أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المثنى الشيخ عطية - في ميزان الشفافية السورية















المزيد.....

في ميزان الشفافية السورية


المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)


الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 15:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ميزان الشفافية السورية
مساحيق الذكريات العاطلة ودم الحوار

من مآسي وملاهي الإنسان على الأرض أنه يندر لديه كمسؤول خرج قسراً أو طوعاً من سلطة المسؤول، أو كسياسي أثبت تطور أحداث الواقع تخلّف رؤيته عن كشف الحركة العميقة للواقع/ الاعتراف بالأخطاء، وممارسة جرأة الشفافية مع الذات والآخرين. وتزيد عدمَ الاعتراف بؤساً محاولاتُه التستير والتبرير وإلقاء اللوم على الخصوم، في ظل إغراءات اهتراء الذاكرة بمرور الزمن، وغياب الشهود، والقدرة على استغفال البعض. وينجح التضليل جزئياً إن استخدم الأسلحة المناسبة لذلك، لكن إلى حين موقوت لا يتعلق فقط باللعنة المرافقة لما يرتكب الإنسان من أفعال، ولكن لأن التضليل لم يعد ممكناً في عصر إلكتروني يصعب إخفاء شيء على شاشاته واستغفال بشر ينقرون بأصابعهم على أزراره...

تحتل المذكرات والذكريات المرئية والمكتوبة كمقالات أحد أهم أسلحة تضليل النفس والآخرين، وتتمتع هذه الأسلحة بقوة الإيهام في كشف الأسرار، مع غياب الشهود، وإمكانية مهاترتهم إن كانوا حاضرين.. لكنها مع ذلك تنهار أمام استحالة حبك الكذب أو إخفاء الحقيقة بصورة كاملة، وأمام حقيقة الراوي نفسه ومااختزنته ذاكرة الآخرين عنه من أقوال وأفعال.. فلم يشفع مثلاً في زمن الصراع الهادئ لنائب الرئيس حافظ الأسد وابنه من بعده بشار الأسد/ عبد الحليم خدام، انشقاقه عن نظام فاسد، ولا مناداته بالديمقراطية من استمرار اعتباره أحد أعمدة الفساد، وأحد وائدي أمل الديمقراطية بوأده مع بشار الأسد لربيع دمشق، وساهم في إبقاء صورته كفاسد أن أسلحة ذكرياته ومذكراته في الدفاع عن نفسه، ومن دون اعتذار للسوريين ووضع نفسه وثروته تحت مساءلتهم، كانت تؤدي بالضرورة إلى دفاعه عن نظام حافظ الأسد الذي يجمع السوريون أنه أصل الفساد والمجازر السابقة واللاحقة. ولم يستطع تحالفه المأمول لكن الواهي مع بعض أعداء النظام في ما سمّي "جبهة الخلاص"، تغطية وجه الفساد والاستبداد حتى بغربال...

ويبدو أن تضليل النفس والآخرين لا يستطيع الهروب من مصير انكشافه سواء حدث في زمن صراع هادئ لا يساهم بطء الأحداث وامتياز راحة البحث والتقصي في منحه فرص الإفلات، أو في زمن صراع عنيف يعطي تسارع وتشابك أحداثه التضليل فرصاً أكبر في الاستمرار.. ولا يعود السبب إلى عصر الفيسبوك فحسب، بل أكثر من ذلك إلى الثورة التاريخية السورية التي وصلت بإبداعها حدّ الإذهال، وتطوّر الوعي الثوري في أبنائها إلى درجات المثال، ولم يعد ممكناً الخوف من أن تأكل الثورة أبناءها أوأن يسرق لصوص الثورات نجاحاتها رغم كثرة طواويس الثورات واللصوص.. وقد فشلت بصورة مذهلة إلى درجة المهزلة جميع مآسي مسرحيات التضليل التي يخرجها بشار الأسد سواء في ابتكار المجازر التي يحاول عبثاً إلصاقها بعصابات مندسة بدا وكأنها قادمة من الفضاء، أو في الإصرار على ترويج سياسة الحوار بحركة وأكاذيب تجار السلاح والدم مع الروس والإيرانيين، بعد أن فشلت هذه السياسة على حاملة مؤتمراته، ومؤتمرات هيئة التنسيق، وأوهام توسطات السياسة بانكشافها عن نهر من دماء السوريين...

