أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - امرأة تكتب فى الليل














المزيد.....

امرأة تكتب فى الليل


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3458 - 2011 / 8 / 16 - 09:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



صحوت متأخرة أشعر بالتعب، النوم مرهق مثل عدم النوم، ليلة حارة مشبعة برطوبة، الثالث عشر من أغسطس فى مدينة القاهرة، العام الحادى عشر بعد الألفين من مولد المسيح، الثالث عشر من رمضان للعام الألف وأربعمائة واثنين وثلاثين من الهجرة النبوية، اليوم السابع من شهر «مسرى» للعام الألف وسبعمائة وسبعة وعشرين ق. م، العام الثمانين من مولدى ومولد الكاتبة «يسرية» الوحيدة الباقية على قيد الحياة من زميلات طفولتى.

دق جرس التليفون كما يدق كل يوم قبل أن أصحو، يأتينى صوت، صديقتى «يسرية» تكتب فى نومها منذ طفولتها. صحيتى يا نوال؟ لأ يا يسرية؟ بتتكلمى وإنت نايمة يا نوال؟ أيوه يا يسرية زى ما تكتبى وإنت نايمة؟

تطلق يسرية ضحكتها الأبدية الأشبه بفيروس شديد العدوى، تصيبنى نوبة ضحك حتى الاختناق، أعود الطفلة التى كانت فى الأربعين من القرن الماضى، أصحو على الراديو فى بيت جدى يغنى ملك البلاد يا زين يا فاروق يا نور العين، الراديو فى بيتى معطل منذ سقوط الملكية، التليفزيون معطل منذ سقوط مؤسسة الزواج، واغتيال السادات، الكومبيوتر والإنترنت معطل منذ ثورة ٢٥ يناير وتنحى مبارك عن الحكم، عقلى أيضا معطل فى كل العصور منذ خوفو الأكبر خوفا من عقاب الدنيا والآخرة.

لم تكن «يسرية» (لأنها تكتب فى نومها) تخشى شيئا فى الحياة أو بعد الموت، أتعجب لها، أحسدها بينى وبين نفسى، لا أعرف سرها، وإن بدت حياتها خالية من الأسرار.

قريتى الجرايد يا نوال؟ النهارده إيه يا يسرية؟ السبت، السبت أنهوه؟ ١٣ أغسطس؟ سنة كام؟ سنة ٢٠١١، يا خبر؟ السنين بتجرى بسرعة غريبة يا يسرية. فيه إيه فى الجرايد النهارده؟

توقفت منذ زمن بعيد عن شراء الصحف والجرايد والمجلات، صديقتى يسرية تقرأها كل صباح فى بضع دقائق، ثم تطوح بها فى صندوق كرتون تحت بير السلم، تمط شفتيها الممتلئتين قليلا وتقول: رغم التضليل فيه أخبار مفرحة، العالم كله مظاهرات ضد الفقر والقهر ونظام الحكم، الشعار المرفوع «ثوروا على غرار الثورة المصرية» من إسرائيل لأمريكا وبريطانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا مرورا بسوريا والعراق واليمن والبحرين والجزائر والأردن والكويت والحجاز، أصبحت رؤوسنا مرفوعة فى العالم رغم أنف الفلول والسلفيين والصوفيين والعسكر والحكومة والأحزاب والمعونات الأمريكية، فى الصومال بيموتوا من الجوع ما فيش فيهم نفس يثوروا، هياكل عظمية، وأمريكا بتشحن لهم فرق موسيقى إسلامية ومسيحية ويهودية لإمدادهم بالسعادة الروحية، ومصر فيها إيه؟

فيها ثكنة عسكرية فى ميدان التحرير، وما حدش عارف مين أصدر الأمر بقطع الإنترنت مبارك أو المشير؟ وما حدش عارف الحل إيه خصخصة الشركات العامة أو تأميم القطاع الخاص؟ والنخبة إياها حيرانة ما بين الثروة والثورة.

