الخيانة الزوجية - هل المصالحة ممكنة ؟ (2)

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3857 - 2012 / 9 / 21 - 20:51
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

" من السهل الابتداء باجراءات الطلاق دون ترو ". كما يذكر كتاب " ازواج فى ازمة ". " ولكن لا بد ان تكون هنالك زيجات كثيرة جيدة فى الاساس ويمكن ان تنجح اذا حلت مشاكلها "
تنسجم هذه الملاحظة مع تعليم المسيح الذى سبق ان أعطاه ايانا قديما عن الطلاق. فرغم انه قال انه مسموح لرفيق الزواج البرئ بالحصول على الطلاق على اساس عدم الاخلاص الزوجى. فهو لم يقل ان ذلك اجبارى. فرفيق الزواج المخلص قد تكون لديه اسباب لمحاولة انقاذ زواجه. ربما كان المذنب لا يزال يحب زوجته. فقد يكون زوجا محبا وأبا متفانيا يزود عائلته بحاجاتها بكل ضمير صالح. واذ تأخذ الزوجة المخلصة حاجاتها الشخصية وحاجات اولادها بعين الاعتبار , قد تختار المصالحة عوض الطلاق , اذ كان الامر كذلك , فأية عوامل يمكن التأمل فيها , وكيف يمكن مواجهة التحديات بنجاح عند اعادة بناء الزواج ؟
فى البداية يجب القول انه ليس الطلاق ولا المصالحة امرا سهلا. بالاصافة الى ذلك , ان مجرد مسامحة الزوج الزانى لا تحل المشاكل المخفية فى الزواج على الارجح. فانقاذ ازواج لا يجرى عادة الا بعد فحص ذاتى اليم , اتصال صريح , وجهد كبير. وغالبا ما يستهين المتزوجون بمقدار الوقت والجهد اللازمين لأعادة الزواج المتضرر , رغم ذلك يثابر كثيرون ويتوصلون الى حيازة زواج مستقر.
لاتخاذ قرار مؤسس على معرفة , تحتاج الزوجة المخلصة ان توضح مشاعرها والخيارات الكامنة امامها. فقد تتامل فى مايلى : " هل يريد العودة ؟ هل انهى تماما علاقته او يتردد فى فعل ذلك سريعا ؟ هل عبر عن أسفه ؟ اذا كان الامر كذلك , فهل هو تائب حقا وتائب بصدق على ما اقترفه ؟ او هل يلومنى على خطئه ؟ هل هو نادم فعلا على الالم الذى سببه ؟ او عوض ذلك , هو منزعج فقط لأن علاقته غير الشرعية كشفت وقطعت ؟
ماذا عن المستقبل ؟ هل ابتدأ يصلح مواقفه واعماله التى ادت الى الزنا ؟ هل هو مصمم بعزم الا يكرر الخطا ؟ او هل ما يزال يميل الى العبث مع الجنس الاخر واقامة علاقات عاطفية غير لائقة ؟ هل يلتزم كاملا باعادة بناء الزواج ؟ اذا كان الامر كذلك , فأية خطوات يتخذها ؟ ان الاجوبة الايجابية عن هذه الاسئلة قد تكون اساسا للاعتقاد ان ترميم الزواج ممكن.
عندما تشعر الزوجة البريئة بالحاجة ان تتكلم عن الخيانة مع زوجها , ودون التطرق الى التفاصيل الحميمة , يمكن ان يتناقشا بصدق وحرارة لكشف حقيقة ماجرى وايضاح اساءات الفهم. وقد يساعد ذلك بدوره على الحؤول دون اتساع الهوة اكثر بين الزوجين نتيجة سوء التفاهم والاستياء الطويل الامد. من المسلم به ان الزوج والزوجة كليهما سيجدان على الارجح هذه المناقشات مؤلمة. لكن كثيرين منهم وجدوا انها جزء من عملية اعادة الثقة.
والخطوة الاساسية الاخرى فى سبيل مصالحة فعالة هى محاولة تحديد مكامن الضعف فى الزواج - امور يجب ان يعمل على تحسينها الزوجان كلاهما. تنصح زيلدا وست ميدس : " عندما تتحدثون عن الامور المؤلمة وتقررون ان العلاقة العاطفية انتهت كليا, وانكم مازلتم تريدون ان يدوم زواجكم , اعمدوا الى معالجة الاخطاء وأعيدوا بناء الزواج ".