وقد انحسرت سريعاً كمثال آثار خطاب العميد المنشق في الحرس الجمهوري/ مناف طلاس، الذي رغم فضيلة انشقاقه المؤثرة في تفكيك النظام، وطبعه قبلة اعتذار على جبين الثوار في تصريحه الأول، ورغم تهليل ميشيل كيلو له بأنه المخرج السياسي الأفضل لحوار النظام والمعارضة، مع منحه شهادة نظافة من أوزار القتل، إلا أن درجة الشفافية الناقصة في هذا الخطاب والمطلوبة في ظلّ ما يعرف عن عائلته من أنها أحد أركان فساد نظام الاستبداد، حالت دون منحه جواز سفر مفتوح إلى رحاب الثورة.. حيث لم يكشف العميد للعالم وللثورة حقيقة ما يعرف عن نظام كان أحد أركانه، وعن ديكتاتور جزار كان أحد أهم أصدقائه، رغم احتياج المعركة إلى هذا الكشف، كما لم ينضمّ إلى ساحة القتال الفعلية مع الجيش الحرّ، إضافة إلى أن مساهمة تزكيته الإيجابية نفسها من قبل منظّر حوار مع النظام فاقد لمصداقيته أمام الثورة، لعبت دورها السلبي في التشكيك بشفافيته، ووضع كل ذلك الرجلَ أمام خيارات صعبة لكنها تعتبر فرصته التاريخية لتحديد مصيره في التاريخ السوري...

كما تعاني قصة ذكريات منظّر الإصلاح والحوار مع النظام ميشيل كيلو: "ذكريات طازجة: عندما دعاني آصف شوكت" التي كتبها لتبرير انشقاقه عن سياسة الإصلاح والحوار مع النظام، من وضعها المؤسي على ميزان الشفافية السورية القاسي في الدقة... فرغم قوة هذه الذكريات الآتية من فضيلة الاعتراف وإن متأخراً بأن النظام هو من يخادع ويتنكر حتى للإصلاح الذي يضعه، وأهمية الذكريات مع شخص غامض مثل آصف شوكت، رئيس المخابرات العامة الذي قتل في تفجير خلية الأزمة، وأهمية إيراد حديث معه يفهم منه أن موقف الراوي كان ينسجم مع موقف الحزب الشيوعي السوري/ المكتب السياسي (حزب الشعب الديمقراطي السوري حالياً)، الذي خاض معركة إسقاط النظام منذ نهاية السبعينات، متحملاً الملاحقة والسجن والقتل، وأن الراوي روّج لخطّ الإصلاح بعد وعد آصف شوكت وبشار الأسد له بالإصلاح عام 2000، وبعد أن أخذ رأي رمز هذا الحزب رياض الترك ووافقه كما يقول على إعطاء بشار الأسد سنة ونصف بدلاً من السنة التي طلبها للإصلاح، وأن من يتحمّل مسؤولية قطع مسيرة الإصلاح هو بشار الأسد الذي أعاد ملاحقة المعارضة وسجن رياض الترك.. فإن شفافية هذه الذكرى يعكرها قول الراوي في المقال نفسه بأنه لم يكن مع إسقاط النظام: "خرجت من اللقاء، ونصحت أصدقائي بالصبر على الرئيس وبتشجيعه، كي لا يتكرر ما سبق أن حدث عام 1979، عندما أصدر النظام خطة إصلاحية من ثلاثة وثلاثين بنداً لعبنا يومها دوراً كبيراً في إحباطها".. كما يعكّر شفافية الاعتراف إيراد الراوي اعترافاً آخر على القنوات الفضائية بأن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في أيام لقائه معه لترتيب أمور الحوار مع النظام أجابه عن سؤاله حول مدى نجاح هذا الحوار بأنه لن يكون أكثر من عشرة بالمائة حتى لو وافق جميع أفراد حزب البعث عليه.. ويزيد التعكيرَ تعكيراً موقف الراوي رغم ذلك خلال أكثر من سنة وسبعة أشهر من الثورة مع سياسة الإصلاح والحوار مع النظام، وليّ عنق التنظير الماركسي لهذه السياسة، والهجوم على كل من يعارضها بدءاً من قوى الحراك الثوري وانتهاء بالمفكرين السوريين والعرب، ووصفهم بمراهقين في السياسة، واتهامهم بمساواة النظام في جرّ البلاد إلى العسكرة والتدخل الخارجي، رغم انزلاق الكثيرين من دعاة الحوار إلى تأييد الفيتوات الروسية الصينية والصمت على ما ارتكبت سياسة الحوار والفيتوات من مجازر... ويضاف إلى هذا التعكير فقدان دقة الاستناد إلى موافقة رياض الترك على الإصلاح حتى خلال ربيع دمشق حيث من المعروف أن حزب الشعب لم ينقل أبداً برنامجه السياسي في التغيير الجوهري إلى الإصلاح، وشخّص النظامَ كبنية عصية على الإصلاح، وكافح في المعتقلات والمنافي، فيروسات الإصلاح التي ساهم رفاقٌ وأصدقاءٌ للحزب سواء بطيب نية أو بسطحية رؤية أو بغير ذلك، في محاولة نقلها من أيدي النظام لجسم الحزب منذ ضربه عام 1979، وتجاوز جنوحَ المعارضة التقليدية نحو وهم الإصلاح المشجَّع من قبل ميشيل كيلو منذ عام 1987، والمفصَح عن فصل من مآسيه بذكريات دعوة آصف شوكت لميشيل كيلو من أجل تمرير أوهام الإصلاح عام 2000، ورسّخ هذا الحزب خطّه بالمساهمة في شرخ جدار الخوف السوري عبر التصريح الشهير لرمزه رياض الترك عند وفاة حافظ الأسد على قناة الجزيرة: "الآن، مات الديكتاتور". كما كرّس شعار إسقاط النظام بكافة رموزه وأدواته خلال الثورة من خلال عمل رياض الترك على تكريس هذا الشعار كرؤية تشكل أساس برنامج المجلس الوطني السوري وكعمل يناغم حركته مع قوى الحراك الثوري...

