أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - في السيرة الذاتية - ما بعد الثمانين - تكويني العقلي















المزيد.....

في السيرة الذاتية - ما بعد الثمانين - تكويني العقلي


عبد العزيز محمد المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 21:24
المحور: سيرة ذاتية
    


في السيرة الذاتية – مابعد الثمانين – تكويني العقلي
الكاتب والمعلم المتقاعد عبد العزيز محمد المعموري – بعقوبة – محافظة ديالى – العراق
الآن وقد بلغت الرابعة والثمانين أشعر بنوع من العجز والتراخي في تدوين ذكرياتي عن مرحلة الطفولة بينما كنت في شبابي اذا أردت الكتابة أشعر بالتدفق وتلاحق العبارات وكأن أحدا" يملي علي بسرعة ، وها أنا الآن أحك رأسي أكثر من مرة لصياغة جملة مفيدة .. انه حكم العمر والشيخوخة بالتأكيد .
أعود إلى أيام طفولتي وبالذات سنة 1943حيث كنت في الصف الخامس الابتدائي حيث أصبت بنزعة إنكار لكل المعتقدات المتداولة ولا أدري لماذا ؟ فالأطفال بعمري جميعا" يؤمنون بوجود الجن في الحياة وبعضهم رآه رأي العين ، أما أنا الوحيد الذي لا يصدق ويتحدى الجميع بأن يروه جنيا" واحدا" على الأقل !... بعضهم رأى الجني ليلا" بشكل قط والآخر بشكل معزى .. الخ .. وكنت أتمنى أن يتواجد الجن كي أراه حقيقة فأنا لا أخاف منه ، وسألت مرات : أين يتواجد الجن ؟ قالوا : في الخرائب وتحت أشجار التين ، وكنت أتعمد زيارة الخرائب والنوم تحت أشجار التين دون أن يظهر لي جني واحد !! وكانوا يقولون عن مزار قرب قريتنا لأحد الأئمة أنه يحول الإنسان إلى حمار إذا حلف به كاذبا" ، قلت : أنا لا أصدق .. أريد أن أرى بعيني شارة هذا الإمام ، وتحديته أمام مجموعة من الأطفال حيث وضعوا على ضريحه بعض الدراهم وتحدوني إذا كنت أستطيع أخذها منه ، فذهبت دون خلع حذائي وأخذت الدراهم قائلا" للضريح : ( شوّر بي اذا استطعت ) ، فظل الأطفال ينظرون إلي متصورين أنني سأتحول الى حمار ولكن ذلك لم يحدث وذهبت الأخبار الى القرية وصرت في نظر الجميع ملحدا" !!
وبعد أن انتقلت الى الصف السادس سنة 1944-1945 صرت أفكر في الكون والعالم وكيف تتحسن أحوال الناس ويتخلصون من الفقر والمرض وشظف الحياة ، وسمعت أن نظاما" يسمى ( الشيوعية ) يساوي بين الجميع ويحارب الفقر ولكنه يضحي بالشرف ولا يعرف الأخ أخته وتكون المشاعية حتى بالجنس ، وهنا فكرت بعقلي الصغير آنذاك وقلت : ربما تكون هذه دعاية من أعداء الشيوعية ! ولكن أين سأجد الشيوعي الذي يشرح لي الحقيقة ؟ لايوجد . وفكرت بأن أصبح رجل دين وألبس العمامة وأصعد المنبر وادعو الناس الى العدل والصدق وكرامة الانسان ، ولكن كيف السبيل الى ذلك ؟
كنت متعطشا" الى المعرفة وكنت أسأل معلميّ أسئلة فوق مستوى الأطفال ، فيجيبون عن أسئلتي بالصورة التقليدية التي لا تشفي الغليل . وقد بدأت أستعير الكتب الخارجية ، وقد وقع تحت يدي كتابان لجبران خليل جبران هما ( الأجنحة المتكسرة ) والآخر لا أتذكره وكنت أشتري مجلتي الرسالة والثقافة المصريتين وكان سعر النسخة آنذاك ( 40 فلسا" ) فكانت أمي تتشاءم من شرائهما لأن ذلك لا يوكل خبز !
وبعد تجاوز مرحلة الابتدائية والانتقال الى دار المعلمين الريفية التي كانت تستقبل أبناء الريف من خريجي الابتدائية لتعدهم خلال خمس سنوات معلمين يعملون في الريف وفي الصف الأول من الدار كنت أبحث وسائر زملائي عن وضع أو نظام ينقل حالنا الى الأفضل ، فسمعنا عن الشيوعية آنذاك فرحبنا بها جميعا" دون أن يشذ طالب منا ولكن كيف نصبح شيوعيين ولا أحد يستدعينا الى ذلك ؟
في الصف الثاني من دار المعلمين جاءنا مدرس منقول من كلية الملك فيصل ، قيل أنه نقل لأنه شيوعي ! وجاءنا مدرس تاريخ من إعدادية بعقوبة منقولا" لأنه ضرب ابن المحافظ وهو كما تقول الأخبار شيوعي ! اذن الشيوعي بطل لا يضرب ابن الفلاح بل ابن المحافظ ، وقد استقبله طلاب الريفية بالود والاحترام وأردنا منه مرة أن يحدثنا عن الشيوعية فابتسم قائلا" : تريدون تحبسوننا؟ حسنا" مادام بالشيوعية حبس فلا بد أن تكون جيدة ونافعة !!
وقد تكاثر المدرسون الشيوعيون أو اليساريون بصورة عامة في دار المعلمين الريفية وكان أبرزهم مدرس الرسم ( رشاد حاتم ) البكادر الشيوعي ، كما جاءنا من الخالص طالب غريب الأطوار اسمه ( عبد الحسين جليل ) الذي رفض مناداته بالعبودية وقال : سموني حسين جليل فقط . كان هذا الطالب مجموعة قابليات فهو رياضي من الدرجة الاولى ولاعب كرة ممتاز ورسام عبقري وشاعر وخطيب وتبين أنه شيوعي ! وكم تمنيت أن أكون صديقه ويكسبني الى الشيوعية ولكن حلمي لم يتحقق ! واستمر نشاط حسين جليل والاستاذ رشاد حاتم لينتهي بحبسهما معا" . أما أنا فقد أديت امتحان المتوسطة الخارجي وانتقلت الى دار المعلمين الابتدائية في الأعظمية ، وظللت على أفكاري أحب الشيوعيين دون الاتصال بهم وأقرأ جريدة (الوطن ) التي يصدرها ( حزب الشعب ) الذي يرأسه المرحوم ( عزيز شريف ) وكانت قراءتي لجريدة الوطن وحبي لعزيز شريف جعلت الشيوعيين في دار المعلمين يتصورون بأني منتمي الى حزب الشعب علما" بأني لم أكن أعرف طالبا" منتميا" لهذا الحزب .