ومحاكمة القرن؟ القرن أنهوه؟، القانون القديم فيه ثغرات لصالح القوة والفلوس والمحامى الشاطر، والقانون الجديد لم يصدر بعد ولا الدستور الجديد، الكل خايف من الثورة والتغيير الحقيقى، محاكمة العادلى الأحد ١٤ أغسطس؟ أيوه لكن، لكن إيه؟

العادلى قال من يومين إنه تلقى الأمر من مبارك شخصيا، أمر شفوى كالعادة؟ المحكمة لا تعترف إلا بالورق المكتوب المختوم بالنسر، كل أمور السياسة والدولة والدين والحب والزواج والطلاق والنسب والإرث والتسليف والديون، كلها لازم تكون مكتوبة ومختومة.

كل الوزراء اشتغلوا حسب توجيهات السيد الرئيس الشفهية، حد منهم كان يقدر يقول: «عاوز يا ريس قرار مكتوب مختوم» عشان ورا الشمس يروح؟ مش كده ولاّ إيه يا نوال؟ أيوه إيه، لكن أنا متفائلة، تفاؤلاً طفولياً.

لأ، تفاؤل الوعى، النظام الطبقى الأبوى يتساقط فى كل بلاد العالم، ومعه سوقه الحرة والخصخصة والديمقراطية والشراكة والصداقة والحب والتعاون والتنمية، والإصلاحات الجزئية لعلاج مشاكل الفقر والبطالة والديون، على حساب الكادحين والكادحات، تحت اسم التقشف والزهد والإيمان، والسلام والاستقرار والتوازن والاعتدال، وغيرها من الكلمات الملتوية المراوغة المنشورة فى الصحف والإعلام العالمى والمحلى، والمستقبل فين؟

فى أيدى جماهير الثورة الشعبية، لا أيدى النخبة المضللة للرأى العام! فى التاريخ البشرى تغلبت النخبة على الأغلبية ضد الثورة، النخبة مثل الحرباية تغير لونها حسب من يمسك الحكم، النخبة فى أمريكا وإسرائيل وأوروبا ومصر والصومال وكل مكان وزمان، هى النخبة، عمود السلطة والثروة، عمود الدولة والدين والعائلة، أغلبهم رجال، فيهم بعض «نساء» أكثر شراسة من الرجال، المرأة الحديدية الجديدة فى أمريكا، اسمها ميشيل باكمان، زعيمة حزب الشاى، وسارة بالين، أكثر عسكرية من جون ماكين أو أنجيلا ميركل أو هيلارى كلينتون أو مارجريت تاتشر أو جولدا مائير، أو سوزان مبارك وريا وسكينة.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة عمياء ولا عزاء لمن يرون
- أحداث أوسلو والثورات الشعبية الجديدة
- القوة الجبرية الأبوية تستمر وتزيد تجبراً
- لا كرامة لثورة فى وطنها
- كلمة الثورة.. المستحيل الممكن
- المرأة تُحارَب على كل الجبهات، العائلية والمحلية والعربية وا ...
- كما شق نهر النيل طريقه الوعر
- الورقة يا ورق وجوهر الأخلاق
- النساء والثورة والأحزاب الجديدة
- شىء عن الاتحاد النسائى المصرى
- مبارك.. زويل.. عماد أبوغازى؟
- الحنين لمن كان يضربه بالشومة
- أقول لكم أيها السادة والسيدات؟
- بلبلة الرأى العام فى كل عهد؟
- أين العدالة الاجتماعية أيها السادة؟
- الكبارى مع السلطة الحاكمة الجديدة
- لم ير واحد منهم له عين واحدة
- رجولة جديدة أرقى وذكورة قديمة أدنى
- هل تأخرت الثورة سبعين عاماً؟
- هل ينتصر النقاء الثورى على أخطبوط الفساد؟


المزيد.....




- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - امرأة تكتب فى الليل