في معاناة التحولات والانشقاقات عن سياسة الحوار التي يعرف النظام جدواها له، ويحمّل رايتها بعد انفضاض الكثيرين عنها بفعل تلوثها بالدم الآن لتجّار الدم.. يُحسب للمنشقين جرأتهم في الخروج من دون سؤال عن أسباب وتوقيت هذا الخروج، لكن تبقى الشفافية السورية مطلوبة في جميع الأحوال، كي تحول دون طرح السؤال إن كان طنّ من التبريرات والمذكرات والذكريات العاطلة، يمكن أن يغسل كيلو من دم الحوار.



#المثنى_الشيخ_عطية (هاشتاغ)       Almothanna_Alchekh_Atiah#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أجمل السوريين!
- في اصطفافات المعارضة ومجازر النظام.. بإذن الله وإرادة الشعب
- خطاب المعارضة السورية الملتبسة.. في أوج صعوده وسافلة انحداره
- أيها الشاعر العابر شوارع حمص.. بنعال من رصاص
- في لا جدوى عقاب سيزيف السوري
- في اللحظة السياسية السورية.. يسار محتار أمام دروب الحرية
- في اللحظة الرمزية السورية.. علمان وعالمان يفترقان
- أيتها الأرض.. أيها الموت
- أحصنة طروادية على بوابة الثورة السورية
- بين شكسبير وسوفوكليس.. ماذا سيفعل بشار الأسد بعينيه؟
- الدومري علي فرزات.. بأصابع مكسّرة ساخرة
- مخارج النظام المأزوم وسور الثورة السورية
- مريم السورية في اليوم السابع
- في ضوء اللحظة الشعرية السورية.. أدونيس وفتىً اسمه حمزة الخطي ...
- لنحتفل بغير جثثنا يا أصدقاء
- جدتي من بلدة المرقب لن تستطيع أن تحاور الرئيس
- مثقفو الخواء في اللحظة الدرامية السورية
- قصيدة: درعا.. بأي لقب نناديك كي ينكسر الحصار
- كم ستقتل منّا في هذا الصباح


المزيد.....




- ترامب يتحدث عن تقدم بشأن غزة مع مقتل العشرات في قصف جديد
- رصد مجموعات شبابية يمينية متطرفة في ألمانيا
- هل فيديو قصف إسرائيل لسجن إيفين حقيقي؟ جدل حول الصور التي تظ ...
- فرنسا: ملف التقاعد يشعل الخلافات من جديد فهل باتت حكومة باير ...
- ابن المقريف: والدي بدأ معارضة القذافي بـ3000 دولار وإيمان لا ...
- كيف فشلت إسرائيل في إيران؟
- بين الدعاية والحقائق جدلٌ بين المغردين حول فاعلية ضرب النووي ...
- مستوطنون يقتحمون الأقصى والاحتلال يهدم منازل بمخيم نور شمس
- -ملحمة نارية-.. كمين القسام المركب بخان يونس يتصدر منصات الت ...
- ضغوط داخلية بإسرائيل لإنهاء الحرب على غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المثنى الشيخ عطية - في ميزان الشفافية السورية