أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - مجدى زكريا - الازهار - تخبر ان احدا يهتم















المزيد.....

الازهار - تخبر ان احدا يهتم


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3861 - 2012 / 9 / 25 - 22:10
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


تجمع طفلة مفتونة باقة من الزهر فى قبضتها المكتنزة وتركض الى امها حاملة اكتشافها الغالى. ومن كشك على جانب الطريق ينتقى زوج محب اثنتى عشرة وردة لزوجته, ليظهر لها مدى اهتمامه بها. ويتصل ابن ذو تقدير بمحل الازهار المجاور ويطلب اضاليا انبوبية ملتفة قطفت حديثا ليسعد امه, وتضع ربة منزل متفانية باقة متعددة الالوان من القرتفل على عربة التسوق فى "السوبر ماركت" فيها, لتضع اللمسات الاخيرة لبيتها المزخرف بذوق جميل.
الازهار تبهج قلوب الصغار والكبار على السواء. وهى وسيلة رائعة للتعبير عن الشعور بأن "احدا يهتم" يقول مثل اسبانى :"من لايشكر على وردة, فلن يشكر على شئ".
تزدهر مبيعات الازهار اكثر من اى وقت مضى. وفى عصرالنقل الجوى السريع هذا, يمكن ان تزرع الازهار بعيدا عن المتاجر وتنقل بسرعة الى اماكن البيع, والاكشاك القائمة على على جوانب الطرق حيث تلفت انظار المارة. وقد ذكرت مجلة تايم ان زراعة الازهار وبيعها يزدهران بسرعة ويتغيران بسرعة اكبر ايضا : فكمية اكبر فاكبر من الازهار تأتى من نصف الكرة الجنوبى - وخصوصا من كولومبيا التى صارت المصدر الثانى الاكبر بعد هولندا.
ان كولومبيا, التى لديها خبرة اكثر من25 سنة فى هذا المجال, تتصدر قائمة الدول المصدرة للقرنفل, فى حين تحتل المرتبة الثانية فى اجمالى مبيعات الازهار. ففى سنة 1964 قام طالب جامعى فى كالفورنيا, الولايات المتحدةالاميركية, بدراسة لتحديد المواقع ذات البيئة المثلى لزراعة الازهار على مدار العام, فوجد ان مناخ وارتفاع الحوض الهضبى حيث تقع بوغوتا (عاصمة كولومبيا), فى الشمال تماما من خط الاستواء وعلى ارتفاع 2,700 نتر فى جبال الانديز, يوفران الشروط المثالية لذلك.
ان السافانا المتميزة بخضرتها الرائعة فى سانتا فيه دى بوغوتا, حيث يزرع 92 فى المئة من صادرات الازهار الكولومبية, تنتشر فى ارجائها البحيرات الاصطناعية والدفاء (البيوت البلاستيكية). وداخل هذه البيوت ذات الهيكل الخشبى او المعدنى يسود جو ربيعى مضبوط بعناية لتربية ملايين ازهار القرنفل والاضاليا الانبوبية الملتفة والورد والاقحوان وزئبق البيرو وضروب كثيرة اخرى. وهى على وشك ان تقطف وتوضب للشحن الى اميركا الشمالية واوروبا واسيا.
تتراوح درجة الحرارة لزراعة الازهار بين 18 و 20 درجة مئوية. وهى درجة الحرارة الطبيعية فى السفانا خلال النهار على مدار السنة. هنا تمطر السماء بغزارة والتربة خصبة, واليد العاملة الرخيصة متوافرة. اما فى الليل فقد تنخفض درجة الحرارة وتناهز التجمد, فتستخدم اوعية دخانية او مصابيح ذات قوة عالية او مرشات للوقاية من البرد. وتعمل المصابيح ايضا على اطالة ساعات النهار, مما يبقى بعض النباتات مستيقظة ويعجل نموها.
اكثر من 120,000 عامل فى كولومبيا يعملون فى مختلف المراحل من زراعة الازهار الى بيعها. يوضح مراقب انتاج يعمل فى احد المشاتل : "علينا ان نبرمج الانتاج قبل اشهر لتلبية الحاجات الموسمية للسوق, فنستورد نباتات أم من هولندا و ايطاليا والاضاليا الانبوبية الملتفة من فلوريدا. وتقطع النساء الفروع الصغيرة بعناية ويغرسنها فى صفوف من التربة المكومة فى دفيئة حيث يرويها ضباب غمامى الى ان يصير لها جذور. ويلزم الاضاليا 21 يوما فى درجة حرارة تتراوح بين 20 و 35 درجة مئوية, دون اى اضاءة فى الليل. ثم ننقل النباتات الصغيرة الى احواض فى دفاء اخرى حيث تشبع بالمواد المغذية وتدخن وتسقى الى ان تزهر, ويستغرق هذا ستة اشهر للقرنفل وثلاثة اشهر للاضاليا."
