مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3854 - 2012 / 9 / 18 - 21:39
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
عندما بدأ علماء الاثار اثناء العصر الفيكتورى ينقبون بشكل منظم عن الاثار القديمة فى مومبى , صدمهم ماوجدوه. فبين الرسوم على الجص والاعمال الفنية الجميلة , توزعت هنا وهناك رسوم ومنحوتات كثيرة فاضحة جنسيا. واذ اثارت طبيعتها المخزية اشمئزاز السلطات , وضعوها فى متاحف سرية وابتكروا الاسم " الفن الاباحى " المؤسس على الكلمتين اليونانيتين بورنى وغرافوس , اللتين تعنيان " الكتابة عن البغايا " - لتصنيف هذه هذه المكتشفات الفاضحة. واليوم يعرف الفن الاباحى بأنه تصوير السلوك الجنسى فى الكتب والصور الفوتوغرافية والتماثيل والافلام السينمائية الخ , على نحو يستهدف اثارة الشهوة الجنسية.
ان الفن الاباحى واسع الانتشار فى هذه الايام ويبدو انه مقبول فى معظم المجتمعات العصرية. لقد كان يقتصر سابقا على دور السينما السيئة السمعة واحياء البغايا , الا انه الان سائد جدا فى مجتمعات كثيرة. ففى الولايات المتحدة وحدها يدر الفن الاباحى اكثر من 15 بليون دولار سنويا.
ويشجع انصار الفن الاباحى عليه باعتباره طريقة لتستعيد العلاقة الزوجية المملة حيويتها. تقول احدى الكاتبات : " انه يحفز على الخيال الواسع . ويقدم تعليمات من اجل المتعة الجنسية "
ويدعى اخرون انه يشجع على الصراحة والانفتاح بشأن المسائل الجنسية. تدعى الكاتبة وندى ماكلروى : " الفن الاباحى يفيد النساء ".
ولكن لا يوافق الجميع على هذه الافكار. فغالبا ما اقترن الفن الاباحى بالعديد من النتائج والمواقف المؤذية. ويشير البعض الى وجود علاقة بين الفن الاباحى والاغتصاب وكذلك اشكال العنف الاخرى ضد النساء والاولاد. يعترف القاتل المتسلسل السئ السمعة تيد باندى انه كان لديه " رغبة شديدة فى الفن الاباحى العنيف ". ويقول : " هذه الحالة لا يدركها المرء فورا ولا يعتبرها مشكلة خطيرة. . . لكن هذا الاهتمام . . . يصير منصبا على مسائل ذات طبيعة جنسية تشمل العنف. اريد ان اشدد على النمو التدريجى لهذه الشهوة. فهى لا تولد بين ليلة وضحاها ".
نظرا الى الجدل الذى لا ينتهى وانتشار مواد الفن الاباحى اليوم , قد تتساءلون : " هل يقدم الكتاب المفدس اى ارشاد حول هذه المسألة ؟ ".
فى الكتاب المقدس نعالج المسائل الجنسية بصراحة ودون خجل. ( تثنية 14 عدد 5. وكورنثوس الاولى 7 عدد 3 و4. نصح سليمان : " افرح بامرأة شبابك . . . ليروك ثدياها فى كل وقت". امثال 5 عدد 18 و 19. وتفدم نصائح وارشادات واضحة بشأن العلاقات الجنسية , بما فى ذلك الحدود التى ضمنها يجب التمتع بهذه العلاقات. فالجنس خارج ترتيب الزواج ممنوع. وكذلك كل اشكال الممارسات الجنسية المنحرفة. - لاويين 18 عدد 22 و 23. كورنثوس الاولى 6 عدد 9. غلاطية 5 عدد 19.
حتى ضمن هذه الحدود. يتوقع تمالك النفس والاحترام. كتب الرسول بولس : " ليكن الزواج مكرما عند الجميع. والفراش الزوجى بلا دنس ". عبرانيين 13 عدد 4. وهذه المشورة تتباين بشكل صارخ مع هدف ورسالة الفن الاباحى.
بدلا من تصوير العلاقات الجنسية كتعبير جميل وحميم عن المحبة بين الرجل والمرأة فى الزواج المكرم. يحط الفن الاباحى من من قدر العلاقة الجنسية ويشوه صورتها , فهو يصور الجنس العرضى والمنحرف بأنه مثير وممتع. ويركز على ارضاء الذات مع منح القليل او لا شئ من الاعتبار للشخص الاخر.
ويصور الرجل والمرأة والاولاد كأدوات موجودة فقط لأشباع الشهوة الجنسية. يقول احد التقارير : " يقاس الجمال وفقا لتناسق اعضاء الجسد , مما ينشئ توقعات بعيدة عن الواقع ".
ويستنتج تقرير اخر : " ان تصوير النساء كشخصيات مجهولة الهوية , دائما فى حالة اشتهاء وانتظار , دمى جنسية فارغة للرجال , يعرين ويعرضن اجسادهن من اجل المال والتسلية , لا يمكن اطلاقا ان ينقل رسالة تشير الى المساواة والكرامة الانسانية ".
