أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الرجل خلف الرجل على المسرح














المزيد.....

الرجل خلف الرجل على المسرح


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 11:03
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


رغم التعاويذ والأبخرة على خشبة المسرح، يشق ضوء الحقيقة طبقات الدخان والتعمية، تنقشع الغيوم عن الوجه الحجرى الصارم، الملامح المتجمدة المتجهمة، نظارة سوداء من تحتها فم مزموم متقلص مصكوك بحديد الدبابات، لكن أيها المحبطون، تذكروا أن الشعوب تنتصر فى كل زمان ومكان، إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، ولابد لليل أن ينجلى، ولابد للقيد أن ينكسر. الملايين التى أسقطت الرجل الأول قادرة على إسقاط الرجل الثانى والثالث والمائة والألف.

كنت عاشقة للسفر بعيدا من مسقط رأسى، حتى دخلت عملية اختطاف الطائرات مجال الإرهاب السياسى، مثل عملية الانتخابات الرئاسية، وأصبح التفتيش على المسافرين فى المطارات يشبه التفتيش على مرشحى الرئاسة، والتنقيب فى أسرار عائلاتهم وجنسية أمهاتم وآبائهم. مؤهلات الرئيس تتعلق بأمه وأبيه وبنت خالته، وليس بنزاهته وبرنامجه لينهض بالتعليم والصحة والعدالة والحرية والإبداع، فقد السفر متعته القديمة، وفقدت السياسة احترامها، وفقدت الأديان جوهرها، وأصبحت الانتخابات مسرحية مضحكة.

رغم كراهيتى للسفر وعمليات التفتيش حملت حقيبتى وسافرت، فالبقاء فى مسقط الرأس فى جو ملوث أشد إيلاما من مسقط الطائرة فى البحر، للسفر أيضا سبع فوائد منها البعد عن صراع الديوك على كرسى الحكم.

كنت أعرف أن الانتخابات الرئاسية تجتاح العالم مثل حمى الخنازير وأنفلونزا الديمقراطية والطيور، لكنى لم أتصور أن الوباء وصل إلى مسرح برودواى فى نيويورك، وأن التيارات الدينية فى الولايات المتحدة تدلى بدلوها فى السياسة كما فى بلاد «تركب الأفيال»، وبلاد «النيام نيام».

الجمعة ٣٠ مارس ٢٠١٢ - مدينة نيويورك

دعيت إلى جامعة نيويورك للحوار حول روايتى الأخيرة «زينة»، بعض أساتذة وأستاذات الأدب بالجامعة ظنوا «وبعض الظن إثم» أن الرواية تنبأت بثورة الشباب والشابات وأطفال الشوارع فى وول ستريت والقاهرة، كان الحوار ممتعا لى شخصيا، بسبب قلة المتع بالموطن ومسقط الرأس، وبسبب الخوض فيما يعاقب عليه القانون، ويشمل الرأس والذات العليا، لكن الجو داخل جامعة نيويورك ليس هو السائد فى الحياة الأمريكية، فالشعب الأمريكى مثل الشعب المصرى أصبح ضحية الإعلام والتعليم الهابط.

دعتنى أستاذة الأدب «جوليا» ليلة الأحد «أول إبريل ٢٠١٢» إلى مسرح جيرالد شويفيلد فى برودواى، بالقرب من الجامعة، بدأ عرض مسرحية «أفضل رجل» «ذا بست مان» للكاتب الأمريكى جور فيدال، كتبها عام ١٩٦٠، أعاد إخراجها بعد ٥٢ عاما المخرج المسرحى مايكل ويلسون.

التقيت «جور فيدال» منتصف ثمانينيات القرن الماضى، بمدينة سالسبورج، تحاورنا فى جلسة أدبية عن أمور فكرية وتاريخية لم يكف الحاضرون عن الضحك من المفارقات.

المسرحية أيضا أثارت الضحك حين كشفت التناقضات فى السياسة والانتخابات والأديان، كأنما كتب «جور فيدال» المسرحية ليصف بها الانتخابات الأمريكية والمصرية الجارية اليوم.

كشفت المسرحية زيف التدين السياسى والديمقراطية وتكنولوجيا الخداع والإعلام. بطلا المسرحية يتصارعان على كرسى الرئاسة، أحدهما «كانويل» يمثل الفساد والاعتماد على المال وإثارة الغرائز للحصول على الأصوات. غريمه «راسيل» يخدع الناس بالمبادئ، العدالة والحرية والكرامة، شخصية «كانويل» منفرة بسبب الفساد، لكنه جذاب كالشيطان، منافسه «راسيل» ممل من وطأة المبادئ، الزوجة تابعة لرجلها كالعبد، تساعده فى الدعاية لنفسه، تتستر على فضائحه الجنسية وخياناته المتكررة مثل هيلارى كلينتون، غفرت لزوجها حفاظا على السلطة والمال وصورة السيدة الأولى.

همست «جوليا» فى أذنى: أصبح الزوجان يتعاهدان منذ البداية على الخيانة حتى تستمر الحياة، المهم احترام العهد، مبدأ الصدق والخيانة فى مستنقع السياسة والحب أساس فلسفة السوق، لهذا لم أتزوج يا نوال ولم أدخل أى حزب، ضحكت السيدة الجالسة إلى جوارها وهتفت: وأنا مثلك. غضب الرجل الجالس أمامهما وطلب الصمت.

تذكرت حوارى القديم مع «جور فيدال»، كان يقول: الأغلبية يجب ألا تحكم، الحياة ليست بموافقة الأغلبية، الأغلبية عقلها مغيب بالتعليم والإعلام، دور الدولة هو تعليم الناس لفتح العقل لا غلقه بالخزعبلات والتدين، الدولة واجبها الفكر الحر وليس فرز الأصوات فى الانتخابات، ورصد آراء الأغلبية.

الانتخابات مسرحية لا يصدقها إلا الجاهلون.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وكلمات الثورة يسرقونها أيضاً
- فن المستحيل «حوارات نوال ومنى»
- الخلع البائس.. ومجلس المرأة القومى
- المرأة ورفع الحجاب عن العقل
- النساء والدولة وفضيلة الركوع
- فتاة ثائرة فى ميدان التحرير
- نوال السعداوي - كاتبة و مفكرة و ناشطة نسوية - في حوار مفتوح ...
- كرامة المرأة وكرامة الوطن فى الدستور الجديد
- الطاعة مقابل الإنفاق فى الزواج والعلاقات الدولية
- نحو حركة «الإبداع والثورة»
- مجلس ثورى رئاسى يتسلم السلطة
- لا يحق لكائن من كان الكشف عن العذرية
- هتك الكرامة أو خدش الحياء؟
- الدستور.. النساء.. الخوف من الموت
- المرأة والجنس.. الثورة والدستور
- التغيير الثورى لمفهوم العدالة والشرف
- قوة الملايين والثورة الثقافية
- الحوار الفكرى.. هل مطلوب؟
- الصندوق.. دموع النخبة والتماسيح
- الثورة المصرية الثانية


المزيد.....




- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الرجل خلف الرجل على المسرح