أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - حقيقة الوضع في سوريا















المزيد.....

حقيقة الوضع في سوريا


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3866 - 2012 / 9 / 30 - 13:24
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


(ما كنت لأكتب استثنائياً في السياسة لولا الجرائم بحق البشرية التي تقترفها روسيا وإيران بحق الشعب السوري الذبيح)
استولى الوضع الصعب في سوريا على اهتمام مختلف الكتاب والمحللين غير أن أحداً منهم لم يتوصل إلى تحليل الوضع الغريب بكل المقاييس في سوريا على حقيقته الأمر الذي يتطلب اكتشاف معالم الطريق بكل تفاصيلها منذ العام 1970 وحتى اليوم وهو ما لم يقم به أي من المحللين الذين جميعهم تعامل مع القضية كما هو تجهيز الوجبات السريعة. ولا يعود ذلك إلا لأن أحداً من هؤلاء المحللين والكتاب لم يكن معنياً بأزمة الحكم في سوريا طيلة الأربعين عاماً.

في أيلول (الأسود) 1970 كانت حرب التنازع على السلطة في الأردن بين الجيش الأردني من جهة ومنظمات الفدائيين الفلسطينيين من جهة أخرى. وعندما ضاق الخناق على الفدائيين تدخل الجيش السوري وأرسل دباباته إلى سهول شمال الأردن واشتبكت اشتباكاً مباشراً مع الجيش الأردني. استنجد الأردن بالولايات المتحدة فكان أن أنزلت قواتها البحرية في أضنه في جنوب تركيا وطلبت من إسرائيل أن تحمي أجواء شمال الأردن. عندئذٍ دب الرعب في قادة الكرملين وأخذوا يولولون صائحين بأمر انسحاب الدبابات السورية من شمال الأردن. في تلك الأثناء الخطيرة لوحظ انقسام في القيادة السورية فمنهم من رفض الأوامر السوفياتية بسحب الدبابات من الأردن وبالمقابل رفض وزير الدفاع وقائد سلاح الطيران حافظ الأسد آنذاك أن يغطي الدبابات المكشوفة على الطيران الأردني والطيران الإسرائيلي وأصدر حافظ الأسد أمره العسكري أن لا تتحرك أي طائرة عن الأرض. رفض أوامر القيادة في الحرب يعتبر بمثابة خيانة وطنية عقوبتها الإعدام. لكن ذلك لم يكن فمن تقاليد البعثيين هو الحفاظ على كرامة أحدهم تتعدى الحفاظ على كرامة الوطن. ما كان حافظ الأسد ليقوم بهذا الدور الخياني إلا بأوامر سوفياتية وبحمايتهم. منذ ايلول 1970 كانت هناك إشارات إلى أن حافظ الأسد إن لم يكن عميلاً للمخابرات السوفياتية (KGB) فهو متعاون معها.