وبالتباين , كتب بولس ان المحبة " لا تتصرف بغير لياقة , ولا تطلب مصلحتها الخاصة ". كورنثوس الاولى 13 عدد 5. ويحض الكتاب المقدس الرجال " ان يحبوا زوجاتهم كأجسادهم " وان يعطوههن كرامة , لا ان يعتبروهن مجرد ادوات لاشباع الشهوة الجنسية. افسس 5 عدد 28. بطرس الاولى 3 عدد 7. فهل الشخص . سواء كان رجل او امرأة , الذى يشاهد بانتظام صورا فاضحة جنسيا يتصرف حقا بلياقة ؟ وهل يظهر حقا الكرامة والاحترام ؟ بدلا من المحبة , يعزز الفن الاباحى التركيز على الذات فقط, الرغبة الانانية.
هناك عامل اخر ايضا يلزم التأمل فيه. فكأى شئ مثير اخر غير لائق , ما كان فى البداية يثير الشخص سرعان ما ىيصير عاديا وروتينيا. يقول احد الكتاب : " بمرور الوقت , يطلب متعاطو الفن الاباحى موادا فاضحة ومنحرفة اكثر . . . وقد يدفعون بشركائهم الى ممارسات جنسية شاذة على نحو متزايد . . . كما تضعف قدرتهم عن التعبير عن الحب الحقيقى ". فهل يبدو ذلك تسلية غير مؤذية ؟ وهنالك ايضا سبب مهم اخرلتجنب الفن الاباحى.
فيما يشعر كثيرون اليوم انه مامن شئ خاطئ او خطير بشأن تغذية الخيال الجنسى , لا يوافق الكتاب المقدس على ذلك , فهو يشرح بوضوح ان هناك علاقة جوهرية بين ما نغذى به عقولنا وطريقة تصرفنا. يخبر التلميذ المسيحى يعقوب : " كل واحد يمتحن اذا اجتذبته واغرته شهوته. ثم الشهوة متى خصبت تلد خطية ". يعقوب 1 عدد 14 و 15. وقال يسوع : " كل من يداوم على النظر الى امرأة ليشتهيها , فقد زنى بها فى قلبه ". وكما اشار يعقوب ويسوع كلاهما , يتصرف البشر بدافع رغباتهم الداخلية. هذه الرغبات عندما تغذى وتعزز تصير هواجس قوية , والهواجس تصعب جدا مقاومتها , ويمكن اخيرا ان تدفع المرء الى القيام بعمل. وهكذا , فان ما ندخله الى عقولنا , يكون له تأثير قوى فى ما نفعله اخيرا.
والخيالات الجنسية تتعارض مباشرة مع عبادة الله. لذلك كتب بولس : " اميتوا اذا اعضاء جسدكم . . . من جهة العهارة , النجاسة الشهوة الجنسية , الاشتهاء المؤذى , والطمع, الذى هو صنمية ". - كولوسى 3 عدد5.
هنا يربط بولس بين الشهوة الجنسية والطمع, الذى هو رغبة جامحة فى شئ لا يملكه المرء ( لايتحدث بولس هنا عن الشهوة الجنسية الطبيعية - الرغبة فى ممارسة علاقة جنسية طبيعية مع رفيق الزواج ). والطمع شكل من اشكال الصنمية. ولماذا ؟ لأن الطماع يضع ما يرغب فيه قبل اى شئ اخر , بما فى ذلك الله. والفن الاباحى يثير الشهوة الجامحة لشئ لا يملكه المرء. يقول كاتب دينى : " تريد ان تكون لك الحياة الجنسية لشخص اخر . . . ولا يمكنك الا ان تفكر الا فى رغبتك فى هذه الحياة التى تفتقر اليها . . . ان ماتشتهيه تعبده ".
يحضنا الكتاب المقدس : " كل ماهو عفيف , كل ماهو مستحب , كل ماذكره حسن , ان كانت فضيلة . . ففى هذه فكروا دائما ". فيلبى 4 عدد 8. والشخص الذى يشاهد الفن الاباحى ويغذى عقله به يرفض حض بولس. فالفن الاباحى لا يتسم بالاحتشام لأنه بوقاحة يعرض للعامة احم واخص العلاقات. وهو بغيض لأنه يحط من قدر الناس ويجردهم من صفاتهم الانسانية. كما انه غير حبى لأنه لا يعزز الرقة ولا الاهتمام بالاخرين. انه يعززالشهوة الجامحة الانانية فقط.
اذ يصور الفن الاباحى الاعمال الفاسدة ادبيا والشهوانية باستهتار , يضعف او يدمر جهد المسيحى لبغض الشر. انه يشجع على ارتكاب الخطية.
لا وجود حتى لشئ واحد غير مؤذ فى الفن الاباحى , فهو استغلالى ومفسد , ويمكنه ان يدمر العلاقات , اذ يحل التلذذ الجنسى بمشاهدة الامور الاباحية محل العلاقة الجنسية الطبيعية الحميمة. وهو يسمم عقل وروحيات مشاهده , كما انه يشجع على المواقف الانانية الجشعة ويعلم الناس ان يعتبروا الاخرين ادوات لا تصلح الا لاشباع شهوتهم الجامحة. وهو يضعف الجهود لفعل الصلاح وحيازة ضمير طاهر. والاهم انه يعيق او يدمر علاقة المرء بالله. حقا , الفن الاباحى وبأ يجب تجنبه.
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
