مجازر النخيل

حميد حران السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 11:46
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

شيئان مرتفعان في ساحة المدرسه كنا نراهما عندما نصطف صباح كل خميس لقراءة النشيد هما علم العراق والنخله الوحيده, بعضنا يشخص ببصره نحو العلم والبعض الأخر باتجاه تلك الشجره التي تقف بشموخ كمسلة حمورابي, كراريس الرسم مليئه بصور النخيل التي خطتها أناملنا الصغيره ,جميل هذا الصديق, أحببنا ضله الوارف وتمره العذب, عزيز بالفطره ,لصيق بالذاكره....ترنمت به مجالس الاهل والأحبه وتفاخر بعضهم على الاخرين بان بستانه يضم (فلانه) ..ينطق أسمها كما العشاق عادا لها من مواصفات ثمرها حلاوته أو نضجه المبكر أو كثرة عذوقها وغزارة انتاجها وعديد فسائلها كدليل خصب ونماء ...ترسخ الحب مع ماقرأنا وسمعنا من شعرائنا , الجواهري الكبير (سلاما على النخل) السياب(عيناك غابتا نخيل ساعة السحر ) تكرس الحب وشبت العاطفه ...سمعنا عن الرسول الكريم (أكرموا عمتكم النخله) فلبس الحب حلته القدسيه ...ترددت على مسامعنا أهزوجة (ما أبيع طوقي والملقح بالنخل) فغدا عامل أمان قهر وساوس تلك المرأه التي وضعها ضيق ذات اليد بين خيارين أحلاهما مر ,أما بيع (طوق الفضه) وهو أعز ماتملك أو الصبر لمدة قصيره في عمر الزمن(من موسم التلقيح حتى موسم جني الثمار حيث يُسعف عوزها وتحتفظ بطوقها الجميل).
سرٌ لانعرفه ربط بين أن نحيا ويحيا معنا أو يموت فنموت معه , في أزمنة السلام لايجوع العراق وفيه تمور ...وفجع بموتنا المجاني في أزمنة الحروب فاحترق بأدوات قتلتنا وضلت جذوعه الجرداء شواهد خراب مًرً في زمن أحمق ليشاطر الثكالى والارامل والايتام مآسي فقد الأحبه .
هوسٌ حبه في جنباتنا ويبابٌ أرضنا حين لايشمخ فوق أديمها ,آثمٌ من يتسبب بموته وموتنا . عراقيٌ أصيلٌ مخلصٌ من يغرس فسائله , فجمال الله في أرض العراق نخيله , أتمننا عليه الجدود فلنرع حدود الله بصون الامانه.
عز علينا أن نراه مصلوبا في مداخل المدن, أمنا الجميله بغداد التي تفجع كل يوم بأبناءها علقت في بواباتها اجساد عماتنا شواهد على عبث العابثين وفساد المفسدين , الدولارات الداخله في خزينة العراق ثمنا لما يباع من نفطه تدفع بسخاء لمتعهدي ذبح سيد الشجر من مقاولين ومرتشين وكأنهم لايجدون بابا لصرف تلك الاموال ألا بقتل رمز الخصب في أرضنا المعطاء...نقلوه من مأمنه ...من حيث كان يعيش وادعا مطمئنا الى حيث يهلك بما يشبه (المقابر الجماعيه) ...الكل يرى ذلك والكل عنه معرض وكأن على رؤوسهم الطير !!!.
يابقايا نخيل العراق وكل فقراءه مازالت أيرادات النفط تتراكم في جيوب من لايجدون لانفسهم مجدا ألا بالثراء الفاحش على حساب أوجاعكم ,لاأرى للنخيل مستقبلا مالم تستبدل بيوت الصفيح بمساكن تليق بانسان القرن الحادي والعشرين , ولا اجد للجياع مأمنا مالم يجد النخيل ارضا تنأى به عن أيدي العابثين , تتسع رقعة غرسه فتعود سيماء النعمه على وجوه أهله .....ومن ينقب التاريخ حديثه وقديمه سيجدأن الناس والنخيل يشقيان بجور الظالمين ويسعدان بعدل العادلين, وليس عجيب ان نجد جذوع يابسه عند مداخل المدن قريبا من عشوائيات الفقراء.

#حميد_حران_السعيدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل