أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوى - الحضارة الرأسمالية الأبوية ومفهوم الفساد














المزيد.....

الحضارة الرأسمالية الأبوية ومفهوم الفساد


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3547 - 2011 / 11 / 15 - 09:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إذا أعطيت نفسك الحق فى امتلاك قوة نووية فليس من حقك أن تمنعنى من هذا الحق نفسه؟

هذه البديهية أو المبدأ الأخلاقى العادل يغيب عن العقول الأمريكية الإسرائيلية، هما يمنعان إيران من امتلاك قوة نووية هما يملكانها، من حق أى دولة فى العالم أن تتقدم علميا وأن تطور قدراتها النووية فى المجالات المختلفة فى السلم والحرب، خاصة أننا نعيش فى عالم يشبه الغابة، الغلبة فيه لمن يملك السلاح العسكرى الأقوى.

لماذا يسكت العالم عن مئات الرؤوس النووية فى إسرائيل وأمريكا ويصرخ إن شرعت إيران أو غيرها فى تطوير رأس نووى أو نصف رأس؟

أليس هذا دليلاً على فساد العالم؟

أيهما أرقى أخلاقياً الذى يمتنع عن الكذب أو الظلم خوفا من العقاب أم الذى يمتنع عنهما حباً فى الصدق والعدل؟

أخطأ بعض العلماء فى فهمهم الأخلاق (منهم سيجموند فرويد أبو الطب النفسى الحديث) بسبب نشأتهم فى ظل مجتمعات رأسمالية أبوية، تحكمها القوة وليس العدل أو الأخلاق.

يتصور كثيرون أن القانون الدولى عادل، أن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية يحكمها قانون عادل، لكن الدراسة المحايدة لهذه المنظمات الدولية تكشف قوانينها المزدوجة، تحكم بمكيالين، تعاقب الأضعف وتبرئ الأقوى.

ما حدث للشعب الفلسطينى فى ظل الاحتلال الإسرائيلى لأكثر من ستة عقود، وما حدث للشعب العراقى فى ظل الاحتلال الأمريكى خلال العقدين الماضيين، وما يحدث للشعب الليبى اليوم، تحت غزو الناتو- تؤكد ذلك. تتنازع دول الحلف الأطلنطى على نصيبها من بترول ليبيا، كما تنازعت على بترول العراق، الفريسة تنهشها ضباع الغابة.

ليس هناك شىء اسمه حرية مطلقة أو عدل مطلق، كل شىء نسبى، لكن لا يمكن لنا أن نتغاضى عن القوانين المزدوجة الظالمة للفقراء والضعفاء والنساء تحت اسم النظرية النسبية.

الدولة المتحضرة هل هى دولة القانون؟ إذا كان القانون رأسمالياً أبوياً يفرق بين الناس على أساس الطبقة والجنس والدين، فهل هذه حضارة؟

تكشف الثورات الشعبية المنفجرة اليوم فى الغرب والشرق أن النظام الحاكم فى الغرب والشرق لا يصلح للشعوب ولا يمكن أن يستمر؟

إذا كان القانون الأمريكى يشرّع غزو البلاد الأخرى والاستيلاء على بترولها فهل يتخلى الجندى الأمريكى عن هويته الأمريكية ويرفض الحرب طاعة لضميره الإنسانى؟

حدث ذلك لبعض الجنود الأمريكيين فى العراق وتم تقديمهم لمحاكمات عسكرية بتهمة الخيانة الوطنية. إذا كان القانون المصرى يبيح للرجل أن يجمع فى الفراش بين أكثر من امرأة فهل يمارس الرجل المصرى عملا غير أخلاقى لمجرد أن القانون لن يعاقبه؟

حدث ذلك لرجال مصريين كثيرين أطاعوا القانون وخالفوا ضمائرهم.

العقل الإنسانى الصادق والضمير الحى أكثر رقياً وعدلاً من القانون الرأسمالى الأبوى السائد، فالقانون يصدر عن توازنات سياسية اقتصادية بين الأحزاب القوية فى الحكم والمعارضة، القانون محصلة للقوى المتصارعة على الحكم فى العالم أو داخل الدولة أو القبيلة.

لهذا يقع الظلم القانونى على الدول الصغيرة والشرائح الضعيفة مثل الأطفال والنساء والأجراء غير المنظمين داخل أحزاب واتحادات قوية قادرة على انتزاع حقوقهم وتغيير القانون والدستور ليتحقق العدل.

