طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3825 - 2012 / 8 / 20 - 13:20
المحور:
الادب والفن
الوجه الإنسانى
قصة قصيرة
طلعت رضوان
يدخل شقتى للمرة الأولى . نتقابل فى مكتب المجلة . يعمل سكرتيرًا للتحرير ، وأتولى أنا الإشراف الفنى . لم يكن بيننا ودٌ متبادل . اندهشتُ من زيارته.
لم أذهب إلى المجلة منذ أسبوعين . وقرّرتُ ترك العمل بها . لماذا يزورنى ولم يكن بيننا ودٌ متبادل ؟
أبدى إعجابه بمجموعة الصور التى تـُغطى جدران الحائط . توقف وهو يتأمل وجهًا آدميًا وقال : (( ألاحظ أنّ غالبية الصور الآدمية هنا للوجه فقط دون الجسد ))
قلتُ : (( لأنّ الوجه هو ما يهمنى ))
كنتُ أجمع الصور من الصحف والمجلات . بعضها لوجوه موفورة الصحة وبعضها لوجوه شوّهتها المجاعات والحروب .
وقف أمام صورة لوجه طفل ، التقطها ضمن مجموعة من الأطفال المُشردين . فاجأنى بسؤال (( ألم يُعجبك وجهى فترسمه ؟ ))
هاجمنى اكتئاب مباغت . فكرتُ أنْ أسأله عن سبب الزيارة ولم أفعل .
مشى فى الحجرة ببطء . يُقلبْ فى كتبى وأوراقى ويشاهد باقى الصور على جدران الحائط . انتقل من صورة إلى صورة . أمام إحدى الصور صرخ (( هل تعرف من صاحبة الصورة ؟ إنها زوجة .... ))
عندما قرّرتُ رسم وجهها لم أنشغل بسيرة زوجها المسئول الكبير، وسجله الحافل بالإجرام . كنتُ أرى فى عينيها جموحًا طفوليًا . وأنا أرسم شغلنى سؤال : كيف اقتحم الطغيان براءة الطفولــة ؟ ومن الذى أسر الآخر؟ وكيف اجتمع النقيضان ؟ شدّنى الجموح فى عينيها . وألهمتنى العينان فكرة رسم مجموعة من الصور عن العيون . فكرتُ أنْ أوضح له . قرّرتُ ألا أفعل . انتبهتُ إلى أنه لا يزال يُردّد جملته فى ذهول ورعب . وبخطوات مسرعة اتجه إلى باب الشقة.
***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