أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الدستور.. النساء.. الخوف من الموت














المزيد.....

الدستور.. النساء.. الخوف من الموت


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3603 - 2012 / 1 / 10 - 09:03
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



لا يقوم بالثورة إلا إنسان (امرأة أو رجل) كسر عقدة الخوف من الموت، لكننا نتربى منذ الولادة على الخوف من الموت، فكيف نتخلص منه؟

سمعت جدتى الريفية (أم أبى) تقول إن عزرائيل يأتى فى الليل ليقبض أرواح الناس، أحيانا كنت أراها فى منتصف الليل جالسة منتصبة فى فراشها فى حالة تحفز وترقب، أسألها لماذا لا تنامين؟ تقول: «عشان عزرائيل لما ييجى يلاقينى صاحية يمشى ويروح لحد تانى يقبض روحه» ثم أسمعها تضحك بصوت مكتوم، تخفى فمها بيدها وتقول « اللهم اجعله خير يا رب».

كانت تخاف الضحك مثل الموت، تعتبره شرا سيأتى حتما، فتدعو الله أن يجعله خيرا. فى المدرسة كان مدرس الدين يقول لنا إن الله لا يحب الفرحين، فما بال البنت التى تضحك بصوت مسموع، فما بال البنت التى ترقص على الموسيقى وتغنى، كان ذلك فى الأربعينيات من القرن الماضى، لم يكن الحجاب مفروضا على البنات فى المدارس، وكان أبى وأمى يشجعاننى على تعلم الموسيقى والرقص والغناء والرياضة البدنية، تربيت فى أسرة تحب المرح والضحك والأدب والشعر والموسيقى، حتى أشعار أبى نواس وبشار بن برد وجدتها فى مكتبة أبى، ورسالة الغفران لأبى العلاء المعرى وغيرها مما كان محرما فى المدارس، وأدخلنى أبى كلية الطب مع الرجال، كان يؤمن بأن اختلاط الجنسين فى المدارس والجامعات واجب وصحى للأخلاق. بعد أن كبرت ودرست تاريخ الأديان اكتشفت أن الكنيسة فى أوروبا العصور الوسطى حرمت الضحك على النساء وحرمت عليهن أيضا الكتابة أو الإبداع. بعد أن درست الطب النفسى أدركت العلاقة بين شجاعة الإبداع وكسر الخوف من الموت، وعلاقة السعادة أو اللذة أو الضحك بالإبداع.

أمضيت بعض سنوات عمرى فى دراسة وتدريس العلاقة بين الإبداع والتمرد والثورة، يؤدى الخوف إلى الكبت الفكرى النقدى، يؤدى الكبت إلى كتمان الرغبة فى الإبداع والفرح والضحك، وكيف يؤدى كل ذلك إلى كبت الرغبة فى مقاومة التمرد على السلطة الظالمة والثورة عليها؟! منذ نشوء العصر العبودى تم تخويف العبيد والنساء من التمرد والثورة على الظلم القائم فى القوانين والدساتير ونظم التربية والتعليم. هناك مخاوف كثيرة يتربى عليها الأطفال، منها الخوف من عقاب السلطة الحاكمة فى المدرسة والعائلة والدولة، ترتبط هذه المخاوف بالخوف من الموت ومن العقاب بعد الموت.. الحرق فى النار. تحررت من المخاوف الطفولية عبر السنين، أدركت أن الخوف من الموت وهم كبير، لأن الموت غير موجود، أو على الأصح حين أموت لا أكون موجودة لأشعر بالخوف. من أجل النجاة من عقاب السلطة يتعلم الأطفال طاعة الأوامر جميعها، فى البيت والمدرسة والحكومة والدولة، الطاعة أصبحت الفضيلة التى يتحلى بها النساء والعبيد.

الطاعة هى السم القاتل للعقل النقدى أى الإبداع أى التمرد أى الثورة منذ الولادة حتى الموت، سمات الطاعة والخنوع على وجوه الكثيرين والكثيرات، يكفى أن ننظر إلى الموظفين فى الحكومة المصرية منذ عصر فخامة رمسيس الأكبر الأول حتى عصر فخامة الرئيس الأخير. للجسد الخانع المطيع لغة مألوفة.. انكسارة العين أمام صاحب الأمر، انخفاض الصوت، التلعثم أو اللجلجة أو الثأثأة، مع العبارة التاريخية «حسب توجيهات السيد الرئيس». ألا تذكرون هؤلاء الموظفين من درجة وزير (أو أكثر) الذين كانوا يرددون هذه العبارة كأنما هى صلاة يومية، وجيش الموظفين فى الحكومة من الملايين الذين يعيشون ويموتون دون أن يرف جفن النظام الحاكم، هذا النظام الذى ارتعدت فرائصه حين سمع هدير الملايين: «يسقط النظام»؟

يقول لك: «أنا كنت عبد المأمور» يقولها بذل وهوان دون خجل أو حياء. حين يولد له طفل يسميه عبد المأمور أو «العبد».قلت: الضحك يشجع على التمرد والثورة ضد كل المخاوف حتى الموت. النساء خرجن من بيوتهن بأمر الرجال للتصويت للرجال خوفا من الرجال، ليس للنساء برنامج حزبى ولا اتحاد نسائى ولا بند فى الدستور ينص على حقوق النساء ٥٠٪ من المجتمع، كل هذا ممنوع بالقانون والشريعة. وسألنى الصحفى: وماذا تريدين من بنود جديدة فى الدستور؟ قلت: أريد بندا يشجع الأطفال البنات والأولاد على السعادة والضحك والإبداع والخيال الجامح غير المحدود وعدم الخوف من الموت.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والجنس.. الثورة والدستور
- التغيير الثورى لمفهوم العدالة والشرف
- قوة الملايين والثورة الثقافية
- الحوار الفكرى.. هل مطلوب؟
- الصندوق.. دموع النخبة والتماسيح
- الثورة المصرية الثانية
- الحضارة الرأسمالية الأبوية ومفهوم الفساد
- نساء تونس ونساء مصر
- «الجدل» قمة الفضائل .. علموا أطفالكم الجدل
- ميدان التحرير فى قلب مدينة لندن
- الثورات والنساء وتقسيم الشعوب
- صاحب الجلالة والنساء
- العضلات السياسية فى مصر وانسحاب المرأة
- هل المرأة تصلح رئيسة دولة؟
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ 2
- لماذا تكون السياسة مصالح وليست مبادئ؟ (١)
- زعيم الإخوان المسلمين وزعيم الشيوعيين
- الدفاع عن سيناء بعصا موسى السحرية!!
- ماذا يقول القراء والقارئات؟
- امرأة تكتب فى الليل


المزيد.....




- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-
- شوفوا الفيديو على قناتنا وقولولنا رأيكم/ن
- دراسة تكتشف سببا غير متوقع وراء الرغبة الشديدة في تناول السك ...
- تجدد حملة القمع ضد النساء في إيران من قبل شرطة الأخلاق بسبب ...
- سوريا.. انتهاكات وقتل جماعي في مراكز احتجاز
- جانيت.. طفلة سودانية رضيعة تعرضت للاغتصاب والقتل في مصر
- بعد وفاة امرأة بالسرطان.. شاهد مفاجأة صادمة لعائلتها عند الق ...
- دخل شهري.. رابط التسجيل في دعم الريف للنساء 1446 والشروط الم ...
- “احصلي على 15 ألف دينار”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الما ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - الدستور.. النساء.. الخوف من الموت