أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تميم منصور - الحشاشون الجدد















المزيد.....

الحشاشون الجدد


تميم منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 13:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قال العقلاء: "التغني بالماضي وحده لا يوقظ الموتى من قبورهم، بل الوعي بالتخلف الراهن هو أول خطوات التقدم". وقال الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين: "إن أمة تلتهم أفضل أبطالها وتستهين بقدرات رجالها تصبح في لحظة ما فريسة لأسوئهم وضحية لأكثرهم جحوداً في لحظة ما".
إن أعمال القتل والتخريب وتدمير البنية التحتية داخل أكثر من قطر عربي واحد، خاصة في سوريا والعراق, بمنهجية مدروسة، هذه الأعمال تثلج صدور آل عثمان ومعهم كل السلفيين الوهابيين وأسيادهم في تل أبيب وواشنطن ولندن وباريس، فكل ما يقوم به هؤلاء الأشرار في هذه الأيام لا يختلف في شيء عما كانت تقوم به فرق الحشاشين من قتل وسفك للدماء وتخريب وتدمير داخل الدولة العباسية والفاطمية. التشابه بين حشاشي اليوم والحشاشين في الماضي يكاد يكون مطابقاً من حيث الهدف والتحضير والتهيئة وغسل الأدمغة ، ونثر وتوفير الوعود غير الواقعية الكاذبة, وكأن الجنة ضيعة من ضياع هؤلاء الدجالين القتلة، أو عقاراً من عقاراتهم الموجودة في الدول الأوروبية.
يلتقي الحشاشون الجدد مع آبائهم الحشاشين الذين عرفوا في العصور الوسطى أمام خط واحد وهدف واحد، هذا الهدف هو سفك الدماء وقتل اكبر عدد من المواطنين- كما يحدث اليوم في سوريا والعراق واليمن وليبيا. ومن أجل الوصول إلى هذه الغاية لا بد من إعداد الوقود الكافي من الرجال أو حتى من النساء لتنفيذ الاعتداء على مؤسسات الدولة وقتل الأبرياء, بواسطة وضع السيارات المفخخة في الأماكن العامة, دون رحمة ودون أي رادع إنساني أو أخلاقي، لأنهم يكفرون كل شيء. لا يفرقون بين موقع عسكري أو مسجد أو مستشفى أو مدرسة. لقد تم تدمير أكثر من ألفي مدرسة في سوريا وحدها حتى الآن، وحتى معاهد الأبحاث لم تسلم من جرائمهم، عدا عن قتل العلماء والمثقفين والأكاديميين الذين يعتبرون أعمدة الأمة. وتكررت صور القتل الأنتقامي العشوائي أيضاً بالعراق, حيث الدم المباح تحوّل إلى وجبات يومية لم تعد تهز شعرة في رأس المواطن العربي من المحيط إلى الخليج، بل يزداد القتل شهوة يوماً بعد يوم، واليمن على طريق الدم تسير وتنتفخ جراحها.
لقد عمد الحشاشون في العصور الوسطى إلى إعداد وتجهيز هؤلاء القتلة على مراحل. كانوا يعزلونهم في أماكن خاصة أعدت لذلك للقيام بالأعمال الانتحارية، وفي مقدمة هذه الأماكن إحدى القلاع المعروفة والواقعة في شمال بلاد فارس، وكانت تسمى "قلعة الموت". كانت هذه القلعة تحتوي على حدائق غناء متنوعة ملأى بأشجار الفاكهة، وعلى قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل. كان شيوخ هذه الفرقة يوهمون ضحاياهم بأن هذه هي الجنة، لا يدخلها الا المجاهدون الانتحاريون. وفي داخل هذه القلعة كانوا يقدمون لهم مخدر الحشيش ثم يتركونهم نياماً، وعندما يفيقون يعتقدون بأنهم موجودون بالجنة. كانوا يقومون بتخديرهم مرات عديدة، ويشبعون شهواتهم من المباهج. وبعد ذلك يتم إخراجهم من الحدائق وإرسالهم للقيام بأعمال انتحارية, على اعتبار أن الجنة بانتظارهم..!
بهذه الطريقة وهذا الأسلوب الشيطاني تمكنوا من اغتيال العديد من القادة المسلمين. وقد حاولوا الاعتداء على القائد البطل صلاح الدين الأيوبي ثلاث مرات على الأقل. أما الأساليب والطرق, التي يستخدمها حشاشو هذه الأيام في تجهيز القتلة والسفاحين, فهي لا تختلف عن تلك الأساليب والطرق التي استعملها آباؤهم من الحشاشين القدامى. والأب الروحي لهذه الطرق والأساليب هو غطاء الدين, والفراغ الفكري والاجتماعي, والفقر والجهل الذي يعاني منه هؤلاء الضحايا.
لقد استبدلوا مخدر الحشيش الذي تم تناوله في "قلعة الموت" بأنواع متطورة من الحبوب المخدرة يتناولها كل أولئك الذين اعدوا لهذا الجهاد الانتحاري غير الشرعي. وباستثناء التخدير الكيماوي، هناك وسائل وطرق من شأنها السيطرة على الحشاشين الجدد، حيث يتم تجييرهم لخدمة جماعات وفرق سلفية أصولية ذابت تحت مسميات مختلفة. وما إرهابيو القاعدة سوى فصيل من هذه الفصائل. ومن هذه الطرق الرشاوى المالية التي ينثرها أمراء النفط السعودي والقطري إلى تجار الإسلام السياسي.
واستطاع هؤلاء التجار والسماسرة احتواء وشراء شيوخ الفتنة, الذين سارعوا لاستصدار الفتاوى باسم الدين لتبرير تدمير الحضارة والإجهاز على اللبيرالية والمدنية الإنسانية المتطورة والحديثة, خاصة سوريا والعراق واليمن وغيرها من الأقطار العربية. ولم يكن من الصعب ركوب عقول هؤلاء الجهلة وتصدير الفكر الظلامي لهم, فتحولوا إلى طاعون سلفي متعطش لسفك الدماء. ومن بين طرق التخدير الأخرى, لتسخير فرق من الحشاشين الجدد, تجنيد العشرات من الفضائيات التجارية والحكومية المدعومة هي الأخرى بدنس أموال النفط الخليجية. إضافة إلى تسخير العشرات من الصحف الصفراء ومثل هذا العدد من المجتهدين والمحللين السياسيين. ومن بين هؤلاء من كانوا يعتبرون أنفسهم بالأمس القريب اقرب المقربين لحماة الديار ومن كبار رواد الفكر القومي. فكيف يلتقي ماضي وحاضر وفكر هؤلاء مع نهج الحشاشين الجدد؟!! إن هذا يؤكد بأنهم كانوا مدسوسين ومرتزقة وطابورا خامسا داخل حركة التحرر القومي. والأعجب أن هؤلاء قد شطبوا فلسطين وأرض المقدس والأقصى وثالث الحرمين والعدو الصهيوني والاحتلال والاستيطان من قواميسهم، ولم يذكروا الجهاد في سبيل تحرير فلسطين. ولم يتطرقوا إلى فساد زعماء الأمة الذين تناسوا واجب الجهاد ورفع شأن الأمة الإسلامية, وغرقوا في المتع الحسية وتبذير الأموال التي هي في الأساس ملك للمواطن العربي. لم أعرف حتى الآن ما معنى انتحاري يفجر نفسه في شارع أو سوق في بغداد أو أي مكان في العراق, يذهب ضحيته الأطفال والنساء والشباب، أو يفجر رجل نفسه في جنازة أو مدرسة أو مصنع أو محطة كهرباء في سوريا. هل يعلم هؤلاء, الذين يفجرون أنفسهم بطريقة تبعث على الفوضى الدينية, حتى أنهم يلقون الترحيب من الوهابيين والقطريين وغيرهم من قوائم التشجيع الانتحاري، أن الانتحاريين الفلسطينيين حين كانوا يقاومون الاحتلال بتفجير أنفسهم في الباصات والأماكن العامة الإسرائيلية كان علمائهم وفتاواهم الدينية ضدهم, بل حاربوا هذا الأسلوب وأطلقوا عليه ألقابا عديدة منها الوحشية..؟!
إن دور جميع وسائل الأعلام المشبوهة هو مصادرة ضمائر وتعبئة نفوس الحشاشين الجدد لوقف عجلة التطور القومي, وتدمير التراث, وتشويه التاريخ العربي, وتغيير مبدأ الإسلام (من السلام عليكم إلى السلاح عليكم).
كما ساهمت وسائل الإعلام هذه في صنع فئات مضللة بين الشباب في أكثر من قطر عربي واحد، فانحرف هؤلاء الشباب في مفهومهم عن محور الأحاديث النبوية الشريفة التي تقول "لا دين لمن لا عقل له", وبأن الإسلام جعل العقل للدين أصلاً وللدنيا عماداً، وبأن فضل العلم خير من فضل العبادة. إنهم يجهلون بأن العبادة شأن يخص الإنسان الفرد وربه، فلا يجوز لمخلوق أن يدخل فيه أو يجعل منه معياراً لتقييم مكانة الآخرين. فهل عودة الحشاشون الجدد وضعتنا أمام حقبة زمنية عاصفة وظاهرة تاريخية خاصة؟ هل سيضيف التاريخ إلى أرشيفاته أن ما سمي بالربيع العربي أزاح اللثام أيضا عن فرق الحشاشين الجدد, الذين يمارسون سياسة الأرض المحروقة في سوريا وفي العراق، ويدمرون المواقع التراثية في ليبيا وينهبون أموالها، ويعتدون على حرية المرأة في تونس وفي مصر, ويحاولون إقامة إمارات لهم في اليمن وفي شمال لبنان؟! إذا كان التاريخ يعيد نفسه- كما يقولون فيا ويلنا من هكذا تاريخ..!!



#تميم_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبروك لمصر بعد أن استقر مرسي تحت عباءة عبد الله وإبط كلنتون
- صمام أمان القومية العربية مربوط بأيدي حماة الديار .
- صمام أمان القومية العربية مربوط بأيدي حماة الديار
- ابنكم نظيف ( الى روح الشهيد اسامة عقل حسن منصور )
- في حديقة الربيع العربي أمريكا ترفع يدها..!
- انقلاب طنطاوي الابيض
- وعِزُّّ الشرقِ أوّلهُ دِمشق
- من دلف الإخوان إلى مزراب الفلول
- الحكام العرب صبية تلاعبهم امريكا
- سحيجة نتنياهو وطبل موفاز
- وما من طاعة للظالمين
- عمر بن اليعزر مرشح الرئاسة في مصر
- تركيا متعددة الوجوه والأقنعة
- القضاء على القضاء في مصر
- وفد إسرائيل العربي في الدوحة
- الرقص فوق جثث الأطفال
- قطار الربيع العربي خرج عن مساره
- نبيل العربي يصر على البقاء في بيت الطاعة الأمريكي
- غيمة في صيف صهيوني حارق
- سوريا الصخرة التي سوف تسد بوابة الانهيار العربي


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تميم منصور - الحشاشون الجدد