في أحد الأيام جاءني أحد الطلبة الشيوعيين يطلب مني أن أريه المنشور الذي حرره حزبنا ! قلت : أي حزب تدّعي انتمائي إليه ؟ قال : حزب الشعب ، فسألته : من هو مسؤول الشعبيين هنا في الدار ؟ قال : فلان ، فذهبت الى ذلك الطالب فورا" وطلبت منه أن يأخذني فورا" الى الاستاذ ( عزيز شريف ) لأني أريد أن أنتمي لحزبه بعد الاجابة عن بعض الأسئلة .
فأجابني الزميل : سآخذك الى ( عبد الرحيم شريف ) فهو المسئول عنا وموجود في ادارة جريدة الوطن ، وقد أخذني فعلا" الى المرحوم ( عبد الرحيم شريف ) فسلّمت عليه وطلبت منه أن يجيبني عن بعض التهم التي يلصقها بهم الآخرون . وقد أجابني عن أسئلتي غير المؤدبة جميعها والابتسامة لا تفارق شفتيه وقد أعجبت بدماثته وشخصيته الجذابة وقلت له : سجّلني فورا" فقد أصبحت شعبيا" ، فضحك من سذاجتي وقال : ستسجل في مدرستك. ومنذ ذلك اليوم أصبحت شعبيا" وكنت أتجادل في الدار يوميا" مع الشيوعيين والقوميين والأخوان وكان أكثر وقتنا ينقضي بالجدل وتبادل الاتهامات !!
كيف كنت أقضي وقتي وأنا طالب في الدار ؟ لقد كنت أقرأ الصحف جميعا" وخاصة مقالاتها الافتتاحية ، وبعد قراءة الصحف أتناول أقرب كتاب يقع تحت يدي لأقرأه بنهم عجيب وكنت أكتب الخواطر دائما"وربما أرسلت للصحف بعضا" منها .
لقد كنت أقرأ لأكثر الكتاب المصريين ابتداء" من الدكتور طه حسين الى العقاد وكنت لا أفارق مجلة ( الرسالة ) وأقرأها بشوق ، كما تأثرت بكتابات سلامة موسى ومن ثم خالد محمد خالد .
أذكر مرة جاء الشيوعيون بكتيب لبدر شاكر السياب كان أول ديوان له اسمه ( أزهار ذابلة ) وكانوا يبيعون النسخة بثلاثة دراهم تشجيعا" لصاحب الديوان الشيوعي . وأذكر أنني كتبت تعريفا" بالديوان ربما كان أول تعريف له في العراق ، وقد تعرفت على صاحب الديوان فيما بعد في مديرية الأموال المستوردة بعد أن فصل من التعليم بحجة عدم الكفاءة !!
في سنة 1955 جرى فصلي من الخدمة لمدة سنتين لأني أحمل أفكارا" هدامة!! وقد كان ذلك تمهيدا" لحلف بغداد وقد جرى فصل العديد من العناصر التقدمية من التعليم وكان من ضمنهم
( الدكتور فيصل السامر ) و ( الاستاذ الكبير ابراهيم كبة ) والشاعران ( عبد الوهاب البياتي ) و( عبد الرزاق عبد الواحد ) وقد سيق الجميع الى دورة الضباط الاحتياط العاشرة لاعدادنا كضباط في الجيش العراقي ، وقد تعرفت في تلك الدورة على الشاعرين عبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد ، أما الأول فلم ترتح له نفسي لعتمته وأما الثاني فقد صار صديقا" حميما" لي الى أن صار بعد 1968 شاعر البلاط في ديوان صدام !
وقد تعرفت على المرحوم ( حسين مردان ) ذي الشخصية المحبوبة وكنا نجلس في مقهى قرب ساحة حافظ القاضي وأذكر أن أول لقاء لي معه في جريدة ( الأخبار ) حيث جلبت له مقالا" أدعو فيه إلى إنشاء تجمع للأدباء كنقابة أو اتحاد أو ما شابه ذلك ، ولما قرأ المقال ، قال لي : أتستطيع إعادة كتابته ؟ سألته : لماذا ؟ قال : بهاراته زائدة .. انه يلذع والمسئولون لا يتحملون حرارة كهذه ، أعد كتابته وأنا أتكفل بنشره ، وقد أعدت كتابته ونشر فعلا" ، وأذكر أني تورطت بكتابة مقال غير منصف في مجلة ( قرندل ) بعنوان ( حسين مردان في الميزان ) وحين قرأ المقال لعن أجدادي وهو يردد : (يريد الارتقاء على أكتافي ) .. وقد قام صديقنا المشترك ( حسن الحاج دواي ) بتطييب خاطر أبي علي وقد قمت أنا بطبع قبلة على خده المكتنز ! .
أذكر أني كتبت عشرات المقالات اعتبارا" من عام 1947 وكانت مقالاتي تتوزع على جريدة (الوطن ) التي تعرفت خلالها على القاص ( عبد الملك عبد اللطيف نوري ) وجريدة ( الأهالي ) والعديد من الجرائد الأخرى ، ولا أزال أذكر مقالا" لا ينسى لي ربما في سنة 1960 بعنوان
( متايا الله والشمنجعفر وتربة الوطن )حيث أن المقصود بالشمنجعفر هو القطار والمتايا هي ((المطايا) وهي سخرية من رجال الدين ( الروزخونية ) آنذاك الذين كانوا يقفون ضد كل ما هو جديد من تقنيات وحضارة وقد نشر في جريدة ( صوت الأحرار ) ورد عليه (يونس الطائي ) في اليوم الثاني مباشرة في جريدة ( الثورة ) التي كانت تصدرها مخابرات الزعيم وكان الرد شتائم مقذعة .
خلاصة تكويني العقلي خلال هذا العمر المديد أنني لم أتوصل إلى قناعة تامة بأي عقيدة أو مبدأ وربما لو عمّرت مائة عام جديدة سأتوصل إلى الحقيقة !
إني علماني أدعو إلى حماية الدين من دنس السياسة ، كما أؤمن بالاشتراكية الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام العالمي .



#عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذكرياتي .. ما بعد الثمانين
- ظاهرتان تستحقان الدراسة
- سيرة وذكريات - في الهدف والطموح
- بين أدوية اليوم وأدوية الأمس
- الأخطاء اللغوية
- عمتنا النخلة والفلاح ووزارة الزراعة..
- كلمات على طرف اللسان 2/2/2011
- كلمات على طرف اللسان 31/1/2011
- تصحيحات لغوية
- كلمات على طرف اللسان : (هل كرمنا عمتنا النخلة ؟ )
- كلمات على طرف اللسان
- لا بارك الله في أمة كثرت أعيادها
- الحركة الوطنية في ديالى ( من ذكرياتي )
- نحن والأطباء ونقابتهم
- أيام مضت ... عملية سطو غريبة
- المظلومان
- مستوى التعليم ماذا حلّ به ؟
- نحن والمبيدات
- العراقيون بين رأس (شو) ولحيته
- حين نكحل العين فنسبب لها العمى


المزيد.....




- خمس مدن رائدة تجعل العالم مكانا أفضل
- هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟
- فيضانات تضرب منطقتي تومسك وكورغان في روسيا
- أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني -عمل إرها ...
- أدرعي: إيران ترسل ملايين الدولارات سنويا إلى كل ميليشيا تعمل ...
- نمو الناتج الصيني 5.3% في الربع الأول من 2024
- حضارة يابانية قديمة شوه فيها الآباء رؤوس أطفالهم
- الصحافة الأمريكية تفضح مضمون -ورقة غش- بايدن خلال اجتماعه مع ...
- الولايات المتحدة.. حريق بمصنع للقذائف المخصصة لأوكرانيا (صور ...
- جينوم يروي قصة أصل القهوة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - في السيرة الذاتية - ما بعد الثمانين - تكويني العقلي