في الشهر التالي، أكتوبر 1970 زار السفير السوفياتي في دمشق قيادة حزب البعث للشؤون الخارجية لينقل رسالة شفهية من القيادة السوفياتية تقول أن القيادة السوفياتية مستاءة جداً من السياسات المغامرة التي تنتهجها القيادة السورية ـ وهي القيادة التي قررت في المؤتمر العام الأخير للحزب بأنها ستطبق الاشتراكية العلمية (الماركسية) وليس اشتراكية عفلق الفنتازية. القيادة السورية أبدت عدم اكتراثها بالرسالة الشفوية. بعد ثلاثة أسابيع قدم السفير السوفياتي مذكرة خطية من القيادة السوفياتية تشجب سياسة القيادة السورية وتصفها بالمغامرة وتعلن أنها في حل من التحالف معها. من هنا يمكن فهم الانقلاب الذي قام به حافظ الأسد في 16 نوفمبر 1970، الانقلاب الذي سماه "الحركة التصحيحية" بمعنى أنها ضد الاشتراكية العلمية كما شرحها مساعده الأول عبد الحليم خدام. ليس لدينا أدنى شك بأن انقلاب الأسد جاء بأمر من يوري أندروبوف رئيس المخابرات السوفياتية. هذه المخابرات وهي الذراع القوية لأمن الدولة السوفياتية كانت قد انقلبت منذ مجيء خروشتشوف من جهاز للدفاع عن الاشتراكية إلى جهاز ضد الاشتراكية. انقلاب بومدين في الجزائر على بن بللا كان من تخطيط المخابرات السوفياتية أيضاً لا لسبب إلا لأن بن بللا كان قبل أسابيع قليلة قد أكد بأن الجزائر ستنتهج نهج الاشتراكية العلمية الماركسية.
ما يؤكد أن انقلاب حافظ الأسد كان من تدبير المخابرات السوفياتية هو أن الأسد قام بالانقلاب في 16 نوفمبر لكنه لم يشكل الوزارة طيلة ذلك الشهر. التجارب السياسية علمتنا بأن قادة الانقلاب العسكري عادة ما يشكلون الوزارة قبل ساعة الصفر. إذاً ما العلة في ألا يشكل الأسد وزارته لأسبوعين طويلين !! على المحللين أن يتوقفوا عند هذا المعلم الاستثنائي ليتبينوا أموراً هامة.
جاء انقلاب الأسد ضد التوجه الاشتراكي ليسار حزب البعث ولذلك رفض الحزب الشيوعي المشاركة في الوزارة بعد أن كان مشاركا في الوزارة المنحلة بوزيرين. كان إشراك الشيوعيين في الوزارة أمراً ذا دلالة للمخابرات السوفياتية إذ يشكل غطاء لها في دعمها لعصابة ضد الاشتراكية. بقيت سوريا لأسبوعين بلا حكومة حتى اتصل بوريس بونامارييف مسؤول العلاقات الخارجية في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي بخالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي السوري طالباً إليه الاشتراك في وزارة الأسد. إذّاك فقط شكل الأسد وزارته الأولى بوزيرين شيوعيين رغم أنه قام أساساً ضد الشيوعية.
ومن المفارقات التي يذكرها المرء في هذا السياق هي أن المظاهرات التي خرجت تؤيد انقلاب الأسد جرى قمعها إذ حدثني أحد قادة تلك المظاهرات الموالي لعفلق مستغرباً أن ينهال على رأسه الشرطة المرافقة بالعصي كلما هتف " أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ". مستغرباً ذلك حيث أنه حتى يسار البعث كان يهتف نفس الهتاف !!
القيادة السوفياتية وقد غدت بعد خروشتشوف العدو الأول للإشتراكية قامت بانقلابين في الجزائر عام 1964 وفي سوريا عام 1970 لأجل ضرب الثورة الاجتماعية العربية في أقوى جناحيها بعد عبد الناصر، في الجزائر وفي سوريا، كما أن موقفها من عبد الناصر في حرب حزيران 67 كان موقف المتآمر مع الأعداء وهو ما طرحه عبد الناصر بشجاعة أمام بريجينيف وعصابتة في شباط فبراير 1970 إذ سأل بريجينيف قائلاً .. عدوان حزيران علينا كان فعلياً عدواناً عليكم لكنكم تركتمونا وحدنا نتخبط بأخطائنا وآثرتم التفرّج علينا ننهزم. كيف تقبلون لأنفسكم أن تتركونا وحدنا نقاتل الامبريالية دفاعاً عنكم وأنتم ساكتون تتفرجون !؟ ـ لعل مثل هذا الخطاب هو ما عجل بنهاية عبد الناصر قائد تورة التحرر الوطني في العالم.
خططت المخابرات السوفياتية للإنقلابين في الجزائر وفي سوريا لضرب الثورة العربية في مواجهتها الحامية للإمبريالية ولذك طلبت من بومدين ثم من الأسد كم الأفواه وإلغاء كل مصفوفة الحريات حتى كاد الناس هناك ينسون أسماءهم وبعضهم يبلى في الحبس لأكثر من ثلاثين عاماً. كل ذلك اقتضى من بومدين والأسد تربية كلاب للحراسة يطعمونها اللحم الكثير على حساب الشعب الجائع.

في العام 1982 رأى الأسد أنه لا يستطيع تبرير احتلاله للبنان دون مواجهة اسرائيل التي تجاوزت حدود الأربعين كيلومتراً في عمق الأراضي اللبنانية حسب اتفاقه مع اسرائيل من خلال المبعوث الأميركي. في تلك المواجهة مع الطيران الإسرائيلي سقط للأسد أكثر من 80 طائرة حربية وانهزم الأسد شر هزيمة. إذّاك أرسل الزعيم اللبناني كمال جنبلاط نائبه في الحزب محسن ذلول معزياً في الخسائر الذي قال للأسد نحن المهزومين ـ في مواجهة قواتك في الجبل ـ نعزيك كمهزوم في مواجهة اسرائيل في ظهر البيدر. فرد الأسد وقد شعر بالتشفي في التعزية بالقول .. لا تحزن علي ـ لا تتشفى بي ـ فلي في موسكو صديق صدوق أكد لي بأنه سيرد الصاع صاعين على الأمريكان وربيبتهم اسرائيل. وعندما سأله ذلول عن هذا الصديق الصدوق ومنزلته في النظام السوفياتي، قال له الأسد أنه يوري أندروبوف رئيس المخابرات السوفياتية. فسأله محسن وما الذي سيفعله أندروبوف؟ أجابه الأسد بأنه اتصل به شخصياً وأكد له بأن الاتحاد السوفياتي سيعوضه عن جميع الطائرات المفقودة وتجهيزاتها وإن شاء الأسد فستكون الطائرات مع طيارين. هكذا هو الأسد رجل المخابرات السوفياتية (KGB) .

