أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الثورات والنساء وتقسيم الشعوب














المزيد.....

الثورات والنساء وتقسيم الشعوب


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3519 - 2011 / 10 / 18 - 09:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



سافرت إلى إيران لحضور مؤتمر طبى، قبل أن يطير إليها الخمينى من باريس، لإجهاض الثورة الشعبية الإيرانية التى انفجرت ضد النظام عام ١٩٧٩، وتحويلها من ثورة سياسية اقتصادية اجتماعية تنشد العدالة والحرية والكرامة للفقراء والنساء وكل الشعب،

إلى ثورة دينية إسلامية تنشغل بملابس النساء ولحى الرجال وتركيب الميكروفونات على مآذن الجوامع وإشعال الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة والمسلمين وغير المسلمين.

أذكر أننى تسللت من وراء أجهزة الأمن فى قاعة المؤتمر الطبى العقيم الذى كان يتحدث عن وسائل تعقيم النساء والرجال، وانطلقت إلى الشارع لألتقى الثوار، منهم الكاتب جلال آل أحمد وزوجته الدكتورة سيمين دانشوار،

الكاتبة وأستاذة فى جامعة طهران، كان طلاب الجامعات وطالباتها فى تلك الأيام قبل اشتعال الثورة بفترة قصيرة يعقدون اجتماعاتهم السرية فى البيوت أو المطاعم أو تحت الأرض، يجهزون للثورة بعيداً عن عيون جلالة الشاه والسافاك البوليسية، السجون ممتلئة بالشباب والشابات، ممن قرأوا كتابات جلال آل أحمد وسيمين دانشوار وغيرهما من الكتاب المعارضين للشاه والاستعمار، صودرت كتبهم فى إيران، لكنها انتشرت خارج البلاد.

فى أحد المطاعم الشعبية جلست مع عدد من الطلاب والطالبات، كانوا يتحدثون عن الدكتور مصدق، رئيس الوزراء، الذى قام بتأميم البترول الإيرانى عام ١٩٥١، مما ضرب المصالح الاستعمارية البريطانية والأمريكية فى إيران، بالإضافة إلى مشروعه للإصلاح الزراعى وتحديد ملكية الأراضى، تآمر ضده الشاه وقوى الاستعمار، تمت إقالته من منصبه عام ١٩٥٢ فثار الشعب ضد الشاه مما اضطره إلى الهروب خارج البلاد،

ثم عاد إليها بقوى الاستعمار وفلوله فى الداخل، تمت محاكمة مصدق وعاش سجيناً حتى مات عام ١٩٦٧، انقضت عشر سنوات بعد موته، يختزن فيها الشعب الغضب ويعانى الفقر والقهر، حتى انفجرت الثورة الشعبية الكبرى ١٩٧٩ فهرب الشاه ولم يجد بلداً يؤويه، حتى أمريكا التى أفقر وقهر شعبه من أجلها تخلت عنه، لم يجد له قبراً يدفن فيه إلا فى مصر.

حاول الاستعمار كعادته مع فلول الشاه إجهاض الثورة التى كانت تهدف إلى تحرير إيران وبترولها من القبضة الأمريكية البريطانية، والقضاء على الفساد والفقر والاستبداد، استخدم الاستعمار أداته السحرية (الدين) فى تحويل الثورة الشعبية الاقتصادية السياسية الاجتماعية الديمقراطية إلى ثورة دينية تقوم على الاستبداد والطاعة العمياء (للخمينى وآية الله)، وإراقة دماء الشعب تحت اسم الكفر والتكفير.

ما حدث للثورة الإيرانية يتكرر بالنسبة للثورة المصرية اليوم، بدأت الثورة فى مصر سياسية اقتصادية اجتماعية من أجل العدالة والحرية والكرامة للفقراء والنساء وكل الشعب، ثم ما لبثت القوى الاستعمارية الخارجية مع فلول النظام السابق يدعمون ويمولون رجال الدين من سلفيين ووهابيين وصوفيين وسنة وشيعة وغيرهم،

