أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - أضلاع المثلث أربعة














المزيد.....

أضلاع المثلث أربعة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3823 - 2012 / 8 / 18 - 12:03
المحور: الادب والفن
    


أضلاع المثلث أربعة
قصة قصيرة

نفضتنى عنها وقالت : (( باين عليك تعبان ))
تحاشيتُ عينيها وجسدها . ارتديتُ ملابسى كاملة واكتفتْ هى بقميص النوم .
سألتنى : (( كم ساعة اشتغلتْ اليوم ؟ ))
قلـتُ : (( ثلاث ساعات إضافية ))
قالت : (( أنت تـُجهد نفسك فى العمل ))
لم أرد . أعطتنى ظهرها . شقتها واسعة هادئة. صمت بارد يُثقل أنفاسى . أحضرتْ طبقــًا مليئــًا بشرائح التفاح . ألحّتْ علىّ أنْ آكل . لم تكن بى رغبة. اقتربتْ ودلكتْ كفى . شعرتُ بكفها ولم أشعر بالرغبة فيها . قالت : (( لم أنت حزين ؟ )) قلت : (( بنتى مرضها طول ))
قالت : (( قلت لك أدخلها أى مستشفى حكومى ))
قلـتُ : (( المستشفى الحكومى حجز لها دور للعلاج بعد ستة شهور.. يعنى تكون ماتت .. والعلاج الخصوصى عاوز فلوس .. وإنتى عنك فلوس كتير.. يعنى لو ممكن ... ))
قاطعتنى بحدة وقالت (( الراجل الحكيم يختار الكلام المناسب فى الوقت المناسب ))
تغيّرتْ الحدة إلى ضحكة مُتهتكة. انقبض قلبى من ضحكتها . اشتقتُ لوجه زوجتى . طوّقتنى من ظهرى وقالت بنعومة (( إوعدنى إنك ما تشتغلش ساعات إضافيه ))
فى الصباح كرّرتُ الرجاء لزوجتى أنْ تبقى فى البيت وتكف عن غسل الملابس فى البيوت . رفضتْ منحى هذا الوعد .
قالت تفيده هانم : (( يكفيك العمل حتى الساعة الثالثة.. بعدها تأتى إلىّ مباشرة )) أحضرتْ كوبين من عصير الفواكه وقالت : إشرب . تقول زوجتى : أجرك لا يكفى وتكاليف الحياة كل يوم فى زيادة .
قالت تفيده هانم : عندى كبدة وحلويات .. استلق واسترح .. نصف ساعة وتأكل وسوف تكون على ما يرام .
أقول لزوجتى : كيف نحبس الأولاد فى الحجرة طوال النهار .. وهم صغار.. تقول ...
جاءنى صوتها من مطبخها الذى تبلغ مساحته مساحة الشقة التى أعيش فيها . قالت : استرخ تمامًا وركز حواسك مع الموسيقى .
امتلأ وجهها بالأصباغ . عانقتنى بقوة .
أسأل زوجتى : هل يُضايقك أحد وأنت تعملين . تنفى بشدة .
قالت تفيده هانم : أنت لا تتجاوب معى .
أسألها : هل تعملين فى شقق العزاب ؟ تــُعاتبنى برقة.
قالت : لا فائدة منك اليوم .
أعطتنى مبلغًا هزيلا من المال .. وسألتنى عن العمل فى المطبعة. قلت : (( أنا أقف على حروف التجميع ولا شأن لى بالإدارة ))
قالت : (( أنت تراوغ فى الإجابة ))
قلـتُ : (( كلما غاب أبوك ارتبك العمل ))
قالت : (( أبى يمتلك مطابع كثيرة فى مدن مختلفة. وبجوار كل مطبعة زوجة أو عشيقة ))
بدا صوتها غريبًا غير مألوف لأذنى . انتشر العرق فوق وجهها وامتزج بالأصباغ . أحسستُ بخوف مفاجىء .
وأنا أتجه إلى باب الخروج قالت : غدًا تكون هنا الساعة الثالثة. لا تعمل ساعات إضافية. تأكل وتنام حتى تكون مستريحًا .
000
اشتريتُ من الدواء بقدر ما معى من النقود . حذرنى الصيدلى من تناول بعض الأدوية وتجاهل الباقى . وقال فى هذا خطورة على المريض .
استقبلتنى زوجتى وأولادى . قبّلتُ بنتى المريضة. أعطتنى زوجتى مبلغــًا من المال .. قالت إنها استلفته من الهانم التى تعمل عندها تحت الحساب . قلتُ لها : أنتِ تـُجهدين نفسك فى العمل وتغيبين عن البيت طوال النهار والأولاد وحدهم . قبّلتنى فى جبينى وقالت لا تتكلم كثيرًا .. أنت أيضًا تُجهد نفسك فى العمل .. والعمل الإضافى فى المطبعة يُرهقك .. وسألتنى (( أجهز لك العشــا )) قلتُ : لا رغبة لى فى أى طعام .