عندما يحين موعد القطف, تستخدم النساء لأنهن الافضل فى هذا العمل, ويستحسن ان لا يلبسن قفافيز وان تكون ايديهن نظيفة تماما, ولا يمكن للالات ان تحدد مدى تفتح البرعم او استقامة الساق, وهما عاملان يحددان نوعية الزهرة.
توضح احدى المشرفات : " تتحلى النساء بالصبر ويتمتعن باللمسة الناعمة بالاضافة الى السرعة والمهارة الضروريتين." وتتابع "عندما ندخل الدفاء فى الفجر, تكون السفانا مغطاة بالضباب, ويمكن ان يكون الجو باردا جدا, حتى ان درجة الحرارة قد تصل الى نقطة التجمد. وفى النهار يصير الجو ادفأ حتى ان درجة الحرارة تتعدى احيانا ال23 درجة مئوية. والعمل شاق, وخصوصا فى ذروة الموسم حين نستعجل ونضطر للعمل ساعات اضافية."
بعد ان تقطف الازهار تؤخذ الى غرفة خاصة ذات تهوية واضاءة وافرة. وهنا تنقيها النساء ويصنفنها حسب نوعية الازهار واستقامة ساقها وثخانتها وطولها. ثم تلف الازهار فى بلاستيك شفاف, كل باقة تضم 25 زهرة, بانتظار التوضيب للشحن. ولا تنتقى الا الازهار الافضل للتصدير.
يوضب الرجال الازهار بوضعها فى صناديق كرتونية متموجة خاصة تحمل اسم المشتل - للقرنفل توضع 24 باقة فى كل صندوق. ويقول مشرف يعمل فى التوضيب : "يجب ان نعمل بسرعة لان الازهار بين النباتات الاسرع تلفا, وهناك فى شركتنا مضختان تمتصان الهواء الساخن من الصناديق. 112 صندوقا فى كل مرة, وتدخلان الهواء البارد فيها لساعتين, مما يخفض حرارة الازهار لبضع درجات فوق التجمد. ثم تسد الثقوب فى الصناديق وتحفظ الصناديق فى مكان بارد الى ان تحمل فى شاحنات وتنقل الى المطار."
وفى مطار الدورادو الدولى فى بوغوتا, تخضع الازهار لمعاينة مرتبطة بالتصدير ثم توضع فى مخازن باردة لبضع ساعات الى ان تحمل البضاعة على طائرات نفاثة كبيرة وتنقل الى مراكز التوزيع فى الخارج. وفى غضون ايام قليلة تفتح هذه الازهار تويجياتها فى البيوت والمكاتب وغرف المرضى واماكن اخرى, ناقلة رسالة ملونة وعطرة تقول ان احدا يهتم.
اينما كنا على الارض تقريبا, نجد ازهارا لتبهجنا, فهى موجودة فى اعالى الجبال عند اطراف الحقول الثلجية والانهر الجليدية, فى الغابات والمروج, على طول الجداول والانهر, على شاطئ البحر, وحتى فى الصحارى الحارة والجافة. والازهار موجودة قبل ان يظهر الانسان على الارض بزمن طويل. ويؤكد علماء النبات ان النباتات التى تزهر هى اساس كل حياة حيوانية وبشرية. ولولاها لما وجد انسان ولا حيوان.
ذكر الملك سليمان بحكمة : "الله صنع الكل حسنا فى وقته." ويشمل ذلك هبة الازهار الالهية المتفاوتة التنوع والرونق. ومن الازمنة الغابرة حتى اليوم تبهج قلوب الصغار والكبارعلى السواء, نعم, ان الله يهتم فعلا.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى طرفة عين
- العمل التجارى الكبير يضيق قبضته
- الخيانة الزوجية - اختيار الطلاق (3)
- الخيانة الزوجية - هل المصالحة ممكنة ؟ (2)
- الخيانة الزوجية - نتائجها المأساوية (1)
- موت الولد - لماذا يسمح به الله ؟
- الفن الاباحى - هل هو مجرد تسلية ؟
- الاناء الاضعف - هل هى اهانة للنساء ؟
- مستقبل ورجاء للأيمان به
- الشعر - فن التصوير بالكلمات
- من قراءاتى - كلمات وطرائف
- كل الطرق تؤدى الى روما
- الثرثرة - كيف نتجنب الحاق الضرر (2-2)
- الثرثرة - لماذا تروق لكم ؟ (1-2)
- ميثاق الحقوق الاميركى - درس فى الحريات (2-2)
- ميثاق الحقوق الاميركى - درس فى الحريات (1-2)
- نافذة على الرحم
- مواجهة الحياة - بروح مرحة
- مصدر القيم الحقيقية (4)
- القيم المتغيرة - هل تشعر بالخسارة ؟ (3)


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - مجدى زكريا - الازهار - تخبر ان احدا يهتم