وكما طيروا الخمينى من باريس إلى طهران طيروا القرضاوى والسلفاوى إلى ميدان التحرير، وتغلبت اللغة الدينية السلفية على كل الساحة السياسية والإعلامية فى مصر، يدلنا تاريخ الثورات فى الغرب والشرق، من الثورة الروسية إلى الأمريكية إلى البريطانية إلى الفرنسية وغيرها أن ورقة الدين والفتن الطائفية لعبت دوراً أساسياً فى إجهاض الثورات عن طريق تقسيم الشعب، وإقصاء الأغلبية الثورية،

النساء والعمال والفلاحين عن المشاركة فى تحقيق أهداف الثورة، تحت شعارات دينية، متناقضة، ترفع النساء والفقراء والشهداء إلى السماء فى الخطب فقط، ثم تهبط بهم إلى حضيض الأرض فى الفعل والواقع والقانون، يعلن الإعلام أن المرأة هى الأم المقدسة،

الجنة تحت قدميها، ثم يلقى بها وطفلها فى سعير الجحيم، بسبب جريمة الأب النذل، بلغة نزار قبانى الشاعرية، يضرب الحكام فى بلادنا المثل السيئ لرجالهم من الشعب، بأحد الملوك العرب الذى ينتهك عذرية فتاة صغيرة كل شهر حين يصبح القمر بدراً، ثم يطردها فى اليوم التالى مع مبلغ من المال. إن ولدت طفله بعد الشهور التسعة لا يعترف به ابناً شرعياً.

تأتى الثورات الشعبية بنسائها وشبابها وعمالها لتضرب النخب الثقافية والاقتصادية وملوكهم ورؤسائهم، تسقطهم عن الحكم كما حدث فى الثورة التونسية والمصرية والإيرانية والروسية والأمريكية والبريطانية والفرنسية، لكن سرعان ما تتعاون قوى الدولة والدين، فى الأرض والسماء وما بينهما، تلتحم فلول الداخل والخارج لتجهض الثورة،

فتضرب أول ما تضرب نساءها وفقراءها، لا يفضح المستور فى الحاضر إلا المكشوف فى الماضى، وعلينا دراسة تاريخ الثورات لنحمى ثورتنا من الإجهاض أو الانزلاق إلى قاع البئر العميقة.

كنيسة واحدة لم تحترق طوال أيام الثورة المصرية، امرأة واحدة لم يتحرش بها أحد طوال أيام الثورة، شعار واحد دينى لم يرتفع طوال أيام الثورة، لكن الآن تحولت السياسة إلى مباراة دينية بين السلفيين والصوفيين والإخوان والأخوات والشيعيين والسنيين وأحزاب دينية جديدة تحت أسماء عجيبة لم نسمع بها ولا نعرف من أين هبطت علينا من كوكب فضائى أو من بطن الحوت، لا نعرف من أين تأتيها كل هذه الأموال والفضائيات والتحالفات،

ومن جعل أصحاب اللحى الطويلة المستعارة نجوم الشاشة ابتداءً من الشيخ الشعراوى حتى الشيخ السلفاوى زعيم السلفيين، ومن يدعو اليوم إلى تقسيم مصر (كالسودان) إلى جنوب مسيحى وشمال إسلامى، ألا تتوحد صفوفنا اليوم كما توحدت أيام الثورة وننجح فى ضرب الثورة المضادة كما نجحنا فى عزل مبارك.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صاحب الجلالة والنساء
- العضلات السياسية فى مصر وانسحاب المرأة
- هل المرأة تصلح رئيسة دولة؟
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ 2
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ (١)
- زعيم الإخوان المسلمين وزعيم الشيوعيين
- الدفاع عن سيناء بعصا موسى السحرية!!
- ماذا يقول القراء والقارئات؟
- امرأة تكتب فى الليل
- العدالة عمياء ولا عزاء لمن يرون
- أحداث أوسلو والثورات الشعبية الجديدة
- القوة الجبرية الأبوية تستمر وتزيد تجبراً
- لا كرامة لثورة فى وطنها
- كلمة الثورة.. المستحيل الممكن
- المرأة تُحارَب على كل الجبهات، العائلية والمحلية والعربية وا ...
- كما شق نهر النيل طريقه الوعر
- الورقة يا ورق وجوهر الأخلاق
- النساء والثورة والأحزاب الجديدة
- شىء عن الاتحاد النسائى المصرى
- مبارك.. زويل.. عماد أبوغازى؟


المزيد.....




- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الثورات والنساء وتقسيم الشعوب