|
؟ لماذا لم يصل الربيع العربى الى البلدان الملكية العربية
سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 3836 - 2012 / 8 / 31 - 21:49
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
من محاضرة قدمت على الانترنت
دعنى اقول اولا انى اعتقد ان الربيع العربى سيطال كافة الاقطار العربية بغض النظر عن الزمن الذى يستغرقه او عن نوعية او شكل الربيع القادم. و سبب اعتقادى هو تركيبة المنطقه العربية المتفاعلة مع بعضها و التى تعانى من مشاكل متقاربة مثل الفساد و ضعف شرعية الحكم و غياب الحريات الخ من المشاكل العديدة. فالربيع فى الطبيعة لا يقدر بعدد الزهور التى تتفتح بقدر ما هو بطبيعة الافاق و الاجواء الجديدة التى يخلقها.و التغييرات و الاصلاحات تاتى غالبا عن طريق التحولات و التراكمات التى تحصل و التى تؤدى الى انبعاث الوعى تماما كما فى رواية توفيق الحكيم (عودة الروح ) التى تتلمس و ترصد مجموعة التحولات التى تحصل و التى تعزز الوعى بالذات و تؤدى الى قطبعة مع الثقافة السياسية السائدة . مشروعية السؤال تنطلق من مراقبة التحولات العربية التى من الواضح انها باستثناء البحرين الاكثر فقرا فى دول الخليج النفطية و ربما خصوصية لم تصل حتى الان الى الدول ذات الطابع الملكى الوراثى. على كل حال لكى نتجنب التعميم دعنا نقسم الدول العربية الملكية الى قسمين : القسم الاول الدول الملكية الغنية كبلاد الخليج بصفه عامه. و هذه البلاد يمكن تقسيمها ايضا الى دول غنية مثل الامارات و قطر و السعودية و الى دول اقل غنى مثل البحرين و عمان. و القسم الاخر هو الدول الملكية الفقيرة مثل المغرب و الاردن. و قد وجدت هذا التقسيم ضروريا لكى نتجنب التعميم الذى لاحظته فى عدد من الكتابات التى عادة ما تختزل الدول الملكية بدول الخليج و هو امر قد يؤدى الى الوصول لاستنتاجات قد لا تتطابق مع واقع الحال. اذن يبقى السؤال الاساس المشكل لهذه المقالة كيف يمكن فهم عدم وصول الربيع العربى للبلدان الملكية خاصة النفطية. دعنى الان انتقد احد النظريات التى طرحت لمحاولة لفهم هذه الظاهره. هذه النظرية تركز على العامل الدولى .و التى تنطلق من حقيقة مفادها ان وجود اهم و اكبر مستودعات للنفط فى هذه البلاد و الاهتمام الغربى الاستثنائى به هو عامل اساسى فى عدم وصول موجات التغيير لهذه البلاد. لا شك انه لا يمكن تجاهل هذه الحقيقه لكنها فى راى على الاقل غير كافيه لتفسير الامر.و قد راينا مثلا كيف نجحت الثورة فى ايران العام 1979 و هى البلد المهم للغرب من نواحى نفطية و استراتيجية.حيث لم يستطيع الغرب لن يفعل اى شىء حتى انه لم يجرؤ حتى على استقبال الشاه المريض و لو لاسباب انسانية . هذا المثال يضعف فى راى مقولة ان الغرب لا يسمح بتغيرات فى العالم النفطى الخليجى و يقوى اكثر نظرية العامل الداخلى. و هذا هو الامر الذى اريد ان اصل اليه و هو ان المسالة الاساسية تكمن فى غياب عوامل ذاتية فى تلك الاقطار تسمح الان بقيام حركة تغييرات واسعة النطاق كما راينا فى بلدان اخرى. و لعل العودة السريعة لتاريخ تلك الاقطار يساعدنا على فهم غياب تلك العوامل. فهذه الاقطار كانت فى غالبيتها عبارة عن مشيخات شهدت نوع من ديموقراطية القبيلة خاصة فى مراحل الحكم الذاتى اثناء مرحلة الحماية البريطانية حيث كانت ابواب المشايخ و الحكام مفتوحة لكافة المواطنين لاجل تلقى الشكاوى الخ و لكن مع تطور هذه الدول خاصة بعد مرحلة النفط و غياب بنى التعليم و الثقافة عموما الامر الذى اضطر تلك الاقطار لاستيراد كفاءات علمية عربية. لم تتطور فى تلك البلدان بنى وطنية اجتماعية الامر الذى خلق فى تلك البلدان نوع من حداثة شكلية مرتبطة مرتبطة باستيراد منتجات الحداثة المادية بدون بناء حداثة مجتمعية مثل النقابات و الاحزاب الخ المرتبطة بالعالم الحديث.حيث شكلت العائدات الضخمة من النفط عاملا غير مساعد فى بناء تلك المؤسسات لعدم الحاجة اليها بسبب وفرة الدخول. هذا الامر ادى فى النهاية فى تقديرى الى بناء مجتمعات الرفاهيه النفطية و هى غير تلك التى تم بناءها فى اوروبا عن طريق النضالات الشعبية الطويلة. و اذا كات الثورات فى العالم العربى قامت اساسا على تحقيق الحرية و العدالة الاجتماعية و محاربة الفساد فلا بد ان نرى ان كانت هذه المشاكل متوفره فى بلدان الخليج لتستدعى ثورات. فالواقع يقول انه لا يوجد مشكلة خبز فى بلاد الخليج تستدعى ثورة بسبب غنى تلك البلاد. كما تستطيع تلك الحكومات دفع ثمن شرعيتها من خلال تقديمات مادية اوسع بسبب غناها . اضف الى ذلك فان الفساد المادى فى تلك البلدان لا يؤثر حتى الان على خبز المواطن ليس لانه فساد بحجم صغير بل لان حجم العائدات و دخول المواطنين المرتفعه تغطى هذا الفساد و تجعله غير مشكلة يومية للمواطن. و اذا كانت هذه البلاد تفتقد للحرية لكنها ايضا فى الوقت عينه ليست انظمة شمولية كما فى بلدان عربية اخرة مثل سوريا و ليبيا الخ. على كل حال هذا فى تقديرى اهم الاسباب التى حالت دون وصول عوامل التغيير العربى الى تلك البلدان. لكن اذا ما نظرنا الى بلدان مثل البحرين الاقل غنى فان الامر يختلف بسبب تميزها عن بلدان الخليج الاخرى بوجود تاريخ من ثقافة الاحتجاج السياسة اضف الى عدم قدرة الدولة على دفع ثمن لشرعيتها او حتى على مستوى ضعف شرعية الدولة بسبب التركيبة المذهبية. لكن الامر يختلف فى البلدان الملكية الفقيره مثل الغرب و الاردن حيث نرى فيها بوضوح ملامح تغييرات يضطر اليها الحكام هناك. سواء لان تلك البلدان تملك مجتمعات حديثة نسبيا اى احزاب و نقابات و تاريخا من النضالات اضافة الى عدم قدرة هذه الحكومات على دفع ثمن شرعيتها الامر الذى يضطرها للتنازل كما فى المثال المغربى. و هذا الامر الذى قد يفسر فى راى ان موجه التغيرات العربية وصلت البلاد الملكية العربية الفقيرة اولا. لكن من الصعب معرفه ان كانت ستصل التغييرات الى بلدان الخليج حتى و ان كنت اعتقد ان بلدان الخليج خاصة السعودية لن تنجو تماما من موجه التغييرات على المدى الوسيط او البعيد. و اعتقد انه فى غياب المجتمع المدنى الحداثى فى تلك الاقطار فان ايقاظ العامل الدينى على نطاق واسع فى تلك البلدان ذات البنى الاجتماعية التقليدية قد يلعب دورا فى المستقبل فى احداث تغييرات من الصعب معرفتها الان خاصة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار تمكن الاسلام السياسى من السيطرة على العديد من الثورات العربية.
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الربيع الى الحريق: المشرق العربى يتجه نحو التفكك!
-
فى النروج : ثقافة الاغانى و الورود تهزم ثقافة الكراهية.
-
نحو مقاربة منهجية للربيع العربى
-
حول الثورة العربية و افاق المستقبل
-
لكى تتجنب سوريا طريق الانتحار
-
البعد الثقافى فى الانفجار العربى
-
لاجل تاسيس جائزة( نوبل) فلسطينية
-
هل من المكن ان نقوم بعودة افتراضية لفلسطين
-
اين المجلس الوطنى الفلسطينى,و اين المجلس التشريعى : اسئلة لا
...
-
لم يحن الوقت لعباس لان يبق البحصة
-
ماذا حققت جامعة الدول العربية بعد خمسة و ستين عاما على تاسيس
...
-
الم يحن الوقت لجامعة الدول العربية ان تخصص مقاعد لتمثيل عرب
...
-
المطلوب الان قرع الخزان بقبضات قوية
-
فقدان البوصلة و فقدان الامل
-
حول اصلاح الوضع الفلسطيني
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|