أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - المرأة والجنس.. الثورة والدستور














المزيد.....

المرأة والجنس.. الثورة والدستور


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3596 - 2012 / 1 / 3 - 09:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



فى الستينيات من القرن الماضى صدر كتابى «المرأة والجنس» يتضمن حقائق طبية تؤكد أن الشرف لا علاقة له بالعذرية.

كانت كلمة «العذرية» من المحرمات فى مجال الطب والعلم، فما بال أن تنشر على الناس فى كتاب بلغة عربية بسيطة، يفهمها الأطفال من البنات والأولاد فى المدارس الابتدائية. وصدرت الأوامر من السلطة الحاكمة حينئذ بإعدام الكتاب، لكنه ظل حياً تقرؤه الأجيال المصرية والعربية، جيلاً بعد جيل، خمسة أجيال.

كم أم وأب فى مصر وخارجها قالا لى: كتابك أنقذ ابنتنا من القتل. تمت اليوم إدانة جريمة فحوص العذرية وإيقافها، يرجع الفضل إلى النساء المشاركات فى الثورة منذ يناير ٢٠١١، وشجاعة «سميرة إبراهيم» وأبيها، وكم من أب يسكت (خوفاً من الفضيحة) إن تعرضت ابنته لما يمس العذرية، أو يقتلها وإن كانت المجنى عليها، جرائم الشرف وفحوص العذرية كانت تجرى للبنات بواسطة رجال العائلة فى العصر الطبقى الأبوى منذ قرون، أو بواسطة رجال البوليس والسجون، لا يعلم عنها أحد إلا الفتاة الضحية، تشعر بالعار فتسكت، ويسكت أهلها خوفاً من الفضيحة، كلمة «العذرية» خرجت إلى العلن والنور بفضل الثورة المصرية، سقطت عنها هالة التقديس والتحريم وشبح الدنس والعار.

نجحت الثورة فى فضح القانون الأخلاقى الفاسد، كما فضحت الفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى.

درست علوم الطب لسوء حظى، طاردتنى الحكومات المصرية خمسة عقود، عرفت مضار عمليات الختان للبنت والولد، عرفت أن ثلاثين فى المائة من البنات يولدن دون عذرية بيولوجية، أو بأنواع مختلفة من غشاء البكارة لا تنزف ليلة الزفاف، كنت ألاحظ الداية تغرق البشكير بدم دجاجة بدلاً من دم العروس، وأسمع الهمس بين النسوة الكبار.. عرفت أن العالم كاذب مزدوج الوجه، فى القرية والمدينة والمدرسة والبيت والشارع، عالم قبيح يظلم الأطفال خاصة البنات، خاصة الفقيرات والخادمات، والمولودات دون أب أو أم.

منذ العاشرة من عمرى حلمت بالثورة لتغيير العالم القبيح، كانت البنت من عمرى تُساق بالقوة والضرب إلى عريس من عمر أبيها وجدها، لولا صمود أمى الثائرة لتزوجت فى العاشرة من عمرى رجلا فظا يملك قطعة أرض مزروعة «تين برشومى»، ومنزلاً من دورين يشبه دوار العمدة، كدت أتزوجه لأشبع من التين البرشومى اللذيذ، لولا أمى وحلم طفولتى.

كنت أرى نفسى محلقة فى السماء، أجتاز البحار والأنهار إلى عالم ليس فيه ظلم، ولا تزويج الأطفال البنات بالضرب، ولا طفلة تذبح لأنها لم تنزف ليلة الزفاف، ولا رجال قلوبهم فظة لهم شوارب ودقون كثيفة الشعر، ولا عائلة تفضل الولد على البنت، ولا مدرسة تفضل التلميذة الغنية على التلميذة الفقيرة، ولا عمدة ينهب الفلاحين ويضربهم بالكرباج، ولا ملك ولا إنجليز يسرقون محاصيل القطن كما يقول أبى وجدتى الفلاحة.

كانت كلمة «ثورة» تعنى «الكفر»، ننشد فى المدرسة هذه الكلمات الثلاث «الله.. الوطن.. الملك»، كانت الثورة تعنى الكفر بالثلاثة معا، فى وقت واحد دون فصل أحدهم عن الآخر.

وكان الأب يملك السلطة المطلقة فى القانون، يبيع ابنته الطفلة لرجل عجوز نظير مبلغ من المال يسمونه «المهر»، يطلق زوجته التى خدمته نصف قرن ليتزوج طفلة فى العاشرة، يجمع بين أربع زوجات فى وقت واحد، يطلق منهن من يشاء، يتزوج ويطلق دون سبب إلا نزوته ومصلحته الخاصة دون اعتبار لمصلحة الأسرة المقدسة؟

فى المدرسة كتبت قصة من الخيال بعنوان «مذكرات طفلة اسمها سعاد»، عاقبنى المدرس بصفر، وتقرير سيئ يتهم فيه «خيالى» بالجنون والكفر والشطط والتطرف.

الكلمات الأربع (الجنون، الكفر، الشطط، التطرف) تصف بها الحكومات المصرية أى خيال إبداعى يثور ضد الظلم والإهانة.. الخيال وأحلامنا كانت تعاقب، عرفت السجن والمنفى وتشويه السمعة وقضايا الحسبة بسبب الخيال وحلم الطفولة.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغيير الثورى لمفهوم العدالة والشرف
- قوة الملايين والثورة الثقافية
- الحوار الفكرى.. هل مطلوب؟
- الصندوق.. دموع النخبة والتماسيح
- الثورة المصرية الثانية
- الحضارة الرأسمالية الأبوية ومفهوم الفساد
- نساء تونس ونساء مصر
- «الجدل» قمة الفضائل .. علموا أطفالكم الجدل
- ميدان التحرير فى قلب مدينة لندن
- الثورات والنساء وتقسيم الشعوب
- صاحب الجلالة والنساء
- العضلات السياسية فى مصر وانسحاب المرأة
- هل المرأة تصلح رئيسة دولة؟
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ 2
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ (١)
- زعيم الإخوان المسلمين وزعيم الشيوعيين
- الدفاع عن سيناء بعصا موسى السحرية!!
- ماذا يقول القراء والقارئات؟
- امرأة تكتب فى الليل
- العدالة عمياء ولا عزاء لمن يرون


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - المرأة والجنس.. الثورة والدستور