أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - امرأة ليس لها رأس














المزيد.....

امرأة ليس لها رأس


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 09:58
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



نظرت إلى نفسها فى المرآة، لم يكن رأسها موجودا، صرخت بالفزع دون أن يخرج صوتها، رجل صوته غريب يناديها من الصالة، اسمه محفور فوق رقعة نحاس على باب بيتها، وفوق بطاقتها الشخصية، وفوق جسدها فى النوم، وفوق كراريس أطفالها، وفوق جبينها قبل أن تولد، يناديها الناس، فى حياته وبعد موته، حرم السيد، اختفى اسمها مع رأسها، أمسكت القلم وكتبت «الرأس»، أصبح للكلمة وجود مادى فوق الورق، خلقت بالكتابة شيئا من اللاشىء، أحست بالسعادة.

قالوا لها: الخالق ليس له شريك، فما بال شريكة من الجنس الآخر؟

أصبحت لعنتها مضاعفة: امرأة وكاتبة تتجول بين البشر دون الدخول فى مجال رؤيتهم، كتلة رخوة سوداء، كيس مملوء بالقش أو بالقطن، إن هى دخلت مجال الرؤية ينتابهم الرعب، تراهم من الثقبين فى قمة الكتلة السوداء، يهتز جسدها نشوة لكل رجل لا يمكنه إبعاد عينيه عنها.

ترج النشوة بؤرة الروح فى جسدها مع الحنين الطاغى للحب،

تكتب سرا فى الليل:

أنتم لا ترون إلا جسمى، إن رأيتم وجهى تقعوا فى حبى.

يخلو جسدى فى عيونكم من الجمال، لكن جمال روحى أبقى وأرقى.

الجسد أعلى مرتبة من الروح فى نظر الرجل المادى، لكن الرجل الروحانى يخترق جسدى إلى بؤرة روحى

فى مكان العينين يوجد الثقبان، مقلتان لونهما أسود من الليل، بياض العينين أصفر مبقع بالدم، رموشها مرتعدة تشبه رموش السمك الميت.

شعرها المجعد مثل فروة الخروف المذبوح فى العيد.

تكتب:

لا يغسل الدم إلا الدم ولا يعالج الجروح إلا الجروح.

الشعر ينمو فى الظلمة فوق شفتها العليا والصدغين والجبهة والأنف، البلولة من تحت الجلد تروى جذور الشعر، وقطرات تسقط من بين الجفون، ورخاوة المخ داخل الجمجمة، لحيتها تنمو وشاربها

يزيد قبح المرأة بازدياد شعرها، يقولون إنها الشيطان، الرجل يزيده الشعر شبها بالفلاسفة والأنبياء.

جلدها ملمسه خشن، جذور الشعر المنزوع بالقوة تركت فوق الجلد ثقوبا واضحة مثل الدمامل والبثور، تشبه جلود الأسماك المنزوعة القشرة، تتناول حبوبا تعالج هشاشة العظام، اللحم المتراكم ينحشر داخل قميصها الداخلى، جسدها يتدلى رخوا داخل جلبابها الواسع الطويل.

هل يقع أحد فى حب هذا الجسد مهما بلغت الروح من الجمال؟

عندما تزوجت السيد كانت صغيرة، كان عجوزا أحدب، متعدد الزوجات، له أحفاد من عمرها.

قالوا: جسده قبيح لكن روحه جميلة.

صرخ الأطفال حين رأوه:

بشع.

رأسها تحت الكتلة الصماء بعيدا عن الشمس والهواء، تحمل عيناها رعب العالم فوق بياضها المبقع بالدم، وسوادها الباهت المسحوق بلون الرماد.

قال الطبيب: اكشفى رأسك للشمس. قالت له كشف جسدى معصية صغرى، كشف رأسى معصية كبرى.

سألها الطبيب:

إذا كان للحب الروحى بؤرة فى جسدك فأين تكون؟

أصبحت أرملة شابة تبحث عن رزقها.

قرأت إعلانا: مخرج يبحث عن امرأة منتقبة.

فكرة الظهور على الشاشة أصابتها بالنشوة.

قال المخرج:

لا نخرج أفلام الرعب.

قالت:

طلبتم امرأة منتقبة أليس كذلك؟

قال:

هناك نقاب يثير الخيال الحسى أكثر من العرى الكامل.

قالت:

الجمال إحساس داخلى ينبع من الروح.

قال:

لا نريد روحك، ويمكن بالمكياج عمل نقاب لك مثير لغرائز الرجال.

قالت:

نعم، ما دمت لا أكشف رأسى.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور المأكول وقلادات النيل
- سقوط الأب ونزاهة القاضى
- اغضبى وثورى ولا تستكينى
- لماذا لم تتحرر النساء المصريات؟
- نيوتن.. زويل.. باراك أوباما
- انطقوا الصدق فالتاريخ لن يرحمكم
- نساء ورجال نتاج الفساد
- البرادعى.. زويل.. المنقذ والتبعية
- الرئيس القادم.. الروحانية الصوفية والتحرش الجنسى
- تحت غطاء الصندوق العدالة عمياء!
- النساء والفقراء.. هل ينتخبون أعداءهم؟
- النيل يتدفق فى السويد رغم ظلم العالم
- علاقة الأخلاق بقطع أجزاء من الجسم؟
- أنتخب رئيساً يفتقد شجاعة التعبير؟
- ثغرة الدستور لتسريب «العدل» والنزاهة
- صوت المرأة ثورة
- رغم أنف «أبوالهول» وخطر الحماية
- الرجل خلف الرجل على المسرح
- وكلمات الثورة يسرقونها أيضاً
- فن المستحيل «حوارات نوال ومنى»


المزيد.....




- بثقة متجددة وإصرار.. النساء يدخلن معركة الانتخابات البلدية ف ...
- لوفيغارو: الدور الغامض الذي لعبته النساء في هروب محمد عمرا
- 800 دينار..لينك التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت 2025 و ...
- كنيسة تبارك تعدد الزوجات في حفل زفاف جماعي بجنوب أفريقيا
- عائلات بأكملها مهددة بالانقراض!.. دراسة تكشف المعدل الحقيقي ...
- ميديا بارت: رجل يكسر الصمت ويفضح ملف الاغتصاب في حرب كوسوفو ...
- -القدس عاصمة المرأة العربية-.. تكريما للمرأة الفلسطينية ولتس ...
- لماذا يميل الرجال إلى الوقوع في الحب أسرع من النساء؟
- الرجال أكثر عرضة للوفاة من النساء!.. دراسة تكشف الأسباب
- ”سلمى” تتعرض للعنف الاقتصادي وباحثة في هيئة المساواة ”الدخل ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - امرأة ليس لها رأس