في الجزائر ضاق الشعب ذرعاً في العام 1988 بحكم عصابة العسكر وسياسة كم الأفواه وقمع الحريات تلك السياسة التي لا تؤدي إلا إلى الإفقار ومنع التنمية فكان أن قام الشعب بانتفاضة يطالب بالحكم الديموقراطي وبالحريات التي تسمح بالعمل السياسي وتشكيل الأحزاب المتعددة. واجه العسكر بكل قوة تلك الإنتفاضة واستطاعوا بوحشية دموية تفتيت الانتفاضة إلى عصابات تسلحت بالدين. واستمرت المواجهة لعقد طويل انتهت إلى خسارة أكثر من ربع مليون إنسان دون أدنى زحزحة لحكم الجنرالات الذي جاءت به المخابرات السوفياتية.
في سوريا اعتقد الشعب السوري في آذار 2011 أنه مع امتداد الربيع العربي يمكن التخلص من حكم عصابة الأسد التي لم تكن أقل من عصابة عسكر الجزائر في تكميم الأفواه وقمع الحريات. الشعب السوري غاب عنه أن نظام الأسد جاءت به المخابرات الروسية وهو مشروعها كما في دفاترها ولن تسمح بتفكيكة كلفها ذلك ما كلف. يخطئ المحللون الذين يعتقدون أن روسيا إنما تدافع عن مصالحها في المنطقة وهي لذلك على استعداد لأن تبادل تلك المصالح بأخرى وتسمح بالتالي بتفكيك النظام الأسدي. هناك في سجلات المخابرات الروسية مشروع لها في سوريا هو نظام عصابة الأسد فغير المسموح حتى لأية جهة روسية بالتخلي عن المشروع أو ببيعه، فكما أن ثورة التحرر العربي هي امتداد لثورة أكتوبر الاشتراكية فإن حركة الأسد المضادة للثورة العربية إنما هي امتداد للثورة المضادة التي قامت بها البورجوازية الوضيعة السوفياتية ضد الثورة الاشتراكية، فهي لذلك ليست موضع تفاوض أو تبادل كما يحب البعض أن يتصور. روسيا على استعداد لتهديم كل المدن والقرى السورية وتقتيل ملايين السورين قبل أن تتخلى عن مشروعها في سوريا. بل هي على استعداد لأن تدخل في حرب عالمية قبل أن تتخلى عن عصابة الأسد. ولذلك ترى الولايات ىالمتحدة لا تتقدم بشكل محسوس لحماية الانتفاضة السورية. عندما زار لافروف وزير خارجية روسيا الرئيس الأسد كان بجانبه رئيس المخابرات الروسية وكان في الغرف المغلقة يتقدم على لافروف.
قادة الانتفاضة السورية لن يحققوا نجاحات كبيرة في مواجهتهم مع كتائب الأسد قبل أن يدركوا حقيقة المشروع الروسي في سوريا ويتعاملوا معه كما تقتضيهم الأمور. يتوجب عليهم قبل كل شيء آخر أن يواجهوا روسيا بصرامة بالغة، ألا يقيموا معها أية اتصالات تستخدمها روسيا للتغطية على موقفها المعادي للشعب السوري وأن يتخذوا قراراً بالمقاطعة الشاملة لروسيا فيما بعد الأسد كي يدرك أعداء الاشتراكية في روسيا سوء صنيعه



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (3)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل (2)
- الممر المحكم الإغلاق إلى المستقبل
- أنصاف الماركسيين ومتثاقفو البورجوازية الوضيعة .. !
- الصهيونية نبتة جذورها الخيانة
- بطلان العمل السياسي
- عَالَمية الثورة الإشتراكية وعِلم الثورة
- لا حرية مع العمل المأجور - بشرى الحرية لنساء العالم -
- الشيوعيون المرتدون
- ونستون تشيرتشل يفضح مجندي البورجوازية الوضيعة
- الأميّة في السياسة
- المتغيرات في تركيبة الطبقة العاملة ودورها
- ماذا علّمنا ستالين ؟
- ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (3)
- ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (2)
- ماركسيون شيوعيون لم يعودوا ماركسيين شيوعيين (1)
- محطتان رئيسيتان لمشروع لينين في الثورة الاشتراكية
- الوحدة العضوية للثورة الاشتراكية العالمية
- شهادة الشيوعيين
- الجمود العقائدي


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - حقيقة الوضع في سوريا