية وشعوب العالم قاطبة ترى في النظام السوفياتي مستقبل البشرية الواعد.

(يتبع)
www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الوضع في سوريا
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (3)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (2)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل
- أنصاف الماركسيين ومتثاقفو البورجوازية الوضيعة .. !
- الصهيونية نبتة جذورها الخيانة
- بطلان العمل السياسي
- عَالَمية الثورة الإشتراكية وعِلم الثورة
- لا حرية مع العمل المأجور - بشرى الحرية لنساء العالم -
- الشيوعيون المرتدون
- ونستون تشيرتشل يفضح مجندي البورجوازية الوضيعة
- الأميّة في السياسة
- المتغيرات في تركيبة الطبقة العاملة ودورها
- ماذا علّمنا ستالين ؟
- ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (3)
- ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (2)
- ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (1)
- محطتان رئيسيتان لمشروع لينين في الثورة الاشتراكية
- الوحدة العضوية للثورة الاشتراكية العالمية
- شهادة الشيوعيين


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (4)