ألقيتُ بنفسى على السرير. دوائر بألوان شتى تملأ عينى . تمدّدتْ زوجتى بجوارى . مسحتْ كفى بكفها . أردتُ أنْ أفعل مثلها فأحسستُ ثقلا فى كفى . قالت : الحزن قاتل لا يرحم . فكرتُ : لمَ عجزتُ اليوم مع تفيده هانم ؟ قالتْ : لا تحمل هم علاج البنت .. سنتدبر الأمر وأساعدك . أردتُ أنْ أقول كلامًا كثيرًا ولم أستطع . قالت : أعمل لك شاى ؟ رحّبتُ بالفكرة . قالت وهى تنهض من على السرير : الدنيا لسه بخير.. إفرد وشك . فكرتُ فى كلامها وحاولتُ الابتسام . وقعتْ عيناى على ردفها . تساءلتُ منذ كم ليلة لم أقربها أو حتى أداعبها . طرأ فى مخى أنْ أذهب إلى الحمام وأغير ملابسى . قالت تفيده هانم : (( لقد كنتَ قويًا كثور فى الشهور الأولى لمعرفتنا . ومنذ أسبوعين لا أعرف ماذا أصابك ؟ )) وضحكتْ فغزانى الرعب. جاءتْ زوجتى بكوبىْ الشاى . طلبتُ منها أنْ تضحك وتنسى هى الأخرى الهموم . ابتسامتها رطـّـبتْ قلبى . همستُ فى أذنها (( غيرى ملابسك )) اتسعتْ ابتسامتها . وقفتْ أمام المرآة بقميص يكشف ذراعيها وصدرها . قالت تفيده هانم (( ألا يُثيرك جسدى ؟ )) قلتُ (( عمال المطبعة يتحدّثون عن أنوثتك ويتساءلون لماذا أنتِ عانس وقد تخطيتِ الأربعين ؟ )) شهقتْ وقالت (( هل تـُصدّق أنّ كلمة عانس أصبحتْ تـُثير أنوثتى ؟ ))
قلتُ لزوجتى إنى أحب سواد شعرك الفاحم الناعم الغزير الطويل . ابتسمتْ واستمرتْ فى تمشيطه وراء ظهرها . فى الشهر الأول سألتُ تفيده هانم (( لماذا لا تتزوجين ؟ )) بدلال أنثوى قالت (( ولماذا أتزوج ؟ )) اقتربتْ زوجتى منى . وضعتْ كفى على شعرها وقالت : ملس عليه.
فرحتُ وقد أشعرتنى بخجلها كما رأيتها ليلة الزفاف . قلتُ لها : هل يُضايقك أحد فى العمل ؟ احتضنتْ وجهى بكفيها وقالت : اطمئن . قلتُ : وهل حقــًا أنك لم تعملى فى شقق العزاب ؟ عاتبتنى برقتها المعهودة . قالت : تـُكلمنى عن هذا فى هذه اللحظة بالذات ؟ طلبتُ منها أنْ تغفر لى قلة ذوقى . عفتْ عنى ودخلتْ فى حضنى . أتمنى الاستمتاع بدفئها وحزن هائل يفصل بين جسدينا . داعبتها بلا جدوى . تلوّتْ إغراءً بلا نتيجة. تعرّتْ تمامًا وأنا أعض شفتى . تصبّبَ عرق بارد من جبينى . مضتْ ساعة أو سنة. أرغب ولا أستطيع . قامتْ وارتدتْ ملابسها ثم طوّقتنى وقبّلتْ خدى وقالت : نم واسترح وغدًا ستكون فى أحسن حال .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى البدء كانت العتمة - قصة قصيرة
- الإبداع الشعبى والإبداع التشريعى
- لماذا لا يتعظ الإسلاميون والعروبيون من الدرس ؟
- العرب ظاهرة صوتية
- الحضارة المصرية بين علم المصريات والأيديولوجيا
- البحث عن خنوم : حدود العلاقة بين الإبداع والتراث
- الاحتقان الدينى : الأسباب والحل
- التعددية والأحادية فى رواية (حفل المئوية)
- حماس والإخوان والحلم الإسرائيلى
- الوجوه المُتعدّدة للشاعر حلمى سالم
- الأصل مصرى والدماغ عبرى
- العلمانية وغياب الحس القومى
- حامد عويس : من طين الواقع إلى سماوات الفن
- ختان البنات وغياب الوعى بعلم المصريات
- أتكون الثورة نكبة على شعبنا ؟
- حسن حنفى : الفلسفة بعمامة الأصوليين
- المرأة المصرية بين ثقافتيْن
- عبد الوهاب المسيرى وحكاية العلمانية الجزئية
- نبى العروبة والصحابى الأول
- هل العروبة لصالح مصر والعرب ؟


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - أضلاع المثلث أربعة