تحدث الثورات الشعبية فى التاريخ من أجل تغيير الدستور والقوانين غير العادلة، يقوم بالثورة المظلومون من (نساء، عمال، فلاحين، عبيد) لنيل حقوقهم المسلوبة، وقد يشاركهم الثورة بعض الأفراد من الطبقة الرأسمالية الأعلى أو من الجنس الذكورى الأسمى، هؤلاء الأفراد تجاوزوا مصالحهم الطبقية الأبوية، أو الجنسية أو القومية أو الدينية أو غيرها من الهويات الموروثة، هؤلاء يمثلون العقل الإنسانى الراقى والضمير الحى، الذى يحب العدل ويسعى إليه لا طمعاً فى جنة ولا خوفاً من نار، هؤلاء قلة فى العالم نساء ورجال، لكنهم يقودون البشرية فى كل عهد إلى الحضارة الأرقى.

نحن نعيش حضارة غير إنسانية، طبقية أبوية دينية جنسية من مختلف الدرجات والأشكال، ولا يزال الطريق طويلا وشاقا إلى التحضر الإنسانى عقلا وضميرا.

الامتناع عن أعمال ينهى عنها القانون يعتبر درجة حضارية، نرتفع فيها على سلم التربية نحو الأخلاق والتهذيب، نحو الابتعاد عن الصفات البهيمية، تعقبها درجات أعلى من تربية العقل ويقظة الضمير حتى نمتنع عن الظلم والكذب حبا فى العدل والصدق والإخلاص لا خوفا من القانون أو طمعا فى المكافأة.

لماذا لا نغير أسس التربية والتعليم فى بلادنا، حتى يتربى العقل والضمير منذ الطفولة على القيم الإنسانية العليا أى الحضارة الحقيقية؟

بعض القوى السياسية والدينية، وأصحاب النظرية النسبية والواقعية، يتهموننى باليوتوبيا أو المثالية والخيال، لكن الخيال فى عالم الكذب والفساد أصدق من الحقيقة، وقد قالت الرواية الأدبية الصادقة عن فساد الأنظمة السابقة أكثر مما قالته المقالات السياسية، وبينما كان أصحاب وصاحبات الأدب والخيال فى السجن أو المنفى أو فى ثورة ميدان التحرير، كان زعماء السياسة وأصحاب الذقون والنظرية النسبية والواقعية يفلسفون ويبررون ويتعاونون ويتفاوضون مع أقطاب السلطة الحاكمة.

ليس الفساد فى نظام مبارك فقط أو السادات أو غيرهما، لكنه فى كل الأنظمة الحاكمة شرقا وغربا، فى صلب الحضارة الرأسمالية الأبوية الموروثة عن الإقطاع والعبودية. النظام يعيد إنتاج نفسه فى كل عهد، لأن الأسباب الحقيقية للفساد تظل موجودة.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء تونس ونساء مصر
- «الجدل» قمة الفضائل .. علموا أطفالكم الجدل
- ميدان التحرير فى قلب مدينة لندن
- الثورات والنساء وتقسيم الشعوب
- صاحب الجلالة والنساء
- العضلات السياسية فى مصر وانسحاب المرأة
- هل المرأة تصلح رئيسة دولة؟
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ 2
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ (١)
- زعيم الإخوان المسلمين وزعيم الشيوعيين
- الدفاع عن سيناء بعصا موسى السحرية!!
- ماذا يقول القراء والقارئات؟
- امرأة تكتب فى الليل
- العدالة عمياء ولا عزاء لمن يرون
- أحداث أوسلو والثورات الشعبية الجديدة
- القوة الجبرية الأبوية تستمر وتزيد تجبراً
- لا كرامة لثورة فى وطنها
- كلمة الثورة.. المستحيل الممكن
- المرأة تُحارَب على كل الجبهات، العائلية والمحلية والعربية وا ...
- كما شق نهر النيل طريقه الوعر


المزيد.....




- أضاءت عتمة الليل.. لحظة تفجير جسر لاستبداله بآخر في أمريكا
- إطلاق سراح محسن مهداوي.. كل ما قد تود معرفته عن قضية الناشط ...
- بسبب جملة -دمروا أرض المسلمين- والدعوة لـ-جحيم مستعر-.. القب ...
- من النكبة ثم الولاء للدولة إلى الاختبار -الأكبر-... ماذا نعر ...
- كلمة محمد نبيل بنعبد الله خلال اللقاء الوطني تحت عنوان: “ال ...
- سلطات تركيا تنفى صحة التقارير عن عمليات تنصت على أعضاء البرل ...
- بلدان الشرق الأوسط بحاجة إلى حلول
- تزايد معاناة عمال فلسطين بعد 7 أكتوبر
- إسرائيل تطلب مساعدة دولية جراء حرائق ضخمة قرب القدس وبن غفير ...
- المرصد السوري: 73 قتيلا غالبيتهم دروز في اشتباكات طائفية وار ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوى - الحضارة الرأسمالية الأبوية ومفهوم الفساد