ربما كنتم تعتبرون واحدكم الاخر شيئا مسلما به , او ربما كانت النشاطات الروحية قد اهملت. وربما لم تكونوا تقضون معا وقتا كافيا. ومن الممكن الا تكونوا قد اعربتم عن الحب ,المدح الحنو , والاكرام بالقدر الذى يحتاج اليه رفيق زواجكم. ان اعادة تقييم اهدافكم وقيمكم معا ستساهم كثيرا فى تقوية العلاقة بينكم وتساعدكم على منع الخيانة فى المستقبل.
رغم الجهود المخلصة التى ىتبذلها الزوجة المجروحة قد لا يسهل عليها ان تسامح زوجها , وايضا المرأة الاخرى.مع ذلك يمكن ان تسعى تدريجيا الى التخلص من الاستياء والمرارة. ينصح احد المراجع : " على الرفيق المخلص ان يدرك انه سيأتى وقت حين يضطران الى متابعة حياتهما ". ويضيف " من المهم الا يستمر فى تذكير الرفيق الاخر بأخطائه القديمة لمعاقبته كلما حدث جدال ".
وجدت زوجات كثيرات انه بسعيهن وراء تخفيف وازالة مشاعر الاستياء الشديد , توقفن فى النهاية عن الشعور بالعداء تجاه من اخطأ اليهن. والقيام بذلك هو خطوة مهمة فى اعادة بناء الزواج.
" هل ستتمكن من اعادة تلك الثقة مجددا ". سألت امرأة شابة شديدة الاضطراب , ان قلقها فى محله اذ ان خيانة زوجها دمرت , او على الاقل زعزعت بشدة الثقة , فالثقة مثل الاناء الثمين , سهلة التحطم ولكن صعبة الاصلاح. وفى الواقع ان الثقة والاحترام المتبادلين لا يجعلان العلاقة تنجح فحسب بل تزدهر ايضا.
ويشمل ذلك عادة التعلم كيف تثقين مجددا. وعوض ان يطلب الزوج المذنب بشدة ان تثق به زوجته , يمكنه ان يساعد على بناء هذه الثقة بالكينونة منفتحا وصريحا بشأن نشاطاته. ولاستعادة الثقة , تستطيعون فى بادئ الامر " اعطاء زوجاتكم بيانا دقيقا عن تحركاتكم بتفاصيلها ". كما تقول زيلدا وست ميدس " اخبروا زوجتكم اين تذهبون , متى تعودون , وتأكدوا ان تكونوا فى المكان الذى حددتموه ". واذا تغيرت الخطط فدعوها تعرف ذلك.
ان اعادة بناء الشعور بالقيمة الذاتية تتطلب الوقت والجهد. ويمكن ان يساعد الزوج المذنب فى هذا الامر بأغداق الحنو والمدح على زوجته وباخبارها مرارا وتكرارا انه يقدرها ويحبها. تنصح مشيرة زواج محترمة : " امدحوها على كل ما تعمله ". وفى المقابل يمكن ان تعمل الزوجة على اعادة بنيان ثقتها بنفسها بالتركيز على ما تجيد فعله فى حياتها.
نظرا الى جسامة الالم الذى تسببه الخيانة , ليس مدهشا ان يستعيد المرء بعد سنوات عديدة ذكريات حية ومؤلمة. لكن , فيما يلتئم الجرح تدريجيا , سيبساعد التواضع , الصبر , والاحتمال كلا الطرفين على اعادة بناء الثقة والاحترام.
يذكر كتاب الحب و الاكرام , والخيانة مطمئنا : " ان الالم الجسيم الذى تشعرون به فى الاشهر القليلة الاولى لا يبقى , انه يختفى اخيرا . . . وفى النهاية تجدون ان اياما , اسابيع , اشهرا و وسنينا ايضا قد تمر دون ان تفكروا فى الامر ".
يذكر بيدرو : " بالنظر لى الوراء , نجد ان الاختبار غير مجرى حياتنا. لا نزال بحاجة الى صنع بعض التعديلات فى زواجنا بين الفينة والاخرى. ولكننا تخطينا المحنة. ولم نزل متزوجين وسعيدين ".
ولكن ماذا اذا لم تكن الزوجة البريئة اسباب تدفعها الى مسامحة الزوج غير المخلص ؟ او ماذا اذا سامحت زوجها ورغم ذلك ولأسباب وجيهة تختار الطلاق ؟ ما المتطلبات التى يضعها الطلاق على الزوجة ؟ ندعوكم الى التأمل فى عوامل يشملها الطلاق , وكيف واجهته بعض النساء ايضا.
" يتبع "
ملاحظة : " لتبسيط الامر تكلمنا عن رفيق الزواج المخلص بصفته الزوجة . لكن المبادئ التى تناقش تنطبق على الازواج الابرياء الذين تكون زوجاتهم غير مخلصات ".

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل